الاتحاد السوفياتي و القضيه الفلسطينيه 14


عبد المطلب العلمي
2017 / 2 / 6 - 13:19     

الاتحاد السوفياتي و القضيه الفلسطينيه 14

عبد المطلب العلمي

بيان إلى الشعوب العربية من الحزب الشيوعي العراقي والحزب الشيوعي السوري والحزب الشيوعي اللبناني وعصبة التحرر الوطني في فلسطين عن القضية الفلسطينية، وعن المشاريع الاستعمارية ‏ و الحربيه الانكليزية والامريكية في الشرق العربي

يشدد المستعمرون الانكليز والامريكيون هجومهم على الشرق العربي، وهـم وإن تزاحموا وتكالبوا علـى النفط والاسواق والقواعد العسكرية، فإنهم متفقون متضامنون علـى دعم النظام الاستعماري ‎ ‏، وتوطيـد النير في أعناق الشعوب العربية، وخنق نضالها في سبيل التحرر الوطنى والديمقراطية. أما الفئـات الحاكمة الرجعية الخائنـة فتزحف على الاربع أمام المستعمرين.

الاسباب الحقيقية للحرب في فلسطين الشهيدة!

وكانت الحرب الفلسطينية نتيجة مباشرة للتكالب بين انكلترا وأمريكا اللتين عملتا لإثارة هذه الحرب،بغية استغلالها لتسوية الحساب بينهما.
وبعد أن سالت الدماء البريئة أنهارا، اتفق اللصوص الانكليز والامريكيون علـى اقتسام البترول والنفوذ والاسواق في الشرق الادنى،وتبلور اتفاقهم حول فلسطين في مشروع عميلهم برنادوت الذي يقـوم علـى التقسيم، ولكن كما أراده المستعمرون. فهو يقضي بمنع العـرب مـن بناء دولة مستقلة لهـم في أراضي القسم العربي في فلسطين وبإلحاق هذه الاراضي بالمستعمرة البريطانية الاردنية. وإخضاع مراكز النفط في حيفا لإشـراف بريطانيا ‎وأمريكا المباشر، ثم تنسيق سيطرتهما المشتركة على فلسطين بتأليف "اتحاد" في السياسة الخارجية وشؤون الدفاع بين الدولة اليهودية و"المملكة الاردنية الكبرى".
وهذا يدفن مبدأ الجلاء والاستقلال الذي نص عليه قرار الامم المتحدة، ويتحقق مـا أراده الاستعمار من منع العرب واليهود من تأليف دولتين مستقلتين. ويبقى في كل فلسطين نظام الاستعمار والاحتلال والتدخل الاجنبي ‎ ‏الذي يسمح للانكليز والامريكيين بتشييد القواعد العسكرية والمطارات، وحشد القوات المسلحة ومد أتابيب البترول وبناء المصافي، كما يتحقق للملـك عبـد الله صنيعة الاستعمار، تكبير "مملكته" تمهيدا لمشـروع سورية الكبرى ،ويتحقق للصهيونيين توسيع "مداهم الحيوي" فيشمل فلسطين وشرق الاردن معا. سعيا وراء حلمهم الرجعي القديم القائل بجمع كل يهود العالم حول "ضفتي الاردن".

خيانة الرجعية العربية في قضية فلسطين!

لقد كشفت الحرب الفلسطينية ، بصورة نهائية تامة، عــن خيانة الحكام الرجعيين في الدول العربية ،وخضوعهم المطلق للاستعمار الاجنبي. فقد اتضح، بما لا يقبل الجدل، أنهم لم يعلنوا الحرب لمنع التقسيم كمـا زعموا، بل لتنفيذ التقسيم كما تريده بريطانيا، ولاستغلال حالة الحرب لأجــل تثبيت حكمهم المزعـزع، وقمع الحركة الشعبية الصاعدة في كل بلد عربي، وبيع الاقطار العربية جملة للاستعمار، في ظـل الأرهاب والألحكام العرفية.
لقد كان الحكام الرجعيون عالمين بالمؤامرة المبيتة بين الانكليز والزعماء الصهيونيين وصديقهم الملك عبـد الله، والرامية لتمزيق القسم العربي من فلسطين، وإلحاقه كله بمملكته، أو إلحاق معظم أجزائه ، و توزيع بعض الاجزاء الاخرى ، ومنع عرب فلسطين من إقامة دولة مستقلة في أراضيهم ، وقد بذل الحكام الرجعيون جهدهم لتنفيذ هـذه المؤامرة، فدعوا إلى الثقة ببريطانيا، جلادة العرب وناكثة كل عهد ووعد، ورفعوا عبـد الله الى مصاف الابطال، وغطوا خيانتهم بحملة رعناء من التهويش والكذب والافتراء على الاتحاد السـوفياتي العظيـم، وعلى الشيوعيين العرب الذين برهنت الحوادث أنهم كانوا على حق وعلى صواب.

نكبة عرب فلسطين وجميع الشعوب العربية في الحرب الفلسطينية!

إن الحرب الفلسطينية التي كانت نكبة هائلة على عرب فلسطين، أدت إلى خرابهم،‏ وتشريد مئات الألوف منهم، وانتزاع أقسام جديدة من أراضيهم ، كانت أيضا نكبة عامة على الشعوب العربية عسكريا ودوليا واقتصاديا ووطنيا.
فمن الناحية العسكرية ، حارب الحكام الرجعيون بأمر الانكليز الذين قادوا الأعمال العسكرية العربية قيادة مباشرة، و وجهوها من البداية إلى النهاية. فأمروا القوات العربية بالتقدم أو بالتراجع ، وفقا لأغراضم وسياستهم ذات الوجهين، دون أية مراعاة للضرورات العسكرية ، وخلافـا لأبسط القواعد الحربية ، مستهترين بالجنود والضباط العرب استهتارا مجرما مخجلا، وهكذا أذاق الحكام الرجعيون الجيوش العربية أمر النكبات وطعنوها من ‎ ‏خلف، خدمة للانكليز وتنفيذا لأوامرهم.
‎ ‏ ففي اعناق الحكام الرجعيين الخونة دماء الآلالف من الجنود والشباب العـرب الذين قتلوا في سبيل مطامع ‎ ‏الانكليز والامريكيين.
ومن الناحية الدولية أهان المستعمرون وعملاؤهم سمعة العرب في العالم، وسعوا إلى عزلهـم عــن الـرأي العـام الديمقراطى العالمى وجروا الدول العربية إلى سياسة عداء واستفزاز ضد الاتحاد السوفياتى ، وإلى إقامــة العلاقات الودية مع الفاشيين اليونان، ومع فرانكو جالد الشعب الإسباني والمراكشيين العرب،والمنبوذ من جميع شعوب الدنيا.
ومن الناحية الاقتصادية ، تفاقم العجز في موازنات الدول العربية ، وزيدت الضرائب علـى الجماهير الشعبية رغم الكساد والضيق ،واستفحلت البطالة ، وتدهورت الصناعات الوطنية ، وزادت ضعفا على ضعفها.
ومن الناحية الوطنية، كانت الأحكام العرفية وسيلة لقمع النضال الوطني الشعبي في الاقطار العربية، وتمكين مراكز الاستعمار البريطاني في مختلف الاقطار العربية، وفتح طريق الاحتلال العسكري أمام أمريكــا التي أخذت ترسل مدمراتها إلى الشواطىء العربيــة ، وتوفـد جنودها وضباطهـا إلى فلسطين بحجـة مراقبة الهدنة. وفي ظل الأحكام العرفية زُيفت الانتخابات العراقية تمهيدا لفرض المعاهدة الجديدة التي ردهـا الشعب العراقي بنضالـه الباسل، وأُطلقت يد الانكليز في السودان، وبوشـرت المفاوضـات المصريـة -البريطانيـة لتجديد معاهدة 1936، وتغلغل النفوذ الامريكي إلى قنـاة السويس وتفاقم التدخل الانكلـيزي والامريكي في سورية ولبنان، وأصبح الاستقلال الذي حققه الشعبان بدمائهما أثرا بعد عين. أما المملكة السعودية فتبين أنها في يد الامريكيين،مثل ‎ ‏مملكة عبد الله في يد الانكليز: أداة ذليلة خانعة حقيرة لا تملك من أمرها شيئا.
وساهمت الرجعية الصهيونية أكبر مساهمة في جرائم الاستعمار ومؤامراته ، وأشـعلت حـرب فلسطين لتوطيـد حكمها، وللتوسـع في القسـم العربي وتبرير ارتمائهـا في أحضـان الاستعمار الامريكي ، وفتـح المجال لتغلغله ‎الاقتصادي والعسكري في أراضي الدولة اليهودية، وفي كل فلسطين.
إن هذه النكبات التي سببتها الحرب الفلسطينية، سوف تزداد وطأتها إذا استمرت حالة الحرب كمـا يريد المستعمرون وأعوانهم وعملاؤهم، ولذلك تطالب الشعوب العربية بوقف الاعمال الحربية في فلسطين نهائيا، وإعاده المشردين العرب إلى ديارهم، وإنقاذ الأراضي العربية في فلسطين من براثن الانكليز والأمريكيين والصهيونيين وعبد الله، وسحب قوات الهاغانا والقوات الاردنية وجميع الجيوش منها، وإقامة دولة عربية مستقلة ديمقراطية فيها.

الجامعة العربية : أداة في يد الاستعمار !

أكدت الحرب الفلسطينية بما لا يقبل الجدل أن "جامعة الدول العربية" إنما هي أداة في يد الاستعمار، ووكر خيانات ودسائس ضد الشعوب العربية، وواجهة مزيفـة تخفي وراءهـا أبشع المنافسات الدنيئة الحقـيرة بين البيوتات المالكة والاقطاعيات الرجعية المتهالكة المتكالبة على نيل الحظوة لدى المستعمرين.
إن الجامعة العربية اتخذت موقفا سلبيا مخجلا من انتفاضة العراق الرائعة ضد معاهدة بورتسموث ، في حين أنها أيدت وحيّت معاهدة الإذلال والاحتلال الاردنية ، وسمّتها استقلالا، ولم تفعل شيئا لتأييد نضال الشعب المصري ضد الاستعمار، وأيدت الامريكيين في استيلائهم على بترول المملكة السعودية، وعرقلت نضال جميـع الشعوب العربية في سبيل الجلاء و الاستقلال،‎ ‏ ثم توجت خياناتها وجرائمها بتامرهـا مع الاستعمار والصهيونية ضد فلسطين الشهيدة. وهي تبذل الآن جهدها لجر الأقطار العربية كلها إلى تحالف عسكري مـع الاستعمار الانكليزي والامريكي!
وقد اتضح لكل عربي مخلص، أن الطريق لجمع كلمـة العـرب في سبيل التحرر مـن الاستعمار، وتحقيق الاستقلال، والسير في طريق العــزة والقوة والازدهـار، ليس جامعـة الباشوات والبكوات ، ولا طريق الزعامات الاقطاعية الرجعية البالية،بل هو طريق الاتحاد الوطني والنضال الشعبي في كل قطـر عربي، وطريق التضامن الحقيقي الواسع بين الجماهير الشعبية في كــل الاقطار العربية،للنضال العنيف ضـد الاستعمار الانكلـيزي ‎ ‏والامريكي ، وضد هذه الاقطاعية الرجعية نفسها ،وفي سبيل الاستقلال والحرية الديمقراطية الصحيحة.

مشاريع الانكليز والامريكيين الحربية في الشرق العربي!

إن المستعمرين الانكليز والامريكيين، رغم ما بينهم من تزاحم وتكالب، متفقون على جمع كـل أقطار الشرق ألأدنى، من اليونان وتركيا وإيران إلى الشرق العربي، في نظام استعماري وعسكري موحد، وهم يجدون كــل عــون وتأييد من الزعماء الصهيونيين المجرمين، ومن الحكام الرجعيين العرب الذين يعملون، كــل في ميدانه، لتعميق هوة العداء بين العرب واليهود وإدامة جو التوتر والمذابح بين الطرفين، لصرف الانظار عــن نير الاستعمار ومشاريعه الحربية. إن إبقاء الجيوش العربية في فلسطين، وتطويل حالة الحـرب، واستمرار الاحكام العرفية، وتوحيد قيادتي الجيشين العراقي والاردني، تحت إشراف الضباط الانكليز، والدعوة إلى توحيد جميــع القيادات العسكرية العربية على نفس الشكل، وإلى عقد تحالف عسكري بين الدول العربيـة، الخاضعة كلهـا للنفوذ الاستعماري الانكليزي والامريكي، وزيادة الاعتمادات الحربية وتعميم التجنيد الإجباري ـ مع أن الطعنـة الـتي تلقتها الجيوش العربية من خلف في فلسطين على يد الحكومات الرجعية العربية ما تزال تقطر دما ــ ثـم ظهور نوري السعيد إلى الميدان من جديد، والترويج لفكرة الكتلة الشرقية، والقيام بالدعاية للفاشـيين اليونان، والسعي للتقرب من الرجعية التركية السفاكة، عدوة العرب التقليدية التي اغتصبـت لواء الاسكندرونه، وقاومت جلاء الانكليز عن مصر، وحاربت، وما زالت تحارب نضال العرب من أجل استقلالهم وحريتهم . كل ذلك ليس الغايـه منه "حصر الخطر الصهيوني " ولا المحافظة على القسم العربي من فلسطين، كما يزعمون كذبا وبهتانا وتضليلا، بل الغاية منه:
-(1)قمع الحركة الوطنية والديمقراطية المتعاظمة بين الجماهير الشعبية ضد الاستعمار والرجعية في جميـع الاقطار العربية
-(2)تثبيت المراكز المتزعزعة للرجعيات الاقطاعية الخائنة الحاكمة في الاقطار العربيه.
-(3)خنق الحريات الديمقراطية وإغراق الاقطار العربية في ظلمات أنظمة فاشيستية دونها ظلمات القرون الوسطى.
-(4)زيادة الضرائب على الجماهير الشعبية العربية والإمعان في سياسة الأحتكار والنهب.
-(5)إضعاف الاقطار العربية اقتصاديا والتمهيد لفرض قروض أجنبية جديدة على البلدان العربية.
-(6)توطيد استعمار بريطانيا وأمريكا في الشرق العربي وتجديد معاهدات الأستعباد السابقة (في مصروالعراق) وعقد معاهدات جديدة مع بقية الأقطار العربية.
-(7)ربط الأقطار العربية بصورة مكينة نهائيــة بالمعسكر الاستعماري العالمي، سياسيا وعسكريا ودوليا، ‎ ‏وتحويل كل الشرق العربي إلي ثكنة عسكرية وقاعدة حربية هائلـة، يتصرف الانكليز والامريكيون بخيراتها ونفطها ومياهها وإنتاجها ودماء شبابها وجنودها في الحرب العالمية الثالثة التي يهيئونها ضد الاتحاد السوفييتي والديمقراطيات الشعبية في أوروبا الوسطى الشرقية، وضد حرية شعوب الدنيا بأسرها. وهكـذا يجعلون أوطاننا ساحات قتال طاحن، فيجرّون على الشعوب العربية أقسى ويلات الحرب وفظاعاتها، فتهدم بيوتنا، وتدمر مدننا وقرانا، وتنسف معاملنا ومتاجرنا، وتحرق حقولنا وبساتيننا، وتذهب نساؤنا وأطفالنا وشيوخنا وشـبابنا طعاما لنيران المدافع والقنابل، وتغدو هذه الديار العربية الطامحة إلى الحياه والحرية والسلام بلقعا موحشا، وأطلالا تنعب فوقها البوم والغربان.
ولكن الشعوب العربية التي تكره الحرب والاستعمار، وتريد السلام والحرية والاستقلال والتقدم، لن تقع في شباك المستعمرين، ولن تنجر وراء مغامراتهم الحربية المجرمة، ولن تقبل أن تكـون كنوزهـا وخيراتهـا وبترولها ومعادنها ومواردها ودماء أبنائها نهبا للمستعمرين. وهي تعلم أن مصلحتها تقضي عليها بأن تكون في معسكر السلام والحرية والديمقراطية ، معسكر أعداء الحرب والاستعمار، لا معسكر الاستعماريين الذين يريدون تخليـد الاستعباد في أعناق الشعوب العربية ثم إبادتها في حروبهم المجرمة.

الاستعمار الاجنبي وحليفته الاقطاعية هما سبب تأخر الاقطار العربية وبؤس شعوبها!

أيها الإخوان والأخوات، أيها العمال والفلاحون والمثقفون الأحرار، أيهــا الطلاب والشباب ، أيها التجار
الصغار والمنتجون الكادحون، أيها الوطنيون المخلصون في جميـع الأقطار العربية: إن الاستعمار الأجنـبي، العسكري والاقتصادي والسياسي، يخنق أوطاننا العربية. فهـو السبب الرئيسي الـذي يمنع تطورهـا الصناعي والزراعي والاجتماعي، وهو السبب الرئيسي لتدهور أحوالنا الاقتصادية، ولما تقاسيه شعوبنا مـن بؤس وفقر وحرمان.
إن الاستعمار الانكليزي والأمريكي ، بالاستناد إلى حليفته الاقطاعية الرجعية الخائنة ،يهيمن على حياتنا
السياسية والعسكرية وينهب مرافقنا وكنوزنا وخيراتنا جميعا.
فالقوات الانكليزية تحتل العراق ومصر وشرق الأردن، والضباط الانكليز متسلطون على قيادات الجيوش العراقية والمصرية والأردنية، والخبراء الانكليز والأمريكيون يسيطرون علــى الجيشين اللبناني والسـوري، وعلى الجيش السعودي، وللاستعمار مطارات وامتيازات وقواعد في كـل قطـر عربي، وشركات البترول الأمريكيــة والبريطانية تستعبد الجزيرة العربية وتهيمن على زيت العراق والكويت، وتمد أنابيبها وحفرياتهــا عـبر فلسطين وسورية ولبنان ومصر. والرأسمال، الأجنبي ،الانكلــيزي والأمريكي والفرنسي، يسيطر علـى أهم مرافق الأقطار العربية : من النقد إلى سكك الحديد إلى الكهرباء إلى النقل الجوي والبري والمائي والخبراء الانكليز والأمريكيون متغلغلون في الإدارات الرئيسية في جميع العواصم العربية،والبضاعة الأجنبية، وخصوصا الأمريكية، تطغى على أسواقنا، وتقتل صناعتنا الوطنية والحرفية، وتلقي بألوف العمال والشباب المتعلم في مهاوي البطاله.
إن عشرات الملايين من الفلاحين العرب محرومون من الأرض،يعيشون عيشة لا تليــق بالإنسان تحت نير الاقطاعيين البرابرة،وكبار الملاكين شركاء الاستعمار وخدامه. والبؤس والحرمان والمرض والجهـل تسحق القرى والارياف ، والأحياء الشعبية في المدن: لا مدارس ولا طرقات ولا صحة ولا بيوت صالحة للسكن. ولا ري ولا نور ولا مياه صالحة للشراب ، وليس بين 40 مليونا من سكان الشرق العربي من هو راض عن هذه الحالة سوى حفنة ضئيلة من الحكام والاقطاعيين وكبار المحتكرين الذين يغتنون ويتنعمون ويشاركون الاستعمار في التحكم والسرقة والنهب.
تلك هي - في ظل الاستعمار والاقطاعية ـ حالة شعوب يحمل تاريخها أسماء ابن سينا وابـن رشـد والفارابي وابن خلدون، تلك هي حالة ملايين العرب في العراق موطن الرشيد والمأمون، وسورية موطن أبي العلاء والمتنـبي، وفلسطين موطن صلاح الدين، ولبنان موطن جبران والريحاني وعمر فاخوري، ومصر وريثة أقدم مدنية في التـاريخ الإنساني.
ولكن شعوبا يحمل تاريخها هــذا التراث الفكري والإنساني العظيـم لن تبقى فريسة الاستعباد الأجنبي
والتحكم االقطاعي الظلم.

معسكر الاستعمار العالمي يتزعزع ويتقهقر، بينما معسكر الحرية والديمقراطية في العالم يتقدم ويتعاظم!

إن عجلة التاريخ تسير إلى أمام: فقد خرج الاستعمار العالمي مــن الحرب الكونية الثانية مضعضع القوى، مزعزع الأسس. فانهارت قوتان استعماريتان كبيرتان هما ألمانيا واليابان، وتضاءل الاستعمار الفرنسي والإيطـالي.‎وتزعزعت الامبراطورية البريطانية ، وهي تتفسخ اليوم وتنهار تحت أنظار الجميع. أما الولايات المتحدة الأمريكية التي لم تقاس ويلات الحرب،وكدس طغاة المال والاحتكار فيها أرباحا وقوى، يطمحون بواسطتها إلى السيطرة على العالم. فالأزمة الاقتصادية المرعبة تقرع أبوابها، وتصطـدم مشاريعها التوسعية في أوروبـا وآسـيا، بمقاومة الشعوب الجبارة.
أما معسكر الحرية والديمقراطية ، معسكر النضال ضد الاستعمار، فقد خرج مـن الحرب وهـو أشد بأسا مـن معسكر الاستعمار، وقوته تنمو وتتعاظم يوما بعــد يــوم. فالاتحــاد السوفياتي العظيـم، موطن الاشتراكية، وعــدو ‏الاستعمار اللدود، وأكبر نصير للشعوب المناضلة في سبيل حريتها قد خرج مــن الحرب أقوى وأعظم مما كــان.وبينما العالم الرأسمالي يقاسي البطالة والأزمات والاضطراب والثورات، وتنزل فيه أجور العمال وينخفض مستوى معيشة الجماهير، يبني الاتحاد السوفياتي اقتصادياته بنجاح وسرعة، وقد تجاوز فيـه الإنتاج مستوى مـا قبـل الحرب ، رغم هول التخريب الذي أصابه خلال الحرب، وزادت أجـور العمال خمسين بالمئه ‎بينما ارتفعت قدرتهم الشرائية في الوقت نفسه 40 بالمائة. ونزلت أسعار الحاجيات، وهـي تنزل باستمرار. وقـد تعاظم نفوذ الاتحاد السوفييتي في العالم، وأصبح الآن أقوى دولة في الدنيا، سياسيا وعسكريا واقتصاديـا ودبلوماسيا، وهـو يحبط استفزازات الأمريكيين والانكليز في ألمانيا وغيرها، بحزم الجبار والواثق من قوته.
وقد تحطم الطوق الاستعماري في أوروبا الوسطى والشرقية، وخرجت منه شعوب تحررت من النير الأجنبي والاقطاعي، وسارت في طريق الديمقراطية الشعبية تحث الخطى نحو النظام الاشتراكي.
وفي إيطاليا وفرنسا يقاوم العمال ببسالة، تحـت قيــادة الشيوعيين، مشاريع التوسع الأمريكي. وفي الصين العظيمة يقوم 200 مليون إنسان بحرب وطنية عظمى، لا هوادة فيها ضد الاستعمار، تحت لواء الشيوعيين قادة التحرر الوطني ، وهم يواصلون انتصاراتهم الرائعة، يوما بعد يوم ويحررون وطنهـم مـن المستعمرين الأمريكيين وخدمهم الاقطاعيين الصينيين الخونة ، ويشيدون لأنفسهـم وطنا جديدا قائما علــى قواعــد راسخة مـن الاستقلال والحرية والديمقراطيه.
وفي أندونيسيا المناضلة الباسلة اتحدت جميع الأحزاب الوطنية في جبهـة كبرى، في طليعتهـا الشيوعيون، والتف حولها ملايين من الجماهير الشعبية ، وهي تواصل النضال المسلح الظافر لإكمال تحرير أندونيسيا مــن الاحتلال الهولندي والاستعمار الأمريكي والبريطاني ، وتحقيق الاستقلال والسيادة الوطنيـة، وفي الهند الصينية والملايو وبورما يحمل السلاح عشرات ومئات الألوف من الوطنيين العمال والفلاحيين،ويكافحون تحـت قيادة الشيوعيين وسائر الوطنيين المخلصين، في سبيل تحرير أوطانهم مـن الاستعمار الأجنـبي، وتحقيق الجـلاء والاستقلال والديمقراطية. ويقوم الشعب اليوناني بأبسل ثورة وطنية ديمقراطية ضد الاستعمار الأمريكي والبريطاني ‎ ‏وخدمه الملكيين الفاشيين. وأفريقيا السوداء تتحرك ، ويقض ذلك مضـاجع المستعمرين. وفي أمريكا نفسها تتسع الحركة الشعبية التقدمية ضد سياسة الاستعمار والحرب.
‎ ‏فالشعوب العربية ليست وحدها في نضالها الوطني والديمقراطي: إن كل قوى الحرية ، حليفة العرب عظيمة هائلة في الدنيا، والارض تميد تحت أقدام المستعمرين في كل مكان.

الاتحاد السوفييتي: حليف العرب الطبيعي ضد الاستعمار!

لقد انهارت حملة التهويش والافتراء على الاتحاد السوفيتي التي أثارها المستعمرون وعملاؤهـم بأمل إبعاد الشعوب العربية عن حليفها الطبيعي في نضالها ضد الاستعمار والرجعية.
فالعرب يرون أن الاتحاد السوفيتي هو الذي أيد نضال سورية ولبنان في سبيل الجلاء، وهو الذي أيد انتفاضة العراق الباسلة ضد معاهدة جبر- بيفن،ونضال مصر ضد معاهدة صدقي -بيفـن، وهـو الـذي يؤيد اليــوم نضال شعوب مصر والعراق والأردن لأجل الجلاء وإلغاء العاهدات الاستعمارية، ونضال الشعبين السوري واللبنانى ضـد مشروع سورية الكبرى، وهو الذي دافع عن حق فلسطين في الجلاء والاستقلال، وقـد كان ولا يـزال مـن أنصار وحدة فلسطين، على أساس الجلاء والاستقلال، كما صرح ممثلوه رسميا في هيئة الأمم المتحدة ـ لأن مـن مبادئه الإخاء والتعاون والتقارب بين القوميات والشعوب ، بدليل أن ستين قومية مختلفة تعيش بتعاون وإخاء في الاتحاد السوفييتي. ولكنه أيد قيام دولتين مستقلتين في فلسطين نظرا للتوتر الشديد في العلاقـات بين العـرب واليهود، بسبب ما أورثته سياسة الاستعمار البريطاني مـن عداء مستحكم بين الفريقين، بمساعدة الرجعيين العـرب والصهيونيين. وتبين اليوم، كم كان الاتحاد السوفييتي على حق، ويتضح أنه أراد بموقفه الصريح تجنيب عـرب فلسطين والشعوب العربية نتائج المؤامرة الاستعمارية اللتي دبرهـا الانكليز والأمريكيـون ضد فلسطين، بمعونة ‎ ‏عمالئهم الحكام الرجعيين العرب، والزعماء الأرهابيين الصهيونيين المجرمين.
إن العمال والفلاحين والمثقفين المتحررين العرب يتتبعون، بشوق ولهفة، أنباء انتصارات الشعوب السوفياتية في توطيد النظام الاشتراكي الذي لا يستثمر فيه إنسان إنسانا، ولا يستعبد شعب شعبا.
إن العرب الذين قاسوا ويقاسون المصائب والنكبات من نير الاستعمار الانكلـيزي وشريكه الامريكي، يــرون بالتجربة, أن الاتحاد السوفييتي هو نصيرهم الثابت الامين ، وحليفهم الجبار في نضالهم، لأجل الاستقلال والحرية والديمقراطية الصحيحة.

إلى الاتحاد الوطني! إلى التضامن العربي!

إن الأحكام العرفية والاستثنائية والمحاكم العسكرية، وإلقاء الألـوف مـن الوطنيين العـرب نساء ورجـالا، ديمقراطيين وشيوعين ونقابيين ، في السجون ومعسكرات الاعتقال ، وجرائم الضرب والتعذيب الوحشي ،كلها لم تفل من عزيمة الشعوب العربية. فموجة النضال الشعبي ترتفع في كل قطر عربي، وفي فلسطين الشهيدة يتظاهرالعرب هاتفين بسقوط عبد الله وأسياده المستعمرين، وينضم الجنود العرب إلى الشعب المتظاهر. وفي كـل عاصمة عربية يتعاظم نضال العمال النقابي والإضرابي. وفي القرى العربية تتفتح عيون الفلاحين، فيهبون في وجه استبداد الحكومة والاقطاعيين. ويرفع المثقفون المتحررون العرب أصواتهم مدوية ضد الطغيان، في سبيل الحرية وإطلاق الفكر العربي من قيود الاضطهاد والاستعمار والتجهيل الاقطاعي.
أيتها الجماهير العربية، أيها العمال والفلاحون، أيها الطلاب والمثقفون الأحرار، أيتها النساء والفتيات،
أيها التجار الصغار والمنتجون الكادحون في جميـع الأقطار العربية ! إن الحزب الشيوعي العراقي، والحزب الشيوعي السوري، والحزب الشيوعي اللبناني، وعصبة التحرر الوطني في فلسطين، هـذه الهيئات الوطنية الشعبية التي برزت من قلب الشعوب العربية، والتي برهنت الحوادث إخلاصها وصـواب سياستها وثباتها وعنادها في النضال الوطني ضد الاستعمار، من أجل الاستقلال والحرية وفي الدفاع عــن خـبز الجماهير ومطالبها الحيوية، تتوجه إليكم في هذه الظروف الدقيقة من تاريخ الشعوب العربية. وتدعوكم إلى جمع الصفوف والنضال ،للسير إلى أمام في قضيتنا الوطنية التحررية.
فلنجمع قوانا، ولنوحد صفوفنا في كل قطر من الأقطار العربية، في جبهة وطنية شعبية، تضم جميع القوى الوطنية والديمقراطية في صف موحد، ضد الاستعمار والرجعية!
ولنتضامن، على اختلاف أقطارنا، ضد الاستعمار الانكليزي والأمريكي وعملائه وأعوانه الرجعيين في سبيل الجلاء عن كل الشرق العربي. وفي سبيل الاستقلال والديمقراطية!
فلنتضامن ضد دعاة الحرب،ضد المشاريع والتكتلات الحربية التي يراد فرضها علينا!
إلى الاتحاد الوطني ، إلى التضامن العربي ، في سبيل:
1ـ وقف الأعمال الحربية نهائيا في فلسطين، وإعادة اللاجئين العرب إلى ديارهم وسحب القوات الصهيونيــة ‎ ‏وجيوش عبد الله وكل القوات العسكرية من الاراضي العربية في فلسطين.
2ـ إقامة دولة عربية مستقلة ديمقراطية في القسم العربي من فلسطين ومنع تمزيقه أو إلحاقه كليا أو جزئيـا باي شكل كان.
‎ 3- الجلاء العسكري والمدني التام عن مصر والعراق وشرق الأردن وإلغاء المعاهدات الـتي تقيد هذه الأقطـار، ورفض كل معاهدة جديدة.
4- إلغاء امتيازات جميع شركات البترول الاستعمارية في جميع الأقطار العربية.
5ـ استرجاع استقلال سورية ولبنان الذي باعه الحكام الرجعيون للانكلـيز والأمريكيين ومكافحة مشروع
سورية الكبرى الذي يهدد كيان الجمهوريتين العربيتين بالمحو والزوال. ويوطد أقدام الاستعمار في الشرق العربي.
6- الكف عـن سياسـة الاستفزاز والعداء نحـو الاتحــاد السوفياتي، وتعزيز الصداقة والتعاون السياسي
والاقتصادي مع الدولة الاشتراكية الكبرى، لأجل الدفاع عن السلم والنضال ضد الحرب ودعاتها ومشاريعهم.
7ـ مكافحة مشروع الكتلة الشرقية وإحباطه، ورفض كل محالفة مع الرجعية التركية، وتأييد حــق الشعب السوري في لواء اسكندرونة.
8- إلغاء الأحكام العرفية والأستثنائية في كل الأقطار العربية ،والقضاء على أساليب الإرهاب الفاشستي،
وتحرير جميع المعتقلين الوطنيين الديمقراطيين العرب، واحترام الحريات الديمقراطية والنقابية، وحرية القول والنشر والصحافة والاجتماع. وحرية تأليف الأحزاب والجمعيات السياسية والاقتصادية و الاجتماعية والثقافية.
9ـ محاربة النعرات الطائفية والعنصرية التي يثيرها الاستعمار وعملاؤه في كل قطر عربي، لتفريق صفوف أبناء الوطن الواحد، وإضعاف تضامنهم الوطني ونضالهم في سبيل الحرية والاستقلال والديمقراطية.
عاش التضامن بين الشعوب العربية ضد الاستعمار الانكليزي والامريكي، وعملائه الرجعيين الخونة، في سبيل الجلاء والاستقلال والحرية والديمقراطيه!
عاش التضامن بين الشعوب العربية وجميع قوى الحرية في العالم، وفي رأسها الأتحاد السوفياتي العظيـم، في النضال ضد العدو المشترك ، الاستعمار الانكليزي والأمريكي، في سبيل السلام واستقلال الشعوب والديمقراطية الصحيحة!
وليرتعش المستعمرون وعملاؤهم الحكام الرجعيون، أمام يقظة الجماهير الشعبية العربية وأمام تضامنهـا في النضال العظيم لأجل الاستقلال والحرية، لأجل الكرامة العربية والشرق العربي!

الحزب الشيوعي العراقي

الحزب الشيوعي السوري

الحزب الشيوعي اللبناني

عصبة التحرر الوطني في فلسطين

أكتوبر/تشرين الأول 1948