نداءُ تحذير


ييلماز جاويد
2017 / 2 / 2 - 10:03     

تجارة من نوع جديد أطلقها ترامب لسياسيينا . بضاعة من نوع جديد يستخدمونها بُرقعاً لستر عوراتهم ، وهم منذ أن جاؤا ، على الدبابة الأمريكية في 2003 لم تسترعورتهم أية عباءة . عملاءٌ منذئذٍ ، ولكن المرسوم الذي أصدره ترامب في منع اللاجئين من دول معيّنة ، بضمنها العراق ، من الدخول إلى الولايات المتحدة صار المجداف الذي يستخدمونه لتزيين وجوههم المسخّمة ليلبسوها وجه الحريصين على مصالح اللاجئين العراقيين الذين ، ما طلبوا اللجوء إلى بلدان العالم الأخرى لولا وجودهم ، والظلم السائد في نظام حكمهم ، والفساد المستشري الذي حوّل حياة أبناء الشعب إلى جحيم ، يريد كل فرد الهروب منه ، إن تمكن من إيجاد وسيلة لذلك .
المراقب لجلسة مجلس النواب ، أناء مناقشة مرسوم ترامب ، يرى بأم عينيه كيف يتاجر " ممثلو الشعب العراقي " بالبضاعة التي طرحها ترامب في السوق . مشروع مناقشة الموضوع في الجلسة قُدّم من قبل النائب محمد تميم ( من إتحاد القوى ، ووزير التربية في عهد إستيراد البسكويت الفاسد ) ، وبعد قبول الموضوع للنقاش في المجلس من قبل سليم الجبوري ( إتحاد القوى ) كان محمد تميم أول المتكلمين ، حيث إنتهز الفرصة ل " الهجوم " على الولايات المتحدة ، كأيّ " وطنيٍّ غيور " وبطّن كلامه بما ينوّه عن تقاعس الحكومة من إتخاذ موقف على مبدأ " التعامل بالمثل " . ثم توالى " وطنيون " آخرون من ممثلي الكتل السياسية المختلفة " يهاجمون " مرسوم ترامب ولكن مركزين على الحكومة في عدم إتخاذها موقفاً حاسماً ، حتى بلغ بأحد النوّاب أن وصل إلى بيت القصيد ، وطالب الحكومة بسحب سفير العراق من واشنطن وغلق السفارة العراقية في بغداد و" طرد " جميع الأمريكيين من الأرض العراقية . قلت في نفسي " عاشق أولسون عليك .. أششون وطني غيور هذا النائب ؟ " تُرى لِمَن سيترك نائبنا الغيور ساحة الحرب الدائرة لتحرير الموصل ، في حال طردنا للأمريكان وطائراتهم المشاركة في تلك العملية ؟
كل النشاط المحموم الدائر في الساحة العراقية يتمحور حول مركز واحد هو العمل على إعادة المالكي إلى السلطة ثانية . المالكي الذي باع الموصل إلى الدواعش ، المالكي الذي بذّر في أموال العراق خلال فترة الثمان سنوات من حكمه ، المالكي الذي يريد جعل العراق ولاية من الولايات التابعة لإيران ، المالكي الذي أجج التفرقة المذهبية إلى أن جعل الإنتماء الطائفي الأساس في قيمة الفرد العراقي ، هذا المالكي لا يدخر وسيلة ، مهما كانت ، إلاّ ويستخدمها في سبيل تحقيق رغبته في العودة إلى الحكم ليُكمل في تدمير ما بقي من العراق بعد فترة حكمه الأسود .
عُقدت مؤتمراتٌ وحواراتٌ ، عديدة ومتنوعة ، حول ما سُمّي في جميعها " مصير الموصل بعد داعش " ولكن إنشغال المؤتمرين والمتحاورين بالجزء قد شغلهم عن الكل الذي هو في خطر داهم . العراق كلّه في خطر و تحرّكات المالكي تشير إلى ما سيصيب العراق إن لم يتدارك الشرفاء الوضع ويمنعوا سقوط العراق في هاوية لا مخرج له منها . زيارة المالكي إلى السليمانية وتدبير تحالف مع جناح هيرو خان في حزب الإتحاد الوطني الكوردستاني ، زيارة المالكي إلى المحافظات الجنوبية ، ولو أنه جوبه بالرفض من قبل جماهير بعض الأحزاب ، إلاّ أنه نسّق مع تنظيمات حزب الدعوة الموالين له وكذلك مع رؤساء بعض العشائر لتوزيع الأدوارعليهم لوقت الحاجة . تقارب المالكي مع سليم الجبوري وكتلة إتحاد القوى من جهة وكتلة منظمة بدر وتسليمهما وزارتي الدفاع والداخلية . سيطرة المالكي على كتلة جبهة الإصلاح التي كان يقودها أحمد الجبوري وعبد الرحمن اللوزي . الحملة الإعلامية الواسعة ضد حكومة العبادي من جهة وتمجيد دور الحشد الشعبي لجعله كياناً في مواجهة الجيش في وقت الحاجة ، التحرشات التي بدأت تظهر في الساحة ، كطلب أعضاء في مجلس النوّاب إستجواب العبادي على خلفية موضوع خور عبدالله ، أو الإستفزازات التي تقوم بها بعض فصائل الحشد الشعبي ضد مشاعر المواطنين في الجانب الأيسر المحرر من الموصل برفعهم الأعلام الطائفية . إن طبخة المالكي سائرة ، ولو على نارٍ هادئة إلى الوقت الحاضر ، ولكن اللدغة الحقيقية المؤلمة سوف تفاجئ الجميع لأنها تأتي من مأمَنٍ لم يُحسب له حساب .
رسالتي هذه دعوة إلى جميع القوى السياسية التي تؤمن بمصلحة العراق الموحّد ، بمستقبل واعد سعيد لشعبه ، أن يعملوا على توحيد صفوفهم من أجل الوقوف جبهة واحدة متراصة لصد هذه الهجمة الشرسة التي تحاكُ خيوطها ونحن عنها لاهون .