ستة أعوام على ثورة يناير المجيدة -الاخفاقات والانجازات-


الحزب الشيوعي المصري
2017 / 1 / 25 - 09:26     



مرت ستة أعوام على قيام ثورة الخامس والعشرين من يناير عام 2011، التي قامت في مواجهة نظام التبعية والفساد والقمع والافقار والنهب المنظم لثروة الشعب المصرى. حيث تخطت معدلات الفقر والبطالة كل المعايير العالمية، حتى أضحى ما يقارب نسبة 50% من المصريين يقبعون في ما دون خط الفقر وتجاوزت البطالة نسبة 13% وتفاقمت أزمات الاسكان والسلع والخدمات ، وتدهورت أحوال العمال والفلاحين . وتدنت مستويات الخدمات التعليمية والصحية والثقافية، حتى أصبح ترتيب مصر العالمي فى ذيل دول العالم. فضلا عن تفاقم معدلات التعذيب واهدار الكرامة الانسانية فى أقسام الشرطة وتجاوز المعاملات الأمنية حدود القانون والقيم الانسانية على نحو صارخ، ترجمت نفسها في حالات من التعذيب البشع و اللاإنساني، مثلما تم مع الشاب خالد سعيد وعماد الكبير وغيرهما. كما تراجع الهامش الديمقراطي على نحو متسارع، حتى وصل الى حد التزوير الفاضح الفاحش غير المسبوق فى أعتى الدول الشمولية والدكتاتورية، مثلما تم من تزوير لانتخابات مجلس الشعب نهاية عام 2010 . اضافة الى تراجع قيمة ومهابة مصر على الصعيدين الإقليمي والعالمي، بعد أن انكفأت على نفسها، حتى تجرأت عليها دويلات صغيرة. ولقد أدى ذلك الوضع المشين للدولة المصرية الى أن تطل الأطماع الاقليمية والدولية برأسها لتنهش في الجسد العربي، ويكون الخاسر الأكبر هو القضية الفلسطينية وباقي الشعوب العربية، التي فقدت الدور القيادي التاريخي لمصر.. لذلك كله كانت الثورة ضرورة موضوعية وحتمية، تطلبها وجود نظام شائخ مترهل تابع فاسد قمعى ووطن يعاني من التردي والتراجع على كافة المستويات والمجالات.
لقد مرت الثورة بمنعطفات حادة وتطورات عنيفة، فبعد أن ظن الشعب الثائر أن النصر قد حان بتنحي المخلوع مبارك، اذا به يكتشف أن الاخوان والجماعات الارهابية التي زاد نفوزها وترعرعت في ظل حكم السادات ومبارك قد باتوا في صدارة المشهد، يهيمنون على السلطة في البلاد ، مما أدى الى ضرورة قيام ثورة جديدة لتطيح بالحكم الإخوان المتأسلم الذى كاد أن يقسم البلاد الى طوائف وأديان ويدخل مصر فى دوامة لا نهاية لها من التفسخ والتشرذم و الإحتراب الأهلي، خاصة بعد محاصرة الكاتدرائية المرقسية والاعتداء عليها لأول مرة في التاريخ، وسحل وذبح عدد من المسلمين الشيعة في أبو النمرس بالجيزة، فضلا عن استعداد نظامهم التفريط في جزء كبير من سيناء وانطلاقهم من أسس غير وطنية ولا ديمقراطية فى ادارة علاقاتهم مع الداخل والخارج، على السواء. فقامت ثورة الثلاثين من يونيو 2013 لتكمل المسيرة الوطنية الديمقراطية ذات البعد الاجتماعى لثورة الخامس والعشرين من يناير وتسقط حكم جماعة الاخوان الارهابية، حتى تمت كتابة دستور جديد وجرى انتخاب رئيس للجمهورية وانتخاب برلمان جديد.
واليوم تمر البلاد بموجة ارهابية عاتية استشهد فيها خيرة شبابنا من الجيش والشرطة ويرى حزبنا ضرورة مواجهه الارهاب مواجهة شاملة وعدم الاقتصار على المواجهة الامنية فقط .
واليوم أيضا نجد أن أهداف ومطالب الثورة الاساسية لم يتحقق منها شيئ، نتيجة لإصرار السلطة على الخضوع لإملاءات صندوق النقد الدولي وانحيازها الاجتماعي للرأسمالية الكبيرة والسير على نفس النهج النيوليبرالي الذي أدى الى خراب مصر وثارت عليه الجماهير في يناير 2011 وتعاني البلاد الآن من أوضاع غير مسبوقة وظروف قاسية يتحمل عبئها الأكبر الطبقات الكادحة من أبناء الشعب المصري ، ولا زالت مواجهة الفساد والاحتكار قاصرة رغم الجهود المبذولة لكشف بعض بؤر الفساد الا أنها سياسات لا تجتث الفساد من جذوره .
ويتعرض رموز الثورة من شبابها والقوى السياسية لحملة تشهير ضارية لا تستهدف تشويه هذه الرموز فقط وإنما تهدف الى تشويه الثورة ذاتها ومحو كل ايجابياتها لتبرير خطايا وجرائم نظام مبارك والسعي لاستعادة الأوضاع القديمة رغم وجود قلة مغرضة لها أهداف خاصة من هذه الرموز تم تسليط الضوء عليها لتشويه الثورة ولكنها لم تؤثر على مسيرتها حيث شارك فيها الملايين من كل طوائف الشعب المصري التى خرجت تطالب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الوطنية والإنسانية .
كما تقبع فى السجون أعداد غفيرة على ذمة الانتساب على نحو أو آخر، لهذه الثورة العظيمة، ويجرى التضييق على الحريات كافة، بينما عادت ألوان من الانتهاكات الشرطية والتعذيب واهدار كرامة المواطنين. ويجرى ابرام الصفقات على حساب الأرض المصرية فى تيران وصنافير. لتتصدر هذه الأوضاع القاتمة المشهد المصرى الآن .
ان هذا المسار الخاطئ والأزمة الخانقة التي يعاني منها المواطنون لا ينبغي أن تصيبنا بالقنوط أو اليأس، فان ما أسفرت عنه الثورة من نتائج ايجابية كثير وقابل للتعظيم، وأهم ما حققته هو أنها حطمت والى غير رجعة جدار الخوف والسلبية من وجدان ونفوس المصريين، كما أنها نجحت في خلق وعى سياسي ناضج لديهم ، فضلا عن أنها قد حققت تراكما في الخبرة التاريخية ما كان له ان يتواجد بدونها. وفي كل الاحوال فأن مصر لا تزال في مرحلة انتقالية وسوف يستمر نضال الشعب المصري من أجل تحقيق أهداف ومطالب الثورة .
المجد لثورة يناير المجيدة والخلود لشهدائها الأبرار والنصر للشعب المصري العظيم.
24 يناير 2017