الحزب الشيوعي ووحدة اليسار العراقي (2-2)


فلاح علي
2017 / 1 / 12 - 13:50     

ا
ملاحظة : من اجل ان لا تكون وحدة العمل لقوى اليسار والديمقراطية تمنيات ورغبات , فلا بد من التوقف عند واقع هذه القوى . في العراق اليوم توجد قوى لليسار والديمقراطية ورغم ضعف مواقعها الاجتماعية والجماهيرية لكنها موجودة وهي عديدة لا سيما بالنسبة للقوى الديمقراطية , بعضها قائم والبعض الآخر تأسس حديثاً بحكم قانون الاحزاب . اما قوى اليسار فيوجد حضور للحزب الشيوعي كحزب ماركسي وبدأ يعيد مواقعة مع قواعدة الاجتماعية ويهيئ مستلزمات وامكانيات الفعل الميداني ليكون حزباً جماهيرياً , ويوجد تنظيمين يساريين الى ثلاث تنظيمات صغيرة في العاصمة بغداد وعدد محدود جداً من المحافظات وهي منعزلة عن الجماهير , وبغض النظر عن حجمها الجماهيري لأن الحجم يتغير وغير ثابت وفقاً للمنعطفات والمتغيرات قد يتسع بحكم المتغيرات الداخلية والاقليمية والدولية . لكن الواقع يؤكد لا بد من التفاعل والتنسيق واقامة وحدة العمل بين قوى اليساررغم صغر حجمها .هنالك يسار عراقي واسع غير منظم ولم يساهم بعد في الفعل الجماهيري , وهنالك قواعد اجتماعية لليسار وجماهير شعبية واسعة طبيعتها مع اليسار لأنه يعبر عن مصالحها الاجتماعية والاقتصادية . الواقع يفرض على هذه القوى ان تكون لها ارادة وقناعة ومبادرة ووجهة عملية لأقامة وحدة العمل والنشاط. ورغم الصعوبات الا ان أهميتها تكمن في الحاجة النضالية اليها كضرورة تلبي حاجات الشعب والوطن . بوحدة العمل والنضال الجماهيري والخطاب السياسي الموحد ستتمكن قوى اليسار والديمقراطية من فك الحصار المفروض عليها واتساع حضورها الجماهيري . أشرت في الجزأ الاول من المقالة الى عدد من الاسئلة العملية والفكرية والسياسية التي لها علاقة بجوهر الموضوع . بلا شك الحاجة الى حوار واسع لأن وحدة العمل تتطلب الحوار والالتقاء على قواسم مشتركة . سأشيرهنا الى ثلاث اسئلة من هذه الاسئلة المطروحة التي لها أهمية في جوهر المشروع لأجل الالتقاء والحوار وتحويلة للحوار الى واقع .
السؤال الاول :اي وحدة عمل مطلوبة بين قوى اليسار والديمقراطية وماهي اطراف قوى اليسار والديمقراطية التي هي معنية في بناء وحدة العمل؟ للأجابة على هذا السؤال من وجهة نظري هي التالي: ان تجارب الشعوب تؤكد ان وحدة العمل المطلوبة هي وحدة النشاط الميداني الذي يوطد ويفعل العلاقة مع القواعد الاجتماعية لليسار ومع المحتشدات الجماهيرية , ويفعل النشاط الجماهيري السلمي ,بلا شك يرافقها خطاب سياسي موحد . ووحدة العمل هذه هي مهمة كبيرة حجمها بحجم المخاطر التي تهدد الوطن وحاجتها بقدر حاجات الشعب الاقتصادية والاجتماعية والسياسية . اما القوى اليسارية والديمقراطية المعنية بهذه الوحدة . هي القوى التي تميزها انحيازاتها الاجتماعية والاقتصادية لحاجات ومصالح الشعب اضافة الى انحيازاتها السياسية . بلا شك ما تؤكدة التجارب ان وحدة العمل لا بد ان يكون لها فعل على الارض , وان تكون بعيدة عن الفئوية او الحلقية في علاقاتها وغير منعزلة عن الجماهير . وهذا يؤهلها لتكون قادرة على ايجاد استقطاب سياسي بين أطرافها لوجود مشتركات هذا أولاً وثانياً يمكنها من تحديد مهام عملية للنشاط الميداني وثالثاً تتوفر لها امكانيات على تعبأة الجماهير المتجهة اليوم في العراق نحو اليسار بسبب نظام المحاصصة وازماته ونتائجة وبسبب حاجاتها الاقتصادية والاجتماعية تزداد قناعاتها بقوى اليسار والديمقراطية . أذن القوى اليسارية والديمقراطية هي الناشطة من اجل احداث التغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية, على انقاض نظام المحاصصة وانهاء كل اشكال الاستبداد والتطرف وتحقيق المساواة والعدالة الاجتماعية . بلا شك انها تمثل مهام التحول الديمقراطي وتبقى هنالك مهام استراتيجية ومنها بناء الاشتراكية وهذه تحتاج الى تحالفات ووحدة عمل مع قوى تؤمن بهذه المهام الاستراتيجية وتبقى مهمه مستقبلية .
السؤال الثاني : ما هو الموقف من الاسلام السياسي ؟
هذه موضوعة جوهرية واساسية وبلا شك انها قضية معقدة وهي تتطلب رؤية فكرية وسياسية تنطلق من الواقع ومن المهام والنظر للمستقبل وتتطلب تاكتيكات عملية واقعية بعيدة عن الاستنساخ والتعميم . لكي يتمكن اليسار من العمل مع الجماهير بكل حرية وفق الدستوركحق للنشاط ومن اجل توسيع قاعدته الجماهيرية وتوطيد صلته مع قواعدة الاجتماعية ولأجل تغيير التوازن في المجتمع . من هذا نجدان العلاقة مع الاسلام السياسي تفرض تبني بعض الخطوات العملية وهذا ما تؤكدة عدد من تجارب الشعوب منها على سبيل المثال : لا بد من فرز قوى الاسلام السياسي أولاً اي عدم وضعهم جميعاً في لون واحد وفي سلة واحدة فمنهم من هو تكفيري يحمل فكر ظلامي وفاشي مثل داعش والقاعدة وجبهة النصرة وأخواتها من الحركات الجهادية . ومنهم من هو متشدد ومتطرف وطائفي وقد يهيئ لبناء دولة دينية ولا يؤمن بالديمقراطية الحقة . ومنهم من هو معتدل يميل الى الاصلاح الجزئي وله توجه وطني لا سيما ان هنالك مجموعات و شخصيات من هذه المجموعة بدأت تؤمن بالديمقراطية وبالدولة المدنية . ان عملية الفرز هذه التي هي بديهية لأنها واقعية ويتلمسها كل مواطن وتكمن اهميتها في الممارسة السياسية , من هنا يكون من غير الصحيح اطلاق مفهوم واحد على كل اطراف الاسلام السياسي , اي على سبيل المثال اطلاق مفهوم الفاشية الدينية على كل قوى الاسلام السياسي هنا يكمن الخطأ والتعميم يكون ضار على فعل وحضور قوى اليسار والديمقراطية . وثانياً : ارتباطاً بمهام قوى اليسار والديمقراطية فما أكدتة التجارب العملية الناجحة بهذا الاتجاة هو من الخطأ استخدام الصراع الآيدلوجي مع الجميع في آن واحد ووضعه كمهمة اولى اساسية . التكفيريين والارهابيين الظلاميين والفاشيين هؤلاء موضوع آخر هو التصدي الوطني لهم ومحاربتهم بكل الوسائل. اما قوى الاسلام السياسي الاخرى وبالذات الماسكة للسلطة السياسية ومنهم المعتدل , ما تؤكدة التجارب أن الموقف العملي يتطلب الابتعاد عن الصراع المباشر الفلسفي وتبني التصدي والصراع السياسي لمواقفهم ونقدها بجرأة ووضوح وفضحها امام الشعب وامام قواعدها الاجتماعية التي اخضعتها للتضليل , لا سيما ان المواقف السياسية لقوى الاسلام السياسي لا تخلوا من الطائفية والرجعية ومعاداتها للديمقراطية الحقة وتجاوزها على الحقوق والحريات بما فيها الحريات الشخصية وتبعيتهم للفكر النيوليبرالي حيث أصبحت قوى الاسلام السياسي الضامنه لمصالح النيوليبرالية والعولمة الراسمالية المتوحشة في العراق وفي منطقة الشرق الاوسط . وثالثاً لا بد من الربط وعدم الانفصال بين الموقف السياسي المعارض والناقد لمواقف قوى الاسلام السياسي والحضور الفاعل مع الجماهير وتعبأتها في نضالات جماهيرية ضد الفساد ومن اجل تحقيق المطاليب الاجتماعية والاقتصادية ولتحقيق الاصلاح والتغيير السياسي .رابعاً: ان العلاقة مع القواعد الاجتماعية والجماهير الشعبية هي التي توفر امكانيات لقوى اليسار والديمقراطية في النضال الجماهيري بشكل يفوق امكانيات قوى الاسلام السياسي رغم امتلاكهم للسلطة والمال والاعلام خامساً: هنالك نقاط ضعف كثيرة جداً في مواقف قوى الاسلام السياسي في حالة توظيفها بتاكتيكات صحيحة وشعارات سليمة واقعية بأمكانها ان توجة ضربات قوية للاسلام السياسي وتضعفة جماهيرياً ومنها :1- الاضطهاد الواقع على النساء من قبل قوى الاسلام السياسي والحرمان من الحقوق . 2- وكذاالهيمنة والاضطهاد والتجاوز على حقوق الاديان والقوميات الصغيرة من قبل قوى الاسلام السياسي .3- وانتهاك حقوق وحريات المواطنة اضافة للفساد وللحاجات الاجتماعية والاقتصادية للجماهير بهذا يستطيع اليسار ان يستعيد جماهيريتة . سادساً : هنالك قضية هامة جداً في التاكتيك السياسي وهي أن اي تفكير بالتحالف مع الاسلام السياسي الذي يسمى المعتدل هو تفكير خاطئ وضار ويسهم في اضعاف ليس فقط قوى اليسار والديمقراطية وانما في اضعاف الحركة الجماهيرية وهذا سيكون لصالح قوى الاسلام السياسي . سابعاً : هنالك قضية عقدية بحاجة الى اتخاذ موقف عملي منها وهذا يكون لصالح قوى اليسار والديمقراطية وهي لا يزال الاسلام السياسي لديه قواعد ونفوذ جماهيري واسع وبالذات بين صفوف الفقراء والكادحين هذه حقيقة لا يمكن تجاهلها لا سيما ان قوى الاسلام السياسي لها تأثير على هذه القواعد لأسباب عدة . وان لهذه القواعد حاجات اجتماعية واقتصادية لا تستطيع قوى الاسلام السياسي تحقيقها قوى الاسلام السياسي لا تحقق طموحات الجماهير بل ما يقدموه للجماهيرالخيانة لا غير لأنهم يضعون مصالحهم الذاتية فوق مصالح الجماهير , من هنا تكمن البراعة في وضع التاكتيك للتفاعل مع هذه القواعد والتنسيق الميداني معها حول قضايا مطلبية اجتماعية واقتصادية وسوف تتفاعل مع قوى اليساروالديمقراطية في هذا النضال المطلبي ودون التنسيق مع قيادات قوى الاسلام السياسي . من هنا تكمن اهمية زخم قوى اليسار والديمقراطية وحركات المجتمع المدني في التفاعل مع بعض القواعد الاجتماعية من الفقراء والكادحين المحسوبة على الاسلام السياسي والتأثير فيها من خلال تبني المطاليب الاجتماعية والاقتصادية ومن اجل الاصلاح والتغييير, وتجربة الحراك الجماهيري أكدت صحة هذا التوجة في العلاقة مع القواعد الاجتماعية بحاجة الى تطويرها وهذا يسهم في اضعاف الحضور الجماهيري لقوى الاسلام السياسي. ثامناً : ان التعامل مع الاسلام السياسي لا بد ان يكون على اساس طبقي ومواقف سياسية واجتماعية واقتصادية وقانونية مع فهم الرؤية التأريخية لنشأة تنظيماتهم . اي لا يمكن تجاهل هذه المواقف اضافة الى انهم وسط غير متجانس يحمل التناقضات الداخلية والتباينات والاختلاف في اتجاهات المصالح . ارى ان هذه القضايا وغيرها والقراءة الصحيحة للواقع تعطي لقوى اليسار والديمقراطية عناصر قوة في معرفة كيفية التعامل مع قوى الاسلام السياسي ومواجهة مخاطر مواقفها وسياساتها المعادية للديمقراطية والحقوق والحريات . اخيراً اكرر ان وضع كل قوى الاسلام السياسي في سلة واحدة ووصفهم جميعاً بالفاشية الدينية , بلا شك هذا الموقف يسهم في عرقلة ظهور قطب يساري ديمقراطي و سيمهد الطريق لعودة جماهيرية الاسلام السياسي وهنا تكمن الخطورة بعودة جماهيريتهم واتساعها وتحولهم الى قوة ذات حضور جماهيري في البلد وبهذا يسهل عليهم ليس فقط الاستمرار في الاحتفاظ في السلطة وانما التفرد في بناء الدولة وفق مقاساتهم .
السؤال الثالث : كيف سيتم خرق الجدار الحديدي بين قوى اليسار وايجاد حالة من الاستقطاب فيما بينها لتوحيد صفوفها وتشكيل قطب يساري ديمقراطي ؟ ان قوى اليسار والديمقراطية هي اليوم امام تحديات ومهام تأريخية كبيرة في ظل المتغيرات الداخلية والاقليمية والدولية ومن هذه التحديات على سبيل المثال : 1- انهاء انحسارها وعزلتها الجماهيرية ولا بد ان يكون لها تأثيرودور وان تجد موقع مؤثر لها في الخارطة السياسية العراقية . 2- انهاء نظام المحاصصة الطائفية والاثنية وتحقيق الاصلاح والتغيير حيث انه يمثل تحدي ومهمة كبيرة . وهذا يتطلب حضورها مع الجماهير الشعبية لأستنهاضها للتخلص من هيمنة قوى الاسلام السياسي . ان الطريق السليم لأنقاذ الجماهير من هيمنة قوى الاسلام السياسي ومن اجل تحقيق مطاليبها هو من خلال النضال الجماهيري السلمي ومن خلال الآليات الديمقراطية. 3- بناء الدولة المدنية الديمقراطية الاتحادية وتحقيق العدالة الاجتماعية . وهذه المهمة تفرض على قوى اليسار والديمقراطية ان تطرح نفسها كطرف رئيسي في الصراع من اجل السلطة السياسية وذلك من خلال الانتخابات البرلمانية في ظل قانون انتخابات ديمقراطي يعتمد الطريقة النسبية والدائرة الواحدة . مع تهيأة مستلزمات هذا الصراع لتحقيق الهدف حيث اشرت الى بعض من هذه المستلزمات في المقالة . ان هذه المهام الكبيرة تؤكد الحاجة النضالية لوحدة عمل قوى اليسارفي الظرف الراهن لتكون مرتكز لقطب يساري ديمقراطي . 4- ان تحالف قوى اليسار والديمقراطية لا بد ان يطرح نفسه هو البديل على الصعيد الوطني وهو عابر للقوميات والاديان فهو يتسع لكل القوى التي توافق على برنامجة وهو منحاز لقضايا الجماهير في كل مناطق العراق . هذا يساعد على الاستقطاب بين قوى اليسار والديمقراطية واختراق هذا الجدار الحديدي الذي يعزل بعضها عن بعض .ومن خلال الفعل والعمل الميداني الجماهيري والاعلامي فأن وحدة عمل قوى اليسار والديمقراطية ان تحققت ستؤكد على مصداقيتها في تبني مطاليب الجماهير والتجارب تؤكد انه لا بد من تجاوز النخبوية والعزلة والانفتاح وتبني المبادرات الجماهيرية. مع ترسيخ الممارسة الديمقراطية واعتماد آليات العمل الديمقراطي بين اطرافها وقبول الآخر رغم الاختلاف في الرأي وذلك لأن العمل المشترك لا يلغي الخلافات لكنه يؤدي الى توحيد النضال المشترك حول قواسم مشتركة وفي مقدمتها المطالب الاقتصادية والاجتماعية للجماهير . بلا شك ما يسرع من التقارب بين قوى اليسار هو مقدرة اطرافها على قراءة الواقع ووضع التاكتيكات والشعارات الصحيحة الواقعية هذه الممارسات العملية تساعد على اختراق الحواجز وايجاد الاستقطاب بين قوى اليسار والديمقراطية وهذا يمكنها من توطيد العلاقات والروابط مع الجماهيرمن اجل تعبأتها واستنهاضها لأنتزاع حقوقها الاجتماعية والاقتصادية ومن اجل تغيير التوازن واحداث الاصلاح والتغيير من خلال النضال الجماهيري السلمي .
12-1-2017