المهمشون أولى بأموالهم من الغير


كوسلا ابشن
2017 / 1 / 7 - 22:17     

المهمشون أولى بأموالهم من الغير

في الجولة الافريقية للكولونيالي العروبي محمد السادس, أبرم هذا الاخير اتفاقيات استثمارية بملايير الدراهم من اموال الشعب مع مختلف الجهات الافريقية, لتنفيذ مشاريع خارج الحدود الجغرافية للبلد ولصالح الغير المروكيين, في الوقت الذي تبذر فيه الاموال فان الشعب المروكي أحوج اليها من غيره و أحوج لتلك المشاريع من غيره, ومن بين تلك المشاريع الضخمة والاكثر الاحاحية وحاجة للنساء والاطفال داخل البلد, مشروع بناء مستشفى للأم والطفل بمدينة أنتسيرابي بجمهورية مدغشقر, وتصل تكلفة إنجازه 160 مليون درهم, اشرف اللكولونيالي العروبي شخصيا على اعطاء انطلاقة أشغاله يوم 23 نوفمبر 2016.
حسب المعلومات المتوفرة فالمستشفى سيوفر الخدمات في اختصاصات امراض النساء والتوليد والاطفال, مما سيلعب دور مهم في مراقبة النساء الحاملات و تقليص وفيات النساء اثناء الولادة وحماية حياة الطفولة.
السياسة الافريقية الانتهازية لهرم السلطة الكولونيالية, تأتي في اطار الصراع المصلحي للسلطتي الكولونيالية العروبية في كل من الجزائر والمروك, سياسة تهدف أولا الى ضمان التأييد الافريقي للشرعنة الاستغلالية للكولونيالية العروبية في الجغرافية المروكية الواقعية, وتهدف ثانيا الى اخفاء الوجه الابارتهايدي للسلطة العرقية في التعامل مع العرق الآخر, سياسة بديلة للفشل الدبلوماسي في الدفاع عن قضية الوحدة الترابية.
سياسة تلميع النظام الكولونيالي على الساحة الافريقية لا تحجب الطابع العرقي لسياسة الكولونيالي العروبي ضد الشعب المروكي في المناطق الامازيغية الغير المعربة, وهذا أكيد ما تجهله نساء مدينة أنتسيرابي بجمهورية مدغشقر, من سيستفدن من مشروع بناء المستشفى المتخصص في امراض النساء والتوليد والاطفال, ربما لم تصلهن أخبار النسبة العالية للقتل العمد في صفوف النساء الحوامل الامازيغيات و موالدهن بسبب سياسة التمييز العرقي العروبي, السياسة التي حرمت بسببه المناطق الغير المعربة من البنية التحتية الضرورية من مستشفيات ومدارس وطرق معبدة ومواصلات وغيرها, فنسبة القتل المتعمد للنساء الحوامل ترتفع سنويا بسبب انعدام وجود مستشفيات واقسام للنساء, في البلدات الغير المعربة وكذا انعدام وجود طرق لفك العزلة عن المناطق المعزولة وانعدام وجود وسائل المواصلات لتسهيل نقل الحوامل لأقرب المدن, لاستبدال الوسائل المستعملة حاليا, وهي نعوش الموتى التي تمثل الوسيلة الوحيدة لنقل النساء الحوامل ولعشرات الكلومترات للوصول لأقرب "مستشفى" وكثيرا ما تنتهي الرحلة بمقتل الحامل وجنينها, وان وصلت بسلامة فقد ترفض من استقبالها في "المستشفى" من طرف العناصر العرقية أو تهميشها, كما حصل في 15 غشت 2016, حيث طردت امرأة من "المستشفى" الاقليمي بتارودانت وأغلق الباب في وجهها, لتجد نفسها وحيدة وفي الليل في حديقة المستشفى تقاوم آلام المخاض و جهد الولادة, وفي الآخير وضعت مولود ميت, اما في حالة قبول احد ى المهمشات في المستشفى فقد لا تنجو هي وجنينها معا, بسبب افتقار الكثير من "المستشفيات" الى التجهيزات الطبية الضرورية والكوادر الطبية والعناية اللازمة.
اذا كانت البلدات الحضارية تنعدم فيها المستوصفات و ان وجدت فهي بدون التجهيزات الضرورية, بدون اطباء و لا أدوية, جدران بدون حياة, هذا في البلدات الحضارية و ما بالك بالمجتمع القروي المنعزل والمهمش, فحياة النساء الحوامل بالاخص معرضة للهلاك او لفقدان الجنين نظرا للواقع الصحي المتدهور في هذه المناطق المنعزلة.
في شهر ديسمبر 2016 نظم اهالي املشيل (اقليم ميدلت) وقفات احتجاجية في البلدة و في الرباط تنديدا بالسياسة العرقية للسلطة الكولونيالية, وخصوصا في القطاع الصحي, المجال الذي آثار سخط الاهالي بعد الحالات التسلسلية ل "وفيات" النساء الحوامل وموالدهن.
تدشين مستشفى متخصص في امراض النساء والتوليد والاطفال للاعتناء بالنساء والاطفال في دولة مدغشقر وحماية النسل في هذه الدلة الافريقية من الاندثار, لكنه في المقابل تنتهج السلطة اللقيطة سياسة قتل النساء والاطفال و الحد من النسل الامازيغي.
اموال الشعب المهربة الى الخارج والمساهمة في تحسين اوضاع المعيشية والصحية للشعوب المختلفة وخصوصا مشروع بناء المستشفى, هو ليس مجرد اهانة واحتقار للنساء المروكيات فحسب, بل هو تعبير عن حقد و كراهية لكل من هو متشبث بجذوره الاصلية الامازيغية والرافض للعروبة الاستعمارية. مسلسل الاهانات والاحتقار و التمييز والقتل المتعمد لم يتوقف بمشروع خارج الحدود, فقد تبعته مبادرة رئيس المجلس البلدي لمدينة اكادير صالح الملوكي السلفي المهانة للامازيغ ( موتوا فالكفن بالمجان) بكرم ضحايا سياسة التمييز العرقي المنتهجة من طرف نظامه العرقي, بمجانية الكفن ( يقتلون القتيل و يتكفلون بكفنه).
عن موقع امازيغ ولد: "بمناسبة رأس السنة الامازيغية الجديدة 2967 أقدم حزب العدالة والتنمية الدي يترأس بلدية اكادير بتقديم هدية ثمينة الى ساكنة اكادير وهي توزيع أثواب الكفن بالمجان للساكنة.
أصدر رئيس المجلس البلدي لمدينة اكادير صالح الملوكي يوم 15 ديسمبر 2016 اعلان الى الساكنة لتبشيرهم بالهدية. وللتذكير فساكنة سوس أعطت الصدارة لحزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية ".
المروك المهمش لم يقتل نساءه الحوامل فقط, لكنه ما زال يعيد انتاج الموت البطيئ لاهله الراضين على الاذلال الاستعماري ( الكفن المجاني ...), رغم كل انواع الاضطهاد والنهب والتفقير والتهميش والاستبداد, فان الاهالي ما زالوا مكتوفين الايدي والافواه, رغم ان الظروف الموضوعية ناضجة, الاقتصادية والاجتماعية والسياسة ونضوج الظروف الذاتية المتمثلة في حركة النضال في نشر الوعي الامازيغي المضاد للوعي الاستعماري المغلوط, وهذا العاملان الضروريان في كل نشاط ثوري تحرري تغييري, لم يؤثران بعد في تغيير العقل الامازيغي ( على الاقل المتعلمين, العمال والفلاحين ), وخصوص العامل الموضوعي الاساس الطبيعي في مأساة الاهالي, وغياب الوعي الصحيح لمعرفة أسباب مأساتهم ومعرفة الحلول اللازمة لتخطي هذه المأساة, جعلهم حتى اليوم موضوع للسخرية والاهانة واداة في خدمة الكولونيالية عن وعي او عن غير وعي.
معاناة و مأساة الجماهير الشعبية وخصوصا النساء والاطفال لن تنتهي باللامبالاة والعداء الذاتي والايمان بديماغوجية النظام الكولونيالي ومشاريعه الوهمية في الداخل وشعاراته التضليلية, اما الحد من معاناة ومأساة الشعب لا يتم الا بتحديد صانعي التمييز القومي والطبقي و التعبئة الجماهيرية والنضال الثوري للاطاحة بالسلطة الكولونيالية.