الحزب الشيوعي ووحدة اليسار العراقي (1-2)


فلاح علي
2017 / 1 / 3 - 15:04     

تأريخياً مثل الحزب الشيوعي العراقي قاطرة اليسار ولعب ادواراً مهمة في تأريخ العراق السياسي . لكن بعد عدة هجمات بوليسية وفاشية منظمة على الحزب وانكسارات وتراجعات وانشقاقات وما رافقها من متغيرات اقليمية ودولية كان تأثيرها سلبياً آنذاك فتراجعت قوى اليسار في كل منطقة الشرق الاوسط . ومرت الاحزاب الشيوعية واليسارية بأزمة فتشضت وتشتتت قواها , واصبح اليسار غير قادر في اطار هذا التشضي على تجميع القوى واحداث انعطافات جماهيرية وتحقيق التغيير الداخلي في كل بلد ومنها العراق . الى ان جاء التغيير الخارجي من خلال الحرب والاحتلال . الوقائع اليوم على الارض تؤكد ان الدور المعول على هذا التيار اليساري الديمقراطي هو كبير جداً لا سيما عندما يعبئ قواه ويوسع قاعدة المشتركات بين اطراقة .الحوارات ضرورية من اجل أن تتوج بالوصول الى نتائج ملموسة تتيح بلورة وحدة عمل قوى اليسار والديمقراطية والخروج من أزمتها. لهذا منذ حوالي عقد من السنين اندلع نقاش داخل الحزب الشيوعي العراقي , ولا يزال هذا النقاش متواصل ويتمحور حول ضرورة وحدة العمل والنشاط لقوى اليسار والديمقراطية , انطلاقاً من دورها في المشهد السياسي العراقي المضطرب بأزماتة المعقدة والمتناقضة . بلا شك هنالك قوى محسوبة على اليسار والديمقراطية قد طرحت ايضاً دعوات للحوار لأجل التوصل الى مشتركات . مهما تنوعت الدعوات الا انها تؤكد الحاجة الموضوعية لوحدة عمل هذه القوى وتشكيل قطب يساري ديمقراطي فاعل ومؤثر .
من هنا جاءت مبادرة المؤتمر العاشر للحزب الشيوعي العراقي :
عندما اطلق نداء موجة الى القوى والاحزاب والشخصيات المدنية والديمقراطية ومما جاء فيه : التغيير المطلوب لن يتحقق إلا عبر بناء بديل، يكسر محاولات احتكار السلطة المستندة الى الهويات الفرعية وإعادة إنتاجها، ويؤسس لوعي اجتماعي جديد، وتوجه ثقافي يشكل نفيا لثقافة الاستبداد ولنزعات العودة الى الماضي المناهضة للحداثة والتنوير، ويرسي الاعتراف بالآخر واحترام التنوع. وليس افضل من البديل المدني الوطني الديمقراطي اداة لتحقيق ذلك، ولاعادة بناء الاقتصاد والمجتمع والدولة على اسس جديدة، تجعلها دولة مواطنين احرار وليس رعايا. وهذا يتطلب مواصلة ضغط الحراك الشعبي والجماهيري السلمي، والسعي الى تنويع اشكاله وادواته ووسائله، والارتقاء بادائه، وتنسيق اهدافه ومنطلقاته وبلورتها، وتأمين وضوحها، الى جانب توحيد قياداته، والتحسين المطرد لاداء تنسيقيات الحراك، والتنسيق في ما بينها على صعيد كل محافظة، وعلى مستوى بغداد والمحافظات الاخرى. الارتقاء بدور التيار الديمقراطي وقواه وشخصياته، وتوسيع وتطوير نشاطاته وعلاقاته باستمرار، واقامة الصلات ومد جسور التعاون والتنسيق مع مختلف القوى والاحزاب والهيئات والشخصيات المدنية والديمقراطية.ولن يتحقق ذلك من دون تقارب القوى والشخصيات المدنية والديمقراطية وتفعيل دورها نحو تشكيل الكتلة الوطنية الحاملة لمشروع البديل الوطني الديمقراطي، والعاملة من اجل تغيير موازين القوى لصالح مشروعها.وتاسيسا على هذه القناعة الراسخة يمد حزبنا يده الى كافة الداعين الى قيام دولة المواطنة والعدالة الاجتماعية واحترام حقوق الانسان، دولة المؤسسات والقانون، ويدعوهم الى البدء فورا باللقاء والتشاور، وتجاوز حالة الفرقة والتششت ولملمة الصفوف وصولا الى تحقيق الاصطفاف المدني الديمقراطي الواسع القادر على انجاز الاصلاح والتغيير.
المؤتمر الوطني العاشر
للحزب الشيوعي العراقي
3-1/ 12/ 2016
يستنتج من هذا النداء التالي :
1- انه مثل خطوة جريئة بعيدة عن التردد عندما قرر المؤتمر توجيه رسالة الى كل القوى والشخصيات والمنظمات الديمقراطية واليسارية هي معنية بهذه الرسالة وكأن المؤتمر العاشر للحزب يقول لنبادر ولنفتح الابواب الواسعة لجمع الصفوف ولنتحمل المسؤولية نحو التغيير وبناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية . 2- اني ارى من وجهة نظري على ضوء هذه الدعوة لا يوجد اي من قوى اليسار والديمقراطية يشكك في مصداقية مبادرة الحزب هذه الداعية الى وحدة عمل قوى اليسار والديمقراطية . 3- المتغير الجديد على الارض الذي يعجل من وحدة العمل والنشاط هو انطلاق الحراك الجماهيري في تموز 2015 الى اليوم . بتواصل الحراك الجماهيري تصاعدت معارك التغيير ومقاومة نظام المحاصصة الطائفية لغرض انهائه ومحاربة الخصخصة لثروات البلد والفساد ومن اجل بناء الدولة المدنية الديمقراطية وتحقيق العدالة الاجتماعية , هذا المتغير الجماهيري الكبير يفرض نفسة الآن ليكون لليسار والقوى الديمقراطية حضور في ساحات الاحتجاج والتغيير والانفتاح على بعضها من اجل الاستقطاب السياسي في وحدة عمل . 4- النداء لا يلغي الصعوبات والمعوقات التي تواجة وحدة قوى اليسار والديمقراطية الا ان فكرة تحالف اليسار هي قائمة و تمثل مرتكزاً اساسياً لتحالف ديمقراطي واسع وهذه الفكرة هي حاضرة ومطروحة بقوة في صفوف الشيوعيين خاصة في الظروف الحالية في ظل الاستقطاب الطائفي . 5- ان تحالف اليسار سيكون له تأثير ايجابي على القواعد الاجتماعية الطبيعية لليسار ويستنهضها ( الطبقة العاملة والكادحون والشباب والنساء والمثقفين والاعلاميين والمهنيين والفئات الوسطى والفلاحيين ) من هنا تبرز اهمية مرتكز تحالف قوى اليسار لأقامة بديل ديمقراطي مهم ومؤثر 6- ان نداء الحزب ليس فقط انه يؤكد على مصداقية وصحة توجهة لأقامة وحدة قوى اليسار والديمقراطية وانما يؤكد على ديمقراطية الحزب الشيوعي في الفكر والممارسة لأن وحدة العمل ليست هي فرضاً من الاعلى وانما هي ممارسة ديمقراطية تقتضي شروط يجب توفرها لأقامة تحالف عملي حقيقي من هذه الشروط :
1-اعتراف كل اطراف اليسار بالتعددية داخل هذا التيار . 2- اي بوجود تنوع في المرجعيات الفكرية لليسار, وهذه هي الرؤية الديمقراطية السليمة الواقعية والتي ستعجل في وحدة العمل لليسار ليكون فاعل ومؤثر مع الاوضاع الجديدة في العراق والمتغيرات في المنطقة والعالم وهذا يتطلب قراءة معمقة لما جرى في المجتمع العراقي من متغيرات في بنيتة الطبقية واوضاعة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية كذلك في المنطقة والعالم .3- لكي يبلور تحالف اليسار والديمقراطية رؤية فكرية وسياسية ذات ابعاد وطنية ديمقراطية واستراتيجية . 4- فان وحدة العمل تشترط النشاط الميداني وتجنب الانتظارالى ما بعد ظهور صيغة جاهزة ومعدة مسبقاً .5 - اي لا بد من الانطلاق من اشكال تنسيق ميدانية حتى تنضج الظروف وتتهيئ مستلزمات لأقامة اطار تحالفي للعمل المشترك وهنا تكمن الممارسة الديمقراطية التي لا تشترط وصفة معدة مسبقاً وانما العمل وفق القواسم المشتركة ووفق الامكانيات لحين تهيئة مستلزمات وحدة العمل . 6- تفرض وحدة العمل والنشاط التوجة نحو القواعد الاجتماعية لليسار والى المحتشدات الجماهيرية والسكنية والعمل معهم واستنهاضهم حول قضاياهم وحاجاتهم ومطاليبهم الاقتصادية والاجتماعية .
هنالك تساؤلات عديدة لها علاقة بوحدة العمل لقوى اليسار والديمقراطية :
في البدأ لا يوجد من يشكك بضرورة وحاجة البلد لبناء بديل يساري ديمقراطي , والاهم هو الطريق السليم الذي ستسلكة قوى اليسار والديمقراطية للوصول لتحقيق هذا البديل الذي تريدة الجماهير كحاجة للتغيير وتكمن حاجتها الية في ظل المخاطر التي تواجة البلد والازمات المستعصية التي انتجها نظام المحاصصة الطائفية والاثنية والصراع الطائفي والفلتان الامني وتنامي الارهاب وسيطرة داعش على مدن والفقر والبطالة والفساد ومخاطر الخصخصة والسياسة النيوليبرالية وتفاقم الصراع الطبقي . ان غياب بناء بديل يساري ديمقراطي هذا يعني اعطاء فرصة اكبر للقوى الطائفية للتحكم بمصائر البلد لفترة زمنية اطول. من هنا تطرح اسئلة حول وحدة العمل منها على سبيل المثال : 1- اي وحدة عمل لقوى اليسار والديمقراطية بحاجة لها الشعب و ماهي اطراف قوى اليسار والديمقراطية التي هي معنية لبناء قطب بساري ديمقراطي . 2- ما هي وجهة نضال قوى اليساروالديمقراطية في ظل الظروف التي يمر بها العراق . 3- ما هو الموقف من الاسلام السياسي المهيمن على السلطة السياسية . وما هو الموقف من نظام المحاصصة الطائفية والاثنية . 4- كيف سيتم خرق هذا الجدار الحديدي بين قوى اليسار وايجاد حالة من الاستقطاب فيما بينها لتوحيد صفوفها .6- هل ان بديل قوى اليسار والديمقراطية قادر على ان يتحول الى قوة جماهيرية وتكون قادرة على تغيير التوازن واحداث التغيير.
(يتبع)
3-1-2017