الباحثين عن النفوذ و مموليه


محمد فريق الركابي
2016 / 12 / 27 - 21:36     

الباحثين عن النفوذ و مموليه
محمد فريق الركابي

كيف يمكن لدولة ان تكون قوية ؟ قادرة على السيطرة ؟ تتدخل في شؤون غيرها بل و التأثير في سياستها ؟ هل القوة العسكرية هي السبيل ؟ هل يمكن للتحالفات السياسية ان تضع دولة ما في المقدمة ؟ كل هذه الاسئلة تطرح يوميا ، و بإجابات مختلفة ،و نظريات معقدة ، في محاولة لشرح الصراع الدولي لقيادة العالم بين دول لا تترك شيئا لتعبر من خلاله عن قوتها و قدرتها على تمثيل دور شرطي العالم الذي لا يعصيه احد .


الكثير من الازمات التي شهدها العالم ، بدأت صغيرة ، لا تبعد سوى خطوات عن الحل و انهاء الخلاف ، و لكن هذا من الجانب النظري ، اما الواقع ، فهو مغاير تماما ، فالازمة فرصة لا تعوض لمن يريد اثبات وجوده ، فعلى سبيل المثال لم يكن احد يتوقع ان تشهد سوريا حربا ، او حتى ان تستمر لستة اعوام ، فالثورة التي ارادها شعبها لم تكن تختلف عن تلك التي شهدتها دول الربيع العربي ، لكنها تحولت من خلاف بين شعب و نظام ، الى حربا دولية ، و صراعا على النفوذ ، و بوابة للسيطرة على العالم ،او اقناعه بذلك على الاقل.


قد تختلف الطريقة التي يتخذها بوتين و اوباما في حلحلة ازمة سوريا ، لكنها تتشارك في ذات الهدف و المصالح ، فرغبة بوتين في حل الازمة عسكريا ، هدفها اظهار القوة الروسية ، و اقناع العالم ، ان الازمات تتوقف مؤقتا بحل او اتفاق سياسي، لكنها لا تنتهي الا بالقوة العسكرية و اعلان المنتصر ، في حين يرى اوباما العكس ، فالحلول السياسية هي نهاية لاي صراعا عسكري ، و على هذا الاساس نجد ان الخلاف على اي الطريقتين افضل و اجدر بالاتباع يؤخر حسم اغلب قضايا المنطقة التي يتصادم فيها الروس و الامريكان.



لا يتوقف الامر عند صحة الطريقة التي يتبعها الروس او الامريكان لانهاء ازمة معينة ، بل في من ينتظر الحل ، بدلا من صناعته او المشاركة فيه ، فالحرب التي تقودها روسيا يدفع تكاليفها شعب سوريا و نظامها ، و ان كانت بأشكال غير مباشرة ، كالاستثمار و انشاء القواعد العسكرية و غيرها الكثير ، و الامر نفسه بالنسبة للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة ، او حتى تسليح المعارضة ، فهذه الامور لن تكون مجانا ، بل بتمويل عربي ايضا ، الامر الذي يعني ان روسيا و الولايات المتحدة يتفقان في الهدف و المصلحة و هي البحث عن النفوذ و السيطرة ، و نظام و شعب سوريا و الدول العربية الاخرى التي تشترك في ازمة سوريا كلاهما يتحمل تكاليف البحث عن تلك المصالح دون ان تعود عليهم بنفع او فائدة.