شيوعيو مَنْ كُنّا؟ (4 )*


ابراهيم الحريري
2016 / 12 / 14 - 18:19     

وضعني انقلاب شباط 1963 الدموي وتجربة قصر النهاية المريرة خارج الحزب، بسبب موقفي الضعيف. (كتبت عن ذلك اكثر من مرة وفي اكثر مناسبة) لكن ذلك لم يحل بيني وبين معاودة الاتصال بالحزب والقيام بالمهام التي يكلفني بها او التي اقدم عليه بمبادرة مني: شكلتُ شبه منظمة من رفاق واصدقاء الحزب في الكويت، وانا خارج التنظيم، سلمتها للرفيق ابو عادل الشايب (الراحل انور محمد طه)، الذي اوفده الحزب لقيادة النشاط الحزبي في الكويت. طلب مني الرفيق ابوعادل كتابة تقرير عن تجربتي في قصر النهاية وذهب الى البصرة، عندما عاد طلب مني العودة الى التنظيم لكني اعتذرت، عقابا لنفسي على موقفي الضعيف.
خلال الفترة من عام 1963 حتى عام 1998، حين قررت العودة الى التنظيم، كما اتذكر، لم اتردد في القييام بأي مهمة يكلفني بها الحزب، ومن بينها تهريب شحنة سلاح الى احد مواقع الانصار الشيوعيين برفقة الرفيق صالح دكله، مخترقين حدود العديد من الدول. غير ذلك من المهام التي لم يحن اوان الكشف عنها.
سببت لي علاقتي بالحزب، في ظروف الصراعات الداخلية، العديد من الاشكالات. فكان كل فريق يحاول ان يجتذبني، انا اللاحزبي، الى صفه. وعندما كنت ارفص الإنخراط في الصراع الدااخلي، كان كل فريق يحسبني على الفريق الآخر، او هذا الشخص او ذاك من الفريق الآخر. لكن ذلك لم يمنعني من الإصرار على موقفي، والامتناع عن المشاركة في جلسات "الردح": المجانية المخجلة، في المقاهي، مهما سبب لي ذلك من اشكالات.
ومن بين المفارقات التي سببها لي هذا الوضع، ان قائدا بارزا في احد الفريقين، يقال انه كان يسعى لـ"وراثة" مركز السكرتير عبّر لاحد الأصدقاء عن شكوكه في موقفي ازاءه.
دعوته الى الغداء. تكاشفنا. كان الصديق اخبره انني اتحفظ على سعيه الى مركز السكرتير. سألني ما هو وجه تحفظك؟ أ لا تراني مناسبا؟ اجبت: من حق اي رفيق ان يسعى لاحتلال اي مركز داخل الحزب، لكن باتباع الوسائل المبدأية. ومشكلتك انك لا تتبع هذه الوسائل. فأنت تعمل على" تكسير" من تعتقد انه يمكن ان ينافسك على هذا المركز وتشويه سمعته، هذا فضلا عن انك تسعى الى تكوين بطانة تدين بالولاء الشخصي لك، و"تستزلم" آخرين ليعملو مخبرين لك، بدعوى التصدي للنشاط "التخريبي". ومن يومها ساد علاقتنا البرود.
كنت، رغم انتقادي لبعض أساليبه، اكبر فيه جرأته وروح المبادرة لديه.
فهل كنت عدوا للحزب عندما انتقدته انتقادا قاسيا، وقد كان يحتل مركزا بارزا في القيادة؟ وهل انا "تحت ابطه" عندما اكبر فيه الصفات الإيجابية التي يمتلكها؟
يبدو لي ان مشكلة الكثير منا هي النظرة وحيدة الطرف لدى تقييم هذا الشخص اوذاك، او هذا الموقف، او هذا النهج او ذاك، ما يمنعنا من اتخاذ موقف موضوعي، يحيط بالظاهرة، شخصا كانت ام موقفا او نهجا، من جميع جوانبها.
بغداد: 13-12-2016

• * مواصلة للسجال بيني وبين الصديق يحي الشيخ. وكان كتب قصيدة "تبا" استهدف فيها الرفيق حميد مجيد موسى السكرتير السابق للجنة المركزية للحزب باسلوب اعتبرته غير موفق. فاعتبر اني كنت "تحت ابط" الرفيق السكرتير، رددت باني كنت "تحت ابط" الحزب ولست نادما على ذلك .