السفر الكوني على متن -النسبية العامة- هو الأسرع!


جواد البشيتي
2016 / 12 / 10 - 00:48     

جواد البشيتي
هل يستطيع البشر السَّفَر إلى كواكب أو نجوم تَقَع في خارج مجرَّتنا (مجرَّة "درب التبانة) وبعيداً عنها؟
سافَر الإنسان إلى القمر الذي يبعد عن الأرض أقلَّ من ثانية ضوئية؛ وقد يسافر إلى الشمس التي تبعد عن كوكبنا نحو 8 دقائق ضوئية.
وثمَّة نجوم وكواكب تبعد عن الأرض ملايين، أو بلايين، السنين الضوئية؛ فكيف للإنسان أنْ يسافِرَ إلى نجم يبعد (مثلاً) عن الأرض 100 مليون سنة ضوئية، وأنْ يعود، من ثمَّ، إلى كوكبنا؟
أوَّلاً، سأَفْتَرِض أنَّ البشر قد صَنَعوا مركبة فضائية تزداد سرعتها حتى تُقارِب سرعة الضوء؛ فليس في مقدور أي شيء له كتلة (سكونية) أنْ يسير بسرعة الضوء (300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة تقريباً).
هذه المركبة الافتراضية غادرت كوكب الأرض، متَّجِهةً إلى ذاك النجم الذي يبعد عن كوكبنا 100 مليون سنة ضوئية؛ ولقد تزايدت سرعتها حتى بَلَغَت 280 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة.
لو سارت بسرعة الضوء (على استحالة ذلك) لوَصَلَت إلى ذاك النجم بعد 100 مليون سنة من مغادرتها كوكب الأرض. لقد سارت بسرعة أقل (بسرعة 280 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة). وسأَفْتَرِض أنَّها وصلت إلى ذاك النجم بعد 120 مليون سنة من انطلاقها؛ وأنَّها قد عادت إلى كوكبنا بعد 240 مليون سنة من مغادرتها له؛ فهل من إنسان يعيش 240 مليون سنة؟!
وهل لهذه الرحلة من أهمية للبشرية إذا ما استغرقت، ذهاباً وإياباً، 240 مليون سنة؟!
وكيف للإنسان أنْ يسافر إلى نجم يبعد عن الأرض 12 ألف مليون سنة ضوئية؟!
"النسبية العامة" لآينشتاين، وفي طريقة "سحرية"، حلَّت (نظرياً) هذه المشكلة؛ فالإنسان يستطيع الوصول إلى ذاك النجم (الذي يبعد عن الأرض 100 مليون سنة ضوئية) والعودة منه إلى كوكبنا في زمن وجيز (في دقيقة واحدة مثلاً)!
أمَّا السبب فيَكْمُن في "تمدُّد (أو تباطؤ) الزمن" لدى المسافر الذي تزايدت سرعة مركبته حتى قاربت سرعة الضوء؛ فـ "التسارع (بمعناه هذا)" يتسبَّب في تباطؤ الزمن في تلك المركبة.
وهذا التباطؤ يعني أنَّ المسافر لم يَزِدْ عُمْره في رحلته، ذهاباً وإياباً، إلاَّ دقيقة واحدة فحسب؛ أمَّا عُمْر كوكب الأرض فَزاد 240 مليون سنة (ورُبَّما أكثر).
ولَمَّا سَأَلَ المسافر، بعد عودته، سكَّان الأرض عن الزمن الذي استغرقته رحلته أجابوه قائلين: 240 (أو رُبَّما 300) مليون سنة (أرضية).
لقد تباطأ لديه الزمن (في أثناء رحلته) حتى عَدَلَت (ساوَت) الدقيقة الواحدة عنده 240 (أو رُبَّما 300) مليون سنة أرضية!
مركبته لم تَسِرْ قط بسرعة تَعْدِل (أو تفوق) سرعة الضوء؛ فهي، في سرعتها القصوى، سارت بسرعة 280 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة؛ ولو سُئِل المسافر عن المسافة التي قطعتها مركبته، ذهاباً وإياباً، لأجاب قائلاً: إنَّها لم تَزِدْ عن 16.8 مليون كيلومتر؛ فالمسافة تقلَّصت (كثيراً) في اتِّجاه حركة المركبة.
قَبْل مغادرته كوكب الأرض، نَظَرَ المسافِر إلى ذاك النجم، فرآه في ماضيه. لقد رآه في الهيئة التي كان عليها قَبْل 100 مليون سنة؛ وها هو يَصِل إليه بعد نصف دقيقة، فيراه في حاضره. وقَبْل أنْ يغادره، نَظَرَ إلى كوكب الأرض، فرآه في الهيئة التي كان عليها قَبْل 100 مليون سنة؛ وها هو يعود إلى كوكب الأرض ليراه في حاضره، أيْ في الهيئة التي هو عليها بعد 300 مليون سنة من مغادرته الأرض، بحسب ساعة الأرض، أو بعد دقيقة واحدة من مغادرته الأرض، بحسب ساعته هو.