كاسترو مات ثورياً ابدي, عصياً على أمريكا


علاء الصفار
2016 / 11 / 27 - 01:40     

حرب العصابات بقيادة الحزب الواحد الشيوعي لكاسترو و جيفارا!

في 1959 اكتسح رجال حرب العصابات هافانا برئاسة فيدل كاسترو وأسقطوا الديكتاتورية العسكرية لفولجنسيو باتيستا. هذا الهجوم الفاشل كان بروفا للنصر الأكيد إذ أكسبهم مؤيدين جدد وخاصة في المناطق الريفية، وظلت المجموعة تمارس حرب العصابات لمدة عامين مما كلفهم أن يقدموا نصفا عددهم شهداء من اجل حرية كوبا.

فكان خطاب كاسترو كما النار في الهشيم ليعمل على إضراب شامل و بخطة جيفارا الذكية تم التسلل من جبال سييرا باتجاه العاصمة الكوبية فتمكن الثوار من دخول العاصمة هافانا في يناير 1959 على رأس ثلاثمائة مقاتل، ليبدأ عهد جديد في حياة كوبا بعد والإطاحة بحكم باتيستا العميل لأمريكا.

صادرت الحكومة الثورية الممتلكات الخاصة مع دفع تعويضات ضئيلة, بالتدابير المعروفة لحكومة كاسترو. إذ منذ عام 1950 سيطرت الولايات المتحدة على 80 % من المرافق الكوبية و 90 % من كوبا وعلى 100 في المئة من مصافي النفط في البلاد و 90 في المئة من مزارع الماشية و 40٪ من صناعة السكر. وسياحيا استغلت هافان كوجهة للأجانب الأمريكيين بنوادي للعب القمار والدعارة. فحينها لم يعرف العالم عن الدكتاتورية في كوبا بل لم تدخل كوبا التاريخ العالمي الحديث

و وفقا برنامج بيان سييرا مايسترا, فكان حجم الممتلكات بقيمة 25 مليار دولار أمريكي, منها ما يزيد عن مليار دولار أموال أمريكية صرف. كما أممت المرافق العامة وشددت الرقابة على القطاع الخاص مع إيقاف نوادي القمار التي تسيطر عليها المافيا المرتبطة بأمريكا. بالإضافة إلى إقامة سلسلة من الإصلاحات للأراضي الزراعية. فردت واشنطن بفرض الحصار الاقتصادي الشامل في العام 1962 وحظر التجارة بين البلدين ومنع سفر الكوبين إلى الولايات المتحدة. فبدء مسلسل التآمر للمخابرات المركزية مع المافيا في شيكاغو عامي 1960 و1961 لاغتيال فيدل كاستر,لتفضحا وثائق انتهى زمن سريتها في عام 2007.

بحلول نهاية عام 1960، أغلقت جميع الصحف المعارضة المشبوهة و المعادية للتوجهات الثورية وأصبحت محطات الإذاعة والتلفزيون تحت سيطرة الدولة, فأتهم كاسترو بالدكتاتورية. فتم تطهير صفوف الشعب من قوى الشغب التي تستعملها أمريكا كما حدث في فيتنام الشمالية أم اليوم كما نراه في دعم القاعدة و السعودية وقطر و ما يسمى المعارضة في ليبيا أم سوريا.

وهي بالحقيقة قوى مضادة تطمح بإعادة التاريخ إلى الوراء لاسترجاع كوبا للحضيرة الأمريكية. وتم تهذيب كل المنحرفين و الخونة الذين ظهروا عبر تاريخ كوبا لحين موت كاستروا, وتم اعادة تثقيف المتزمتين دينيا و كان هناك كارثة تعاني منها كوبا ألا وهي كثرة العاهرات و الملاهي التي كانت خصيصة للجنود الأمريكان في عهد العميل باتيستا, وكذلك معالجة أسباب الانحراف الجنسي التي رعتها سياسة الدولة القديمة, إذ كانت كوبا كما حال السعودية في أنتاج المنحرفين.

كان اغلب الكوبيين يدعمون سياسة كاسترو فليست هناك معارضة سياسية فعالة بل التحرك هو الاستياء والسخط الأغبر المشبوه الذي يُذكر بسخط الربيع العربي الذي تقوده اليوم أمريكا. فكان كاسترو بالمرصاد كما بشار الأسد اليوم, فمن اجل إضعاف الحياة الاقتصادية لكوبا كان يجب القيام بحرمان كوبا من الأموال لتقليل السيولة النقدية وتجويع الكوبين وتيئيسهم والإطاحة بالحكومة, فشلت أمريكا في كوبا, لتنجح في العراق بعد حصار العراق و عزله و قصفه و تدميره.

تعزز دور الحزب الشيوعي في حكم كوبا الثورية و بصيغة الحزب الواحد الذي أثبت لنا التاريخ و للحظة و اليوم الحالي أن لا طريق للشعوب المضطهدة إلا هذا الطريق, طريق الدفاع عن الثورة. إذ أن كل التجارب التي جاءت بها أمريكا اليوم, في حرب الغزو و العولمة ترينا كيف تمزقت البلدان من أفغانستان فالعراق و ليبيا و بأكذوبة الديمقراطية, فبتولّي كاسترو منصب زعيم الحزب وبقيادة راؤول كاسترو قيادته للجيش تم البناء الجبار لكوبا المستقلة.

فكان استعراض عيد رأس سنة 1961, و باستعراض الدبابات و الأسلحة سوفييتية, لتصبح هذه الجزيرة الصغيرة ثاني أكبر قوة مسلحة في أمريكا اللاتينية بعد البرازيل, لتمضى كوبا مميزةً في معسكر السوفياتي.

في عام 1961، غادر الآلاف من الكوبيين إلى الولايات المتحدة, وهي موجة من الشباب الساخط على الاشتراكية و الحالم بالعودة لنظام العمالة, يذكر بهروب أعضاء حزب راستاخيز الإيراني ( حزب شاه إيران) و بهذا غاب هؤلاء وضاعوا كعمال بائسين في أمريكا حالهم كما حال المكسيكيين و كل بلدان أمريكا اللاتينية, التي يدعوهم اليوم دونالد ترامب بالمجرمين و مهربي المخدرات.

ولتفشل مؤامرة غزو خليج الخنازير عام 1961 التي حاولت إسقاط الحكومة الكوبية من خلال القوة التي دربتها الولايات المتحدة من المنفيين الكوبيين مع دعم عسكري أمريكي, ليذكر كما فشلت قوات فيتنام الشمالية في إسقاط حكومة هوشي منه في الجنوب, أو كما فشلت أمريكا في إسقاط نظام الأسد مع فوارق الزمن و التشبيه للأنظمة.

كان الممسوس جون كندي من قاد عمليات نيسان 1961 لتستطيع قوى الثورة للحزب الشيوعي ( المتهم بالحزب الواحد) أن تهزم قوات الهاربين من كوبا الثورية في محض 3 أيام. لتدهور العلاقات بين الدولتين, لتشن أمريكا أكثر من 3 مئة محاولة اغتيال لكاسترو.

ليتم الحل لمشكلة الصواريخ الموجهة من قبل السوفيت, في صفقة لنزع الصواريخ الموجهة في تركيا ضد السوفيت, قضية دعيت بالحرب العالمية بسبب الصواريخ في جزيرة كوبا, فأذعن اللعين الممسوس كندي على عدم محاولة غزو كوبا. و قد تم الإفادة من تبادل الخونة و الهاربين أم المنفيين, بعد فشل عملية خليج الخنازير, بتبديل العملاء بشحنة من الإمدادات الضرورية لكوبا الفقيرة في ذلك التاريخ.

في فبراير 2015 بعد إعلان أوباما للانفتاح, التقى نائب الرئيس الكوبي ميغيل كانيل مع تسعة من أعضاء مجلس النواب الأميركي في هافانا، وعقد اجتماع ثان في واشنطن يوم 27 فبراير فحاز هذا اللقاء على اهتمام كبير من الكوبين لرفع الحصار عن كوبا. تحاول أمريكا ابتزاز كوبا و الانتقام من أعمال التأميم و لا يعتقد أن أمريكا ستعمل على تطبيع العلاقات, فأمريكا قوة بربرية تعمل على سحق الشعوب و بأسم حرية الإنسان و حرية الأحزاب في البلدان, كما في ليبيا و سوريا و العراق, أي أمريكا كما الله يُمهل و لا يُهمل, و خاصة تجاه الجارة في الجزيرة التي تبعد أميال عن أمريكا, وخصوصا بصعود المعتوه دونالد ترامب لدفة الحكم.

فالحكومة الكوبية أمام وضع لتلبية الشروط المسبقة على سبيل المثال, فالمحامون يسعون جاهدين لتحديد ما إذا كان تطبيع العلاقات مع كوبا سيخلق فرصة للحصول على تعويضات عن الممتلكات المفقودة , وهي مصادرت كوبا ل 5.9138 شركة بعد ثورة 1959 وهي تقدر الآن بما يقرب من 7 مليار دولار.

غرائب دولة الحزب الواحد التي هي معزوفة غربية أمريكية, فبالرغم من طول وشدة الحصار, فشل في تحقيق أهدافه, بشهادة السيد ليسترمالوري.

فالدولة الاشتراكية الكوبية لا تزال تدير الإنجازات بما في تحقيق العمالة الكاملة وتوفير خدمات الرعاية الصحية الشاملة وحصول الجميع على التعليم المجاني وتحقيق ارتفاع متوسط العمر وانخفاض معدلات الفقر مقارنة مع أي بلد آخر في أمريكا اللاتينية. كما أكدت دراسة الـ 2014 وهي صادرة عن البنك الدولي أن نظام التعليم في كوبا مماثل لذلك المتواجد في كندا وفنلندا وسنغافورة في الماضي, فكوبا في مصاف الدول المتقدمة, وقد اعترف البنك الدولي أيضا أن كوبا نجحت دوليا في مجالات الصحة والخدمات الاجتماعية خلافا لكل دول الخليج و السعودية, و خاصة بمقارنة مع دولة العراق التي حررتها أمريكا في عام 2003 و كل الدول الدائرة في فلك أمريكا.

كوبا دولة حزب واحد دكتاتورية وفق الفهم الأمريكي و الغربي في الدعاية و التشويه و التزييف, قادها فيدل كاسترو و هي تقمع كل القوى و التجمعات المشبوهة التي تريد الارتباط بأمريكا وفق شروط السيد و العبد و فق شرط الذيل و الدوران في النهج الأمريكي, الذي تريده أمريكا ليس فقط لكوبا بل للعالم أجمع.

فالأمثلة لا تحصى في العالم, فقد تم الصخب من اجل الديمقراطية, فانجبت تنظيمات ناشطة على الأرض كما الجيش الحر و النصرة في سوريا أو كما داعش في العراق و قبلها دعم الأخوان في مصر, و بأسم الانتخاب الديمقراطي, فتم التهام أمريكا لعراق الحرية, بإنجاب دولة محاصصة طائفية أو العمل على تدمير سوريا كدولة و شعب بأسم حرية الإنسان. و بقيم الدول الرأسمالية في تسويق الدولة المرتبطة وفق مصالح أمريكا و ليس وفق احترام الإنسان و سيادة الشعوب في أوطانها سواء في العراق أم سوريا, و أخيراً في كوبا كاسترو الميت الحي.

أنى خيرتك .. فاختاري/ مابين الموت على صدري/ أو فوق دفاتر أشعاري / فجبن أن لا تختاري/ لا توجد منطقة وسطى/ مابين الجنة والنار.

ماذا تختارون:
دولة بقيادة كاسترو وحزبه الواحد القهار؟
أم دولة محاصصة عراقية بغزو نهب أمريكي؟
أم دولة إسلامية بقيادة داعش في العراق و سوريا بدعم أمريكي, بدهاء ماما كلنتون و خبث بابا اوباما, أو اليوم بهرج الطفل المعتوه المستر ترامب؟