البارزاني: لِتَستَّمر دبكاتِكُم..كِش حُلمْ


دانا جلال
2016 / 11 / 19 - 21:54     

أحزاب جنوب كوردستان يتَّفِقونْ بعيداً عَنْ الشعب، وحينما يختَّلِفونْ، فالمُتَّفق عليه، هو مصائر الشعبْ الكردي، بإجهاض أحلامه قبل تحققه. في حيرةِ الشعب المُحتار عَنْ تَوَحدِ أعداءه رغم مُختَّلفاتِهم ومُخلفاتِهمْ و قادتِه رغم مُشتَّركاتهم، رحلة تَّيه مُعاصرة، تبدأ مِنْ عولمةٍ تَسحَقه، تُشَوه تطوره الطبيعي ومشروع دولته المشروع، ولا تنتهي بأحزاب تفقُد عُذرية مَواقِفها بينَ أنقرة، وطهران، وحَنينُ الى بغداد ورقةً جديدة في لعبةِ صراعات الساسة الكورد.
السياسية الكوردية وحيرتِها، وإنْ كانتْ انعكاساً لِجذرِها الطبقي، فإنها دفعت بالبرجوازية الكوردية بتأجيل، بل وحتى التَّخلي عنْ مشروع الدولة القومية، ومن ثم بدء رحلة تيه جديدة ببحثُها عَنْ عُمقْ وامتِداد سوقها في الوطن "شراكةً"، و الجوار الإقليمي "ضُعفاً"، والدولي "هامشاً".
البارزاني مسعود، ورغم تاريخه الشخصي في الجبلِ، وتاريخ العائلة البارزانية وتضحياتها في الحركةِ التَّحررية، لَمْ يفشل في حلمهِ بتَّصدر المَشهد والقيادة الكوردستانية في أجزاء كوردستان فحسب، بل انه بدأ يخسر نُصف الجنوب الكوردستاني (السليمانية وكركوك وحلبجة)، وهذا يُفسر تراجعاته الدائمةِ مع كلُ تَصريح بالاستقلال، لأنه يُدرِكُ قبلَ غيره إنه سلطته لنْ تتَّجاوز حدود سلطة مُحافظ لمحافظتين (اربيل ودهوك)، وسيناريو مُحتَّمل كرئيس قبيلة إن بقيَّ طريق عاصمته مع انقرة هو طريق حريره.
إنَّ مُشكلة القائد الموروث والوارث مِنْ وفي الخيمةِ وزعيم القبيلةِ مع شعبه تبقى مُتَّحكِمة ومَحكومة بِنظرةٍ وتَعامل شيخ قبيلة تجاه أفراد قبيلته، مُغتَّزلاً بذلك الوطن خيمة والشعب قبلية، وهذا يُفسر الاهانة التي وجهها البارزاني قبلَ أيام للمُحتَّجين في السليمانيةِ وحلبجة على خلفية عدم دفع رواتب موظفي كوردستان، حينما خرج البارزاني عَنْ صمتِه، وتوزان تصريحاته المعهودة، لِيُخاطب المحتجين وخياراتهم المطروحة بطبيعة العلاقة مع اربيل بعد أنْ إتَّهمَ حركة التَّغيير بالفوضويةِ والتَّخريب والنِفاق السياسي: لِتَستَّمر دبكاتِكُم.
هل يتَّعلم حزب السلطة التعامل الديمقراطي والحضاري مع المعارضة دونَ اللجوء الى قمعِها أم إنَّ دبكات المُحتَّجين هي مُقدمة لِخارطة طريق جديدة لِخارطة سياسية لم تولد بعد رغم اختمار الظروف الموضوعية؟
حركة التَّغيير التي انطلقت بدواعي مُكافحة الفساد وعداء العشيرة البارزانية، ساهمَ بتَّحويل صِراعه السياسي مع الديمقراطي الكوردستاني الى صراعِ مناطقي ومِنْ ثم لهجوي، قام بدوره المعهود بالتَّصعيد والتَّهديد في سياقِ الفشل التاريخي للمُعارضة بإداء دورها دون اللجوء والاستقواء بالمركز، بغض النظر عن شوفينيتها او مذهبيتها أو الجِوار المُحتَّلْ الكوردستاني.
حركة التَّغيير وهي في رمالِ سياستها المُتَّحركة والتي كادت أنْ تقطع شعرة معاوية ثوابِتها ومقارباتِها السياسية بالدخول في بيتِ أبو مسرور طامحاً في شراكةِ سُلطته المُطلقة، أثناء النقاش حول تشكيل حكومة نيشيرفان البارزاني، تحاول وكعادتها بتَّوظيف الغضب الجماهيري لأجندتِها السياسة المُتَّمثلة راهناً بالتعاملِ كمحافظات كوردية مع المركز المحكوم بالمذهبِ السياسي، وهذا سيعقد الوضع السياسي في كوردستان تعقيداً ويُهدد مصير الفيدرالية .
الاتحاد الوطني الذي ظهر وبقوة بعد توحيد عدة احزاب كوردية، فانه يعيش حالة تفريخ أحزاب جديدة، فبعد خروج التَّغيير مِنْ خيمتها، والمرشح بتَّحولِ جناح ( كوسرت رسول وبرهم صالح) الى حزب جديد او ظهور بديل عن المُنتظر المطلوب لتغيير المعادلات السياسية في كوردستان.
في تفاصيل الاحزاب الكوردية في جنوب كوردستان نجد جن السياسة وتحولاتهن فالديمقراطي الكوردستاني على خلاف العنوان هو بعيد عن كل ديمقراطية. التغيير غير قادر على التغيير. قادة الاتحاد غير قادرين على الاتفاق على قيادة للحزب، فكيف الحال على قيادة المرحلة.
اطراف الصراع في جنوب كوردستان لا يتَّنازلون لِحاضرِ ومُستقبل شعبهم، لتبقى حالة التوازن السياسي قائماً بين اربيل واحزابها والسليمانية وأحزابها. إن كان الطلاق بينهما شر لابد منه، فالأفضل هو انشاء اقليم يجمع كركوك والسليمانية وحلبجة وهو جائز وفق الدستور العراقي.
سيشهد إقليم اربيل وما جاورها استقراراً سياسياً بنكهة القمع، على خلاف اقليم السليمانية وما جاورها حيث تستمر في زلزالها السياسي على ايقاع ديمقراطيتها الفوضوية.