العلمانية وموقف الإسلام


إيمان مصطفي محمود
2016 / 11 / 15 - 22:51     

إن مفهوم العلمانية من أكثر المفاهيم التي تدور حولها الجدل والنقاش
حيث أن كثيرا من الأشخاص لايدركون معناها الحقيقي .
فهي عبارة عن : مفهوم يقصد به الإهتمام والإختصاص بجميع الأمور الدنيوية
والعمل علي فصل الأمور الدينية عن الإتجاهات والآراء السياسية فكل واحدة
مستقلة عن الأخري .
فالعلمانية ليست كفرا أو إلحاد ولا تتعارض مع أي دين من الأديان السماوية وأيضا ليست بدعة كما يقال إنما هي تدعو لأن نكون متحررين ومستخدمين لعقولنا بأقصى درجة ممكنة وإنسانيين أكثر وهي أيضا تحارب التخلف بكل أشكاله ، وتعمل علي تحويل الدولة إلي مؤسسة مدنية تضمن المساواة لجميع الأشخاص في الحقوق والواجبات بغض النظر عن الجنس , المعتقد , أو المذهب
فيمارس المواطن جميع شعائره ومعتقداته بكل حرية دون إكراه أو تعنيف
ودون تدخل أي سلطة من الدولة لتُفرض عليه هذا المعتقد أو ذاك
مادام في ظل سلامة وأمن المواطنين والدولة .
العلمانية في أبسط صورها تعني فصل الدين عن الدولة في الإجراءات السياسية والإقتصادية ذات الطابع الفني مثل الجوانب البيروقراطية في إدارة شؤون الدولة ، وأنا هنا بصدد تأييد العلمانية لأنها لا تتعارض مع التدين وبإمكانهما التعايش معا ،وهو أمرممكن بالفعل إذا كان المعنى مجرد تمايزجوانب المجال السياسي والإقتصادي عن الجوانب الدينية وإبعاد رجال الدين عن مؤسسات صنع القرار السياسي وأعتقد أن كثيرا ممن يتصورون أنهم أعداء للعلمانية سوف يقبلون العلمانية عندما يدركون معناها الحقيقي
العلمانية هي مذهب سياسي ،ينطلق من جعل السلطة قيمة انسانية مجردة ، لا تتعلق بالانتماء الديني، فاذا كانت العلمانية بهذا المفهوم، فما هي الدينية ،الدولة الدينية هي الدولة التي يعتبر الحاكم فيها نفسه نائبا عن الله ويضفي على نفسه نوعا من القداسة ،فهو الحاكم بامر الله ،لا تجوز معارضته لان اوامره مستمدة من الله ،يبدو كذلك هذا الحكم متطرفا قليلا ، اذ أن الدولة الدينية بمقاييس اليوم ليست بهذا المعنى الحاد ، اذ انها الحكم طبقا للنصوص والتعاليم الدينية ، والتي تتميز بالتنزه عن الخطأ، على عكس النصوص القانونية الوضعية .
ليس سرا ، أن العديد من الشخصيات الدينية في العالم العربي ،الإسلامية على وجه الخصوص،قد كفروا العلمانيين ، ورأوا في الفكر العلماني خطرا داهم ، من شأنه يجعل القضايا الدينية محل نقاش، أوتهميش، فيما يرد العلمانيون انهم ليسوا ضد الدين في علاقة الانسان به، انما مقصدهم إعادة النظر في ثنائية العلاقة مابين الدين-السلطة .
من باب العدل في الاحكام، كلا الممارستين ، العلمانية و الدينية ،تحملان الخطر على المجتمعات، فتأويل النصوص الدينية بطريقة خاطئة ، قد ينتج تطرفا، وعداءا نحو الآخر، حيث يجد طريقه الى النفوس التي تتعاطف مع كل ما يصدر عن رجال الدين الى درجة التصديق والتنفيذ الأعمى، كما أن الممارسات العلمانية ، قد تجعل من الثقافات الدينية مهمشة ، مما يخلق افرادا ونخبا لا يقيدهم إطار ديني ، ولا تقيدهم الأُطر العقائدية ، فالفكرة الدينية قد ساهمت في دفع التاريخ الانساني نحو الازدهار في كثير من الاحيان .
وفي الختام من أهم أسباب الأزمة التي تعاني منها الشعوب العربية والإسلامية هي التناقض الفكري والإزدواجية المرضية في الفكر والاعتقاد ، المسلم في العصر الحديث يؤمن بالشيء ونقيضه في نفس الوقت ، يؤمن بالعلم وبالدين ويؤمن بالكتب السماوية وكتب العلماء وطبعا لا بد أن يؤمن بإن ليس هناك أي تعارض بينهما مهما كان هذا الاختلاف واضحا .