المسلم المجرد


مالوم ابو رغيف
2016 / 10 / 22 - 20:37     

الاسلام هو دين اغلب سكان البلاد العربية اسميا، لكن القول بالاغلب ليس الا وهما لا يعكس جوهر الحقيقة، ذلك ان المواطن يرث دينه من والديه ولا يحق له بعد ان يشب ويبلغ سن الرشد ان يغيره فهذا يمنعه القانون المستند على الشريعة الاسلامية.
في العادة لا احد يفكر بتغيير دينه الا نادرا، اذ ان الدين ليس محور تفكير الانسان، هو مثل قطعة اثاث قديمة مهملة في مكان منسي في البيت لا تثير ولا تجذب الانتباه ليفكر الانسان باستبدالها او تجديدها، لكنه ايضا يخشى رميها في مكبات النفيات اتقاء لغضب الساكنين معه فقد تكون هذه القطعة البائسة جزء من ذكرياتهم التاريخية.
ولأن (المسلم) تعبير عام خالي من المعنى سوى دلالة الانتماء الى دين، فان كلمة المؤمن جائت لتدل على تمسك المسلم بتعاليم دينه والعمل بها واتباع الاراء الفقهية لشيوخ الدين والمصاغة على شكل فتوى.
المؤمن هو المسلم الحقيقي، اما المسلم فهو مجرد رقم يفيد التضخيم محسوب على الاسلام اعتباطا، رقم للتباهي والتفخيم مثل القول بان عدد المسلمين في العالم هو مليار ونصف، دون تعداد ولا فرز ولا جوهر ناهيك عن التكفير، لكن ساعة العدد يعتبرون كلهم مسلمين مؤمنين يتبعون الف باء الاسلام.
المسلمون المجردون هم الغالبية العظمى اكانوا سنة او شيعة في كل الدول الاسلامية، بينما يشكل المؤمنون اقلية ضئيلة حتى في البلدان التي يُحكم فيها وفق الشريعة الاسلامية مثل ايران والسعودية.
المسلمون المجردون او ما يسمونهم في العراق( مسلمو الجنسية) لا يهمهم لا اسلام ولا تطبيق الشريعة الاسلامية، هؤلاء وان كانوا ضد هذا التوجه، لأن تطبيق الشريعة يحدد حريتهم ويلجم السنتهم ويكون سوطا على اجسادهم ويحجرعلى افكارهم، لكنهم يتجنبون التصريح بهذه الرغبة تجنبا لرداءة العاقبة.
ان ابرز صفة من صفات المسلم المجرد هي صفة النفاق الاجتماعي. والنفاق هو اظهار ما يتخالف مع ما يضمره الانسان في عقله وفي وجدانه، فالمسلم المجرد يتمظهر بالايمان اجتماعيا، لكنه في حياته الخاصة، او ضمن حلقة اصدقائه ينزع كل خرق الايمان ويمارس حياته على حقيقتها. ان ذلك يعني ازدواجية او انفصام الشخصية او نوع من انواع الـ شيزوفرينيا الاجتماعية.
ليس في المجتمعات الشرقية فقط بل حتى في المجتمعات الغربية، لا يستطيع المثيلي ان يصرح بميوله الجنسية ذلك خوفا من ردة فعل اهله او ردة فعل المجتمع فقد يواجه باحتقار وازدراء وقد يُفرد او يُعزل وحيدا، وقد يُعتبر عارا يجب دفنه والتخلص منه كما في الشرق. لذلك وفي اكثر الحالات، يحرص على ان لا يكون متناقضا مع اعتيادات المجتمع لكنه حالما يطمئن بانه خارج رقابة المجتمع فانه يتحرر من كافة القيود الاجتماعية والجنسية المفروضة عليه والمتجذرة في ذاكرته الاجتماعية.
مثل ذلك ايضا المسلم المجرد الذي يخشى الاعراب عن رأيه الصريح في الشريعة، او يبتعد عن انتقاد الجوانب السلبية في الدين، لكنه حالما يكون لوحده او بين اصدقائه الذين يأمن لهم يعرب عن ضجره ومعارضته للدين.
نشير هنا الى المسلمة المجردة، التي رغم ان الدين الاسلامي يعتبرها ناقصة عقل ودين ويعطي للذكر مثل حق الانثيّن في الميراث ويعتبرها من مبطلات الوضوء ويحكم عليها بالنشوز ان هي لم تطع همجية زوجها، الا انها لا تستطيع الاعتراض على اي تصور او حكم ديني ينتقص من انسانيتها، ذلك انها ايضا تتمظهر بالانصياع للدين وان كانت حانقة غاضبة على الاله الذي شرعه.
ان هذه الازدواجية عند المسلم (ــة) المجرد(ة) تسفر بان يكون الزيف هو الحقيقة، اذ يبدو الناس وكانهم مؤمنون وطائعون برغبتهم للشرع ومتلطبات الايمان وان الاسلام يشكل الثقافة العامة. ان ذلك يمكن الاقلية الضئيلة على فرض ارادتها وذائقتها وحكمها على الاكثرية المنافقة الخائفة تاريخيا من معارضة الدين، ذلك ان التدين اعتبر احد مظاهر الشرف الاجتماعي.