في تبرير السأم من الاهتمام


محمد عبد القادر الفار
2016 / 10 / 14 - 18:34     

القوة الناعمة للإعلام، وصناعة التريند الإعلامي من خلال انتشار الهاشتاغ على السوشال ميديا، وتوظيف ال"صوابية السياسية" "political correctness لاختراق العقول والقلوب، ولوي المشهد السياسي والاجتماعي لإنتاج مخرجات محددة مسبقا في ما يتعلق بانطباعات العامةّ عن ما هو كائن، وما يجب أن يكون؛ مع التركيز الدائم على أن الفجوة كبيرة بين ما هو كائن وما "يجب" أن يكون، للاحتفاظ بالقدرة على تفجير أي وضع مستقبلاً. هكذا يعمل عالم اليوم.

ومع ذلك. نحن، عامّةً وخاصة، قادرون على الإدلاء بالكلام الكبير، وتسجيله، والاحتفال بمواهبنا ومواهب غيرنا في النقد السطحي لطريقة عمل عالم معقّد، ومن ثمّ الانسحاب من جديد إلى انشغالاتنا الصغيرة، المخجلة أحيانا، وإلى موهبتنا الأكبر: سلبيتنا العدوانية passive aggression التي نتحايل بها على مركبّات نقصنا، وخيبة أملنا بهذه الحياة السريعة التي تفلت من أيدينا.

إنّ خيباتنا الفردية بكل صدق أكبر من خيباتنا العامة، فداخل كل منا خيبات خاصة تؤلمه أكثر بألف مرّة من صفقة الغاز أو من أزمة المناهج أو من أفعال التاريخ والجغرافيا المكثفة في سوريا والعراق واليمن، والتي يدفع ثمنها الثقيل آخرون هم أيضا لديهم خيبات فرديّة لم يلغها كل هذا الألم الهائل الذي يدفعونه كفاتورة للزمان والمكان. نودّ لو كنّا مكانهم أن نتصوّر أن ذلك ليس عشوائياً، ولا نمانع العكس. فإذا لم يكن عشوائياً، فثمة سبب سيريحنا أن ندركه مستقبلا، وقد يعوّضنا. وإذا كان عشوائياً، فثمة عزاء في أننا لم نكن مستهدفين لذاتنا، وبالتالي يمكننا أن نهرب دون أن يكون هناك بالضرورة من يطاردنا، خلف الزمان والمكان.

نحن أبرياء ومخطئون، نتذكّر التريند ونهتاج به، ثم ننساه ونقلب صفحته وكأنه لم يكن. متيبّسون جداً، ومرنون جدّاً، نلعب كل الأدوار، ولكن دورنا المفضل هو دور الضحية.