مقدمة لكتاب مترجم -قصائد مختارة للشاعرة الدانماركية لولا بايدل -


قحطان جاسم
2016 / 10 / 8 - 15:32     

صدر كتابي المترجم " قصائد مختارة للشاعرة الدانماركية لولا بايدل عن دار " ادب وفن " الالكترونية . التي تصدر في هولندا في2016 . ارفق هنا المقدمة التي كتبتها عن الشاعرة وشعرها ومختصرا عن حياتها. يمكن الحصول على الكتاب الكترونيا حيث موجود على النت.

لولا بايدل
Lola Baidel
(1951- )
تُعد الشاعرة الدانماركية لولا بايدل من المجددين في الشعر الدانماركي الحديث. و اعتبرت ممثلة لاتجاه جديد في الادب الدانماركي منذ سبعينات وثمانينات القرن الماضي. وكان اسمها يتصدر الصفحات الرئيسية في الصحف الصادرة آنذاك، كما كانت قصائدها عن الحب ومكانة المرأة تتردد في ساعات دروس اللغة الدانماركية في معظم المدارس. وقد قُدرت مبيعات مجاميعها الشعرية ب 50.000 الف نسخة عن كل مجموعة في بلاد يقدر عدد نفوس مواطنيها بخمسة ملايين فرد. ولهذا، وكما تعبر هي عن ذلك، فانها قد " عبّدت الطريق الى شعراء كان من الصعب الوصول اليهم".
تمتاز قصائدها بغنائية عذبة وعمق الفكرة الوجودية وشفافية شعرية عالية، رغم بساطة العبارة الشعرية لديها . و رغم تناولها لموضوعات معقدة ذات حساسية تتعلق بالعلاقات والمشاعر الانسانية و ما تولده من سعادات أو اخفاقات فيها، قد تؤدي الى نتائج كارثية على مستوى الذات، فان لغتها الشعرية تتسم بوضوح اللغة و جلاء المعنى و حساسية الفكرة ، او كما يصف احد النقاد لغتها بانها "وصفت قضايا الحياة اليومية بلغة غير معقدة".
تحتل موضوعة الحب، وما يتمحور حولها من اشكالات وجودية وإنسانية ونفسية، مكانا رئيسيا في قصائدها، و شغلت الثيمات الايروتيكية حيزا كبيرا فيها، الاّ ان تناولها الايروتيكي لم ينشغل بالفضائحية الجنسية ، فبرغم تأكيدها على حرية المرأة المطلقة وحقها في ممارسة هذه الحرية على جسدها أيضا، دون رقيب ما، فإنها اعتبرت بالمقابل الجسد والحرية كمدخلين حقيقين لتأكيد إنسانية المرأة ووجودها الأجتماعي. لكنها لم تنظر الى إنسانية المرأة من منظور أخلاقي ديني، بل من منظور إنساني يتسامى بالجسد بأعتباره الحاضن الأمثل لنبل الأحاسيس وصدقها و حامل الذات المتفردة وتجلياتها المعقدة، متخذة من ذلك منطلقا للدفاع عن المرأة وكرامتها إزاء ما تواجهه من تمييز وتجاهل و حرمان بسبب العدوانية الاجتماعية ضد هذا الجسد .
رأت في ذاتها المنبع الذي تستقي منه تفاصيل تجربتها الشعرية والانسانية، وهذا ما يوضح حسب تقديرها استقبال قصائدها من قبل القرّاء ، او كما تقول" لقد كنت مثل الاخرين ليس الا، وعندما يصف الانسان حالة موجود فيها ويعاني منها، فيمكن ان يستخدمها القرّاء ايضا ". وتضيف بتواضع في مكان آخر:
" لقد تمكنت على أيّة حال من الوصول الى بعض النساء ".
وقد إتسمت قصائدها، بسبب هذا الاصرار على حرية المرأة واختياراتها في الحب والوجود والاستقلالية الشخصية، برؤية مشاكسة واعية. وطبقا الى العديد من النقاد، فإنّ قصائدها تتصف بالمواجهة العلنية مع التابوات والسلوكيات المواربة، ف " شعرها هو شعر مغاير و مشاكس على المستوى الإبداعي والإجتماعي ". لهذا رفضت الحب المزيف القنوع باسم العقلانية، واعتبرته كما تقول " اذا لم نكن قادرين على الأعلان عن الحب، ويجري خنق الأحلام بالتفكير العقلاني، فاننا نقوم بتلفيق أعلان فاشل نسميه أتفاقا".
او كما صاغته في قصيدتها " إقطع كعبا":
لأننا لم نعد نجرؤ اكثر
أن نؤمن بالحب
والأحلام يخنقها
التفكير العقلاني
ندّبج اعترافا بالهزيمة
ونسميه
اتفاقا واضحا تماما "
إنّها تطالب في قصائدها حبيبها الرجل أن لا يتوقع منها أن تكون عشيقة مطيعة تتطابق مع الصورة التي يرسمها عنها في مخيلته، لأن ذلك سيقوده الى الخيبة.
وهي لا تكتفي بوجود علاقة مع الرجل تشبع حاجاتها كامرأة فحسب، بل انها تبحث عن علاقة صادقة عميقة تمس الوجود الانساني في الصميم، و التي تتجاوز في نصاعتها العلاقات القائمة على روتينية الحياة اليومية وتكتفي بالانغمار في وضع العالم وهمومه، فتفشل في لمس تلك الاحاسيس الجيّاشة للذات العاشقة. في علاقة كهذه تصبح الحوارات مجرد تبادل كلام بارد وهروب دائم نحو ظواهر الحياة الخارجية مثل الاقتصاد والسياسة والفن وسياسة الاعمار أو الحديث عن المساواة بين الجنسين، دون ان تعرج هذه الحوارات لملامسة تلك الامنيات والرغبات الخفية التي تخفق في روح العاشق، وهو ما وصفته بعمق في قصيدتها " تبادل كلام"

نتحدث عن الفن
التعاملات
أصدقائنا المشتركين ومشاكلهم
لكن ليس عن قضايانا

نناقش سياسة الإعمار
دور الجنسين
والاقتصاد
لكن ليس عواطفنا "

ولهذا فهي تفضل، علاوة على ذلك ، كما في قصيدة "خلاصة " أن تعيش وحيدة على أن تكون في علاقة غير متكافئة.
من هنا يمكن القول أنّ شعرها يتضمن رسالة جمالية وانسانية مجددة ومنفتحة على عوالم يزدهر فيها العشق المتكافيء بين الجنسين.
تتصف العديد من قصائدها،الى جانب ذلك، برؤى وجودية، مثلما في قصائد " افعله بنفسك"، "صبر ملاك"، "النقائض تلتقي" و "حياة بديلة" . ولا تغيب السخرية عن قصائدها احيانا في مسعى لتعميق المعنى وجذب القاريء أو صدمه كما في "القديس كلاوس" و إهتمام الاخبار ".
مما يلاحظه القاريء ايضا استخدام الشاعرة لما يعرف عندنا بإسلوب التدوير في الشعر، الا ان التدوير لديها يقوم على اساس الانتقال من مقطع الى اخر عبر استكمال الفكرة والمعنى وليس من خلال الوزن. انها تختار بناءً شعريا يقوم على وضع مسافة بين كل مقطع وآخر، يبدو في الظاهر مستقلا في معناه، الا ان المقاطع او الجمل هي في الواقع مترابطة داخليا، تسودها تراتبيه فكرية وجمالية، كما في القصائد .."حتى آخر ايامي" ،"ومضة " ، " فزع" و " ذعر".
حياتها :
ولدت لولا بايدل في 26 آذار عام 1951، وتعيش في العاصمة الدانماركية ، كوبنهاكن.
لها ابنة وحيدة، كلارا، التي ولدت عام 1990. انفصلت بايدل عن زوجها بعد فترة قصيرة من ولادة كلارا، وكانت ولادتها أحد الاسباب في هجرتها للكتابة لفترة طويلة.
لم تحصل على شهادة علمية تؤهلها لدخول سوق العمل، فعملت اولا عاملة مطعم، وكتبت اثناء ذلك مجموعتها الاولى " شيء حي فحسب"، الا انها Merkonom حصلت عام 1990على شهادة في الشؤون الاقتصادية
مما هيأ لها ان تعمل بصورة مستقلة كمحاسبة، اضافة الى ما تدره عليها اصدارتها والعديد من القراءات الادبية التي قامت بها، والحصول على موارد اقتصادية اضافية لإعالة نفسها وابنتها كلارا.
عام 2005 حصلت على شهادة اضافية بعنوان "مرشد" ، وقد اصدرت كتابا يدور حول الموضوع.
اصدرت عددا من الدوواين الشعرية، كما كتبت روايتين ومسرحية عُرضت على خشبة المسرح عام 2001. ورغم انه لم يصدر لها خلال ثلاثة عقود شيئا يذكر الا انها عادت
udenvidereعام 2015 بمجموعة شعرية بعنوان"
والتي وجدت لها على الفور صدى طيبا بين القرّاء والمتابعين .

من الكتب التي صدرت لها:
مجموعتها الشعرية الاولى" شيء حي فحسب " عام 1977
"خوف منطوق"1978 ، شعر
"أعتنِ بحديقتك" 1979 ، شعر
"و أطفال الأحد منحوا الفرصة" 1981 ، شعر
" منتخبات شعرية 1983The Mistress of Laughter"
"البابُ مفتوح" 1984 ، شعر
" أمل قليل في ذات المكان " 1983، رواية
" كأنه ارسل من السماء" عام 2001، رواية
و عادت بعد ثلاثين عاما لتصدر
"uden videre مجموعة شعرية جديدة عام 2015"
كما انها اصدرت كتابا للإطفال .
اعتمدت على كتابة هذه التقديم على المصادر التالية:
Anne-Maria Mai: Danske digtere i det 20. århundrede, København: Gads Forlag , bind 1, 2000.
Forfattersiden.dk
Litteratursiden.dk
Eva Aagaard, Stjerneforfatter endte som coach, Jyllands-Posten, 6. August 2011.
Johanne Mygind, Vis mig dine bilag, Weekendavisen 12. September 2014.
Jeppe Lola, Bare Lola, Brelingske 28. Juni 2014.
Kirsten Sørrig, Jeg har aldrig været stakkels, Berlingske Tidende 1.Februar 1998.