المفهوم الماركسي اللينيني لعلم الجمال (الاستيتيك)


حسنين محمد علي
2016 / 10 / 8 - 09:53     

تعتبر الماركسية انعطافا هاما للفكر الفلسفي عامة فهي خالقة بذلك وجهة نظر جديدة للحياة الاجتماعية وتقييما جديدا لكل بنائها الفوقي منذ أقدم العصور.وعلم الجمال الماركسي هو علم يدرس القوانين والعلاقات الاستيتيكية التي تربط الإنسان بالعالم المحيط بة، وكذلك دراسة أشكال العلاقات المتبادلة القائمة في المجتمع بين جميع أشكال وظواهر النشاط الاستاتيكي وأهم ميادينه: الفن، والمعروف جيدا انه لا يمكن فصل الفن عن أشكال النشاط الإنساني والاجتماعي كالسياسة والعلم والفلسفة والأخلاق وعلم النفس والتربية إذ تعتبر كلها مواضيع علم الجمال.ويخص النشاط الاستيتيكي الإنسان فقط وقد ظهر نتيجة للتطور التاريخي والاجتماعي.ويتصل علم الجمال العلمي اتصالا وثيقا بالاشتراكية ويعتمد عليها وعلى ميادينها ويسترشد بطرقها.
والتطور المثمر لعلم الجمال ممكن فقط في صلته العضوية بالفلسفة المادية ولكننا في نفس الوقت يجب علينا ألا ننظر لعلم الجمال كعلم يصور فقط الآراء والنظريات الفلسفية وإنما ظهر وتطور على أساس (( التقبل النقدي والتشذيب الإبداعي لانجازات الأفكار الجمالية التقدمية والتقييم العلمي لخبرة التطور الفني للإنسانية عامة ولخبرة تطور الفن الاشتراكي الغنية والتعبير عن مصالح ومطامح أوسع الطبقات ))، وهو إذ يعبر عن مطامح أوسع طبقات الشعب ويجيب عن تساؤلات الطبقة العاملة وأذواقها الفنية فقد تحرر ولأول مرة من القيود التي تغل النظريات الفنية كما يعتبر علم الجمال أرفع مرحلة من مراحل تطور الفكر الاشتراكي.ويمارس علم الجمال الاشتراكي تأثيرا ايجابيا كبيرا على تطور الفن الاشتراكي والفن التقدمي كله.ونراه وهو يكافح من أجل تحقيق متطلبات الجماهير في ثقافة فنية، فإنما يكافح من أجل تحقيق مثل الاشتراكية والتأكيد عليها في ميدان الفن ضد الايدولوجيا الرجعية للبرجوازية وضد فن الشكلية والطبيعية باسم تطور وازدهار فن الواقعية الاشتراكية.
ولعلم الجمال تاريخه وتسهل دراسة الأفكار الجمالية منذ ظهورها وحتى عصرنا الحاضر، تسهل عملية التفهم العلمي لتطور الأفكار الاستيتيكية ووجهات النظر في صراعات مختلف الاتجاهات والتعاليم الفلسفية في صراعات المادية والمثالية، كما توضح عملية التحضر للظروف التاريخية التي تعمل على ظهور علم الجمال الاشتراكي.ثم إن النظرة الماركسية في دراسة أي نظرية فنية أو استيتيكية تكشف عن جوهر تلك النظرية التي تعبر عن مصالح هذه الطبقة أو تلك وأذواقها الفنية وتصرفها وموقفها من الواقع.فظهور علم الجمال العلمي نتيجة لانتصار الاشتراكية يعبر بدوره عن مصالح الطبقة العاملة وجماهير الكادحين وأوساط المثقفين التقدميين الذين انحازوا إلى الطبقة العاملة ووقفوا إلى جانب الشعب.
ويتصل علم الجمال العلمي اتصالا وثيقا بتاريخ الثقافة والتاريخ القومي والعلوم التي تدرس المشاكل النظرية وأشكال الوعي الاجتماعي الأخرى أي الأخلاق وتواريخ الأديان، كما انه يتصل بعلم النفس الذي يدرس قوانين وأشكال نشاطات الناس وتطورهم.وعلم التربية والتطبيق التربوي يحويان مشاكل التربية كما انة يعتمد على المعلومات والاستنتاجات التي تعني هذا المغزى أو ذلك بالنسبة لها.أما صلته بعلم الأخلاق فهي متينة جدا، ففي ظروف التحول الاشتراكي نرى انه من الأهمية بمكان ضرورة تحقيق واجب تكوين وتطور جميع جوانبه الفردية وتطور الوعي الاشتراكي بل انه يستخدم بدورة سلاحا تربويا فعالا من أسلحة التربية الاشتراكية والجمالية للإنسان في المجتمع الاشتراكي.
إن بليخانوف يعتبر نقطة ارتكاز هامة جدا بعد كارل ماركس إذ أعطى دراسة وافية متعددة الجوانب لمشاكل علم الجمال، وهو أول دارس استطاع أن يربط مشاكل علم الجمال بمبادئ الاشتراكية العلمية منطلقا من موقف المادية التاريخية.وهو يعتبر الفن والأدب من الميادين التي تلعب دورا تربويا توجيهيا كبيرا في حياه الشعب ونظريته تتلخص في انه ( ليس كافيا أن نقول إن الفن والأدب هو تصوير للحياة بل يجب إن تعرف كيف يعبر الفن عن الحياة وتفهم ديناميكيتها).أما أهم دراساته فهي تلك التي تحوي نقده للفن البرجوازي والدفاع عن تقاليد الإنسانية والواقعية للماضي وتراثه.
وجاءت اللينينية لتكون التطور المبدع المثمر للماركسية في ظروف انتصار الثورة البولشفية والتحول الاشتراكي وعلى ضوء واجبات الثورة البروليتارية ومقتضيات بناء الاشتراكية قدم فلاديمير لينين الحلول الأساسية لجميع المشاكل، ولا يمكن حل أي مشكلة قائمة إلا بالرجوع إلى تعاليم لينين عن نظرية الوعي والمعرفة.ففي أساسها نرى التفهم الحقيقي لموضوعية العالم الخارجي وتصوره في فكر الإنسان.وكان لينين ينتقد دائما النظريين الذين لم يروا في الايدولوجيا إلا التعبير الذاتي فقط عن الوسط الطبقي إذ إن مستوى عظمة الفنان هي في عمق وعيه بالجوانب القائمة للواقع لان الحقيقة الموضوعية توجد في نتاج الفن الحقيقي.
وعلم الجمال في نظر فلاديمير لينين يعبر عن الصراعات الطبقية ويهدف لتربية الجماهير أي توعيتها بواجباتها تجاه الثورة الاجتماعية التي تخوضها في العصر الحاضر.وعلم الجمال الماركسي اللينيني لا يجد تأثيره فقط في بلاد الاشتراكية بل انه يتعداها ليقف مع طلائع الشعب التي تصنع الثورة الاجتماعية عاملا على حل المشاكل التي تواجه مسيرة الكفاح من أجل الثقافة التقدمية ومن أجل انتصار الايدولوجيا الاشتراكية في الأدب والفن...