حرب اسرائيل عام 1948 وانحلال الاممية الرابعة -6 يوسي شوارتز ( التيار الشيوعى الأممى )


سعيد العليمى
2016 / 10 / 4 - 04:11     

وسطية الاممية الرابعة وحيادها فى حرب 1948
بعد اكثر من عام رد مونييه ( جابرييل باير ) من العصبة الشيوعية الثورية والاممية الرابعة على هال درابر . لقد اصر وبصواب على انه من الوهم الظن ( 1 ) ان الامبريالية قد هزمت بخلق دولة مستقلة جديدة فى صراع مناهض للامبريالية او ( 2 ) ان وجود دولة يهودية له تأثير تقدمى على الطبقة العاملة والحركة العمالية فى البلدان العربية فى الشرق الاوسط ، و ( 3 ) انه من المهم ان نوضح لكل اشتراكى فى العالم انه لم يكن من الممكن تأسيس دولة اسرائيل بدون دعم الامبريالية الانجلو امريكية . ويكتب
لولا ان وفد الولايات المتحدة للامم المتحدة أثر فى / ورشى عددا معينا من وفود الدول الصغيرة ، هاييتى ، الفلبين وبلدانا اخرى ، ولو لم تسمح الولايات المتحدة لاسرائيل بالمال والعتاد وهو مامكنها من ان تدفع مقابل الاسحلة التشيكية بالدولار ، ولو لم تعترف بالدولة الجديدة خلال بضع ساعات من انشاءها ، لو لم يتسامح الجيش البريطانى وفتح الطريق الى القدس بالغزو واجلاء القرى العربية على طول هذا الطريق ( فى 2 مارس ، 1948 التحقت القوات البريطانية بقوات الهاجاناه لاقتحام حاجز عربى عند باب الواد ، وفشلت فى بواكير شهر ابريل فى ان تتدخل حينما بدأت الاعمال العسكرية على طول الطريق ، وبعد ذلك فى 6 ابريل اتى البريطانيون ببعض قطارات للتموين داخل المدينة ، الخ ) لو لم يأت الجيش البريطانى لانقاذ المستوطنات اليهودية : دان وكفار سزولد فى الجليل الاعلى فى التاسع من يناير واخيرا وليس آخرا ، لو لم تنقذ الهدنة الاولى التى فرضتها الامم المتحدة فى يونيو 1948 القدس اليهودية من المجاعة والانهيار العسكرى – لو لم يحدث كل هذا ماقامت لدولة اسرائيل قائمة " ( 18 )
وبعد ، بدلا من التنويه بالدور العسكرى للصهيونية التى تعمل لارهاب الجماهير العربية لاجبارها على الخضوع للامبريالية ، يجادل بدليل غريب وضعيف يعكس ضغط الصهيونية على العصبة الشيوعية الثورية : بدلا من رؤية كراهية الجماهير العربية الموجهة ضد الصهيونية بوصفها شكلا لمقاومة الامبريالية ، فقد رآها بوصفها شوفينية اسئ توجيهها تلاعب بها الامبرياليون
" كان هدف الامبريالية الانجلو امريكية خلق قوة تلعب نفس الدور فى اطار الشرق الاوسط ككل وهو الدور الذى لعبته الصهيونية لمدة 30 عاما فى فلسطين . بوصفها بؤرة للكراهية الشوفينية حيث تخدم فى تحويل النضالات الثورية للجماهير العربية فى الشرق الاوسط من كونها مناهضة للامبريالية الى مسارات دينية او عرقية "
ويواصل ويشير الى الضغط الجماهيرى المعادى للامبريالية فى الدول العربية
" ولكن شئ ما سار بشكل خاطئ فى الخطة فى مراحلها الاولى فى معظم البلدان العربية : توجهت المظاهرات بصفة اساسية ضد الشركات والمؤسسات الاجنبية ، بما فيه الاتحاد السوفييتى بسبب تأييده لقرار التقسيم ، والحزب الشيوعى الذى حطمت مكاتبه فى دمشق "
وضغط الجماهير العربية هذا كان سبب ذهاب حكام الدول العربية للحرب ضد اسرائيل . وهذا الامر يعترف به اليوم مؤرخون صهاينة مثل بينى موريس
" اضافت المذبحة والطريقة التى جرى بها النفخ فيها فى الاعلام العربى الى الضغط على قادة الدول العربية لمساعدة الفلسطينيين الذين يعدون للمعركة وشدد من عزمهم على غزو فلسطين . وقد اثارت الانباء سخطا عاما عظيما – لم يستطع القادة ان يتجاهلوه . " ( 19 )
من اجل تجنب هذه النتيجة يجادل مونييه :
فقط حيثما حكم البريطانيون مباشرة نجحوا وقتها فى تحويل هذه الاضطرابات ضد الاقلية اليهودية – على سبيل المثال – فى مستعمرة التاج البريطانى فى عدن حيث قتل المتظاهرون ضد التقسيم 75 يهوديا وجرحوا الكثيرين "
ويواصل ويدعى ان الدول العربية كانت ادوات الامبريالية ضد اسرائيل :
اظهر القتال بين اليهود والعرب فى فلسطين مبكرا عام 1948 بوضوح ، انه فى النطاق الفلسطينى ، كان اليهود اقوى عسكريا . لم يكن ضعف العرب راجعا فقط للبنية الاقطاعية للمجتمع العربى بصفة عامة ، وانما ايضا للقيادة الرجعية العربية التى منعت عمدا نمو اى حركة جماهيرية مماثلة لتلك التى قامت فى 1936 – 39 خوفا من الطبقة العاملة التى ظهرت خلال الحرب العالمية الثانية . كان السؤال الآن : هل ستتدخل الحكومات العربية للبلدان المحيطة ؟
فى 12 يناير ، 1948 اكدت مصادر بريطانية دبلوماسية فى لندن التقرير بأن بريطانيا العظمى كاتت تزود مصر بالاسلحة ، وكذلك العراق وعبر الاردن وفقا ل " معاهدات " ، ولكن ماتزال ارادة وقدرة هذه الحكومات على غزو فلسطين مشكوك فيها . لقد احتاجوا لتشجيع جديد اتى فى شكل اعلان امريكى فى الامم المتحدة فى مارس 1948 بشجب التقسيم مفضلا الوصاية . هذا الاعلان مع العجز الواضح لجهاز الامم المتحدة عن تطبيق قراره الخاص اغوى حكومات الشرق الاوسط ان تحاول الحصول على مركز الوكيل الوحيد للامبريالية الانجلو امريكية فى الشرق الاوسط واستبعاد القيادة الصهيونية . "
وحتى يتفادى كل ماتتضمنه روايته التى تؤدى الى الدفاع عن اسرائيل فى مواجهة العرب فإنه يلتف ويجادل :
" ولكن فى مسار غزوهم ، بعد 15 مايو حينما هدد اللواء العربى الاردنى ان يهزم القدس اليهودية ووصل الجيش المصرى الى مشارف المستوطنات اليهودية الجنوبية على ابواب تل ابيب ، فرضت الهدنة الاولى واتاحت لليهود مهلة كانوا فى حاجة اليها لينظموا جيشهم وان يستوردوا الاسلحة ويزودوا القس بالتموين . كان هدف الهدنة خلق توازن بين القوى ، لاخلق الفرصة من اجل انتصار يهودى حاسم على الجيوش العربية . واصل الضباط البريطانيون خدمتهم مع الفيلق العربى ، واستمرت مصر وسوريا فى شراء الاسلحة من بلدان خطة مارشال الاوروبية .
فرضت هدنات اخرى بقدر مادعت الحاجة للابقاء على توازن القوى . وقد فرضت الهدنة الاخيرة حينما تحركت القوى الاسرائيلية داخل الاقليم المصرى وهددت بالقضاء على كل القوى المصرية فى فلسطين ، الذى كان سيكون لانهيارها ارتدادات اجتماعية خطيرة فى مصر . فى نفس الوقت خلق مشكلة لاجئين ، مع منازعات حول الحدود ، اثمرت توترا كافيا بين اسرائيل والبلدان العربية حتى وقع على عاتق الدبلوماسية الامريكية ان" تهدئ " الشرق الاوسط فى الوقت الحالى ب " عقد هدنة دائمة " فى رودس . "
ونتيجة لهذا التحليل الخاطئ ، فقد تبنت العصبة الشيوعية فى فلسطين موقفا وبرنامجا خاطئا وبناء عليه استراتيجية وتاكتيكا خاطئين منذ البداية . واذا كانت هناك قوى داخل الاممية الرابعة قبل ح ع ث عارضت خطهم الموالى للصهيونية فلم تكن الاممية الرابعة قادرة على ان تفعل ذلك فى 1948 . يتبع