حرب اسرائيل عام 1948 وانحلال الاممية الرابعة -3- يوسي شوارتز ( التيار الشيوعى الأممى )


سعيد العليمى
2016 / 9 / 27 - 22:44     

الموجة الثورية عقب الحرب العالمية الثانية
اندلعت حرب 1948 بعد نهاية الحرب العالمية الثانية بسنوات قليلة . ونحو نهاية ح ع ث وماتلاها ، خشت الطبقات الحاكمة الامبريالية من نشوب موجة ثورية جديدة مثل تلك التى انتشرت فى اوروبا وماوراءها عقب الحرب العالمية الاولى . وهى الموجة التى فتحت الابواب لإنتصار البلشفية . وقد عبر سياسي محافظ بارز فى بريطانيا وهو كوينتين هوج عن خوف الرأسماليين واستعدادهم لفعل اى شئ ممكن من اجل احتواء ثورة الطبقة العاملة ، فى عام 1943 بالكلمات الآتية : " لابد ان نعطيهم اصلاحات والا اعطونا الثورة " ( 8 )
وبالفعل فقد انفجرت موجة ثورية فى اوروبا وفى المستعمرات وشبه المستعمرات فى افريقيا وامريكا اللاتينية فى نهاية ح ع ث . لقد فهمت الاممية الرابعة الثورية التناقضات ومصاعب النضال الثورى فى اوروبا . وهكذا كتب جورج نوفاسك وهو احد القياديين التروتسكيين فى الولايات المتحدة .
" لقد ادت المرحلة الاخيرة فى الحرب لهجوم عات من الجماهير بدأ فى ايطاليا وامتد الى كل الاقطار المحتلة . لقد حاز عمال ايطاليا ، وفرنسا ، وبلجيكا ، واليونان الاسلحة وخلقوا تشكيلاتهم العسكرية ، وسيطروا فى اماكن مختلفة على المصانع ، ووسائل المواصلات الخ وانشأوا رقابة شعبية على توزيع الاغذية ، واقاموا العدالة ، واداروا الشؤون المحلية . هذه العناصر الجنينية للسلطة المزدوجة اذا كان قد جرى التنسيق بينها ، وجرى تطويرها وتوسيعها ، لأمكن لها ان تقدم ركيزة للاطاحة الكاملة بالنظام الرأسمالى وتأسيس سيادة الجماهير الكادحة فى هذه البلدان .
لقد حالت ثلاث عوامل اساسية دون اتمام انتصار انتفاضات العمال . اولا عرقلت القوى العسكرية المتفوقة للغزاة الامريكيين – البريطانيين فى تحالفها المضاد للثورة مع الكرملين بوزنها الكلى واعاقت نضالات الجماهير المنتفضة . تآمر الثلاثة الكبار على اقامة حكومات قراقوزية خاضعة لارادتهم . ثانيا ، ان الاحزاب الستالينية والاشتراكية التى والتها الجماهير العاملة تعاونت مع القوى المتحالفة لانقاذ النظام الرأسمالى بنزع سلاح العمال عسكريا وسياسيا . ثالثا ، كانت المجموعات والاحزاب التروتسكية غاية فى الضعف وغير ناضجة لتتدخل كقوة حاسمة وتحتز رأس هذا المرض .
لهذه الاسباب اخفقت موجة الثورة الاولى وقصرت عن تحقيق هدفها عبر كل اوروبا . وتضافر السحق الدموى للمقاومة اليونانية ايلاس – إيام فى اليونان مع الاستسلام المخزى لقيادتها الستالينية امام الثورة المضادة الملكية الرأسمالية التى يظاهرها البريطانيون ، ووسم نهاية الفترة الاولى . ومنذ ذلك الحين حدث هناك تراجع فى المد الثورى . لقد منح ارتداد الهجوم البروليتارى الحكام الرأسماليون فسحة للتنفس وشجعهم على ان يستعيدوا توازنا مؤقتا وغير مستقر .
استغلت بورجوازية اوروبا الغربية بمساعدة واشتراك القادة الستالينيين والاشتراكيين المضللين هذ التوقف لتقوى وضعها المتزعزع ، ولتقوض لمدى ابعد قوة البروليتاريا ، ولتستعد لشن هجومها المضاد الخاص . يوظف الرأسماليون ، والكنيسة ، والجيش قواهم ليحصنوا ويعيدوا تأسيس حكمهم الديكتاتورى . ويتآمرون فى بلجيكا حتى يعيدوا الملك ليوبلد . وهم يساندون نزوع ديجول فى فرنسا لاضفاء شرعية وتدعيم تطلعاته البونابرتية . ويبدى الملكيون والرجعيون الآخرون فى ايطاليا واليونان تحت الوصاية البريطانية وقاحة ونشاطا متزايدة . " ( 9 )
ان قمع الانتفاضات الثورية فى المستعمرات وشبه المستعمرات كان غاية فى القسوة . وقد استطاع الامبرياليون فى بعض الحالات هزيمة الانتفاضات الثورية للطبقة العاملة . وفى بلدان اخرى مثل الصين استطاعوا بمعونة القوميين والستالينيين من منع ثورة الطبقة العاملة ولكنهم لم يستطيعوا ان يهزموا الثورة كليا وهذا يفسر ظفر الثورة الستالينية ذات القاعدة الفلاحية فى عام 1949 .وقد قادت الثورة الظافرة فى الصين الى تكوين دولة عمالية متفسخة . وهذا يعنى انها دولة كان من الضرورى للطبقة العاملة ان تطيح فيها عبر ثورة سياسية بالستالينيين حتى تفتح الطريق الى الاشتراكية . ( وحيث ان هذا لم يحدث فإن الصين اليوم هى دولة رأسمالية امبريالية . )
لقد كانت الثمار الرجعية لحرب 1948 فى فلسطين جزءا من هزيمة المد الثورى فى "العالم الثالث ". واى محاولة لفهم هذه الحرب بمعزل وخارج سياقها التاريخى هى بمثابة طريق مسدود . يتبع