سبع خطوات لتكون دكتاتور


محمد حسام الرشدي
2016 / 9 / 26 - 10:30     

سبع خطوات لتكون دكتاتور
الدليل العلمي للطغاة

رغم أننا -ولله الحمد- من أهم الشعوب في إنتاج الطغيان والدكتاتورية والاستبداد بكافة أصنافه، إلا أنني أرى بعض الأغرار الذين يحلمون بأن يسيروا على خطى طغاتنا العظام لكنهم لا يعرفون كيف يبدؤون. هذا الدليل المبسط يمكن أن يساعدهم على تحقيق حلمهم في أن يصبحوا طغاة يفتخر بهم قطيعهم ويجعل منهم خطاً أحمرَ كل من يتجاوزه يكون “ئبن زنة” وملعونٌ في الدنيا والآخرة.. كما يمكن لطغاتنا الحاليين أن يستفيدوا من هذا الدليل من أجل مراجعة تاريخهم والأستفادة من أخطائهم لتعزيز مكانتهم بين نظرائهم من الطغاة والسفاحين وكل المجرمين في تاريخنا القذر.

الخطوة الأولى: تبنَّ أيديولوجيا يقدسها القطيع
ليس مهماً إن كنت مؤمناً بها أم لا، المهم أن تعلن عنها على الملأ، وأن يعرف القاصي والداني أنك مؤمن بها، في كل لقاء أو مؤتمر أو ندوة تحدث عنها، استخدم أدبيات هذهِ الأيديولوجيا، ازرع بعقول الناس أنك الناطق الرسمي لما يؤمنون بهِ، إن كنت شيعياً تحدث عن مظلومية الشيعة، سنياً لا تنسَ مظلومية السنة، شيوعياً انشر فتوى القتل التي طالت الشيوعيين، كردياً، تركمانياً، أمزيغياً… لا تتردد صرّح بالجريمة ولمح بالثأر ممن ارتكبها، كرر التصريح والتلميح، اكتبه في الفيس بوك.. استأجر إعلاميين يكتبون باسمِك، اجعل الجميع يوقن بأنك تتبنى هذهِ الأيديولوجيا.

الخطوة الثانية: أنشئ جيشاً أو مليشيا من المرتزقة
هذهِ الخطوة لا تقل أهمية عن الخطوة السابقة، ولكنها أكثر صعوبة، فهناك مواصفات خاصة على الدكتاتور مراعاتها جيداً باختيار المجندين، فبدونها لن ينجح في نقش اسمهِ بصفحة الطغاة الخالدين، وسنذكر لك عزيزي الدكتاتور أهم الصفات التي يجب توفرها بهؤلاء المرتزقة:
1- اختر للمناصب والرتب العليا الفاشلين بحياتهم، الحاقدين على المجتمع، الذين يحلمون باليوم الذي يتمكنون فيهِ من إثبات ذاتهم والثأر من كل من سخر منهم ومن فشلهم في الحياة.
2- الأفضل أن يكونوا من أصحاب السوابق، ممن يملكون سجلاً بالأعمال القذرة: سرقة، قتل، اغتصاب، لواطة، سطو مسلح.. مع التأكد من أن جنحهم وجرائمهم بعيدة عن حرية التعبير والكلمة وغيرها من جرائم الفكر.
3- يجب أن يكونوا مؤمنين بشكل مطلق بالأيديولوجيا التي تبنيتها في الخطوة الأولى.
4- يكرهون الكتاب، والقلم والأوراق، وينظرون إلى المفكرين كما ينظر الجندي الأمريكي إلى باقي شعوب الأرض.
وبعد أن تجمع هؤلاء المرتزقة، سلحهم بأحدث الأسلحة ودربهم على استخدامها مع جعلهم يشعرون بأنهم مهمون جداً، وبأنهم المختارون الذين لولاهم لأصبح العالم جحيماً لا يطاق.

الخطوة الثالثة: أنشئ ماكنة إعلامية
تحتاج عزيزي الطاغية لإتمام مسيرتك الطغيانية إلى ماكنة إعلامية تسبح بحمدك ليل نهار، أنشئ فضائيات، قنوات أرضية، محطات إذاعة، صحف، مجلات، نشرات كتابية، اشترِ محررين وإعلاميين واجعلهم يرددون ليل نهار أنك المنقذ، وأنك الواحد الأحد، وأنك القائد الضرورة الذي منّ الله بهِ علينا.. فلينسبوا لك مجداً زائفاً، وليصنعوا لك تاريخاً خارقاً، ولا تنسَ أن تبث في قنواتك كل ما يلغي العقل ويحارب الإبداع، نكاتاً قبيحة، سخرية لهدف السخرية، أغانٍ هابطة، بين قوسين دمر الذوق العام واجعل من عقول المشاهدين مراحيض تستقبل كل أنواع التفاهة.

الخطوة الرابعة: ارضِ أمريكا
هنا يوجد أسلوبين يمكن أن تستثمر أحدهما حسب البيئة الاجتماعية وطبيعة من تتنمر عليهم، ولا تقلق فقد أثبتت التجارب أن كلا الأسلوبين ناجح وفعال:
أ- ارضِ أمريكا سراً وحاربها جهراً.
إن اخترت هذا الطريق فعليك أن تستخدم بعض الجمل مثال: “تسقط أمريكا عدوة الشعوب”، “الموت للشيطان الأكبر”، “إذا رضيت عني أمريكا فاعلموا أني على ضلال”، “تسقط الأمبريالية”،… ولا تنسَ قبل أن تأخذك الحماسة بالشتيمة أن تبلغ الأمريكان بالشتائم التي ستستخدمها، وتبين لهم ضرورة استخدامها.
ب- ارضِ أمريكا سراً وجهراً
وهذا الأسلوب فعالٌ جداً، والأفضل أن تعززه ببناء قواعد عسكرية للأمريكان في بلدك.
ويرى خبراؤنا أن الأسلوب الأول ينصح بهِ في بداية حياة الطاغية، ومع التقدم بالطغيان يمكن استبداله بالأسلوب الثاني.
ملاحظة: يمكن أن يستبدل الطاغية ولاءهُ إلى دولة أخرى بدل أمريكا -كأن تكون روسيا مثلاً- ولكن هذا يعتمد على ظروف الصراع بين القوى العظمى.
ملاحظة ثانية: لا ضير أن تضيف إلى شتيمة أمريكا التهديد بأن ترمي جيوشهم في البحر وتحرق جنودها على أسوار مدينتك..

الخطوة الخامسة: التأميم.
اجعل الدولة هي المسيطر على كل شيء، هي التي تملك المصانع والمعامل، هي التي تقرر ماذا سيلبس الناس أو ماذا سيأكلون، رواتبهم يأخذونها من الدولة، غذاؤهم يشترونه من الجمعيات ومراكز التموين، حولهم إلى طفيليات يعتاشون على الدولة.
ملاحظة: يمكن أن تستثمر الماكنة الإعلامية في الخطوة رقم ثلاثة، لتزرع في وعي الناس أنك الدولة والدولة أنت، فبفضلك يأكلون ويشربون ويقبضون رواتبهم.

الخطوة السادسة: اشغل الناس بهموم يومية
إن لانقطاع الكهرباء وشح الماء وقلة توفر المحروقات وصعوبة توفير لقمة العيش فوائد كبيرة لا يعرفها إلا المتمرسين في الطغيان، فكلما شغلت الناس بالبحث عن أساسيات الحياة لن يلتفتوا إلى حقوقهم، وسيعيشون بدوامة لا يمكنهم الخروج منها إلى يوم القيامة.

الخطوة السابعة: انشر ثقافة الارهاب
“العصا لمن عصى” حكمة عظيمة أنتجتها أمة تفخر بعدد طغاتها، طبق هذهِ الحكمة على الجميع، والأفضل أن تتشدد في تطبيقها مع الأطفال، على المعلم أن يمسح بكرامة طلابه الأرض، على الرجل أن يتعامل مع المرأة كشيء لا كإنسان له كينونة وحقوق وعليه واجبات، الضابط مع جنوده، المدير مع موظفيه، اجعل ثقافة القوة والخوف عنوان المجتمع، وشعار الناس.

هذهِ الخطوات السبعة لصناعة الطغاة، ان ألتزمت بها عزيزي الدكتاتور فنحن نظمن لك حكماً سعيداً، وبقاءاً في السلطة إلى يوم الحساب، ولا نتحمل مسؤولية إخفاقك إن أهملت بعضها.