انتخابات ام بيعة معاصرة


كوسلا ابشن
2016 / 9 / 19 - 22:12     

انتخابات ام بيعة معاصرة

الانتخابات مبدأ ديمقراطي, من خلالها يتم بكل حرية اختيار ممثلي الشعب الفعليين القادرين الوحيدين في سن القوانين ومراقبة تسيير شؤون الدولة وحجب الثقة عن السلطة التنفيذية ان اقتذى الامر لذلك, وهذا المبدأ معترف به وقائم فقط في البلدان المستقلة والحرة والديموقراطية, عكس ما هو سائد في البلدان الديكتاتورية او في البلدان الغير المستقلة, الخاضعة لسيطرة ألانظمة الكولونيالية.
ما اصطلح عليه ب"الانتخابات التشريعية او البرلمانية" في البلدان الخاضعة للانظمة الاستعمارية مثل (كورسيكا وكاليدونيا الجديدة وشمال افريقيا وغيرها), فهذه "انتخابات" غير شرعية وغير شعبية واللا طبيعية باعتبارها مسرحيات هزلية لتزكية وشرعنة الانظمة الاستعمارية.
ماضويا كانت البيعة وطقوسها كافية للنظام العروبي في مناطق المخزن لضمان ولاء القواد والعهد على الطاعة والخضوع, ضمانة وتزكية تمثيلية للنظام الاستطاني الاستعماري العروبي, اما بعد عهد الحماية وما نتج عنها من اتفاقيات الخصوع والتبعية للنظام الامبريالي الفرنسي واجندته القانونية, حتم على السلطة اللقيطة الاخذ بالشعار الرجعي والمزيف, الاصالة والمعاصرة, من جهة الحفاظ على الامارة والبيعة و من جهة ثانية الاستعانة بأدبيات النمط الحداثي الديمقراطي, " الانتخابات", كمرجعية حداثية ونظام سياسي ديمقراطي معاصر, الا ان جوهر التحول يكمن في اساليب جديدة لتزييف وعي الجماهير الشعبية (الاغلبية الامية) والهامه بأنه هو من يقرر مصيره عبر ممثليه في " البرلمان" او في المجالس المحلية.
الاستثمارات التشريعية وطقوسها في مستعمرة العروبة العلوية من جهة هي عملية اقتصادية, الدورة الدائرية للرأس مال, ومن جهة ثانية هي مؤامرة مفضوحة يقودها النظام واعوانه من الزوايا السياسوية العروبية وبشكل علاني شعبي لتزكية سياسة التمييز والاضطهاد القومي والاجتماعي التي يمارسها النظام بكل اشكالها القهرية والاستغلالية البربرية واللاانسانية, فمنذ رحيل فرنسا 1956 والشعب يعيش في ظل النظام الاستبدادي الكولونيالي, نال من كل اشكال الاضطهاد القومي, من الابادة الجماعية و من التهميش والاقصاء و التجويع الجماعي والحرمان الاجتماعي و مصادرة الاراضي والتهجير والاعتقالات الفردية والجماعية والائحة طويلة.
كما هو معروف فالاقبال على صناديق اهانة كرامة الشعب كان ولا يزال ضعيفا, رغم اساليب الاجبار والاكراه وشراء الاصوات والوعود الجنوية والشعارات الرنانة, ولهذا برزت الحاجة الملحة لتعبئة وتكثيف جهود كل اجهزة النظام الكولونيالي لانجاح موسم الاستثمارات المزمع اجراءه في اكتوبر المقبل, فأساليب التهريج الشعبوي والبيع و الشراء في اصوات الكتلة الحلزونية الخارجة عن مسارها التاريخي, وأساليب التضليل واخفاء الاسباب الحقيقة للمشاركة في المسرحية " الانتخابية" الهادفة الى اخفاء جوهرالنظام وسياسته العرقية والاستبدادية, لم تعد عملية " الانتخابات" في حد ذاتها تقنع الا بائعي الضمير والوصوليين والانتهازيين والسذج, فتجربة " الانتخابات" الصورية أثبتت للعامة هزليتها وسخافتها وعدم الجدوى منها, كما ان الشعب مل من متابعة تهريجاتها ومسرحياتها المتكررة على الدوام وبنفس الخطاب المعاد في كل الاستحقاقات الاستثمارية ونتائجها معروفة سلفا ومقاسة حسب رغبة الكاهن الاكبر, كما أدرك الشعب صورية الجمعية الخيرية ( البرلمان) حامية اباطرة مافيا الفساد وفي مقدمتهم اعلى هرم السلطة الكولونيالية, ولا تخدم هذه الجمعية الفاسدة الا المسيطر على زمام السلطة و مؤكدا انها لا تخدم مصالح الشعب المقهور والمستعبد ولا تتحدث باسمه, فالبيادق " البرلمانية" هي من تساهم في سحق الشعب وتفقيره.
مسألة "الانتخابات" بالنسبة للنظام الكولونيالي الاستبدادي, ليست الا قناع حداثي يضاف الى طقوس البيعة , فالسلطة الكولونيالية الاستبدادية تدرك جيدا اللاشرعيتها في ارض محتلة, وتدرك جيدا ان استمراريتها رهين بقوتها القمعية والعسكرية و الايديولوجية و قوانينها المقاسة حسب طلبها واغراضها واهدافها المعلنة وغير المعلنة وبالشكل المزيف والصوري الضامن لاستمرارية التحكم في رقاب الشعب و خداع الناس ب "الديمقراطية" الصورية والهام العالم بشرعية وشعبية ومصداقية النظام العروبي الكولونيالي وتلميع صورته عالميا.
ما جدوى من المشاركة اذا كانت المسرحية لا تغير شيْ في سياسة التمييز القومي والاجتماعي والاستبداد السياسي, وكل ما سينتج عنها سيكون لصالح العرق الواحد المسيطرة اقتصاديا وسياسيا, وفي خدمة السلطة واعوانها والمافيا المستثمرة في المشروع المربح المسمى ( الانتخابات) والباحثة كذلك عن الحماية "القانونية", وكذلك ماجدوى من المشاركة اذا كان النواب لا حولا لهم ولا قوة, فهم مجرد دمى مهمتهم الاساسية الموافقة على قرارات السلطة وتزكية سياستها العرقية.
تجربة نصف قرن من اللعبة "الانتخابية" أكدت أكاذيب اعوان النظام وتناقضات اجندتها السياسية وبرامجها التسويقية الانتخابية مع ممارساتها العملية, في كل موسم استثماري " انتخابي" الا ويتكرر نفس الخطاب العسلي الذي يحقق كل مطامح وحاجيات الشعب والمجتمع في الخيال, اما عمليا فالزوايا المستفيدة من الكعكعة " الانتخابية", هي احجار شطرنجية تحركها السلطة التنفيذية ( القصر), توافق على كل قرارات القصر, من تفقير الكادحين وحرمانهم من قوتهم اليومي والزيادة في اعداد البطالة والانحطاط في مستوى التعليم وتردي اوضاع الصحة وبكل اختصار تعميق الازمة الهيكلية وتعميق التناقضات الاجتماعية وما يرافقها من سياسة كتم الافواه وكسر العظام.
المسرحيات ( المولوية) غير مؤهلة لتغيير الاوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و تحسين المستوى المعيشي للشعب, بل هي مجرد اسلوب بهلواني سخيف لاقناع العامة عن التنمية والرفاهية الخيالية القادمة.
مقاطعة عملية البيعة المعاصرة " الانتخابات" والمؤسسة الصورية المخزنية " البرلمان", يشكل نوع من انواع النضال السلمي الهادف لاظهار عدم مصداقية النظام القائم وعزله شعبيا, و المقاطعة ستكون رسالة شعبية نضالية مفهومة لدى السلطة اللقيطة عن مدى شعبيتها من عدمها.