لنعجّل بالتحوّل الثوري للتناقض


محمد علي الماوي
2016 / 9 / 5 - 23:17     

لنعجّل بالتحول الثوري للتناقض
تقديم:
ان الهدف من ترجمة هذا النص هو تبيان اهمية العامل الذاتي اي الحزب الشيوعي ودوره في التعجيل بالتحول الثوري وطالما لم ير هذا الحزب النور فان التناقض امبريالية-شعب لن يحسم لفائدة الشعب وستظل الامبريالية الطرف الرئيسي في التناقض تتحكم في مجرى الصراع الطبقي وتستعمل كل الوسائل لتهميش القوى الثورية سواء بالقمع المفضوح او باعتماد الاطراف الانتهازية لتمييع النضال وحصره في اطار القانون الرجعي والتوافق
الطبقي او "الانتقال الديمقراطي".
ان فلسفة الحزب الشيوعي فلسفة كفاحية تتطلب ممارسة كفاحية تسير ضد التيار المنظر للتعايش مع الرجعية فهناك "شيوعي" يكتفي بالقاء المحاضرات وهناك آخر يقتصر نشاطه على التحرك في اطار المجتمع "المدني" وهناك من يرفض اصلا قضية التنظيم والتنظم ويعتبر نفسه شيوعيا- كل هؤلاء وغيرهم لاعلاقة لهم بالممارسة الشيوعية اذ تحولوا الى ديكور في المشهد السياسي وتتبجح الرجعية بوجودهم بما انها تسمح لهم بالنشاط العلني لتزيين وجهها وهي تدرك حق الادراك ان شيوعيي المقاهي والمحاضرات والجمعيات المدنية يقدمون لها الخدمات الثمينة.
(المترجم)

من كتاب "حول المادية الجدلية" فريق التحرير من بلدية تييان جين-نشرات الشعب 1975

(.) ان طرفي تناقض ما ليسا ثابتين بل يتحول احدهما الى الاخر ومهمتنا هي التعجيل بعملية التحول وبلوغ الهدف الذي حددته الثورة.
ان طرفي التناقض يتحّول احدهما الى آخر
ان طرفي التناقض يتحول احدهما الى آخر في ظل عوامل معينة وليس هناك شيئ ثابت فالسرعة تتحول الى بطء والبطء الى سرعة والعمل يتحول الى سكون والسكون الى عمل...وان الامر كذلك بالنسبة لاية مجموعة من الاضداد: الكبر والصغر الوجود والعدم,الحركة والسكون’الحسن والسيئ’الفقير والغني’الحياة والموت,القادة والمقادون الخ...
اننا غالبا ما نقول "ان الفشل هو مصدر النجاح" ومن "القديم ينبثق الجديد الخ...ان كل هذه الاقوال المأثورة تبين بصورة صحيحة ان الفشل والانتصار , الجديد والقديم’الكثير والقليل كلها ازواج من الاضداد يمكن ان يتحول احدهما الى الاخر وان "الممارسات الثورية الثلاث" هي نشاطات تحقق عمل التحول هذا.(...)(1)
ان مهمة التربية هي تغيير فكر الدراسيين لقد قال الرئيس ماو"ان كل عمل المدرس يتمثل في تغيير عقلية التلاميذ"(مذكور في يومية الشعب" 5 تشرين الاول 1974)وهذا مثال جديد عن التحول.ان الصراع الطبقي هو عمل تحول اجتماعي’المجتمع القديم يصبح المجتمع الجديد’العمال والفلاحون يتحولون من عبيد الى اسياد.
ان الثورة الثقافية وحركة نقد لين بياو وكونفشيوس كانتا ايضا تحولات جرت في مجال الوعي السياسي.فبدعوة الملايين من الناس الى النضال وكنس الخط التحريفي لليو شاوشي ولين بياو وتحقير الكونفشيسية فاننا قد دعمنا نفوذ الخط الثوري والماركسية اللينينية على مجمل البناء الفوقي: فلسفة’حقوق’تاريخ’تربية’أدب فن...ونتبين بيسر ان الطرفين المتناقضين لظاهرة ما ليسا جامدين بل متغيرين وقابلين للتحول احدهما الى الاخر.ولكي لانغرق في المثالية والميتافيزيقيا فانه يكفينا ان نعطي انعكاسا صحيحا لهذا الواقع.
ماهو المعنى الدقيق لكلمة تحوّل؟عندما يتحول شيئ الى شيئ آخر فان هذا يعني ان الطرفين الباطنين المتناقضين لهذا الشيئ قد تغيرا بعد مرحلة من الصراع.ان مركزهما او ايضا ان الطرف الرئيسي للتناقض قد تحول الى طرف ثانوي تماما كالطرف الثانوي الذي اصبح بدوره رئيسيا.لماذا هذا؟ لان "من بين الطرفين المتناقضين يكون احدهما بالضرورة رئيسيا والاخر ثانويا وان طبيعة الاشياء والظواهر يحددها اساسا هذا الطرف الرئيسي للتناقض الذي يكون مهيمنا"(في التناقض 119-120) وبما ان طبيعة الاشياء محددة بالطرف الرئيسي للتناقض فان هذه الطبيعة تتغير حتما في نفس الوقت الذي يكف فيه الطرف الرئيسي عن لعب الدور الحاسم وتتحول الى شيئ آخر له ميزاته الخاصة.
ان الانتقال من المجتمع القديم الى المجتمع الجديد قد اصبح ممكنا بعد صراع طويل بتحول عكسي للمراكز السياسية لطرفي التناقض:الشعب الكادح من العمال والفلاحين من جهة والملاك العقاريون والبرجوازية البيروقراطية من جهة اخرى.وفي المجتمع القديم وتحت سلطة تشان كاي تشيك كانت ايدي الامبريالية والاقطاعية والرسمالية البيروقراطية فوق كل شيئ:كان الملاكون العقاريون والبرجوازية البيروقراطية يشكلون الطرف الرئيسي في التناقض اما الشعب الكادح فيحتل مركزا تابعا وكان دوره ثانويا في التناقض وكان المجتمع الصيني القديم بحكم ذلك وطبيعة شبه اقطاعية وشبه مستعمرة وتحت قيادة الحزب الشيوعي والرئيس ماو اخذ الشعب الكادح البندقية في يده واسقط اعداءه الرئيسيين الثلاثة(الامبريالية والاقطاعية والراسمالية البيروقراطية) واقيمت ديكتاتورية البروليتاريا واصبح الشعب يشيد البلاد وتحول من مهيمن عليه الى مهيمن وحصل العكس بالنسبة للمضطهدين (بكسر الهاء) وتحول طرفا التناقض احدهما الى الاخر وطرأ تغيير هام على طبيعة المجتمع: فمن شبه اقطاعية وشبه مستعمرة اصبحت الصين الجديدة الاشتراكية.
وفي التناقضات بين السياسة والمؤسسة والانتاج فاننا نؤكد ان السياسة تحتل المراكز القيادية وتلعب دورا رئيسيا ومهيمنا في الطبيعة الاشتراكية لمؤسساتنا وصحة خطنا وتقدمنا المتواصل.وفي الحالة المعاكسة فاننا نكون قد اعطينا امتيازا للانتاج والتقنية وهو ما يعني "وضع البرجوازية في مراكز القيادة" بحيث تصبح الطرف الرئيسي للتناقض فتتحول قضيتنا الثورية الى مؤسسة لراس المال وتعود الراسمالية على بابنا. (...)
ان التحول من ملائم الى صعب من متقدم الى متأحر من انتاجية مرتفعة الى انتاجية منخفضة من انتصار الى هزيمة هي امثلة على التراجعات العابرة المضرة بتطور الظواهر والقضية الثورية. وكذلك الامر بالنسبة للتطور الاجتماعي عندما تحول المجتمع الصيني من العبودية الى الاقطاعية فان الصراع المكثف بين الثورة والعودة كان قائما على اشده... وفيما يتعلق بالانتقال من الاقطاعية الى الراسمالية مثلا فان 36 سنة التي تفصل بين ثورة 1789 الفرنسية وقيام الجمهورية الثالثة في 1875 كانت مليئة بالتناقضات بين العودة واللاعودة ’التقدم والرجعية’الجمهورية والامبراطورية’الحرب الاهلية والحرب ضد الاجنبي.
وخلال المرحلة الاشتراكية فان الصراع بين العودة واللاعودة يتضاعف عشر مرات وان اعادة الراسمالية في الاتحاد السوفياتي عن طريق خروتشوف وبريجنيف وعصابتهما ومرتديهما يجب ان يكون درسا لنا.
لماذا نقول ان الصراع المستميت بين البروليتاريا والبرجوازية مازال لم ينته بعد وخطر العودة الى الراسمالية لايزال قائما؟ لان المجتمع الاشتراكي بفعل طبيعته يحمل امكانيتين للتحول :مواصلة الثورة تحت ديكتاتورية البروليتاريا والاتجاه نحو الشيوعية او تراجع عابر بالعودة الى الراسمالية. ان الثورة الثقافي وحركة نقد لين بياو هما بالتحديد اجراءات هامة تهدف الى منع تراجع الاشتراكية والتغير التحريفي لبلادنا (وقع اعادة الراسمالية في الصين رغم الثورة الثقافية=تعليق المترجم) (...)
التحول يتم في مجرى الصراع
لاتطور بدون صراع انها حقيقة عامة سواء في الطبيعة ’في المجتمعات او في الفكر البشري.انه بدون صراع يستحيل تحقيق اي تحول وكذلك الامر بالنسبة لتقدم فرد او فرقة انتاج او وحدة عمل.ان الكادحين الشباب في البلاد باسرها قد احسوا بهذه الظاهرة بعمق فلا حديث عن تحول او تقدم بدون استعمال الايديولوجيا البروليتارية لمقاومة الايديولوجيا البرجوازية.ان المسألة هي ان نكون في خضم الصراع الطبقي والخطّي والايديولوجي قادرين على الحفاظ على موقف صحيح وحماس كافي لسد المنافذ امام التأثيرات السيئة ففي هذا النطاق وحده يمكن تحقيق النجاحات. ان الصراع الطبقي هو المحرك الاساسي للصراع الاجتماعي فلو ان تاريخنا لم يعرف ثورات العبيد مثل تلك التي قادها في القديم ليوشياشي لما امكن ابدا لمجتمعنا ان ينتقل من العبودية الى الاقطاعية...
لقد كتب انجلز يقول:"ان اساس الحضارة هو استغلال طبقة لطبقة اخرى وكل تطورها يجري في تناقض دائم وما هو شيئ حسن بالنسبة للبعض هو حتما شر بالنسبة للبعض الاخر وكل تحرر جديد لاحدى الطبقات هو اضطهاد جديد لطبقة اخرى"(اصل العائلة دار النشر الاجتماعي ص 185) انها الجدلية الاساسية للمجتمعات الطبقية ان جنة ملاك العبيد والملاك العقاريين والراسماليين هي جحيم العبيد والفلاحين والعمال وعلاقتهم لايمكن ان تكون الا منسوجة من الحقد وليس من الصداقة.ان المسألة هي معرفة من انتصر على من’من يضطهد من’ وليس من يؤدي انحناء الاحترام بصورة افضل .
ان نظرية "الاثنين يندمجان في واحد والتحرك عن طريق الوسط والكائن غير القابل للانقسام" هي مفاهيم غير موجودة تماما وان نتاج صراع الضدين هي بالاحرى من "يلتهم الاخر"حتى وان كانت طريقة فعل ذلك تختلف من هذا الى ذاك...
والامر هو نفسه بالنسبة للتعارض بين البروليتاريا والبرجوازية بين طريق الاشتراكية وطريق الراسمالية:فنتيجة الصراع لايمكن ان تكون الا قضاء طرف على الاخر لكي يتجاوز حدوده الخاصة وتتقوض وحدة الضدين.وليس هناك سبيل اخر لانتصار البروليتاريا على البرجوازية. ان المادية الجدلية تعتبر ان الثورة والتقدم والتحول تتحقق بنفي الشيئ القائم.(...)
فلسفة الحزب الشيوعي فلسفة كفاحية
لقد قال الرئيس ماو"ان فلسفة الحزب الشيوعي هي فلسفة كفاحية" لمذا هذا التأكيد؟لانه طالما يوجد اعداء لاضطهاد الشعب فان هذا الاخير سيسعى الى الاطاحة بهذا الاضطهاد’لان الطبقات والتناقضات والصراعات الطبقية والصراع بين الاشتراكية والراسمالية ’وخطر العودة الى الراسمالية وتهديد تدخل اجنبي واطاحة من قبل الامبريالية الاشتراكية(الاتحاد السوفياتي آنذاك) تظل قائمة في المجتمع الاشتراكي.لان الصراع داخل الحزب نفسه طويل النفس وان الخونة والمتآمرين يمكنهم ان يبرزوا من جديد.واخيرا لان بلادنا لاتزال في بداية انتعاشها ومجدها ومستوى الاقتصاد لايزال بعيدا عن مستلزمات الشعب والظروف الموضوعية ولكل هذه الاسباب فاننا نحتاج الى فلسفة كفاحية’انها ضرورة ثورية يؤدي غيابها الى الحيلولة دون اسقاط والغاء الاشياء القديمة واقامة عالم جديد.يجب ان لانخشى معارضة الاتجاهات الخاطئة وهو ما يعلمنا اياه الرئيس ماو"ان السير ضد التيار هو مبدأ ماركسي لينيني"(في وثائق المؤتمر العاشر للحزب ،ن ب 1973)
" ان الماديين لايعرفون الخوف ونرجو من كل رفاقنا في النضال ان يضطلعوا بمهماتهم بشجاعة ويتغلبوا على الصعاب ولا يخشوا النكسات ولا التهكمات وان لايترددوا في نقدنا نحن الشيوعيين وتقديم الاقتراحات الينا ... هذه روح الاقدام التي ينبغي علينا التحلي بها في النضال من اجل الاشتراكية والشيوعية"(خطاب في الندوة حول العمل والدعاية أك ص 531)...
اننا نقوم بثورة لانظير لها في التاريخ من اجل القضاء على كل الطبقات والايديولوجيات المستغلة وبدون روح مصممة على السير ضد تيار الافكار الخاطئة فانه يستحيل تحقيق ذلك...
اذا كنا نريد تطبيق مبدأ"السير ضد التيار" ينبغي علينا ان ندرس بمثابرة الماركسية اللينينية وفكر ماو(الماوية)بهدف تمييز الصحيح من الخاطئ .ان اولئك الذين بدون القيام بتحليل ملموس ولاتمييز من اي نوع كان يعتقدون انه يكفي للسير ضد التيار معارضة القادة يرتكبون خطأ فادحا ازاء هذا المبدأ نفسه.
ان الثورة تتمثل في عمل تحويل الظواهر في اتجاه مفيد للجماهير الشعبية ولانجاز هذا العمل يجب ايضا القيام بعمل تحويل وعينا الخاص اي انه من الضروري خلال ممارستنا لتحويل العالم الموضوعي ان نسلح دائما عقولنا بسلاح الماركسية اللينينية فكر ماو(الماوية) وان نهزم المفهوم البرجوازي للعالم الكامن في اذهاننا..
واذا لم ننبذ الانعزالية البرجوازية لنتمسك بروح الحزب البروليتارية فهل ستتوفر لنا امكانية تطبيق الوحدة الثورية والسير الى النصر؟ كلا وكلا. ولكل هذه الاسباب فانه ينبغي علينا ان لاننسى تغيير افكارنا ونظرتنا الى العالم في مجرى الممارسة.
(1) ملاحظة: لم يقع ترجمة الفقرات المتعلقة بتاريخ الصين
ترجمة ونسخ : محمد علي الماوي
5 سبتمبر 2016