الاسلاميون يحرمون المكونات التراثية الامازيغية


كوسلا ابشن
2016 / 9 / 4 - 23:40     

عرض موقع الالكتروني (العالم الامازيغي) فيديو لشيخ اسلامي يطالب تحريم الحلى الامازيغية, لكونها حسب تخمينه, ترمز الى الديانة الوثنية ( للالهة الامازيغية تانيت ).
سيكولوجية الخوف سيطرت على العقل الاسلامي الرجعي الانعزلي, بسبب التطور الهائل للمعرفة العلمية و لوسائل التواصل الاجتماعي و للتطور التكنولوجي الحديث الذي اتاح للناس التوصل للمعلومات في اقل وقت ممكن, مما جعل الخوف يسيطر على العقول المنهزمة لتتهافت عن البحث عن العناصر الرمزية في التراث الامازيغي لتحريمها, كعامل مجدي في عملية نفي التراث الامازيغي وتبخيس الثقافة واللغة الامازيغيتين لمحو الذاكرة الجماعية الشعورية واللاشعورية ونفي الذات الوجودية.
رؤية السلفية العروبية الاسلامية لما هو غير عربي من رموز مادية و اللامادية في ثقافتنا والمشكل لتميزنا, خطر على ثوابت تراثها المتخلف الظلامي الاستعماري في مستعمرات الشمال الافريقي, هذا التراث المفروض بالقوة والقسر و المرفوض بالموروث الذاتي المخزن بالذاكرة الجماعية المتجلى في الرموز المكونة للسيكولوجية اللاشعورية للذات الصامدة في وجه الاغتراب الذاتي, هذه الرموز في شكل اوشام تعبيرية عن خصوصية الذات الامازيغية في عناصرها الثقافية.
ان استمرارية هاته الرموز هو انعكاس لواقع الانصهار القهري وتعبير عن ارادة الردة و رفض الموروث الاجنبي, والادراك الواعي لضرورة استمرارية التميز ونمط الحياة في جدلية التطور التاريخي للحفاظ على الوجود الذاتي تحت السلطة القهرية للاجنبي الغاصب.
الحفاظ على التراث الاماريغي ( من دون الاشارة الى ما هو السلبي اوالاجابي ), عامل فعال في جدلية الذات الفاعلة الوجودية في سيرورتها التاريخية ودورها في جغرافيتها وفي محيطها الاقليمي, وهذا العنصر بالضبط ما تتخوف منه الكولونيالية العرواسلام التي عجزت في تحقيق مشروعها التاريخي, المتمثل في الابادة الشاملة للقوم الامازيغي صاحب الشرعية الطبيعية فوق جغرافيته الطبيعية.
كانت ايديولوجية الدمار الشامل (الاسلام) و مازالت الواجهة الاكثر تأثيرا على عقول العامة, وهو شريان حياة الاستعمار الاستطاني, والفاعلة في البقاء على استمرارية الجهل والايمانية اللاواعية لدى عامة الامازيغ, ومن خلال هذين العنصرين تكثف الابواق الرجعية الظلامية الاستعمارية نشاطها الابادي للهوية الامازيغية لتحقيق حلمها الميتافيزيقي الورقي ((( المغرب العربي))) من دون ممانعة ولا مقاومة, وهذا الفعل اللااخلاقي واللاانساني مرتبط حاليا بالحث على تدمير المقومات المادية واللامادية للخصوصية المحلية في التراث الامازيغي الغني, وما الحملة المسعورة في السنوات الاخيرة للحركة العرواسلام الاستعمارية على المروث التاريخي الامازيغي, تنحو في هذا الاتجاه, سواء ما يرتكب من جرائم في حق الآثار الامازيغي الضارب في القدم من تدمير او تشويه (النموذج النقوش والرسومات على اللوحات الصخرية في جبال الاطلس التي تعرضت للتدمير والتشوية, منها لوحة حروف تيفناغ التي ترجع الى عدة الاف من السنين), وما يطالبون به اليوم وبشكل غير مباشر من تشويه وجوه النساء بعمليات قيسرية لازالة الرموز التي تعبر عن الثقافة و اللغة الامازيغيتين, المنقوشة على وجوههن.
الثقافة واللغة الامازيغيتين في نظري مؤدلجي العرواسلام, يعدان العدو الرئيسي والقضاء عليهما هو هدف استراتيجي يحقق للاستطان الاحقية اللاشرعية في السيادة, وبهذا فتدمير الذات الامازيغية واجب مقدس يبتدأ بمحو التراث الامازيغي, من انكار التاريخ الامازيغي ونبذ الثقافة واللغة الامازيغيتين وحتى مهزلة تكفير الاسم والحرف الامازيغيين او تشويه وجوه النساء لازالة الاوشام المعبرة عن الثقافة الامازيغية وعن حروف اللغة الامازيغية (تيفيناغ) العابرة في زمانه لجغرافية ايمازيغن.
يريدون من الامازيغ نفي تراثهم الثقافي المادي واللامادي لانه حسب اتباع العقيدة القاهرة والظلامية, ان التراث الامازيغي سلبي وثني, لا مكان له في ظل السلطة القهرية العرواسلام وعلى ايمازيغن الخاضعين لارادة القاهر العرواسلام لامتثال لسلطة, بالقطيعة مع التراث الثقافي واللغوي والانصهار في تراث الخيمة والناقة والنخلة واحتقار الانثى والغزو. يطالبون بنفي التراث الامازيغي واستبداله بتراث الغرباء,اعراب الحجاز والنجد.
الكولونيالية العروبية اللاشرعية في ارض ايمازيغن, اعطت لنفسها الشرعية الطبيعية واحلت ثقافتها القريشية (المكية) ومحاربة الممانع الامازيغي المحلي بتهمة ثقافة اجنبية استعمارية, لتصبح الثقافة الامازيغية من مظاهر الغزو الثقافي.
يقول احد الوجوه العرواسلام"في فترة النصف الثاني من القرن العشرين كانت مظاهر الغزو الثقافي الغربي للعالم العربي وآلياته تتمثل في فساد القيم الفكرية والاجتماعيـة التي انتشرت مع الاستعمار، وإضعاف الشعور بالقومية وانحلال الحاسة الوطنيـة عند بعض الأدباء والمثقفين، حيث تسرّب الغزو الثقافي عن طريق غزو اللغة إلى الأدب وكان أثره خطيراً على أصحاب المواهب الأدبية"، عبد الكريم غلاب (الأدب والغزو الثقافي، ص 37).
الهلوسة العروبية في امتدادها التاريخي, بطبيعتها الاستعمارية لا تؤمن بأحقية الشعوب والاوطان في استقلاليتها ولذا لا ترى نضالات هاته الشعوب الا في اطار المؤامرة الاستعمارية على ابناء الله العربي, من فضلهم على جميع الشعوب واهدى لهم الارض من مشرقها الى مغربها, وفضل ثقافتهم العلوية النقية على ثقافات السلبية للشعوب, وهم النجم الاكبرى الذي تدور حوله كل الكواكب, فها الصدد يقول حسام الخطيب "نحن سليلو أمجاد ثقافية كبرى. نحن مركز إشعاع حضاري إنساني، نحن الذين نقلنا الحضارة الإنسانية إلى أوروبا ونحن أساتذتها. نحن الذين نتكلم اللغة العربية المقدسة الجميلة الغنية. نحن الذين احتفظنا دائماً في مجتمعنا للشاعر والمثقف وللعالم بأرفع مكانة. ونحن الذين طلبنا العلم ولو في الصين"،(الثقافة العربية الراهنة وآفاق تطورها في مواجهة أشكال الغزو الثقافي، ص 65).
المطالبين بالنفي والقطيعة مع التراث الامازيغي تحت مبرر ساذج التمثل حسبهم بالعلاقة ب " الوثنية", فهم انفسهم سجناء لابخص الافكار الوثنية, النموذج (مراسيم الحج وتقديس الحجر الاسود ).
يقول انجلس " الذين هم اكثر استنكارا للفلسفة هم بالضبط عبيد لأسوأ البقايا المبسطة لأسوأ المذاهب الفلسفية ".
القوى العرواسلام الاستعمارية ترفض الاعتراف بالهوية الثقافية و الحضارية لارض ايمازيغن وهذا من البديهيات, ولهذا فهي تطالب وتقاتل من اجل احداث قطيعة مع هذا التراث والرموز الثقافية والتاريخية الامازيغية بذريعة وثنية هذه الثقافة وهذه الرموز وبالتالي نفيها والانصهار في الثقافة والتاريخ الماضوي العرواسلام الاستعماري, والتي حسب رأينا هي ثقافة سلبية اولا من حيث انها استعمارية و ثانيا بكونها متخلفة لا تظيف اي شيْ ايجابي.
الدفاع عن المكونات التراثية للامة الامازيغية باعتبارها الحافظ على جدلية الوجود, قبل البحث عن تنقيته من الجوانب السلبية وهي عملية ضرورية في تحديد جوانبه الايجابية و قيمته ونفعه في معركة الوجود والاستمرارية.
يقول غاستون باشلار " الواقع انه من الواجب ان ننبه دوما الى ان فلسفة النفي ليست من الناحية السيكولوجية نزعة سلبية, ولا هي تقود الى تبني العدمية ازاء الطبيعة فهي بالعكس من ذلك فلسفة بناءة سواء تعلق الامر بنا نحن و بما هو خارج عنا, فلسفة ترى في الفكر عامل تطور.
ان التفكير في الموضوعات الواقعية معناه الاستفادة مما يكتنفها من لبس وغموض قصد تعديل الفكر واغناءه", فلسفة النفي, ص 17.
تحريم المكونات التراثية الامازيغية, هي جزء من تحريم الوجود الذاتي الامازيغي, ومعاداته لكل ما هو امازيغي ليس جديد على الوسط الامازيغي فهو يعيشه يوميا, الا ان ما هو جديد يكمن في ازمة ينبوغ المغدي للخطاب الشوفيني العروبي الاستعماري, وبسبب ذلك تعمقت هلوسة المؤامرة الخارجية للتغطية عن مسلسل الجريمة اللاانسانية في تدمير الموروث الثقافي واللغوي للاهالي القابعين تحت السلطة الكولونيالية.