كارل ماركس: دياليكتيك الهجرة إلى أميركا


حاتم بشر
2016 / 8 / 19 - 13:47     

((مقطع من مقدمة الطبعة الروسية للبيان الشيوعي-1882))

إن إطار الحركة البروليتارية كان محدودا للغاية، لدى صدور البيان، أول مرة، في ديسمبر 1847. ويتجلى هذا في الفصل الأخير من "البيان": "موقف الشيوعيين تجاه سائر أحزاب المعارضة"، الذي لم يذكر فيه روسيا ولا الولايات المتحدة. فخلال تلك الفترة كانت روسيا القوة الإحتياطية الكبيرة الأخيرة للرجعية الأوروبية برمتها، كما كانت الهجرة صوب الولايات المتحدة تمتص ما يربو ويفيض من قوى البروليتاريا الأوروبية. كان هذا البلدان يمدان أوروبا بالمواد الأولية ويتيحان لها، في آن، سوقا لتصريف منتوجاتها الصناعية. وبناء عليه، كان كلا منهما، سندا للنظام القائم في أوروبا، بصورة أو بأخرى.
ولكم تغير كل ذلك الآن. فبالإرتكاز إلى الهجرة الأوروبية، بالذات، تمكنت أميركا الشمالية من تنمية زراعتها على هذه الصورة العظيمة، حتى غدت هذه الزراعة تقلقل أسس ملكية الأرض في أوروبا بمزاحمتها، سواء الملكية الكبيرة أو الصغيرة. وهذه الهجرة بعينها هي التي اتاحت كذلك للولايات المتحدة البدء في استثمار مواردها الغنية بمعدلات وعزم في وسعهما أن يضعا حدا للاحتكار الصناعي الذي تنعم به أوروبا وانغلترا على وجه التخصيص في أمد قصير. ويؤثر هذا العاملان بدورهما تأثيرا ثوريا في أميركا ذاتها؛ إذ أن الملكية الصغيرة والمتوسطة للمزارعين، هذه الملكية التي تمثل قاعدة النظام السياسي الأميركي كله، تتراجع يوما بعد يوم أمام مزاحمة المزارع العملاقة، بينما تتكون للمرة الأولى ضمن المقاطعات الصناعية بروليتاريا كبيرة العدد، ويتمركز الرأسمال على نحو يماثل قصص الأساطير.

Marx/Engels Selected Works, Vol. One, Progress Publishers, Moscow, 1969, pp. 98-137