لمن تقرع الأجراس - الحزب الشيوعي السوداني وسبعون عاماً من نشر الإستنارة


نجاة طلحة
2016 / 8 / 12 - 09:52     

في واحدة من أسطع لحظات الصمود وتاريخ الجسارة وأثناء محاكمة الرفيق الشهيد عبد الخالق محجوب سأله قاضي المحكمة العسكرية "ماذا قدمت لشعبك" ..أجابه القائد الشيوعي "الوعي.. بقدر ما استطعت." ثم مضى ليعتلي خشبة المشنقة شامخاً يهتف بحياة السودان وحياة الحزب الشيوعي، فهكذا يكون الشيوعي الحقيقي. وأما نشر الإستنارة فقد كان المهمة الأولى المقدمة للشيوعيين السودانيين ولازالت.
تقديم الوعي للجماهير لإستثارة نشاطها تجاه المطالبة بحقوقها، وتنمية الوعي السياسي للطبقة العاملة لتقوم بدورها الإستراتيجي والطليعي في قيادة ثورة الكادحين، هو في مقدمة مهام أي حركة ثورية، كي تتمكن من نقل برنامجها الثوري للجماهير. فالفكر الإشتراكي الثوري لم يكن نتاجاً لمرحلة في نضال الطبقة العاملة بل هو جهد فكري قام به مؤسسا الماركسية كارل ماركس وفردريك إنجلز ثم تواصل تطويره، لذلك فنقله للجماهير هو مهمة الطليعة الماركسية. نشر الوعي بين الجماهير على أساس منهجي يواكب ويتناسب مع الحاجات الذاتية للجماهير هو العامل الأول الذي ساعد في نجاح الشيوعييين السودانيين في إنجاز هذه المهمة.
كان التأهيل الفكري الثوري لقواعد الحزب هو أحد الأركان الأساسية لنشر الوعي التي مارسها الحزب الشيوعي، مبتدئاً بقواعده لتنطلق حاملة مشعل الإستنارة بين الجماهير ومضطلعة بدورها النضالي إذ "لا يستطيع القيام بدور مناضل الطليعة إلا حزب يسترشد بنظرية الطليعة" (لينين ... ما العمل). وفي هذه الوجهة كانت مدارس الكادر التي واصلت تعميق وتطوير الرصيد الفكري للعضوية. وقد ساهمت صحافة الحزب الداخلية في التثقيف النظري فاصدر الحزب المجلات النظرية التي مازالت تساهم بطرح المناقشات النظرية وتثبيت الفكر الثوري. الإعداد النظري كان ومايزال ضرورة، فالنضال النظري لا يقل أهمية عن النضال السياسي. لذلك كان لزاماً على الشيوعيين أيضاً تثبيت أفكار الأشتراكية الثورية داخل الحزب وحمايته من التحريف والإنحراف عن خطه الثوري.
على مستوى النقل المباشر الممنهج للوعي بين للجماهير إهتم الحزب ومنذ تأسيسه بالصحافة ، فهي التي كان لها القدح المعلى في بث الوعي ونقل الفكر، إذ كانت المصادر الإعلامية محدودة حينها. فلعبت صحيفة اللواء الأحمر دوراً متقدما في تعبئة الجماهير ونشر الفكر والتوجه الجديد. ساعدت الأقلام المتمكنة في نقل الفكر الطبقي من خلال مناقشة القضايا والبرامج الآنية، ومواقف الحزب من القضايا المرحلية. ثم إنتقلت اللواء الأحمر الى صحيفة الميدان والتي التزمت جانب مطالب الجماهير ونقد السياسات المعادية لمصالحها وطرح البدائل التي تجعل الأولوية لمصلحة الشعب. فكانت الصحافة الحزبية عاملاً مؤثراُ لنشر الفكر الثوري وغلغلته وسط جماهير المثقفين والعمال والطلاب. هذه البدايات لعبت دوراً كبيرا في إذكاء الوعي وتأثيث قاعدة نظرية ساعدت في صمود الفكر الثوري.
بالنسبة للشيوعيين فنشر الإستنارة لم يكن فقط منهج تحتمه ضرورة إعداد الجماهير لإستيعاب برنامجهم، بل هو رسالة جعلت منها الطبيعة الطبقية لذلك البرنامج ركن أساسي فيه. فإن نشر الوعي الطبقي هو بالنسبة لهم مهمة أصيلة، إذ أن برنامج الثورة الوطنية الديمقراطية هو في الحقيقة وسيلة لتحقيق الغاية النهائية وهي إقامة المجتمع الإشتراكي. قاد الشيوعيون معركة إذكاء نار المقاومة منذ معارك الإستقلال ومروراً بعهود الديكتاتوريات التى تعاقبت على البلاد ودفعوا ثمن تقديمهم الإستنارة للجماهير تشريداً وسجوناً وتعذيباً، وجادوا بأرواحهم رخيصة في سبيل تقديم الوعي. فمارسوا ذلك بهمة ثورية دفعها إدراكهم بأنه ودائماً يكون الوعي بعمق الأزمة وتبيان وسائل وسبل الخلاص هو المسألة الرئيسية والملحة التي تؤهل الجماهير للإضطلاع بدورها في إحداث التغيير.
لم يكن نشر الوعي بالمهمة الساهلة فقد واجه الشيوعيون السودانيون واقع مركب: البرجوازية في الحضر، شبه الإقطاع الطائفي في الريف، المجتمعات البدائية في الأقاصي المهمشة، والمناطق المقفولة بواسطة قانون إستخدمه الإستعمار لعزل الجنوب وحجب الوعي عن مواطنيه. فلم يكن على تلك الحركة الثورية الوليدة مهمة تقديم ذلك الفكر الجديد لجماهير الكادحين من الشعب السوداني فحسب، بل كان عليها مواجهة الثورة المضادة التي قادتها الطائفية السياسية والتي إستثمرت الجهل والأمية اللذين إجتهدت في توطينهما بين جماهير الكادحين البسطاء الذين إستغلت ولاءهم الطائفي لتحقيق المكاسب. فكان شبه الإقطاع في مناطق ما أصطلح على تسميته بالقطاع التقليدي الذي بلغ فيه الإستغلال حد ممارسة كان قد عفى عليها الزمن وفارقتها البشرية منذ قرون، وهي السخرة التي كانت تمارس في تلك المناطق تحت غطاء الولاء الطائفي والقدسية التي كان يتمتع بها سادة الطائفية فعصيان هؤلاء السادة كان معناه خسارة الدنيا والآخرة. إستخدمت الرجعية الطائفية الإستلاب العقلي، فشكلت الدعوة الثورية إختراقا لم يكن لها أن تسمح به، فهو خطر يهدد مصالحها بشكل آني، ثم وجودها على المدى البعيد. إذن ومنذ ضربة البداية فكان لزاماً على الشيوعيين مواجهة الجهل، ليس كواقع تلقائي للمرحلة بل واقع مصنوع ومحمي بترسانة الولاء الطائفي. شكلت الماركسية خطراً كارثيا للطائفية إذ أنها لم تقتصر على توعية البسطاء المُستغَلين بحقوقهم، بل إنها تذهب إلى أبعد من ذلك وهو إقناعهم بأنهم هم الذين سيصنعون التغيير، فكان هذا أمراُ لا يمكن لسادة الطائفيه السماح به. وحينما ظهرت لاحقاً ايدولوجيا الإسلام السياسي إتحدت كل قوى اليمين فكان على الشيوعيين السودانيين مواجهة الرجعيىة مجتمعة.
نجح الشيوعيون السودانيون في صمودهم أمام هذه القوى الظلامية عن طريق ربط كوادرهم الثورية بالجماهير من خلال وجودهم العضوي في المنظمات المدنية العامة كإتحادات المزارعين والعمال والطلاب والنقابات المهنية، ومن خلال جودهم العضوي وإلتحام كوادرهم الدائم بالجماهير والوقوف معها حين رفع المطالب الإنتقالية، ووضعها في برنامج شامل مبني على الواقع. إندمجوا وسط الفئات المختلفة من الشعب، فنشروا الوعي الفكري بين الجماهير مسلحين بقدرات الجدل والإقتناع الكامل بمذهب ماركس. خير معبر عن هذا الدور عبارة الرفيق الشهيد عبد الخالق محجوب "لقد ساهمت بمجهودي ومناقشاتي ودراساتي في إقناع الكثير من الشباب والرجال المناضلين بالنظرية الماركسية لا عن وعد أو وعيد فلا أملك لذلك وسيلة، وليس سبيلي، بل بالجدل والمناقشة الحرة والإقناع والإقتناع واليوم يعمل هؤلاء في كل ميادين الحياة في السودان".
كان الحزب واعياً لطبيعة المجتمع السوداني وتركيبته كمجتمع زراعي رعوي لم تكن الطبقة العاملة هي الشريحة الأكبر في قوى الإنتاج، ولم تشكل القسم الأكبر من جماهير الطبقات الدنيا، فلم ينكفئ عليها ويتجاهل سواد السكان الكادحين، وإستجابة لهذا الواقع عمل الشيوعيون السودانيون بنصيحة لينين فأحسنوا "إستخدام جميع قوى الطليعة من ممثلي الجيل الناشئ من الطبقات المثقفة والذين يميلون للإشتراكية ولديهم رغبة في المساهمة في الحركة وتكليف الجميع بالعمل الملائم" خاصة أولئك الذين يقيمون في الأقاليم المختلفة بحكم عملهم أو بطبيعة إنتمائهم لتلك المناطق والتردد عليها. فدعموا قيام التنظيمات المحلية بإعتبارها وسيلة تمهد لإنعتاق جماهير تلك المناطق من القيود التي كبلتها بهم البرجوازية والطائفية الرجعية كي تحفظ مصالحها على حساب معاناة السكان. ساعد الشيوعيون في قيام الإتحادات والروابط الإقليمية كإتحاد جبال النوبة وإتحاد أبناء البجا ونهضة دارفور ولعبوا دوراً كبيراً في تأسيسها. ثم ساعدت تلك التنظيمات بدورها في نشر الوعي بين القواعد.
نجحت مساعي الشيوعييين السودانيين بالعمل المثابر في صفوف المزارعين. فعملوا على توعيتهم بقوة إتحادهم وأهمية نضالهم في صفوف متراصة وإتباع تاكتيكات النضال الناجحة للوصول للمطالب الآنية والمستديمة. وقد نجح الشيوعيون السودانيون في خلق تحالف العمال والمزارعين. ثم وجهوا الدور الطليعي للعمال في تنظيم صفوف النضال. فكانت الخطوة التاريخية لإتحاد العمال بتنظيم الفلاحين والعمال الزراعيين. فعُقد المؤتمر الأول لمزارعي الشمال في عطبرة تحت رعاية عمال السكة حديد ثم مؤتمر مزارعي القطن في جبال النوبة. تبع ذلك إنضمام مزارعي الجزيرة للجبهة المتحدة لتحرير السودان وهي نقلة إتسمت بتطور الوعي بين جماهير المزارعين. وهنالك حقيقة ذات أخمية قصوى وهي أن الوعي هو الآلية التي خلقت الجسر بين العمال والمزارعين. ثم أنه وبدون الوعي فكل التضحيات التي قدمتها جماهير العمال والمزارعين والتي فرضتها الظروف الموضوعية كانت ستذهب سدىً. أنجزالشيوعيون السودانيون مهمتهم المبدئية كاملة بنقل المثل الإشتراكية الأساسية الى حركة العمال العفوية، وربطها بمبادئ الإشتراكية ودفع النضالات الإقتصادية في إتجاه النضال السياسي.
إدراك الشيوعيين السودانيين بحقيقة أن ثورات الكادحين تكون مستحيلة إطلاقاً دون نشاط سياسي متنام وشامل للطبقة العاملة كان العامل الأول في إهتمامهم بتنظيم صفوف الطبقة العاملة لتقوم بدورها الطليعي في النضال من أجل إستقلال البلاد. فكما قال لينين فإن الطبقة العاملة "هي طليعة جميع القوى الثورية في النضال من أجل الحرية" فوطدوا مواقعهم في صفوف الطبقة العاملة وقاموا بالترويج للاشتراكيّة وفكرة النِّضال الطَّبقي وغرسوا جذورها عميقا في وعي العمال. لذلك لم يكن من قبيل المصادفة، تزامن ميلاد الحركة النقابية مع تأسيس الحركة السودانية للتحررالوطني (حستو) أول تنظيم شيوعي سوداني، فدخلت الطبقة العاملة السودانية بقوة كلاعب أساسي في قيادة الصراع السياسي. وشهد التاريخ تنظيم الشيوعيون لأول مظاهرة سياسية ضد الإستعمار البريطاني. تغلغلت حستو داخل الحركة النقابية وكانت الثمرة المتقدمة لنشر الوعي وسط العمال هي تأسيس هيئة شئون العمال وفي طليعتها نقابة عمال السكة حديد التي ترأسها القائد الشيوعي الرفيق الشفيع أحمد الشيخ. وعندما رفضت الإدارة البريطانية الإعتراف بالنقابة مارس الشيوعيون دورهم الطليعي بتحريض العمال وتنظيم مظاهرة حاشدة، ثم الإضراب عن العمل، والصمود أمام عسف الإدارة، فلم يكن أمامها إلا الرضوخ والإعتراف بالنقابة. وكان التطور الثوري الفارق هوقيام الإتحاد العام لنقابات العمال بقيادة الرفيق الشفيع احمد الشيخ. عمل الشيوعيون على خلق الوعي السياسي في صفوف العمال فتطور النضال النقابي سياسياً، وإضطلعت الطبقة العاملة بدورها في تحقيق الإستقلال. ثم واصل الحزب العمل على إنماء وعي الجماهير، بهمة ثورية لا تكل، لتتصدى للدفاع عن الحقوق والحريات الديمقراطية والنقابية. ثم تواصل هذا الدور النضالي في قيادة الجماهير لرفض كل أشكال الديكتاتورية والأنظمة الشمولية وأخذ الشيوعيون على عاتقهم توطين الدعوة للديمقراطية من خلال المنشورات والصحافة السرية والعلنية والتحريض المباشر في صفوف الجماهير وتنمية بذور الإحتجاجات على طغيان وإستبداد العسكر، وتطوير نضال الجماهير الثوري.
لم ينفصل نشاط الشيوعيين عن نضالهم الثوري فقادوا صراعاً شرساً ضدً ديكتاورية عبود إستصحب الدعوة للمبادئ الإشتراكية وربط قضية الديمقراطية بالمفهوم الطبقي بدقة تامة، وطبقوا نصحية لينين "ولا يمكن أن يكون وعي جماهير العمال وعيا طبقيا حقا إذا لم يتعلم العمال الاستفادة من الوقائع والحوادث السياسية الملموسة والعاجلة حتما في الوقت نفسه." فلم تنفصل تاكتيكات الشيوعيين تلك عن إستراتيجيتهم الثورية فقد كان الدفاع عن الديمقراطية بالنسبة لهم دفاعاً عن وسيلة أساسية وهامة لبلوغ الإشتراكية. نجح الشيوعيون في دمج الإشتراكية بحركة المقاومة الجماهيرية فتفجرت ثورة أكتوبر وتفجر معها بركاناً ثورياُ تمثل في إنتظام الجماهير وإلتفافها حول برنامج الحزب الشيوعي. كان مداً ثورياً إنتظم خلاله المثقفون والعمال والنساء والطلبة جموعاً حاشدة في منظمات تحالف الشيوعيين والديمقراطيين. لم يكن للبرجوازية والرجعية مجتمعة أن تصبر على هذا المد الثوري وهو يبلغ ذروته فوحدت قوى الثورة المضادة صفوفها ولجأت للتآمر. وأد اليمين الرجعي الديمقراطية الوليدة بإجراء خالف كل الأعراف والسوابق السياسية والقانونية وهوحظر نشاط الحزب وطرد نوابه من البرلمان. فأي حلول وسط لم يكن بإمكانها القيام بمهمة الثورة المضادة، لأن الجماهير هي التي كانت ستتصدى لها. فما كان على الرجعية إلا أن تقوم بهذا الخرق المجافي لكل القوانين. وحتى عندما قال القانون كلمته بعدم شرعية تلك الإجراءت ضربت الرجعية بالدستور عرض الحائط. الشاهد أن حملة الوعي التي قادها الشيوعيون وتلك المقاومة الجسورة للثورة المضادة لم تذهب سدىً فقد إزدادت مناعة الحزب ضد كل محاولات القضاء عليه التي أعقبت ذلك التاريخ.
لم ينكفئء الشيوعيون على حزبهم وإعتبروه منبرهم الوحيد لنشر الإستنارة بل وسعوا المواعين وإبتكروا المداخل لنقل الوعي الثوري للجماهير بإشراك الطلائع المتقدمة والإستناد على أنشطتها لتكوين وعي ملائم للمتطلبات الآنية وكذلك تعميق الوعي الطبقي وتطويره بين القواعد. كانت مداخل إلتزمت بالمنهجية الثورية بنشر الوعي دون تبني القضايا، فتكونت التحالفات بين الشيوعيين والديمقراطيين في كل القطاعات،. إعتمد الشيوعيون على إتباع نهج الشراكة مع تلك الطلائع في تنظيم نقل الوعي لقواعدها. أسسوا التنظيمات الديمقراطية والتي لعبت دوراً هاماً في تحقيق المكتسبات في وجهة الحقوق السياسية والإقتصادية والإجتماعية. لعب الإتحاد النسائي دوراً عظيماً في إنتزاع حقوق المرأة وإنتصرعبرنضاله السياسي وصراعه الجسورعلى القوي المناهضة لحقوق المرأة حتي وفي ظل الأنظمة الديكتاتورية (المكاسب التي تحققت اثناء نظام عبود مثالاً).الرؤية الثورية التي من خلالها قاد الإتحاد النسائي النضال من أجل إنتزاع حقوق المرأة وجهت نشاطه ليلعب دوراً أساسياً في النضال السياسي من أجل الديمقراطية بإعتبارها المناخ الأكثر ملاءمة للنهوض بالمرأة وخدمة قضيتها. لذلك كانت للإتحاد النسائي مساهمات سياسية مشهودة تمثلت في قيادة الكثير من أشكال المقاومة ضد الديكتاتوريات التي تعاقبت علي الوطن، وذلك بتنظيم المظاهرات والإعـتصامات وتقديم العرائض، مما شكل إختراقاً مميزاً لجبروت تلك الأنظمة. كذلك نشرت الروابط الإشتراكية وسط المهنيين الوعي بين صفوفهم وطورت نضالهم المطلبي لنضال سياسي كان له دوراً مميزاً في إستخدام سلاح الإضراب، الوسيلة الناجحة في إسقاط الديكتاتوريات. أما الجبهة الديمقراطية للطلاب فهي تمثل تحالفاً ثورياً للطلاب الديمقراطيين والشيوعيين يشكل فصيلاً أصيلاً في قوى الثورة الوطنية الديمقراطية، نضاله من أجل تحقيق ظروف أحسن للطلبة إستصحب قيادة الصراع السياسي العام فكان له دور مميز ومتقدم كطليعة ثورية تخوض المعارك وتتقدم الصفوف في خوض المعارك. ذلك بجانب تحالف الشبيبة الشيوعية والديمقراطية في إتحاد الشباب السوداني الذي شارك ومنذ تأسيسه بقوة في الصراع السياسي من أجل الحريات والديمقراطية وتعبئة الشباب وتنمية قدراتهم. أما الجبهة النقابية فقد قامت بدور مثابر في نشر الوعي الطبقي بين العمال وقادت صراعهم، المطلبي والطبقي في آن واحد. نهج الشراكة خلال تلك التنظيمات والذي إتبعه الشيوعيون بتأهيل الجماهير للدفاع عن حقوقها والإرتقاء بنضالها من الإقتصادي المطلبي الى السياسي الطبقي، مستندين على نشر الإستنارة والوعي بينها، هو مادة يمكن أن تملأ صفحات مجلدات فمن الصعب إختزال تاريخها الثري في مقال.
طيلة سبعين عاماً إجتهد الشيوعيون السودانيون في نشر الإستنارة وإنماء الوعي بين الجماهير، في أزمان السرية وأزمان العلن، وهي مهمة مستمرة ما دام الحزب الشيوعي صامداً، رافعاً راية الماركسية الثورية وثابتاً على طريق النضال الطبقي. قد تعوق الديكتاتوريات هذه المهة ولكن فقط إلى حد، وإلى حين، فهي حتماً ستفشل في إيقافها، ولنا في أكتوبر خير شاهد.