البدائية كرغبة كونية - وداعاً أتلانتيس


محمد عبد القادر الفار
2016 / 8 / 10 - 01:38     

الحضارة تشكل تهديدا للجموح، فهي تكنس في طريقها الانفعال والحماس والدهشة والتأويل، وصولا إلى الجموح، وذروته الجنس.

كلما زادت الحضارة خفَّت حدة الجنس وخفَتَ الاستقطاب وتخنثت العلاقة بين الطرفين.

أين ستجد العلاقة جامحة أكثر... حيث تجد.الحوار بين الطرفين؟ حيث يحضر التلاقي الفكري والتكافؤ والعقلانية؟ أبدا... إنك لن تجد جموحا يقترب من جموح علاقة سيد بجاريته، حيث تخاطبه كسيد ويخاطبها كخادمة، حيث الطاعة والمهابة، حيث تسترضيه ويعلق لها السوط او يعاملها كقط اليف في بيته. علاقة لا يسمحان للحوار أن يخترقها او يهددها ببروده وخنوثته وتقبله لكل شيء..... إنه حيث يقل الحوار، ويزداد التأويل المتبادل، والدهشة، والاحتكام إلى قراءة لغة الجسد وحماسة التمني لردات فعل جامحة، هناك يقبع الجموح، لا حيث الكلام والحوار والتكافؤ

بل حيث الخوف

إن علاقة لا خوف فيها لا تراتبية فيها ولا تعالي، وهذا يقلل حماسها، فالندية بخلاف ما قد يظن المرء تقلل الحماس كونها تقلص الفجوة بين الاقطاب.

إن الخوف عنصر إثارة يتلاشى تدريجيا مع تحضر العلاقة ووجود الحوار والكلام والتكافؤ....

إن الإنسان، ولخيبة أمل العقل والعقلانية، قد يتخلى عن العقل وعن الحكمة وعن الوصول إلى قمة المعرفة، في سبيل الحفاظ على ترتيب بدائي يتيح الاحتفاظ بالجموح ويقدر الحواس والانفعالات.

المشهد كالتالي:

الانسان يرد الى ارذل العمر لكي لا يعلم بعد علم شيئا... الارض تأخذ زخرفها وتتزين ويظن أهلها أنهم قادرون عليها (زيادة العلم والحضارة وشيوع ثقافة العالمية وحقوق الانسان وذوبان الفوارق الجنسية والعرقية والدينية ) فيأتيها طوفان او نيزك يمنعها من ان تحرمنا من النهاية الدرامية، يمنعها من نهاية مملة تتضمن أن نتخنث تدريجيا او يقل الجموح الجنسي ويقل التزواج حتى نأخذ في الانقراض كما هو حاصل في اوروبا الغربية....

الطوفان هو عملية ضرورية لخلق فجوة في ذاكرة الحضارة لمنع تراكم يصل بالبشرية الى التخنث الجماعي.....

طوفان او نيزك....او ما شابه.... زلزلة واثقال مخرجة مثلا

فإذا استوت سفينة الناجين المحافظين "اهل اليمين" على الجودي بدأت من جديد بذاكرة بدائية عن الحضارة السابقة، وتقاليد محافظة رافضة لحالة التميع والخنوثة العقلانية الاخيرة التي سبقت الطوفان....

الحق والحق نقول: وداعا... اتلانتيس