البناء النظري لمفهوم وحدة الماركسيين اللينينيين المغاربة


الماركسيون اللينينيون الوحدويون المغاربة
2016 / 7 / 25 - 16:54     

في أزيد من نصف قرن من النضال الثوري بالمغرب، منذ انتفاضة 23 مارس 1965، لم تستطع القوى الثورية بالمغرب توحيد صفوفها. عجزت الحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية عن بناء تجربة ثورية ملموسة بعد فشل التجارب السبعينية، بينما يعرف الوعي في صفوفها الجماهير، الطبقة العاملة والفلاحون، تناميا ملحوظا، دون القدرة على بلورة فعل ثوري ملموس نظرا لكون اليسار الثوري غير قادر على استيعاب حركتها المتنامية.

كانت كل المحاولات الرامية إلى توحيد صفوف الماركسيين اللينينيين المغاربة قد باءت بالفشل، وكان تعطيل بناء الحزب الماركسي ـ اللينيني المغربي عائقا أساسيا أمام الجماهير، الطبقة العاملة والفلاحون، لبلورة الفعل الثوري الحاسم للوصول إلى السلطة، وتوالت نداءات الوحدة حتى أصبحت شعارا مألوفا في أدبيات التيارات المتعددة في الحركة الماركسية ـ اللينينية المغربية، حيث لم تستطع هذه التيارات الخروج من دائرة مطلب الوضوح الإيديولوجي والسياسي، إلى بلورة مفهوم البناء النظري للثورة المغربية.

وجاء نداء الماركسيين اللينينيين الوحدويين المغاربة، في نقده لهذه التجارب الفاشلة، ليعطي لمفهوم الوحدة منظورا أدق وأشمل، حيث لم يكتف بمطلب الوحدة، من منطلق الوضوح الأيديولوجي والسياسي المألوف، بل تعداه إلى اعتبار الفعل الوحدوي يهم الوحدويين فقط، عبر الصراع الأيديولوجي والسياسي الرفاقي مع جميع الماركسيين اللينينيين المغاربة، على اعتبار أن الوحدويين شكل تنظيمي مناقض لمجمل التيارات التي باءت بالفشل وشكلت أدوات تنظيمية "بناء ذوات ماركسية لينينية على مستوى الفكرة ومنها من فشل وأفرز مجموعة انقسامات" كما جاء في النداء، تساهم في تعطيل البناء النظري والعملي لاستراتيجية الثورة المغربية في علاقتها باستراتيجية بناء الحزب الماركسي ـ اللينيني المغربي.

وكما تناول النداء المسائل الأيديولوجية والسياسية، تناول كذلك جانبا مهما في البناء الثوري، غالبا ما يتم إهماله في جميع التجارب السابقة، التي يطغى على أدبياتها الأيديولوجي والسياسي، فطرح النداء مسألة الإقتصاد في الصراع الطبقي باعتباره مركز النضال الثوري "الفشل ... لأسباب متعددة منها ما هو أيديولوجي ـ سياسي مرتبط بمسألة الخط وكذا الهوية ومنها ما هو مرتبط بمسألة الإقتصاد في شق البناء الإشتراكي، التقييم للتجارب (خاصة السوفييتية، الصينية، الألبانية ..)" كما جاء في النداء، حيث أكد النداء على أن الصراع داخل الحركة الماركسية ـ اللينينية يجب أن يأخذ المسألة الإقتصادية بعين الإعتبار، مما يتطلب دراسة الأساس الإقتصادي للواقع الموضوعي للمجتمع المغربي في علاقته بالأساس الإقتصادي العالمي، الدول الإحتكارية وحرب الحكومات على الشعوب المضطهدة ..

وهكذا فإن الأساس الإقتصادي في النظرية الماركسية اللينينية، المكونات المادية لتطور الأنظمة الإجتماعية الذي تتم بداخله الصراعات الطبقية بين القوى المنتجة (وسائل الإنتاج المادية والثقافية والناس المنتجون) وعلاقات الإنتاج (الأسس الأيديولوجية والسياسية والقانونية والفلسفية .. للطبقات المسيطرة)، يشكل أرضية العمل الثوري التي يجب ضبطها واستيعابها، من خلال ضبط واستيعاب جميع مظاهر الحركة الإجتماعية المادية والثقافية لمجمل الطبقات والفئات المتصارعة خلال عملية الإنتاج، أي مجمل الطبقات والفئات التي توجد في صلب الصراعات الطبقية بين الطبقات المنتجة والطبقات المسيطرة على وسائل الإنتاج.

ففي المجتمع الرأسمالي تكونت طبقتان أساسيتان، الطبقة العاملة التي تبيع قوة عملها وهي طبقة ثورية والطبقة البرجوازية التي تستغل قوة عمل الطبقة العاملة وهي طبقة رجعية، أما باقي فئات الطبقة الوسطى وأساسها البرجوازية الصغيرة وعلى رأسها المثقفون المأجورون والمستثمرون الرأسماليون المتوسطون والصغار، فهي تتدحرج بين الأيديولوجيتين الأساسيتين في الصراع الطبقي، أيديولوجيا البرجوازية وأيديولوجيا البروليتاريا أي الماركسية، أما المجتمعات التبعية، من ضمنها المجتمع المغربي، فرغم سيطرة الإحتكارية على السوق التجارية فلم تتشكل بوضوح هاتين الطبقتين المتصارعتين، نظرا لكون البلاد قد تعرضت للإستعمار الذي حاول فك البنيات الإجتماعية القديمة على المستوى المادي دون إحداث ما يوازي ذلك على المستوى الثقافي، لكون الإستعمار ما يهمه هو استغلال الثروات الطبيعية وقوة العمل دون تأهيل الطبقة البرجوازية المحلية، وترك علاقات الإنتاج مرتبطة بالعالم القديم حتى لا يتأهل العمال إلى مستوى البروليتاريا.

إن الأساس الإقتصادي في الدول التابعة للإحتكارية العالمية، وضمنها المغرب، ما زال يشوبه خليط من بقايا العالم القديم، فالبوادي المغربية مازالت تلعب دور المعرقل لتطور الحركة الثورية، كما أن تخلف الطبقة العاملة بالمدن يشكل عائقا أساسيا في وضوح مركز القوى الثورية ببلادنا، ذلك ما يتطلب "تقييم الإستراتيجيات الثورية على مدى امتداد التجارب الثورية (الانتفاضة الثورية، الحرب الشعبية، الكفاح المسلح..)" كما جاء في النداء، واستنباط البناء النظري للثورة في علاقته بالأساس الإقتصادي للوضع السياسي بالمغرب، دون العمل على استنساخ تجربة ثورية عالمية معينة دون غيرها وإقصاء تجارب أخرى، هذا الإقصاء الذي ساهم بشكل كبير في إفشال جميع التجارب الوحدوية السابقة، مما يتطلب إعطاء مسألة الفشل بعدا أدق وأشمل "إن الفشل أصبح قضية وجب حلها، إنطلقنا كما انطلق العديد وليس كالجميع لنناقش مجموع القضايا المرتبطة بالمشروع الثوري برصيدنا النظري وتجربتنا العملية" كما جاء في النداء، حيث وضع النداء الفشل كإشكالية وجب حلها، مناقشتها كظاهرة ملازمة لتجارب اليسار الثورية المغربي.

ويعتبر نداء الماركسيين اللينينيين الوحدويين المغاربة نوعيا في طرحه لمسألة الوحدة، التي اعتبرها مسألة الوحدويين ضد الإنقساميين "ولا نريد أن نكون أبدا انقساميين، ذاتيين، شعبويين ولا نسعى إلا لوحدة مبنية على النقاش والجدل والصراع من أجل بلورة سديدة لعملية البناء" كما جاء في النداء، فالوحد حسب النداء إذن هي مهمة الوحدويين ضد الإطاروية والذاتوية والكرزمائية التي تلازم الإنقساميين، وأساس الوحدة من منظور النداء هو النقاش والجدل والصراع الرفاقي في ظل الوحدة.

امال الحسين
أكادير في 25 يوليوز 2016