نداء إلى الحزب الشيوعي العراقي


علاء الصفار
2016 / 7 / 10 - 23:19     


لقد أثبت العالم المؤامرات الكبيرة على العراق. و زال الشك و كُشفت كل الخيوط و الذيول التي أدت إلى غزو العراق, وخاصة بعد تصريحات جاءت في تقرير تشيلكوت, حول زيف المعلومات المستقاة التي أدت إلى غزو العراق. ثم أن المؤامرة لم تقف عند هذا الغزو بل تعدى الأمر إلى أن الدستور العراقي و شكل ترسيم أمر الانتخابات في العرق, هي مؤامرة ضد اليسار و خاصة الشيوعيين.

ثم الجرائم الفظيعة التي قادتها قوات الغزو ومن السنين الأولى بل من الأيام الأولى كنهب الآثار من قبل المافيا الدولية ثم نهب البنوك من قبل عصابات خليجية و من ثم إدخال كل زناة الليل من أفراد القاعدة, حيث كان يجري اختطاف البشر في بيوت فيها رجال لا تجيد اللهجة العراقية من مغاربة و تونسيين و سعوديين, ليتم إرعابهم و من جميع الفصائل و الطوائف والأديان في العراق, أن يقود الشهادة و أن يصلي, فأن قال أنا مسيحي أم صابئي فكان يقتل و أتضح بأن صلاته فيها عليٌ ولي الله كان يقتل, ول يفرج عن السني لكي يشيع الخبر ليتم فعل القلق و الخوف و لتشيع الفرق الطائفية.

و بعدها جرت أعمال التفجير الغريبة في العراق, و كانت أكثرها مرارة تفجيرات جسر الأعظمية, و التي راح ضحيتها المئات من البشر, ثم لا ننسى أعمال التصوير في السجون و خاصة في أبو غريب لإشاعة الخوف و الذعر و الإيحاء بأن لا سلام و لا ديمقراطية في أفق العراق بل أن ليل من الفساد و الزيف و المافيا السياسية تزحف على جسد العراق و أشلاء القتلى في كل محافظات العراق.

فهكذا سارت الأمور في جميع محافظات العراق و خاصة الغنية كالبصرة ثغر العراق الحاني, و أخيراً تمت صفقات أمريكا و السعودية و القاعدة, فأنتجت داعش التي غدرت بموصل العراق الحدباء حيث قيم الحضارة و الجمال في الوئام القومي و الديني لتكون مسرح لقتل المسيحي و الأيزيدي و الشيعي, ولتكون عاصمة دولة العهر لأبو بكر البغدادي ( دولة الخلافة الإسلامية في الشام و العراق).

لا أستطيع تسطير أعمال التفجير و القتل على الهوية و أعمال الزيف و الفساد الإداري و القانوني و التعيين الفضائي للجنرالات و لا المشاريع الوهمية التي ضاعت فيها بلايين الدولارت, و الميليشيات تسرح و تمرح و الوزراء في بحبوحة والجماهير الشعبية ( الفقراء و الكادحين) جيش الشيوعيين يذبح و يهان و يهمش و جل الشيوخ و كبار السن من الفقراء المتقاعدين يعيشون في الذل و الهوان. أما النساء و المرأة في العراق فهي ليست فقط عورة صارت, كما في السعودية بل مشروع للاغتصاب و السبي و الاتجار و البيع في سوق النخاسة و النجاسة.

أما الشعب فقد أنهك في تجربة الديمقراطية للعم سام و التي قادها جورج بوش قنبلة و الحشاش و رتب أساسها الصهيوني بول بريمر, و هكذا تم زرع الفتيل الطائفي عبر التفجير الذري في الفلوجة, و من ديالى سار التعاون الأمريكي _ البعثي الصدامي و فصار النزاع الطائفي, و من أربيل هبت و تهب الرياح الصفراء من اجل القتال القومي و الخلاف الحزبي.

سار الشعب من اجل تحرير الفلوجة عبر نداء الشهادة من اجل تحرير الأرض من دنس داعش و التي جاءت ليس من الدولة التي يشارك بها الحزب الشيوعي بل من السيد الحجة في الإسلام علي السيستاني, فتم الهجوم على داعش من قبل شباب العراق الميامين و الذي لم يخضع للنسق و النزع الطائفي, إذ ضم الحشد كل أطياف الشعب العراقي. هذه الظاهرة هي ما دعتني لكتابة هذا النداء للحزب الشيوعي.

أن الذي يرهب القوى السياسية الحالية هو قوة و إرادة الشباب العراقي الذي خبر السلطة الحالية و سبق اليسار و الشيوعيين في التظاهر, لا و بل اجتياح المنطقة الخضراء و البرلمان, و من هنا نرى شموخ الشباب العراقي بل تلاحم الشعب كله من اجل الانتصار على داعش و الإرهاب و الانتصار للعراق و بكل أطيافه.

فأمام هذا المنعطف الحاد ضد الإرهاب وضد مؤامرة زرع النزاع القومي و الطائفي, الذي جُذر عليه الوضع و التجربة السياسية في العراق, بات العراق في مأزق مميت و حلقة الشيطان.
فبعد انتصار الشعب على المنطقة الخضراء و البرلمان كعمل سياسي, و بعد انتصار الشعب على داعش في الفلوجة وجدت الحكومة الحالية أنها معراة من كل نصر سياسي كان أم حربي لتحرير الفلوجة, فسريعا ظهر الرد في منطقة الكرادة في بغداد.

لماذا الكرادة و لماذا في رمضان و لماذا هذا الكم من الدمار و الحصاد لأرواح العراقيين, أنه العمل على تركيع الشعب العراقي يجب بهذا الشكل المجرم و المرعب. و هو تماما مشابه لتفجيرات جسر الاعظمية غيرها, أنه الطريقة التي سنت على يد بول بريمر السايس للعراق و العراقيين.

أن مهاجمة الشعب العراقي للمنطقة الخضراء, جعلت جسد دولة المحاصصة و الفساد يتلوى, إذ أتضح هشاشة و انعزال الدولة عن الشعب و بشكل صارخ, و فضحت الكثير من الرموز و الشخصيات و عرتهم و على المحك, ثم ظهر شباب تواق لنزاع داعش و بلا نزعة طائفية أي خارج قبضة الأحزاب السياسية الإسلامية التي تتمرغ في دولة بلا أي قانون أو سلطة أو أخلاق أو قيم.

لماذا الكرادة و مباشرة بعد تحرير الفلوجة و في رمضان؟

الكرادة في وسط بغداد, و بنسيج قومي و وطني و ديني تمثل موزائيك العراق الزاهي و الجميل, ففيها الشيعي الكادح الذي يبيع الخضار و الفواكه و فيها الخباز السني و فيها الكردي الذي يبع الكيوات و الحلي الكردية الجميلة و فيها الأيزيدي الذي يبيع البهار و فيها المسيحي الذي يعمل في الديكور و المحال التجارية الراقية و فيها الصابئي الذي يبيع ذهب الصبة ذا النكهة العريقة في القدم, وفيها من العراقيين من أصول هندية و باكستانية و أفغانية جاءوا العراق قبل أن يأتي أليها النبي محمد ليبيعوا العطور و الأحجار الكريمة.

إذن لا بد من ضرب هذا المعلم الحضاري العريق و الذي يتجسد فيه الوئام و الصلابة و العراقة العراقية, فهذه ترهب العم السام و إسرائيل و كل الأحزاب الإسلامية شيعية كانت أم سنية, أي تتفق داعش مع الأحزاب الشيعية على ضرب الروح الوطنية والسلام القومي والديني والطائفي في هذا الأمر, لذا أن الهجوم على العراق من قبل أمريكا وأصحابها في إسرائيل والسعودية وقطر كان من اجل تحطيم ليس سلطة صدام حسين, بل تمزيق العراق شر مزق.

اليوم الشعب العراقي في قمة الصحوة و الفاجعة الوطنية يشعر بحجم الجرم بحقه و من جميع الوجوه و الصور والأشكال والزوايا, وهو يصرخ في جوف العالم السافل والجوار المجرم في السلطة المثقوبة,أما من شرف أما من غيرة وأما من نصير.

لذا أقول أن الشعب العراقي يسبق الحزب الشيوعي, وتماما كما سبق الشعب المصري اليسار والحزب الشيوعي وأسقط حكم حسني مبارك. أن الفرصة مناسبة للحزب الشيوعي ليقول و يعلن انسحابه من سلطة العار و الشنار الطائفي والفساد الاداري والنهب للمال العام و القتل للشعب في الشوارع و في العلن من اجل تأسيس جمهورية خوف من طراز ثاني.

لقد أخطأ الحزب الشيوعي في الكثير من الممارسات السياسية و حاول التبرير و حاول التصليح, و لم يفلح يوما في قيادة الدولة, و الآن الفرصة سانحة من اجل أعادة التقييم في التعامل مع دولة جورج بوش الامبريالي و بول بريمر الصهيوني, فالكرة الآن في يد و ساحة الحزب الشيوعي, فهل يجرأ الحزب الشيوعي للتخلي عن المنطقة الخضراء التي صارت هدف الجماهير و مسخرته, و لينتفض الحزب الشيوعي على هذا الواقع الذي ليس له شبيه في تاريخ العراق الحديث.

فالعمال و الكادحين وفقراء القرى سواء في الأهوار و الجنوب قدمت الكثير للحزب الشيوعي و كذلك في كردستان قدم أهل القرى المأكل و المأوى حين كانت مفارز البيشمركة المنهكة تدق الأبواب و تعلن جوعها و بردها, لتقدم نساء كردستان الفقيرات اللبن المدخن و الخبز المحمر و الفراش الدافيء بكل محبة و سخاء, أما أهل العراق و من الجنوب و الشمال ضخوا الحزب بالرجال و القادة العظام ممن أسسوا الحزب و استشهدوا من اجل الشعب فالناصرية قدمت يوسف سلمان (فهد) ؤسس الحزب الذي قتل على يد الملك العميل لبريطانيا, وهكذا تم قتل سلام عادل علي يد جلاوزة البعث الذي جاء بالقطار الأمريكي أما كامل شياع فتم قتله على سلطة الدبابة الأمريكية للسيد بول بريمر الصهيوني و التي جاءت في زمن غزو العولمة.

فإلى متى يبقى البعير على التل!
إلى متى الوقف على التل و التفرج على عهر الدولة الطائفية و فسادها و إجرامها, أنها سلطة مهزومة لا تختلف عن سلطة عبد الرحمن عارف التي أسقطها البعثيون, فهل تنتظرون ثورة البعث ما بعد الغزو.

لم يليق على اليسار و الشيوعيين التفرج و الانتظار في ساحات الوغى التي يُزج فيها الشعب العراقي و بهذا الشكل البربري!

لقد ثار حتى الحسين على يزيد ابن معاوية رغم أن الاثنين كانوا من دولة الدين الإسلامي للنبي محمد, إلا أن الحسين ثار على فساد رجال دولته و لما رأى جون النصراني بطولة و نزاهة ثورة الحسين فشهر سيفه مع الحسين. لنتعلم شيء من التاريخ!

فإلى متى يسكت الأحرار من كل الأحزاب شيعية و كردية و يسارية و قومية و خاصة الحزب الشيوعي العراقي على هذه المجازر و كل هذا الفساد!

أما من حسين ثوري جديد يا أيتها الأحزاب الشيعية. أما من جيفارا جديد يا أيها الحزب الشيوعي العتيد!