إقالة عبد السلام عارف من مناصبه


وصفي أحمد
2016 / 7 / 1 - 16:36     

بعد أن اختلف كل من عبد الكريم قاسم و عبد السلام عارف إلى حد القطيعة , سعى الأول ومعه الضباط المحيطون به ـ ومعظمهم من ذوي الميول القومية ـ إلى ردم الهوة وتجنيب البلد حالة الانقسام والتشرذم , وكان القرار هو إقالة عبد السلام عارف من جميع مناصبه وتعيينه سفيراً في ألمانيا الغربية , ولكنه تمرد على القرار وأعلن عدم موافقته وأنزوى في بيته , فأرسل عبد الكريم قاسم إليه أحد أقرب أصدقاء الزعيم فؤاد عارف لإحضاره إلى وزارة الدفاع , والعمل على اقناعه بالذهاب إلى مقر عمله الجديد , وبعد حضوره إلى مكتب عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع , ظل على موقفه الرافض لا يحيد عنه ولا يلين , وبعد الياس من إقناعه ذهب قاسم إلى باب الغرفة ليفتحه , فاستغل عبد السلام هذه الفرصة وأخرج مسدسه من تحت سترته ليقتل به قاسماً , الذي حانت منه التفاته سريعة فأمسك بيده وضغط عليها , وساعده الزعيم فؤاد عارف على انتزاع المسدس وإفراغه من إطلاقاته , ودخل عدد من الضباط وقادة الفرق الذين كانوا بالقرب من مكتب الزعيم عبد الكريم قاسم في وزارة الدفاع , وسرعان ما أجهش عارف بالبكاء , وقد عاتبه قاسم على فعله هذه , وكانت حجة عبد السلام حاضرة أنه حاول الانتحار و وهي حجة ظل يتشبث بها طيلة جلسات محكمة الشعب , ورغم الرد عليها ونقضها من قبل عدد من الشهود الذين حضروا الحادث .
وعبد الكريم قاسم لم يكن الوحيد الذي يجزم بتلبس صاحبه بالجريمة , ورغم ما شاهده بعينيه وقطع به من نيته المبيتة , إلا أنه ترفع عن الانتقام منه , مع قدرته على ذلك . كما أن الدكتور محمد الشواف في شهادته أمام محكمة الشعب , هو اآخر يرجح نية الاغتيال المبيتة لدى عارف على نية الانتحار المزعومة . وقد شاهد الدكتور الشواف عارفاً في حالة من التوتر والانفعال الشديد , وكان يحيط به الزعيم عبد الكريم ومجموعة من كبار الضباط , وقال في جانب من شهادته أن (( رئيس الوزراء ( عبد الكريم قاسم ) أمر بتقديم عشاء خفيف إلى الموجودين , امتنع الأخ عبد السلام عارف عن تناول ذلك العشاء , فقام بنفسه واتى له بكوب من الحليب وقدمه إلى عبد السلام )) . وسمع الدكتور الشولف والحاضرون عبد الكريم قاسم وهو يخاطب عبد السلام عارف قائلاً : (( أنا حقي الشخصي أنتنازل عنه , أردت قتلي فعفوت عنك )) . و وقد عفا عنه فعلاً وهو عمل عظيم , والعفو عند المقدرة لا يصدر إلا عن نفوس كبيرة ذات همم عالية .