المسكوت عنه: تجنيد المرتزقة في العراق!


شاكر الناصري
2016 / 6 / 28 - 14:57     

خلال زيارتي الأخيرة للعراق، كنت استمع للكثير من الاحاديث عن تجنيد الشباب والمراهقين، من قبل قوى ومليشيات شيعيّة وارسالهم إلى سوريا، للقتال هناك، تحت مسميات ورايات كثيرة، الدفاع عن المقدسات، نصرة المذهب، حماية مرقد السيدة زينب..، وكنت أشاهد ملصقات وبوسترات الذين يقتلون هناك، لا تاريخ، ولا مكان محدد للموت أو الإستشهاد، بل الاكتفاء بعبارة غامضة " استشهد دفاعاً عن المقدسات"..!!

ورغم كلّ محاولات التكتم والسرية التي يتم اتباعها، لكن البوسترات واللافتات التي تنتشر في الناصريّة وغيرها من مدن العراق، تفضح هذه الممارسة الاجراميّة المسكوت عنها، اعلامياً، واجتماعياً، وسياسياً. ويدفعنا لأن ندرك خطورة ما يحدث هناك والاستنزاف المتواصل للشباب. عوائل كثيرة باتت تعيش معاناة كبيرة جراء تجنيد أولادها مقابل مبالغ مالية بخسة جداً، كمرتزقة يتم ارسالهم للقتال في سوريا.

القوى والمليشيات الشيعيّة المتعددة والتي ترتبط بإيران وتخضع لسطوة الولي الفقية وتجاهر علناً بالولاء والطاعة لخامنئي، تقوم باستغلال المناسبات والزيارات الحاشدة " عاشوراء، اربعينية الحسين، المدارس والحوزات الدينية" لتجنيد الشباب واقناعهم، بالمال، وعود التوظيف، تصفية ملفات الجرائم الجنائية التي تلاحق البعض منهم، الفرص الدراسية، المشاريع التجارية، راتب تقاعديّ بصفة شهيد الحشد الشعبيّ يصرف من خزينة الدولة العراقية في حالة مقتله في سوريا!!...الخ.

الكثير من الشباب اختفوا وفقد الاتصال بهم، وبعد فترة سيكتشف ذويهم انهم ارسلوا إلى إيران للتدريب ومن ثم إلى سوريا للقتال هناك. بعض الجثث وصلت إلى العراق، عن طريق إيران، والبعض الآخر فقد وتفسخ هناك!

بعض مراكز التدريب تكون داخل العراق. تخصص فترة التدريب " من شهر إلى شهر ونصف" لغسل الأدمغة وشحنها بالكراهية الطائفيّة وبمرويات الشهادة والبطولة وبصورة البطل الشعبي الغاضب المدجج وبالاسلحة والاعتدة والمدرب للانقضاض على العدو المختلف طائفياً!

مكاتب التجنيد تنشر في المدن، والاحياء السكنيّة. عشرة آلاف دولار قيمة الشاب الواحد، لكنه لايستلم منها، وبعد مرورها بشبكات التجنيد، سوى 1700 – 2000 دولار، بعضهم لم يستلمها مطلقاً لأنه سيقتل قبل نفاد مدة العقد المبرم " القتال لمدة 50 يوما".

يقوم وكلاء شبكات تجنيد المرتزقة بإنتقاء من يريدون تجنيدهم واستغلال حالات الفقر، البطالة، الفشل الدراسي، عجز العوائل عن تلبية متطلبات أبنائها، المشاكل القانونية والنبذ الاجتماعي، فالعديد من هؤلاء الشباب يقبعون في هوامش المدن وأحياء الصفيح والعشوائيات ويعانون من مشاكل المخدرات والادمان والجرائم ويفعلون المستحيل من أجل الحصول على المال.

"أنصار الولاية- صقور الصحراء" مجموعة قتالية يتردد اسمها في شوارع وازقة الناصريّة. البوسترات والملصقات التي تحمل صور من يسمونهم شهداء، من أعضاء هذه المجموعة، تكفي للدلالة على خطورة ما يحدث. 50 شابا تم تجنيدهم من هذه المدينة، وزجهم في مهمة قتالية خطيرة في سوريا، قتل منهم 39 في لحظة واحدة، تركت جثثهم هناك، أصيب البعض ومن سلِم منهم فقد أعيد إلى احدى القواعد الروسيّة في سوريا!

لا نحتاج للكثير من الجهد، والبحث، والتفكير لنكتشف حجم التواطؤ الهائل والمخيف الذي تمارسه السلطات العراقية والقوى والاحزاب والمليشيات الشيعيّة مع إيران والمخابرات الروسية ونظام بشار الأسد. التواطؤ الذي يستهدف تجنيد المئات، بل الآلاف من الشباب العراقيّين، كمرتزقة، وزجهم في محارق الحرب السورية أو في حروب اخرى. يجري الحديث عن تجنيد المرتزقة للقتال في اليمن.

يتحمل الاهالي الذين فشلوا في التعامل مع ابنائهم وتركوهم عرضة للاستغلال الاجراميّ ورحمة شبكات تجنيد المرتزقة ومن ثم يشرعون في رحلة البحث عن حقوق ورواتب تقاعدية، مسؤولية كبيرة في كلّ ما يحدث!!!،