رسالة مفتوحة إلى الرفيق المعلم حسقيل قوجمان


رفيق عبد الكريم الخطابي
2016 / 6 / 27 - 08:46     

رسالة مفتوحة إلى الرفيق المعلم حسقيل قوجمان

في مقاله الأخير ، ضمن العدد 5201 على موقع الحوار المتمدن بتاريخ 22 يونيو 1916 ، كتب رفيقنا الغالي والمميز والمعلم الصلب والمبدئي ، رفيقنا حسقيل قوجمان ، مقالا بعنوان :" هل اتوقف عن الكتابة؟ ".
استهل رفيقنا حسقيل قوجمان مقاله بالعبارة التالية :" يلاحظ اعزائي القراء انني في الفترة الاخيرة توقفت تقريبا عن ارسال مقالات الى الحوار المتمدن. كان هذا التوقف في البداية بسبب ازمة صحية دامت طويلا وانتهت حاليا. والان اشعر بانني لا اجد موضوعا اناقشه بطريقتي لارساله للنشر بسبب انعزالي التام عما يجري في العالم من احداث.
وفي هذه الحال يخطر في بالي السؤال هل علي ان اتوقف عن الكتابة؟ ولكنني اشعر انني رغم بلوغي الخامسة والتسعين ما زلت قادرا على الكتابة اذا توفر لي موضوع للكتابة. واكون شاكرا لاي قارئ عزيز يشعر بان علي ان اناقش موضوعا يرى ضرورة مناقشته".
الرفيق الخالد، والصديق الرفيق الصادق والصدوق، أكتب لكم هذه الكلمات، برغم أننا للأسف الشديد نعجز ونشعر بالعجز في المدح أو التذكير بمناقبية رفاقنا الأحياء على عكس السهولة والسلاسة التي نعبر بها عما نراها ونحسه اتجاه الشهداء او من افتقدناهم ورحلوا عنا إلى جوف الأرض وتركوا ثغرات في مسار يحتاج إلى جهد وإبداع كل من يسلك دروبه.
الرفيق حسقيل وأنا لم يسبق لي ان القيته مباشرة، لكني أعرف من الرفاق من تواصلوا معه، كل حدود علاقاتنا هو ما تخطه يداه وهو الأهم بالنسبة لنا.
ولأني أحد قراء المعلم حسقيل الذين يتابعون ويقرؤون ويعيدون قراءة كل ما كتبه رفيقنا حسقيل [ كل مقالات الرفيق حسقيل منسوخة على حاسوبي الشخصي]، فإني أود أن أبدي رأيي عبر هذه المقالة المتواضعة فيما طلبه المعلم من قرائه حول مسألة تزويده بمواضيع يستطيع تناولها بالتحليل او التوقف عن الكتابة.
على الرفيق المعلم حسقيل أن يعرف بداية ان توقفه عن الكتابة هو خسارة جسيمة جدا لكل الحركة الشيوعية عالميا، خسارة لكل الشيوعيين الذين يقرؤون أو يكتبون باللغة العربية ، خسارة لقلم قد يكون من الصعب أن تفرز حركة الصراع الطبقي مثيلا له . توقف الرفيق حسقيل عن الكتابة لا نعتبره خسارة لقلم او فقدان لكاتب مميز بل أكثر من ذلك، إنه إغلاق لمدرسة غنية جدا ، تخرج منها وسيتخرج منها العديد من المناضلين والدعاة والمحرضين الشيوعيين ، استمرارك رفيقي في الكتابة هو ضريبة أخرى يجب أن تنضاف إلى السجل الحافل لتضحياتكم .
الرفيق المعلم حسقيل ، ما أكتبه الآن بشكل غير منظم ومرتجل حول شخصكم العزيز هو ما نناقشه مع العديد من الرفاق هنا بالمغرب الأقصى حول شخصكم وكتابتكم . إن قيمتكم رفيقنا حسقيل تتجاوز ما تكتبه وتتجاوز ما أنتجته وما اضفته إلى المكتبة الماركسية اللينينية ومن تجربة تاريخية مشرقة وغنية ، تتجاوز كل هذا ، لتصبح قيمتكم قيمة رمزية مهمة جدا جدا لكل السائرين على هذا الدرب الصعب والشائك، وفي ظل هذه الظروف القاسية التي يمارس فيها رفاقك، فإنكم تشكلون بالنسبة لآلاف بل ولعشرات اللآلاف ولما لا الملايين من المناضلين قبل القراء النموذج النقيض لما تحاول الأنظمة وخدمها التحريفيين والانتهازيين تسييده. إنكم تشكلون للملايين من قرائك البوصلة التي لم ولن يصيبها الصدأ ولم ولن تنحرف عن الاتجاه والتوجه العلمي السديد. فإن كانت الدعاية الانتهازية الرخيصة تحاول تصوير شيوعيي الأمس كحجاج لمكة اليوم (الحاج علي يعتة وخلفه على رأس الحزب الملكي الشيوعي بالمغرب بالإسم فقط فيما مضى)، أو كمطبعين راكعين ومتمسحين ومدافعين عن الامبريالية والصهيونية، أو كخدم مباشرين للرجعية ومساح لأحذية الملوك ومتملقين للملكيات الديكتاتورية الرجعية.
إنكم رفيقنا تشكلون النموذج النقيض لكل هذا ، وتشكلون الاستثناء. استثناء الصلابة والمبدئية، الوفاء والصدق والنقاء والأخلاق الشيوعية النقية ، الإخلاص والتواضع والتضحية ونكران الذات ورزانة الحوار والمتمكن من أدوات اشتغاله ، ضدا ونقيضا لقيم الوصولية والانتهازية والتلون والانبطاح وضيق الأفق والزيف والتشويه والانحطاط الفكري والسلوكي.
إن رأينا فيكم ، وهو رأي العديد العديد من رفاقنا وقرائك سبق ان كتبناه في تعليق على إحدى مقالاتكم وهو رأي لا لبس فيه ولا مبالغة بل أستطيع الجزم أن حروف لغتنا تعجز عن إعطاء ما نحسه ونراه في دوركم الريادي نعيد نشر جزء منه اليوم :"
عندما اتصفح مقال للمعلم حسقيل خصوصا في المجال الاقتصادي والنظري عموما فإني أقرأ كي أتعلم وفقط كي أتعلم ..وحتى عندما أطرح بعض الأسئلة على المعلم حسقيل فذلك لنفس الغاية اي طلبا للاستفادة أكثر.. لكل واحد الحق في التعامل مع كتابات الرفيق المعلم كما يشاء لكن القراءة بأفكار مسبقة ومواقف جاهزة وبقصد المحاججة الفارغة ستحرم صاحبها فرصة التعلم من معين لا ينضب إسمه الرفيق المعلم حسقيل .. هذا بوضوح تام الكيفية التي أتعامل بها مع كتابات الرفيق برغم الاختلاف البسيط جدا حول بعض المواقف او التقديرات السياسية ( مثلا الموقف من انتفاضات ما سمي ربيعا عربيا) " .
وقبل إبداء بضعة مقترحات لمواضيع يمكن أن يتناولها معلمنا الرفيق حسقيل قوجمان أود أن أبدي الملاحظة التالية : الكتابة عموما تنتج عن تناول موضوع ما يشغل بال الكاتب او يراه الكاتب مفيدا لقرائه ، فبإمكان الرفيق ان يكتب عما يحس به الآن بعد هذه المسيرة الطويلة والشاقة من حياته ، بإمكان رفيقنا ان يسلط الضوء على تجربة الشيوعيين بالعراق ضمن مقالات قصيرة يعيد بها إنتاج ما تناوله بأحد كتبه أو الكتابة حول علاقاته الأسرية مع رفيقة دربه وأطفاله وهي أمور ستفيدنا كثيرا على المستوى التربوي .. عدا عن الأمور الاقتصادية والنظرية وتناول ما يراه من مقالات تستحق النقد .. المهم أن تظل أبواب المدرسة مفتوحة وألا تغلق أبوابها .. المهم أن يتسمر قلم الرفيق حسقيل كشوكة في حلق الرجعية وأهل الردة ، كمرآة عاكسة لمبدئية وصلابة الشيوعي الحقيقي وعاكسة في ذات الوقت للأشباه ممن التحقوا بمسيرة الماركسية اللينينية صدفة أو ركوبا للموجة او للموضة أو تكسبا من عطايا موسكو سابقا.
للرفيق حسقيل منا أخلص التحايا الرفاقية .. وكل مشاعر الحب والتقدير ، ولو سئلنا عن أمنية لنا لقلنا أن لقاءا مباشرا مع معلمنا حسقيل ستكون أجمل أمانينا .. دمتم رفيقنا ومعلمنا نخلة شامخة تطعم حلاوتها كل عاشق لحلاوة المعرفة وثمار العلم ويستظل بظلها كل متبن لقضايا شعبه ولكل الكادحين على امتداد خريطة الصراع الطبقي.



ملاحظة خارج السياق :


سبق أن كتب الرفيق حسقيل قوجمان بحقنا هذه الكلمات التي نعلقها على جدران بيتنا وعلى صدرنا وهي شهادة بقدر اعتزازنا بها وفرحنا الطفولي بها كأجمل وأعظم هدية تلقيناها طيلة حياتنا ، تلك الهدية القيمة التي أنستنا تأمل مدى صحتها أو التساؤل إن كنا بالفعل نستحقها أم لا ، المهم أننا نفخر بها كثيرا لذلك سنعيد نشرها هنا ، مع الشكر اللامتناهي لرفيقنا ومعلمنا حسقيل قوجمان دامت له الصحة والعطاء :"

2016 / 1 / 25 - 20:13
التحكم: الكاتب-ة حسقيل قوجمان

عزيزي رفيق عبد الكريم الخطابي
شكرا على هذا التعليق الرائع حول موضوع لقائنا هذا الذي تخللته الكثير من المسائل والتعليقات ومحاولة الاجابة عليها. اود ان اشير هنا الى ان الاستاذ غروفر فر الف كابا جديدا حول تروتسكي والمحاكمات الثلاث وهو يفضح اكاذيب الادعاء بان محاكمات موسكو كانت زائفة والاعترافات التي جاءت فيها كانت عن طريق التعذيب والتهديد من ترتيب ستالين ضد منافسيه في القيادة ومن اقتباس كتابات تروتسكي نفسه وابنه سيدوف التي باعها الى جامعة هارفارد شرط ان نكشف للقراء ولا يسمح للباحثين الاطلاع عليها الا بعد اربعين عاما ونشرت للباحثين اخيرا يستطيع الباحثون الاطلاع عليها. صدر كتاب غروفر فر في الايام الاخيرة من الشهر الماضي وهو يباع اليوم من امزون ومن عنوان اخر
انا طبعا اقرا جميع مقالاتك في الحوار واتعلم منها الكثير
اليك عاطر تحياتي
حسقيل



رفيق عبد الكريم الخطابي : البيضاء 26 يونيو 2016