هل اتوقف عن الكتابة؟


حسقيل قوجمان
2018 / 11 / 2 - 10:05     

هل اتوقف عن الكتابة؟
2016 / 6 / 22
يلاحظ اعزائي القراء انني في الفترة الاخيرة توقفت تقريبا عن ارسال مقالات الى الحوار المتمدن. كان هذا التوقف في البداية بسبب ازمة صحية دامت طويلا وانتهت حاليا. والان اشعر بانني لا اجد موضوعا اناقشه بطريقتي لارساله للنشر بسبب انعزالي التام عما يجري في العالم من احداث.
وفي هذه الحال يخطر في بالي السؤال هل علي ان اتوقف عن الكتابة؟ ولكنني اشعر انني رغم بلوغي الخامسة والتسعين ما زلت قادرا على الكتابة اذا توفر لي موضوع للكتابة. واكون شاكرا لاي قارئ عزيز يشعر بان علي ان اناقش موضوعا يرى ضرورة مناقشته.
واشعر ان بامكاني ان اعود الى قراءة كتب الاستاذ غروفر فر الثلاثة لعلي اجد فيها ما يستحق نشره او اقتباسه او ترجمته وارساله للنشر لعل به بعض الفائدة.
اول كتب غروفر "كذب خروشوف" فحص به خطاب خروشوف ضد ستالين في المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي السوفييتي فوجد انه ليس في الحقيقة سوى مجموعة اكاذيب ميز فيها احدى وستين كذبة ولم يكن فيه حقيقة واحدة مما اتهم به ستالين. وقد اقتبست سابقا عددا من هذه الاكاذيب وقد اجد عددا من هذه الاكاذيب اقتبسها او اترجمها او الخصها للنشر.
الكتاب الثاني بعنوان Trotsky’s Amalgamsوترجمتها القاموسية حسب ترجمة الجامعة العربية ملاغم تروتسكي. فترجمة الكلمة في القاموس هي ملغم مع كل مشتقاتها اللغوية بقرار الجامعة. وكان اصل الكلمة ملغم مزيجا من معدن الزئبق مع معدن اخر. وهي تستعمل حاليا بمعنى المزيج عموما. ويبدو ان حياة تروتسكي في الثلاثينات كانت مزيجا جعل الاستاذ غروفر يطلق هذا الاسم على الكتاب.
يناقش هذا الكتاب شرحا لنشاط تروتسكي بعد فصله من الحزب وسفره الى خارج الاتحاد السوفييتي في الثلاثينات. ليبرهن على حقيقة نشاط تروتسكي الارهابي بصدد ستالين والحكومة السوفييتية واشتراكه في مؤامرة اغتيال كيروف والتعاون بينه وبين المانيا النازية واليابان لتحقيق مؤامراته.
في سنة 2010 صدر كتاب يعيد كتابة تاريخ الاتحاد السوفييتي وبولونيا واوكراينا بين سنوات 1932 و1945. عنوان هذا الكتاب هو اراضي الدماء اوروبا بين هتلر وستالين. مؤلف هذا الكتاب هو تيموثي سنايدر، استاذ تاريخ دول اوروبا الشرقية في جامعة ييل في نيو هافن كونيكتيكوت في الولايات المتحدة الاميركية. في كتاب اراضي الدماء يساوي الاستاذ سنايدر الاتحاد السوفييتي مع المانيا الهتلرية ويساوي ستالين مع هتلر.
نال كتاب اراضي الدماء نجاحا عالميا وجرت ترجمته الى خمس وعشرين لغة اوروبية وكان اروج الكتب في جميع هذه البلدان. وقد نال عشرات التعليقات وجرى اعتباره تاريخا وثيقا من قبل العديد من الناقدين والمحللين. ويمكن الاطلاع على عديد الجوائز التي احرزها والمدائح التي اجريت عليه في الموقع الالكتروني الذي خصص لهذا الكتاب. من الخمس وعشرين لغة التي ترجم الكتاب اليها اللغات الاوكرانية والبولونية والهنغارية والرومانية وثلاث اللغات الباسيفيكية اضافة الى الالمانية والفرنسية والاسبانية وثلاث اللغات الاسكندنافية. وكتاب اكاذيب الدم للاستاذ غروفر فر يناقش كتاب اراضي الدماء ويثبت ان الكتاب كله كذب من اوله الى اخره.
والى الملتقى اعزائي قراء الحوار المتمدن في اول مقال استطيع كتابته استنادا الى هذه الكتب الثلاثة وفي حالة فشلي لا اجد خيارا من اتخاذ القرار المر اي التوقف عن الكتابة رغم كوني مازلت قادرا على الكتابة.
كنت على وشك ارسال هذه الملاحظات القصيرة الى النشر حين فوجئت بوجود مقال في الحوار المتمدن بعنوان "حسقيل قوجمان: البريء" ينص على انني بريء من تهمة لم اسمع بها من قبل ويبدو ان البراءة جاءت كنتيجة لمحاكمة لم اعرف بها ولم اسمع عنها اذ ليس من عادتي السكوت عما يجري بحثه عني.
مقال في الحوار المتمدن بقلم الاخ عبد الحسين سلمان بعنوان حسقيل قوجمان البريء الذي تطوع مشكورا بتبرئتي واكون شاكرا له لو تفضل باطلاعي على اصل الحوار الذي جرى فدفعه الى تبرئتي.
"السيد حسقيل قوجمان, شيوعي قديم جداً, من مواليد 1931 (الصحيح هو 1921), أنتمى للحزب الشيوعي العراقي في عام 1945."
ترى هل هذه هي الجريمة التي حوكمت عليها وتبرع الاخ عبد الحسين لتبرئتي منها؟ لا اشارة الى ذلك.
"كتابه المقدس هو : المادية الديالكتيكية و المادية التاريخية, والذي كتبه ستالين 1938. والذي ترجمه السيد قوجمان للعربية."
ليس في الماركسية عزيزي عبد الحسين كتاب مقدس. فالقدسية جاءت من السماء كالتوراة والانجيل والقران وكتب الديانات الاخرى الكثيرة التي لا نعرف شيئا عن عددها لكثرتها.
اما كتاب المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية فهو كتاب كتبه انسان وهو ما زال منذ كتابته حتى اليوم مثار نقاش طويل اذ ثمة من يؤيده ومن يشجبه ومن لا يعترف بوجوده ومن يعتبره تشويها للماركسية ومن يعتبره خرافة. وحسقيل قوجمان يعتبره كتابا ماركسيا ممتازا كتبه ماركسي عظيم هو ستالين. وقد كتب ماوتسي تونغ في نفس الوقت تقريبا كتابه "حول التناقض" وكتابه "حول التطبيق" يبحث فيهما نفس المبادئ الماركسية. ويمكن المقارنة بين كراس ستالين وكراسي ماوتس تونغ وشرح امتياز هذا عن ذاك. والخلاصة ليس في الماركسية ما هو مقدس لان القدسية موضوع الاهي والمادية نظرية بشرية.
"والسيد قوجمان , ذو خلق رفيع اثناء الحوار مع الاخرين. " ان هذا الخلق مفروض على حسقيل قوجمان وعلى كل انسان ماركسي او يدعي الماركسية. فقد كان الماركسيون اقلية طوال تارخ الحركة الماركسية والحركة الشيوعية. وهدف الماركسي او الشيوعي هو جذب اشخاص جدد الى الحركة من بين الجماهير وخصوصا من اعداء الماركسية والشيوعية ولا يستطيع جذبهم الا عن طريق الحوار اللطيف مع الاخرين.
والعكس حول نفس الموضوع، موضوع جذب اخرين الى الماركسية، يحتم على الماركسي ان يكون اشد ما يمكنه في نقد اراء الشخص الذي يعتبره خاطئا او معاديا للماركسية على ان يكون انتقاده مقصورا على الاراء ولا شيء غير الاراء. عليه ان لا يتعرض او يمس بشخصية الشخص الذي ينتقده. ان شخصية المرء وكرامته وحريته في ابداء ارائه، سواء اكانت خاطئة او حتى معادية، مصونة لا يحق لاحد ان يمس بها.
"كتب السيد قوجمان مقالات , تحت عنوان : الراسمالية حركة طبيعية اجتماعية."
قد تكون هذه الجملة سبب محاكمة حسقيل قوجمان وتبرع الاخ عبد الحسين لتبرئته. اليس القول بان الرسمالية حركة جريمة يمكن محاكمة المرء على قولها؟! فكيف يمكن ان تكون الراسمالية حركة وهي مادة جامدة لا دماغ لها؟! والانكى من ذلك انها حركة طبيعية. ما علاقة الراسمالية بالطبيعة او القوانين الطبيعية؟!
لا شك ان من حق الاخ الزميل موسى راكان موسى, القول ان هذا العنوان: "عجيب". ومن حق يعقوب ابراهامي ان يقدم على خلاف عادته الشكر للزميل موسى راكان موسى اذ ليس خفيا انه يعتبر المادية الديالكتيكية خرافة وقد حرر المقالات على هذا الاساس.
يبدو ان هذا الموضوع هو الذي جرى ولم اعلم به مما جعل الاخ عبد الحسين يتطوع الى تبرئتي من الجريمة على اساس ان حسقيل اقتبسها من ستالين وان ستالين اقتبسها من كارل ماركس. وقد يكون ماركس قد اقتبسها مقلوبة على راسها من هيغل فاقامها منصوبة على قدميها بجعلها مادية بدلا من وضعها مثالية من قبل هيغل والى اخر ذلك من الاسئلة فيما يتعلق باصل المادية الديالكتيكية.


ان النظرية الماركسية تعتبر التطور الاجتماعي حركة قائمة منذ انفصال الانسان عن المجتمع الحيواني. وقد اكتشف ماركس ان الانسان في نشاطه العملي اليومي يكون علاقات مع الطبيعة اطلق عليها اسم "قوى الانتاج" وفي الوقت ذاته يكون علاقات مع بقية المجتمع واطلق عليها اسم "علاقات الانتاج"
واكتشف ان هذه العلاقات هي "الاساس الاقتصادي للمجتمع" وتطور الاساس الاقتصادي للمجتمع هو الذي يؤدي الى جميع التغيرات الاجتماعية والثقافية والسياسية والفكرية والفلسفية وحتى الدينية.
وبما ان تطور الاساس الاقتصادي للمجتمع يبدأ من الاسفل الى الاعلى فجميع نتائجه المذكورة بما فيها الافكار التي تنشأ في الدماغ البشري هي الاخرى تبدا بالضرورة من الاسفل الى الاعلى.
"شكراً للكاتب (من هو عزيزي عبد الحسين؟") على تسليطه الضوء على العنوان العجيب : الرأسمالية حركة طبيعية إجتماعية).
ولكن ما هو ذنب السيد الجليل , اذا اقتبس جوهر العبارة اعلاه من ستالين, والذي بدوره اقتبسها من ماركس.
وعبارة: (الرأسمالية حركة طبيعية إجتماعية), ليست من افكار السيد الجليل قوجمان, وليس هو من اخترعها.
"ذكر ماركس العبارة اعلاه , بأشكال مختلفة, في مناسبات مختلفة." ثم يقتبس الاخ عبد الحسين عبارات ماركس وانجلز بنفس المعنى باصلها اللغوي وترجمتها كبرهان على ان حسقيل بريء من التهمة. اقتبس منها مقتبسا واحدا فقط:
"وصرح إنجلز على ضريح ماركس, يقول: فمثلما اكتشف داروين قانون تطور الطبيعة العضوية اكتشف ماركس قانون تطور التاريخ البشري."
عبارة انجلز هذه اعظم تعبير عن الفرق بين المادية والمثالية. المادية تعني وجود حركة طبيعية تجري في الطبيعة او المجتمع كسائر العلوم لا يعرفها الانسان وهو يكتشفها خلال تطوره العلمي. اما المثالية فتعتبر الماركسية عبارة عن مفاهيم وتصورات اي انها افكار في الدماغ البشري وهذا هو المثالية باجلى صورها.
"لذلك اعتقد, ان السادة موسى راكان ويعقوب ابراهامي, أن يقولوا الى ماركس , ان عبارتك عجيبة .....وليس للسيد قوجمان. لأن السيد قوجمان يردد ما سمعه من ستالين والاخير سمع من ماركس".
انا لا اعتقد ان مقال الراسمالية حركة طبيعية مقصور على قول ماركس. ان كون الراسمالية حركة طبيعية مرتبط بصورة مباشرة مع تطور الاساس الاقتصادي للمجتمع. وتطور الاساس الاقتصادي للمجتمع بدأ فور انفصال المجتمع البشري عن المجتمع الحيواني. والاساس الاقتصادي للمجتمع نشأ نتيجة عمل الانسان من اجل الحصول على حاجاته من الطبيعة. فلكي يحصل الانسان على قوته وحاجاته كان عليه ان يعمل على الطبيعة فتكونت علاقته بالطبيعة واطلق كارل ماركس على هذه العلاقة بالطبيعة اسم "قوى الانتاج". وكان عمل الانسان منذ نشوئه عملا جماعيا اي انه عمل بصورة جماعية للحصول على معيشته واطلق كارل ماركس على هذه العلاقة الجماعية اسم "علاقات الانتاج" واكتشف كارل ماركس ان قوى الانتاج وعلاقات الانتاج هي الاساس الاقتصادي للمجتمع. وان تطور هذا الاساس هو الاساس الذي على اساسه نشأت وتنشا كافة المنظمات والمؤسسات والافكار والمفاهيم الناشئة في الصرح العلوي للمجتمع. ان اكتشافات ماركس هذه هي الماركسية.