حماس ولعبة التحالفات


رمضان عيسى
2016 / 6 / 18 - 23:46     

= حماس ولعبة التحالفات
هناك فرق بين أن تكون دوجماتيا ، أو أن تكون جدليا ، ديناميكيا ً .
فالأفكار المعتقدية لها وجهان : وجه دوجماتي ، نصوصي ، يقدس النص السلفي دون مراعاة للسمات الخاصة بالموقع الجيوسياسي والديمغرافي والهدف المطروح ، وعلاقة الشعار التكتيكي بالاستراتيجي . كل هذا لا يستطيع أن يدركة الدوجماتي .
ووجه جدلي ، دينامي ، يستطيع استلهام المستقبل من معطيات الواقع ومدى علاقة المتضادات مع بعضها وعناصر القوة والضعف وأبعادها المستقبلية ، وأثر ذلك على الأهداف الاستراتيجية ، ومدى المساحة الممكنة في التلاعب بالهدف والشعار التكتيكي .
ونجد أن الكثير من الأحزاب السياسية اليسارية والدينية تقع في مشكلة عدم القدرة على التخلص من الدوجماتية والديناميكية في طرح الشعار وفي ترسيم التحالفات التي تساعد على التسريع في انجاز الأهداف وصولا الى الهدف الاستراتيجي المرجو .
وبالنظر الى الكثير من أحزاب الاسلام السياسي نجد أنها غرقت في لجاجة النصوص فتداخلت لديها العقائد ووقعت تحت تأثير النصوص وتجاهلت الواقع ، فوقعت في لجاجة لتحالفات المشبوهة وطنيا ، فوقفت في الكثير من المواقف ضد نفسها .
والان نرى حماس التي هي فرع فلسطيني ، نرى أنها لا زالت تعيش هذه اللجاجة فنسمع نائب رئيس مكتبها السياسي يقول : أن إسرائيل باتت وكأنها ضمن "تحالف سُني عربي"، ونسأل : أين حماس من هذا التحالف ؟
ونقول : بدري عليكم ، الآن صحوتم !!
هل تعلم أن اسرائيل في تحالف سني سلطوي غير مكتوب منذ نشأتها ؟؟؟؟
- فأنظمة الحكم العربية الملكية كانت ولا زالت تقف على نفس الأرضية السياسية والاقتصادية مع اسرائيل في تحالفاتها أثناء الحرب الباردة ، وحتى يومنا هذا !!
- والسؤال : أين كان يقف الاخوان المسلمون طوال ستة عقود أدخلت مشكلة فلسطين في دهاليز تحالفات أعدائها .
- أين كان يقف الاخوان المسلمون طوال تلك الحقبة الزمنية بدءا من تحالفاتهم ضد الحركة الثورية التي كلن يقودها " جمال عبد الناصر " في صراعه ضد اسرائيل وصراعه ضد الرجعية العربية وصراعه ضد المخلفات الملكية والاقطاعية في داخل مصر ؟؟؟.
- أين كان يقف الاخوان المسلمون زما هي تحالفاتهم أثناء الحرب في أفغانستان ؟؟
- ما هو موقف الاخوان المسلمين الآن ؟
اننا لا نستطيع أن نلمس موقفا واضحا لهم ، لماذا ؟ انهم يعيشون في لجاجة من أمرهم ، فالتحالفات التي أفرزتها الأزمة في سوريا أخذت تتمظهر تمظهرا طائفيا !!
-- وحماس لم تستطع أن تشتم هذا التمظر في التحالفات ، وهي الفلسطينية ، وهي المقاومة !!! فهي تريد الدعم من الأشقاء العرب ، ومن محور المقاومة - ايران !! فكيف هذا ؟؟
فحماس سنية ، وهي خجلى من الاقتراب من التحالف السني ، وخجلى من موقفها من نظام الحكم في سوريا ..
السياسة مهارة في التحالف ، مهارة في ربط القواسم المشتركة مع الآخرين من أجل تحقيق الأهداف !! فكيف تربط بين تحالفات متضادة ، التحالف السني بقيادة السعودية ومصر والامارات والسلطة الفلسطينية ، وضمنيا يشمل اسرائيل ، وفي الجانب الآخر تحالف محور يرفع شعار " المقاومة " ؟؟ كيف ؟؟
-- والآن نقول : بدري عليكي يا حركة المقاومة الاسلامية ، يا حماس !! بدري أن تعرفي هذا الآن !! فمنذ ستة عقود والتحالفات العربية والسنية الرسمية كانت تقف ضمنيا ضد شعب فلسطين وطموحاته في التحرر والاستقلال . وخلال ستة عقود والاخوان المسلمون يقفون في تحالف ضمني مع الدول التي تقف على نفس الأرضية التحالفية مع اسرائيل وحلفاء اسرائيل !!
فهل تستطيعي أن تفرزي نفسك عنها الآن ؟ فالتحالفان : أحدهما ، عربي ، سني ويقف ضمنيا مع اسرائيل ، والآخر : محور ايران وشيعة العراق ونظام الحكم في سوريا وحزب الله اللبناني ، وهذا يرفع شعار المقاومة ولكنه يقف ضد طموحات شعب سوريا في التحرر والديمقراطية ؟؟
-- الآن : تعيش حماس حالة من الشطط السياسي والاداري وشطط في تحديد الموقف !! فالحرفية الحزبية هي المسيطرة على مواقفها في علاقتها مع الآخر الخارجي والداخلي . فهي تعيش حالة من الارتباك الاقتصادي والعلاقاتي مع الجميع ، مع مصر ومع السلطة ومع ايران ومع السعودية ومع الامارات .. وفوق كل هذا هناك ارتباك في العلاقة مع غزة وسكانها ، فهي تفرض الضرائب بالألوان ليس على الحاجات الثانوية ، بل على الحاجات الأساسية للشعب ، وهذا يزيد تبعات الحصار ، ويخدش القدرة عل الصمود واجتراع شعار المقاومة !! ومن مظاهر الشطط العلاقاتي أنها لم تستطع أن تتقدم الخطوات المطلوبة لإنهاء الانقسام وتخفيف الحصار .
فإلى متى هذا ؟ والى متى سيبقى شعب غزة يعيش تبعات اللجاجة التي تعيشها حماس ؟ والى متى سيظل شعب غزة يعاني من عدم قدرة حماس على تجرع الواقع والتقدم بخطوات ملموسة لحل مشكلة العلاقة مع الشقيقة مصر وفتح المعابر وتخفيف الحصار ؟؟