رسائل ماركس-انجلز: الرسائل 80 و74 و70 و69


فريدريك انجلز
2016 / 6 / 14 - 22:36     

انجلز إلى ب. لافارغ، لوبيرو (1)

لندن، 6 آذار/مارس 1894

… آه، سيقول لنا الراديكاليون السابقون، فنحن لدينا الجمهورية في فرنسا، في حين أن الوضع عندكم يختلف. ان لفي مستطاعنا، نحن، أن نستخدم الحكم في سبيل تدابير اشتراكية! ان الجمهورية لا تختلف بالنسبة إلى البروليتاريا عن الملكية إلا بكونها الشكل السياسي الجاهز لسيطرة البروليتاريا في المستقبل. وميزتكم علينا هنا هي انها متوفرة عندكم، في حين ان علينا نحن أن نضيع 24 ساعة لنقيمها. لكن الجمهورية، مثلها مثل أي شكل آخر من اشكال الحكم، تتحدد بما تتضمنه. فما دامت شكل السيطرة البورجوازية فعداؤها لنا لا يقل عن عداء أي ملكية (باستثناء أشكال هذا العداء). انه إذن لوهم اعتباطي تماما ان نعدها شكلا اشتراكيا بجوهرها وماهيتها، وأن نقلدها رسالات اشتراكية ما دامت البورجوازية مسيطرة عليها. سوف يكون في مقدورنا أن ننتزع منها تنازلات، لكن لن يكون في مقدرونا أبدا أن نحملها تنفيذ عبئنا نحن. وهذا إذا استطعنا أن نسيطر عليها بأقلية قوية بما فيه الكفاية حتي يمكنها أن تتحول إلى غالبية في أقرب وقت…

رقن موقع الطلبة الثوريون أنصار تيار المناضل-ة

1891

-74-

انجلز إلى ك. كاوتسكي، شتوتغارت

لندن، 14 تشرين الأول/أكتوبر 1891

عزيزي كاوتسكي،

لقد ذهلت حين اكتشفت في نص مشروعك (1) المنشور في «فوروارتس» (2) تلك «الكتلة الرجعية الواحدة» التي في غير محلها. وعليه، اكتب اليك حول هذا الموضوع، بالرغم من فوات الأوان، على ما أخشى. ان هذه الجملة التحريضية تمزق كالصوت النشاز الخشن كل تناغم المواقف العلمية المصاغة بإيجاز ووضوح. ذلك انها جملة تحريضية، بل من أكثر الجمل التحريضية اغراضا، وهذا ما يجعلها خاطئة تماما في الشكل اليقيني المطلق الذي لا شيء سواه يعطيها وزنا.

خاطئة لأنها تحول ميلا تاريخيا صحيحا في حد ذاته إلى حقيقة واقعة. ففي اللحظة التي ستتحقق فيها الثورة الاجتماعية، ستتدخل جميع الأحزاب الأخرى ككتلة رجعية معارضة لنا. ومن الممكن أن تكون قد أصبحت كذلك ابتداء من الآن، الشيء الذي يفقدها كل مقدرة على سلوك مسلك تقدمي ولو في أبسط الحدود، لكن هذا ليس أمرا محتوما. اننا لا نستطيع في الوقت الحاضر أن نقول ذلك بنفس الثقة التي نعلن بها سائر مبادئ البرنامج. فحتى في ألمانيا قد تأخذ الظروف مسارا يرغم أحزاب اليسار، بالرغم من كل وهنها، على أن تنفض عن كاهلها ذلك الركام من حشو الكلام المناهض للبورجوازية، البيروقراطي والاقطاعي، الذي ما نزال نلاحظه عندنا بكميات كبيرة. لكنها لن تعود في هذه الحال كتلة رجعية.

ما دمنا على قدر كاف من القوة كي نستولي على السلطة ونحقق مبادئنا، فلا مجال للكلام عن كتلة رجعية واحدة، معارضة لنا. وإلا فان الأمة بأسرها ستنشطر إلى غالبية رجعية وأقلية عاجزة.

أمن الممكن أن يكون الناس الذين حطموا في المانيا نظام الدول الصغيرة، الذين أطلقوا للبورجوازية حرية التصرف حتى تنجز الثورة الصناعية، الذين أقاموا شروط اتصال موحدة سواء أبالنسبة إلى الاشياء أم بالنسبة إلى البشر –وهذا ما أرغمهم من طرف آخر على أن يمنحونا حرية حركة أكبر- أمن الممكن أن يكونوا قد فعلوا هذا كله بصفتهم «كتلة رجعية»؟

هل تصرف الجمهوريون البورجوازيون الفرنسيون الذين قهروا الملكية ووصاية الاكليروس في 1871-1878 في خاتمة المطاف، والذين منحوا فرنسا حرية صحافة وتجمع واجتماع غير معروفة قبل الثورة، والذين أوجدوا التعليم الابتدائي الالزامي وجعلوا من التعليم منفعة الجميع وسموا به إلى علو شاهق يمكننا معه أن نتخذه قدوة، هنا في ألمانيا، هل تصرفوا ككتلة رجعية؟

ان ممثلي الحزبين الرسميين الانكليزيين، الذين وسعوا إلى حد كبير حق التصويت، وضاعفوا خمس مرات عدد الناخبين، ومنحوا الدوائر الانتخابية المساواة، وأوجدوا التعليم المدرسي الالزامي، وحسنوا نظام التدريس، والذين يصوتون في كل دورة نيابة لا للإصلاحات البورجوازية فحسب بل أيضا لتنازلات للعمال لا تني في تجدد دائم، ان هؤلاء الممثلين يتقدمون بكل تأكيد ببطء ورخاوة، ولكن لا يستطيع أحد أن يتهمهم بكل بساطة بأنهم «كتلة رجعية واحدة».

باختصار، ليس لنا الحق في أن نصور ميلا من الميول، وهو في سبيله إلى أن يتحقق، وكأنه حقيقة واقعة ولاسيما ان هذا الميل لن يتحقق أبدا، في انكلترا على سبيل المثال، حتى آخر الشوط. ويوم ستنشب الثورة في هذا القطر، فستكون البورجوازية ما تزال على أهبة الاستعداد للتسليم بشتى ضروب الاصلاحات الطفيفة. وكل ما هنالك انه لن يعود ثمة من معنى للرغبة في اصلاح بعض تفاصيل نظام بعد أن يكون قد أمسى بحكم الملغى.

ان انشاء جمل التحريض اللاسالي له تبريره في بعض الظروف، لكن يساء استخدامه عندنا على نحو لا يصدق، وعلى سبيل المثال منذ 1 تشرين الأول/أكتوبر 1890 (3) في «فوروارتس». لكن ليس له من مكان في البرنامج، وهو في إطاره خاطئ تماما ومضلل. انه ليس هنا في موضعه الموائم، مثله مثل زوجة المصرفي بتمان في الشرفة التي كانت تريد أن تبتني لها فوق منزلها: «إذا بنيتم لي شرفة، فستأتي زوجتي للجلوس فيها، وستشوه الواجهة كلها!…».

ولا يسعني أن أتكلم عن سائر التغييرات في نص «فوروارتس»؛ فقد دسست العدد في مكان ما ولا بد أن تذهب الرسالة.

لقد افتتح مؤتمر الحزب في يوم ماجد. ف 14 تشرين الأول/أكتوبر هو عيد ميلاد معارك إيينا وأورشتاد حيث سقطت بروسيا القديمة ما قبل الثورية. فهل يغدو 14 تشرين الأول/أكتوبر 1891 بالنسبة إلى ألمانيا الموسومة بالميسم البروسي «إيينا الداخلية» (4) التي وعد بها ماركس!

رقن موقع الطلبة الثوريون أنصار تيار المناضل-ة

-1887-

-70-

انجلز إلى ف. كيلي-وشنيوتسكي، نيويورك (1)

لندن، 27 كانون الثاني/يناير 1887

… ان مشهد الحركة في امريكا، في هذه اللحظة المحددة، يبدو أفضل، على ما أعتقد، مما هو عليه فيما وراء المحيط. ولا بد أن الخصومات الشخصية والمشاحنات المحلية عندكم تحجب الكثير من عظمتها. والشيء الوحيد القمين حقا بأن يؤخر مسيرتها هو أن تتجسد هذه الخلافات في شيع محددة. هذا إلى حد ما أمر محتوم، لكن كلما كان عدد هذه الشيع أقل كان الوضع أفضل. وعلى الألمان بوجه خاص أن يكونوا حذرين. فنظريتنا نظرية تطور، وليست معتقدا يحفظ عن ظهر قلب ويردد ميكانيكيا. وكلما تحفظنا من تلقينها للأمريكان من الخارج وكلما تمرسوا بها بحكم تجربتهم الخاصة –بمساعدة الألمان- انغرست في لحمهم ودمهم بقوة أكبر. لقد التحقنا، حين عدنا إلى المانيا في ربيع 1848، بصفوف الحزب الديموقراطي باعتباره الوسيلة الوحيدة لإسماع صوتنا للطبقة العاملة؛ ولقد كنا الجناح الأكثر تقدما، لكننا كنا على الدوام جناحا من ذلك الحزب. ويوم أسس ماركس «الأممية»، حرر أنظمتنا الداخلية (2) على نحو يتيح لجميع الاشتراكيين البروليتاريين في تلك المرحلة الانتساب اليها –البرودونيين، أتباع بيير لورو، وحتى الشريحة الأكثر تقدما من النقابات المهنية الانكليزية؛ وانما بفضل هذه الرحابة وحدها صارت «الأممية» إلى ما صارت اليه: وسيلة لتذويب تدريجي لجميع هذه الشيع الصغيرة ولامتصاصها، باستثناء الفوضويين الذين كان ظهورهم المباغث في عدد من الاقطار محض عاقبة للردة البورجوازية العنيفة بعد الكومونة، والذين كان في مستطاعنا بالتالي أن نتركهم بكل اطمئنان يموتون من تلقاء انفسهم كما حدث. ولو كنا تشبثنا بين 1864 و1873 بألا نتعاون إلا مع أولئك الذين يتبنون علنا وجهارا برنامجنا، فأين كنا سنكون اليوم؟ اعتقد ان عملنا كله قد دل انه في الامكان السير جنبا إلى جنب مع الحركة العامة للطبقة العاملة في كل مرحلة من مراحلها من دون أن نتخلى عن موقعنا الخاص –أو حتى تنظيمنا- المتمايز أو ان نخفيه، وأخشى أن يقترف ألمانيو أمريكا غلطة فاحشة إذا ما اختاروا طريقا آخر…

احالات 1887

1-رسالة كتبت بالإنكليزية.

2-ك. ماركس: «أنظمة داخلية مؤقتة للرابطة».

رقن موقع الطلبة الثوريون أنصار تيار المناضل-ة

1886

-69-

انجلز إلى ل. لافارغ، باريس (1)

لندن، 2 تشرين الأول/أكتوبر 1886

أخشى أن يكون بول قد بالغ في دلالة قرار محلفي باريس، وذلك بمقدار ما يرى فيه علامة على أن البورجوازية قابلة لأن تأخذ بالأفكار الاشتراكية (2). ان الصراع بين الرأسمالي المرابي والرأسمالي الصناعي يجري داخل البورجوازية ذاتها، وبالرغم من أن عددا معينا من البورجوازيين الصغار يجدون أنفسهم مدفوعين حتما الينا ليقينهم من أن رجال البورصة سيصادرون عما قريب ملكيتهم، فإننا لا نستطيع أن نعلل أنفسنا أبدا بالأمل في استمالتهم الينا بصورة جماعية. وليس هذا أصلا بالأمر المرغوب فيه، لأنهم يحملون معهم آراءهم المسبقة الطبقية الضيقة. وعندنا منهم في ألمانيا أكثر مما ينبغي، وهم الذين يؤلفون ذلك الوزن الميت الذي يعيق مسيرة الحزب. وعلى الدوام سيكون مصير البورجوازيين الصغار، منظورا اليهم في جملتهم، التموج الحائر بين الطبقتين الكبيرتين، فيُسحق بعضهم تحت وطأة تمركز الرأسمال وبعضهم الآخر تحت وطأة انتصار البروليتاريا. وفي اليوم الحاسم سيكونون كالمعتاد متأرجحين، مترددين، عاجزين؛ ولن يكونوا فعالين، وهذا كل ما نطلبه. وحتى لو اعتنقوا وجهة نظرنا، فستراهم يقولون: ان الشيوعية هي بالطبع الحل النهائي، لكنه حل بعيد، ولعله لن يتحقق قبل مئة عام؛ وبعبارة أخرى: ليس في نيتنا العمل على تحقيقه لا أثناء حياتنا ولا أثناء حياة أولادنا. هذا بالتحديد ما نعانيه في ألمانيا.

مهما يكن من أمر فان قرار المحلفين ذاك نصر كبير وبمثابة خطوة حاسمة إلى الأمام. فالبورجوازية تتخبط، من اللحظة التي واجه فيها بروليتاريا واعية ومنظمة، في تناقضات يائسة بين ميولها العامة الليبرالية والديموقراطية من جهة، وبين الضرورات القمعية كنضالها الدفاعي ضد البروليتاريا من الجهة الثانية. ان بورجوازية رعديدة، كبورجوازية ألمانيا وروسيا، تضحي بميولها الطبقية العامة على مذبح المكاسب المؤقتة للقمع الوحشي. لكن البورجوازية التي لها تاريخ ثوري، كالبورجوازية الانكليزية وبخاصة البورجوازية الفرنسية، لا تستطيع أن تفعل ذلك بالقدر نفسه من السهولة. ومن هنا كان ذلك الصراع في صفوف البورجوازية نفسها، الصراع الذي يدفع بها إلى الأمام بوجه الاجمال بالرغم من نوبات عنف واضطهاد طارئة: انظر إلى مختلف اصلاحات غلادستون الانتخابية في انكلترا والى تقدم الراديكالية في فرنسا. ان قرار المحلفين ذاك لهو بمثابة شوط جديد. ولهذا حين تؤدي البورجوازية عملها الخاص، تؤدي عملنا في الوقت نفسه…

احالات 1886
1-رسالة كتبت بالإنكليزية

2-المقصود هنا محاكمة غيد ولافارغ وسوزيني ولويز ميشيل، المتهمين بالترحيض على النهب وعلى القتل في الخطاب الذي ألقي في مهرجان خطابي في 3 حزيران/يونيو 1886. وقد جرت المحاكمة في 12 آب/أغسطس 1886. ورفض المتهمون باستثناء لويز ميشيل المثول أمام المحكمة. وقد حكم على أربعتهم بعقوبات تتراوح بين 4 و6 اشهر حبس وبغرامة 100 فرنك. وبعد الاستئناف صدر قرار ثان في 24 أيلول/سبتمبر 1886 بإخلاء سبيل المتهمين بغالبية 7 أصوات ضد 3 وامتناع 2.

وقد رأى بول لافارغ في رسالته إلى انجلز في 30 أيلول/سبتمبر 1886 في قرار التبرئة دليلا على أن البورجوازيين «ناضجون لكي يتفهموا ولو جزءا من نظريتنا».

رقن موقع الطلبة الثوريون أنصار تيار المناضل-ة