العشاء الأخير للقانون


محسن لفته الجنابي
2016 / 5 / 19 - 05:10     

قبل مدة طويلة قدمت (بحث أكاديمي) كان جزء من مستلزمات الحصول على شهادة الحقوق بعنوان (طرق الأفلات من العقاب في العراق ) سلمته للدكتور (كاظم) المشرف فطلب مني بعض الوقت ليقرأه , وبعد مضي المدة المناسبة زرته في مكتبه , فأستقبلني ووبمجرد أن رآني أطاح برأسه وأغمض عينيه من الضحك , كان يضحك بطريقة غريبة فما كان مني إلا أن أضحك معه , فكلما هدأ عاد لضحكته المتقطعة ! , طفح كيلي فسألته :
-دكتور الله يخليك شنو سالفتك , هذا البحث عملت عليه لثلاثة أشهر زرت خلالها محكمتي تحقيق وثلاث محاكم جزاء كبرى ناهيك عن الوقت الذي قضيته في مكتب مكافحة الـ...ومراكز الشرطة , أما الكتابة والترتيب فقد أخذت مني ليالي طويلة وأنت الأعرف بظروفي وعملي , أستبيانات وأحصائيات وجداول كلها أمامك ,موضوعية وعلمية وبحسب ملاحظاتكم وضمن حدود المنهج المحدد من قبلكم ,وما أعرف ليش تضحك دكتورنا الورد!
- لا تفهمني غلط أستاذ , جهودك واضحة وأكثر من رائعة وأحييك عليها وأعتبر بحثك لايضاهى وأركانه متكاملة , لكن أكو مشكلة , وعاد يضحك مرة أخرى .
- إذاً ماهي المشكلة ,(كنت كالمدافع عن بناء كبير حين داهمته جرّافة تهدمه) , أرجوك دكتور تكلم!
-يا أخي هذا البحث يشبه مسرحية مدرسة المشاغبين التي دمرت التعليم في مصر , وكأنك تريد تدمير مابقي من القضاء في العراق بهذا البحث , الجانت عايزه ألتمت ..
-ممكن توّضح دكتور ؟
-البحث مالتك يشرح كل طرق التملّص من العقاب , بالشهود , بالتلاعب بالأدّلة , بالحصانات والجنسيات , بمساعدة القوى اللاعبة وما أكثرها , فأذا أطلع عليه المجرم ممكن أن يفلت ويحصل على البراءة بسرعة, على سبيل المثال : أنت هنا ذكرت أكثر من عشر حالات قيد البحث , تم فيها أطلاق سراح المتهم بعد أن شهد له أثنان من الشهود , وأحسب أنهم شهود زور, بأنه كان في خارج البلد عند وقوع الجريمة , يؤدي مناسك الزيارة والعمرة! , عوفنا من هاي و راح أنطيك تقييم ممتاز بس للأسف بحثك غير صالح للنشر , أشرب شاي جديد لأن الأول كان أبرد من الثلج !