أضواء على الهجوم على البرلمان العراقي


علاء الصفار
2016 / 5 / 7 - 01:46     


بعد كتابتي المقال الأخير, اليمين و اليسار في الإسلام العراقي, تابعت ما كتب في الحوار المتمدن و ما شاهدته في التلفزيون العراقي, و طبعاً فكل من يكتب أو يعمل يحتاج إلى نقد أو تعضيد سواء من خلال الحوار أم من خلال التيقن مما يحدث, فكم يسرني أن أستطيع التوقع أو كما يقال التنبؤ بما سيحدث و كيف ينتهي الأمر لقضية سياسية عالقة, أم نهاية و خاتمة الإطاحة بالدكتاتور العراقي.

إذ أني أوضحت للكثير من البشر أن أمريكا ستعمل على تدمير العراق من جميع النواحي, كتدمير البنا التحتية و نهب النفط من خلال الاستحواذ على العقود و إشعال النار القومية و الطائفية في العراق, أي أن أمريكا قامت كما بقطع رأس ديك ورمية لتتمتع برؤية بنزع العراق الأخير.

فرأينا خلافات فرنسا و ألمانيا مع أمريكا إذ العراق كان من حصة هؤلاء, وليتحقق كل ما قلته و بكل حذا فيره, فأمريكا بلد غزو و نهب بعقلية غربية بموروث عقل الرأسمالية في الاستغلال للشعوب, وفيها عقل جرائم الكنيسة بوجه مظلم بالحروب ف فيها عقل البربرية النازية في الحرب العنصرية في الإبادة للهنود الحمر, و في العصر الحديث ظهر َ ريتشارد نيكسون البربري الذي خاض أقذر حرب في تاريخنا, ضد شعب أعزل, الشعب الفيتنامي العظيم.

فمن الغباء أن نناقش ما يحدث في العراق ما لم نبحث في أمريكا التغيير في العراق!قامت أمريكا بالإطاحة بعميلها صدام حسين لكن ليس لإقامة الديمقراطية بل لتخريب بناء وجهاز الدولة وجهاز الجيش والأمن, وهي مرتكزات أي دولة عصرية. فهكذا أمامنا جثة الديك (العراق) مرمية و تنهش فيها كل غربان للسعودية وعقابان الخليج . لم تحرص أمريكا على أمر الأمن في العراق بل دمرت الأمان إذ هو أساس التطور.

العراق حالة جنينية مستمرة, كما حال حلزون خرج من صدفته, فسهل توجيه ضربات لتصيب نخاعه الشوكي ليغمى عليه و ليحتاج إلى الإنعاش في غرف الأوكسجين, ومن هنا نرى أمريكا تتعامل مع ضحيتها بأشكال من التعذيب, فيوم التحرير كان مخادعة و مهزلة سمجة ليجلس الغازي الصهيوني بول برايمر و يؤسس الدولة و الدستور العراقي, و في نفس الوقت كان أمريكا و بريطانيا تتعامل مع السعودية وقطر ليدخلوا القاعدة للعراق. فالدولة العراقية بلاجهاز مخابرات بل تعتمد على معلومات المخابرات المركزية الأمريكية. وعصفور كفل زرزور و أثينهم طيارة! كما يقول المثل البغدادي. ثم افتعلت أمريكا القلاقل في الفلوجة من أجل إشعال الحرب الطائفية, إذ لم يكن هناك جيش عراقي فقامت أمريكا بضرب الشعب باليورانيوم من اجل حل المظاهرات الشعبية!

من هنا بدء الطوفان المدمر في العراق, فعمليات القتل على الهوية بدأت في عام 2006 بوجود الأمريكان. من قرارات الأمم المتحدة أن الدولة الاستعمارية ملزمة على توفير الأمان للشعب الذي تغزيه, ثم الغزو تم بلا شرعية دولية و تم قمع صوت الأمم المتحدة بأكذوبة أسلحة الدمار الشامل و أكذوبة انطلاق الإرهاب من العراق وليس من السعودية.

طبعا ضروري البحث في أمر السلطة العراقية في ضوء التطورات الأخيرة, وما وصلت أليه عمليات الفساد و المراوغة وعلى كافة المستويات, بعد أثبت الأمريكان سفالتهم وبمختلف الوجوه, بدءً بأكاذيب أسلحة الدمار الشامل و مروراً بعمليات التعذيب في سجن أبو غريب و مساعدة قوات القاعدة للتفجير في العراق وأخيراً أنتاج داعش وتسليحها.ولنتذكر مكر محاولات أمريكا لتدمير مصر عبر دعم دولة الأخوان, التي هزمها الشعب المصري, فاعترفت أمريكا على لسان هيلاري كلنتون, أن المظاهرات المليونية خربت كل مخططات أمريكا.

فأمريكا رغبت لتحويل مصر إلى صومال و من أجل تحطيم سوريا لينتهي العرب إلى الأبد, و لتحقق مشاريع الصهيونية العالمية في تدمير الدول الحضارية الثلاث, مصر سوريا و العراق, لتخرج السعودية على السطح لتقود أمة التخلف, بقيادة الملك الوهابي و مفتيه القرضاوي في جهاد النكاح و الإرهاب, ليصبح العرب من خلال السعودية مهزلة العصر الحديث.

في الأسابيع الماضية حدث الكثير من الاضطرابات في العراق, و كثرة الكتابة على صفحات الحوار و التلفاز العراقي, في حالة تعكس الكثير عن الساحة العراقية الصاخبة, ليصعب على الكثير من اتخاذ موقف من الأحداث, فهناك حالة من القلق وحالة من الانحياز مع أمر التأكيد على الذاتية في الطرح و عدم التجرد من الذاتي للانطلاق للعام, و لحاقاً لمسك الوعي الجماهيري و تحديد خارطة للطريق لتكون نبراساً للجماهير, أي عملية تدقيق خطوات الجماهير ونقدها البناء و توجيهها حسب الاتجاه الذي يصب لتطوير العملية السياسية التي دخلت عنق الزجاجة بلا إكراه و لا بطيخ كما يقال.

فهناك المحافظ و المدافع عن العملية السياسية و في نوايا أما ساذجة أو لانحياز من اجل الانحياز لا يستطيع تقديم شيء للجماهير بل يدخل حالة التشرذم و التشرنق خوفاً على عملية سياسية بدأت عقيمة, كما جاء في التنويه عن مرامي أمريكا لتدمير العراق, وبيد الصهيوني بول برايمر و جورج الابن الذي زاره الله في المنام لغزو العراق بعد أفغانستان.

فقسم من المنظرين, تمسكوا بصنمية و سذاجة,الإسقاط لنظام البعث من قبل أمريكا وبكونه خطوة جبارة لبناء العراق, أي آمنوا بأن أمريكا نزعت جلدتها في سلخ جلود الهنود الحمر وصارت بلد يوزع الخير للعراق و ليبيا و سوريا لجمال سواد عيون العباد هناك.

تمسك هؤلاء بالدولة و البرلمان العراقي, و يتابع هؤلاء كل الإنجازات على مدى 12 عام( جر خط تحت كلمة انجازات). فهؤلاء السادة ممجدون العملية السياسية و الغزو الأمريكي و هم من يتقبل حالة التدخل للقوى الخارجية في العراق, لكن ليعلن كل من هؤلاء قلقه من القوى الخارجية التي يحبذ بعضها و يمقت بعضها وحسب الانحياز الطائفي وبلا أي مبدئية ولا مقاييس للوطنية بل فقط من اجل الدفاع عن المصالح الخاصة للنظام و ربما للمنفعة الذاتية كالحصول على منافع في ظل النظام السائد.

فيرى هؤلاء الممجدين للعملية السياسية في العراق, أن التظاهرات و ما صاحبها من اقتحام الجماهير الغاضبة للمنطقة الخضراء في 30 نيسان تهديد و سابقة خطيرة لتصعيد الأزمة العراقية و كأن العراق بلا أزمة لمدة 12 عام ! و يهدد بخراب العراق الشامل!

طبعاً المظاهرات و أعمال الشغب تحدث في كل دول العالم, لكن على المحلل أن يميز بين رغبة الجماهير و هدف الأحرار في المظاهرات وهدف أجندات الثورة المضادة, يعني هناك من يتذرع دائما أن البعث و السعودية و القاعدة ستستغل أمر الحراك الجماهيري! طيب أقول ليتفضل البعث ليقود الجماهير إن كان له مشروع سياسي يُخرج العراق من مأزق الطائفية, أليست هي هذه الديمقراطية, ففي الغرب حتى العنصرين لهم حق الوجود في البرلمان وطرح برنامجهم السياسي.

أي على هؤلاء المحللين الخجل من استخدام البعث كخراعة خضرة كما يقال, فأن أمريكا هي من خرب العراق وصفقتم لها, وهي من أسست الطائفية و هي من حافظة على وجود البعث في البرلمان, لا بل يوجد ليس البعثي الشريف بل يوجد قوادوا البعث في السلطة الحالية بزعامة مشعان الجبوري, أي أن خرافة الخوف من البعث ليست إلا أكذوبة, فالبعث موجود أساسا في واقع السلطة الحالية. فحتى لم يتم اجتثاث مجرمي البعث, كما جرى في ألمانيا بعد سقوط هتلر بل تم رعايتهم, فقط عملت أمريكا بمحاسبة (51) شخصية من البعث, هل تذكرون مهزلة كارت لعب الورق التي طرحتها أمريكا في ملاحقة قادة البعث.

أن الاحتلال للعراق يجب أن يدرس و يرجع أليه دائما في حالة أي حدث في العرق, فحين نتحدث عن الفساد يجب البحث عن أساس هذه السلطة, فلما يؤكد بول برايمر بأن هذه الرجال التي جيء بها للسلطة ما هي إلا رجال شوارع, بل ذكر أن هذه الرجال كان تسأل عن الرواتب الخاصة بها, في الوقت الذي كان بول برايمر يخشى أمر العداء له بكونه صهيوني, فبهذا تشجع و استهترت أمريكا في سن الدستور الطائفي في العراق, أي أن الخوف من صخب الجماهير المنتفضة خرافة ساذجة, أمام هكذا تاريخ و سلطة.

يطرح هؤلاء القلق من القاعدة و داعش و انسلاخ الرمادي و الموصل و خطر تمادي السعودية في العراق, و لنرجع أمام المشروع الأمريكي في غزو العراق فهو أساسا كان من اجل تحطيم السلطة و الشعب العراقي, فكنا نسمع عن مشروع أمريكا بعد انفجار برجي التجارة في أمريكا أن أمريكا عازمة على غزو العراق و تقسيمه, حيث تم تشكيل إقليم كردستان, أي أمريكا استخدمت الأكراد من اجل مشروعها الدامي في العراق, و من خلال التناحر العربي الكردي و من ثم دعم جهاز البعث الصدامي السني لمجابهته بالتيار الشيعي الإسلامي.

أن أحداث الفلوجة كان البادرة الأولى من قبل أمريكا لتفتيت العراق و منها بدأ الطوفان إلى بعقوبة و الرمادي و أخيراً تم سلخ الموصل و أن من قام بسلخ الموصل هم رجال السلطة و البرلمان العراقي, فالسيد صالح المطلك و مشعان الجبوري وأسامة النجيفي و أثيل النجيفي كانوا بإمرة عزت الدوري العميل الأمريكي. فهل يعلم هؤلاء المنظرين بالخوف من عبث الجماهير, أين يختفي أثيل النجيفي و كل من يسرق و تثبت علاقته بالإرهاب. هل فكر هذا المحلل بحجم الخراب والأموال التي سرقت من اجل مد داعش بالسلاح و عملية تمريرهم في صفوف الشعب و الدوائر في الموصل.

أن خروج الشعب إلى الشارع هو ليس نزهة و لا يمكن صده, إذ أنه إرادة الشعب و بعد سكوت دام أكثر من 10 سنوات, ولما طفح الكيل و من جميع الوجوه, من أزمة الكهرباء المفتعلة و المياه الملوثة و إلى الشوارع البائسة و تلال القمامة و إلى الفساد الإداري و الرشوة و الصراع بين أجنحة الأحزاب الشيعية ذاتها ليصل الأمر إلى قوت الشعب و راتب المتقاعد لحل أزمة الاقتصاد العراقي.

فكيف يستقيم الأمر بنقد الصخب الجماهيري أمام بربرية المشروع الأمريكي بغزو العراق و تأسيس دولة المحاصصة, وبقبول كل الأحزاب الهشة في المنطقة الخضراء, أي أن الدولة القائمة هي أساس الخراب و أن الجماهير هي التي تدفع الثمن, و المحللين السذج ليس لديهم إلا قلق فقدان التجربة الديمقراطية, و التي هي لا ديمقراطية و لا هم يحزنون بل هي دولة فساد و خيانة وطنية دولة مافيا سياسية يريد الشعب الخلاص من دمارها, فأفاق هكذا دولة يكون مصيرها السقوط لا محال.

لو كان للشعب العراقي جيش بحرفية الجيش المصري لكان هذه الدولة و السلطة نالت الهزيمة كما نالت دولة الأخوان المسلمين, أي أن أمريكا عملت على تحطيم كل أجهزة الدولة السابقة ليس من اجل البناء الديمقراطي بل من اجل إرجاع العراق نحو غابة دولة المحاصصة في القتل في الشوارع, فعلامة يخشى هؤلاء المحللين من سقوط الدولة, فهي أساسا دولة غزو مشبوهة تعمل على تصعيد التناحر القومي و الطائفي في العراق, فخروج الجماهير اليوم سواء في المركز والإقليم بكل عمليات التدمير لأثاث و بنايات السلطة لا يخفيني, فأساسا أن النفط والمال و الثروة هي مسروقة, فلم الخوف على النفط و المال طالما لا يدخل في جيب الجماهير. دعهم يحرقوها عوضاً عن يسرقها السياسي مشعان الجبوري و الأمريكان.

لا تخدروا الجماهير بأسم المال العام دع الجماهير المدجنة التي ركعها صدام حسين أن تخطأ و تتعلم النضال الحضاري فهي لأول مرة تحاول تسلق حاجز الخوف, ومن ثم أن الجندي أو المنخرط في البيشمركة أم الحشد الشعبي هو الذي يذود عن الأرض و الشرف, أي أن السلطة الفاسدة لا تبني العراق و لا تحميه و لا تصد قوات داعش, فالساسة في العراق شمالاً و في بغداد باتت مشبوهة سواء في الفساد أم بتفريط السيادة الوطنية, أنها سلطة عشائر طفيلية إذ لا أستطيع أن أقول دولة البرجوازية الطفيلية, فالسادة التي جلبتهم أمريكا هم من مقاس خاص, تسير ضد مستقبل شعب العراق.

لا بد من التعريج على الشعارات التي طرحت في المظاهرات, ك ايران بره بره, بغداد تبقى حره! و بره ياسليماني, أنا الصدر رباني! طبعا هذه الشعارات هي شعارات متسربة من أجندات خاصة في العراق لنقل بصراحة هم أجندات مشعان الجبوري و أسامة النجيفي و أثيل النجيفي وصالح المطلك التي تناقض أحزاب الشيعة, أي أن البعث موجود ويتحرك فلا داعي من الخوف من مثل هذه شعارات, إذ هي ليست هم الجماهير ثم لا توجد دولة في العالم ليس لها علاقات و صدقات. فهكذا لما جاء عبد الكريم قاسم للسلطة أتهم بالشعوبية و أنه صار شيوعي أحمر بعد تشيد علاقات مع السوفيت, وهكذا أتهم كاسترو بأنه عميل السوفيت, لكن الشعب العراقي يعرف من هي إيران و من هي السعودية و ما هي مرامي أمريكا.

ثم لا بد من ملاحظة الإعلام الخارجي و كيف يلعب على الدولة و الشعب العرقي, فمثلا كتب السعودي جمال الخاشقجي المشبوه " حسبت اننا خسرنا العراق الجنوبي وانه وقع بقبضة النظام الإيراني، ولكن يقظة الجماهير الشيعية العراقية الوطنية أمس وهتافها ضد إيران أعاد الامل."
فهنا نرى هذا الإعلامي, يتحدث عن شعب العراق بتاريخه الحضاري الذي يشرف أجداده من آل وهاب وأسياده الأمريكان, كأن العراق ضيعة سعودية. أقول! أن من حق الشعب العراقي أن يقيم علاقة مع إيران والروس وهانلولو بشرط أن تكون مصالح العراق فوق كل شيء و من ثم هناك صيانة للسيادة الوطنية, و أقول أن العراق يجب أن لا يقيم أية علاقة مع السعودية, إذ هي دولة رجعية ترعى الإرهاب و تحارب التقدم, تساهم بضرب العراق و ليبيا و سوريا. أي على العراق استخدام إيران و الروس و الصين و حزب الله و حتى الشيطان إذا تحول ليحارب السعودية و صنيعتها القاعدة و داعش.

من هنا نتساءل هل الخروج على السلطة بمظاهرات سلمية أم بقوة الجيش أن تطلب الأمر يهدد العراق و مسيرته أم إزاحة الدولة الفاسدة هو من يخرب و يهدد العراق؟
لقد كان شعار أمريكا الفوضى الخلاقة, فلم إذن ندين فوضى الجماهير و نركز فقط على جوانب الشغب من شعارات تطرح في الشارع أم من تحطيم كراسي و قنفات البرلمان العراقي. أرى أن التظاهر و الاعتصام حال طبيعية في ظل سلطة غير معقولة خيبة الجماهير بل فاقت كل التصورات في التسويف و التناحر و الفساد, فالجماهير التي تعاني من شظف العيش والموت عبرت عن وعي أفضل من ممارسة السلطة, فهي أشرت أن المحاصصة هي سبب البلاء, وهذه, صارت عادة كل القوى التي في البرلمان, أي صارت جهاز لعين يقسم الثروة بين الكتل و الأحزاب ضاربا عرض الحائط مصالح الشعب الشغيل سواء في المركز والإقليم.

يطرح البعض أن المظاهرات يجب أن لا تهين هيبة الدولة و لا تمس أثاث البرلمان ههه, و ماذا عن دولة تعتمد المحاصصة و التفريط بوحدة العراق القومية و الطائفية,لا بل راح البعض ليخبرنا أن السعودية وداعش لم تنجح بإهانة القادة في البرلمان العراقي كما أحدثه الصخب الجماهير الأخير ضد الدولة و البرلمان.أقول اللي ما يعرف تدابيره حنطة تآكل شعيرة.

أن الذي لا يستطيع الحفاظ على شرفه السياسي و لا يستطيع محاربة الفساد والذي لا يجيد فن القيادة والبناء ليتنحى و يجب أن يلوم نفسه عن فقدان الهيبة و لا يلوم الجماهير المنتفضة. أنا لا أدين صخب الجماهير اليوم بعد أن ترك السلطة لمدة 12 عام, لكي تفي بوعودها, لكن أنا أدين السياسي الذي يملك السلطة و سيارات و أجندة الحماية المكلفة, إذا أخطأ و خاصة أن كان خطأه يوازي الخيانة الوطنية, فالجماهير هي قوة تغيير وفي جنونها تكمن قوة تحطيم,لكن هم الشعب ومن حقه تحطيم ما يملك من سلطة و ثروة, لا يجد فيها جدوى ولا نعمة ولا كرامة.

لقد لمست من خلال كل هذا الفساد للسلطة والصخب للجماهير, الوعي من قبل الشعب, فهناك من أستطاع أن ينظم المظاهرات إلى حد بعيد. فالسيد مقتدى الصدر رغم كل ما يقال عنه و رغم أنه ليس ماركسي لا بل نقيض لما نؤمن به أستطاع أن يحرك مليون إنسان و لم يقتل بشر ولا تنهب بيوت!هذه الأمور ممكن أن تحدث حتى في فرنسا أم أمريكا. أي أن الشعب العراقي في تفهم لمصالحه و في تلاحم راقي بين طوائفه و نسيجه القومي وهي حالة صحية.فعلى هكذا وعي و أداء لا بد القول لا داعي من الخوف, بل يجب لجم القادة الفاسدين و الانتهازيين, فهم الخطر على الوطن و الشعب العراقي.

يطرح البعض أمور مراوغة حول السيد مقتدى الصدر و هي حالة من اجل خلط الأوراق و من اجل النيل من الجميع وفي حالة عبثية تدعو إلى ازدراء كل ما موجود, أي عدم تميز الغث من السمين, كأن يقال أن حزب مقتدى الصدر هو في مجلس الوزراء و البرلمان, و له حصة في الدولة, لا أعرف ما علاقة ذلك في أمر قيادة المظاهرات, اعتقد أن السيد مقتدى الصدر يملك سطوة على الجماهير وهو لم يخدرها بآيات السكوت عن القائد الجائر بل تزعم المظاهرات, أما في حزبه يوجد مرتشي و فاسد, أقول فحتى في حزب جورج بوش أم حزب بنيامين نتنياهو يوجد فاسدين.

أن عدم أنصاف السياسي و القائد سواء في الدولة أم في الشارع السياسي هي حالة عبثية غير مسئولة تعكس حالة عدم نضج وهستريا, فمن الحالة في الإقليم نرى كيف تحلق الجماهير حول قيادتهم و حول كل سياسي نبيل أنحاز لشعبه, لكن في المركز نرى حالة التشرذم و التخندق فهي تعكس توغل الروح العشائرية والطائفية مع تسلل للصداميين وأجندات السعودية, التي تحاول تشويه أي حالة صحية تعيشها الجماهير العراق, أي أن الجميع سواء في السلطة أم المتربع للتحليل لا يراعي طموح الجماهير, وهو يعكس الموروث الوسخ لسلطة البعث تجاه حراك الجماهير.

من جانب آخر نرى البعض راح يدين رئيس الوزراء حيدر العبادي لعدم مقدرته على لجم التظاهرات, فهنا نلمس عقل البعث في لجم الجماهير,لكن إذا قام حيدر العبادي بإرسال الحشد الشعبي للرمادي والموصل, سيقلب البعث السماء ولا يقعدها, بأن هناك حرب طائفية.أقول! أثبت رئيس الوزراء بأنه يملك صبر و تفهم حضاري لأمر المظاهرات و ربما تعاطف معها كإنسان و ليس فقط كسياسي يطمح بالتغيير لبعض المسلمات و أشكال العمل السابقة بقيادة نوري المالكي.

مما تقدم نستطيع أن نرى في الصراع الحالي رغم تداخلات الأحداث و تخبط القادة و أمل الجماهير الساذج بالغزو و التغير لا بل أمل بعض الساسة و المنظرين في الغزو والذي دعوه تحرير, و رغم أن العالم سماه احتلال, أقول أن الصراع الحالي في العراق يعكس شكلين من الصراع و هو صراع بين قوى أحزاب السلطة و أجنحتها سواء في المركز أو الإقليم و صراع الجماهير الشعبية مع السلطة من اجل مصالحها الطبقية.

أن إسقاط السلطة الحالية يجب أن ينظر إليه بمنظار الجماهير و رغبتها, فأن أي تحليل آخر هو مجرد فقاعة فجة, فكما يتمسك الأكراد في الإقليم, في أن الإقليم فيه جلاد كردي وهذا أفضل من أن يكون فيه جلاد عربي,فكذلك في المركز هناك من يتشدق بأن الدولة هو بقبضة الأحزاب الشيعية وأن جلادهم وبفخر هو شيعي عوضا عن البعث السني. هذه هي الدولة الطائفية و هي من خيرات غزو العولمة الأمريكية, التي أضاعت البوصلة و الروح الوطنية لسياسي و محللي الصدفة.