المؤتمر العاشر مهامه وطموحات الشيوعيين العراقيين (4)


فلاح علي
2016 / 4 / 25 - 13:47     

الموضوعة الرابعة : تحويل الحزب الى حزب جماهيري يمتلك قوة اجتماعية ويتصدى لمهام التغييرفي الدولة والمجتمع :
ان تحويل الحزب الى حزب جماهيري على الصعيد الوطني هي ليس رغبة أو أمنية بقدر ما انها حاجة وطنية ومهمة تنظيمية للشيوعيين في الداخل والخارج في الظرف الراهن . وهدف نضالي تفرضة ظروف البلد وأزماته المعقدة ومهام واهداف الحزب الوطنية والديمقراطية وتنامي النهوض الجماهيري وأرى في البدأ لا بد من طرح سؤاليين في هذه الموضوعة :
السؤال الاول : هل هنالك امكانية لتحويل الحزب الى حزب جماهيري ليصبح الشعار واقعاً .
أرى ان الاجابة على هذا السؤال تبدأ بالايجاب عند التوجه بتطوير الاستراتيجية التنظيمية للحزب بأتجاه استنهاض فاعلية العوامل الذاتية . بهذا ستكون للحزب امكانية في تحويل الشعار الى واقع , رغم ان الظروف الموضوعية التي يمر بها البلد لها دور سلبي , ولكن هذا الدور السلبي غير مطلق وغير ثابت يخضع للمتغيرات . لا سيما ان في المجتمع العراقي مرتكزات اساسية تمثل رصيد ورأسمال ثابت للحزب تمكن الحزب من الحد من التأثير السلبي للعوامل الموضوعية .
السؤال الثاني : ما هي هذه المرتكزات الاساسية التي يمتلكها الحزب والتي تمثل رأسمال وطني ثابت للشيوعيين العراقيين في المجتمع ؟
سأشير الى بعض هذه المرتكزات الاساسية التي تعطي للحزب سمات خاصة في تنامي الدور والفاعلية والتأثير وفي علاقاته الوثيقة مع الجماهير وتجذرها وفي فعله ودوره السياسي والجماهيري من هذه المرتكزات هي :
1- ان من أهم المرتكزات التي يمتلكها الحزب هي تنظيمية وسياسية وفكرية وجماهيرية وتأريخية نضالية وثقافية بمجموعها تشكل مصدر قوة للحزب . وأرى انها تلعب دوراً معجلاً مساعداً تمكن الحزب من تهيئة مستلزمات التحول الى حزب جماهيري .فعلى الصعيد التنظيمي ما يميز الحزب ان له جذور تأريخية عميقة في المجتمع العراقي وان تنظيماته تمتد في كل انحاء البلاد في المدن والاقضية والنواحي والقرى في بعض المحافظات , كما ان للحزب كوادر ميدانية وان اهم سمة تمتاز بها هذه الكوادر هي مقربتها من الجماهير وتعايشها معها ولا ينظر احدهما الى الآخر بالتعالي .
2- سياسياً نجد ان الخط السياسي للحزب يمثل نهجاً تحررياً وطنياً ديمقراطياً , وهذا ما جسدته برامج الحزب منذ المؤتمر الاول . حيث نرى برنامج الحزب المطروح على المؤتمر العاشر , يمثل مفخرة للشيوعيين العراقيين امام شعبهم ووطنهم ويشكل عامل قوة لهم في نضالهم . رغم ان رؤيتي هي نقدية للبرنامج وان البرنامج بحاجة الى اختزال وبالذات المقدمة طويلة وتخليصة من التكرار . وهذا يساعد المواطن على ان يفهم مهام وأهداف البرنامج والحلقات المترابطة فيما بينها ويقتنع بها ليجد نفسه عضواً في الحزب يناضل من اجل تحقيقها .
3- كما أرى من وجهة نظري ان ما يميزالبرنامج هو انه لم يدمج المهام بين المراحل نجد الخطاب والمهام والاهداف مكرسة لمرحلة التحول الوطني الديمقراطي وانجاز مهامها . البرنامج طرح فقط مهام المرحلة الوطنية الديمقراطية. وأشار الى الهدف الاستراتيجي للحزب هو بناء الاشتراكية . مع التأكيد على استرشاده بالفكر الماركس . لهذا نجد ان البرنامج واضح ولا يحمل تعقيد ولم يخلق ارباك فكري قادر على ايجاد أوسع التفاف جماهيري حوله ,. وهذا مما يساعد المواطن على فهم واستيعاب البرنامج وتبنيه لأن البرنامج يلبي مصالح الشعب وهذا ما يحفز للانتماء لصفوف الحزب لأنه يحمل رؤية سليمة لحل أزمات البلد ويضع توجهات عملية واقعية صائبة لبناء دولة مدنية ديمقراطية ويحقق العدالة الاجتماعية . ومن ميزة البرنامج لا يوجد شيئ ثابت فيه عدا الرؤية الفكرية الاستراتيجية كل شيئ فيه قابل للنقد والمراجعة والتدقيق والحذف والتعديل هنا تكمن قوة البرنامج في انه يصاغ وفق واقع البلد ووفق اوضاعة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والقومية والدينية , وهذا هو جزأ من رأسمال الحزب الوطني .
4- على الصعيد التأريخي والجماهيري ان الارث النضالي للشيوعيين العراقيين ترك بصماته على تأريخ العراق الحديث , فكان للحزب دور فاعل في كل تظاهرات شعبنا وفي اضرابات واعتصامات العمال والطلبة وفي نضالات الفلاحيين وفي الهبات والانتفاضات الجماهيرية والوثبات الوطنية منذ تأسيس الحزب الى اليوم . وتوج نشاط الحزب في المشاركة في الحراك الجماهيري الذي أنطلق في أواخر تموز 2015 الى اليوم ان الحراك الجماهيري الحالي , الذي تشارك فيه منظمات الحزب وجماهيره وحلفائة من التيار الديمقراطي وناشطين مدنيين ومثقفين ومنظمات مجتمع مدني مع جماهير واسعة من طبقات وفئات المجتمع شكل انعطافة في مزاج الجماهير , وتحول الحزب مع الحركة الجماهيرية من حالة التراجع او الدفاع الى حالة الهجوم الاستراتيجي .ان الحزب يعتبر من اهم مؤسسات المجتمع المدني وأكثرها فاعلية في المشاركة السياسية في القضايا الوطنية وبناء الدولة وفي صنع القرارات الوطنية . ان هذه المرتكزات الاساسية وهذا الأرث النضالي التأريخي يشكل رأسمال وطني للشيوعيين وعنصر قوة لهم , وسلاح لاضعاف اي مسعى من قبل اعداء الحزب الذين لو سنحت لهم الظروف لصوروا للجماهير ان الشيوعيين هم غرباء فكرياً وسياسياً عن المجتمع . لأن اعداء الحزب يعملون بمكر وخبث باتجاه وضع حواجز بين الحزب والجماهير والتضييق على دائرة نشاط الحزب بالحد من تأثيرخطابة السياسي وفكره ونشاطاته وأفعالة , ارى ان مهمة تحويل الحزب الى حزب جماهيري هي مهمه أولى للمؤتمر العاشر .
ما هي خارطة الطريق المطلوبة لتحقيق وجهة التحول الى حزب جماهيري :
بلا شك ان للحزب ومنظماته خارطة طريق والتي تمثل استراتيجيته تنظيمية وفكرية وسياسية , ولكن أرى ان المؤتمرالعاشرستكون امامه مهمة أولى هي في تطور خارطة الطريق هذه لأجل تنامي دور السياسي والجماهيري للحزب . اشير هنا في جانب الأداء التنظيمي ان كانت عملية تطوير التنظيمات الحزبية تتطلب اعداد وثيقة تنظيمية حزبية خاصة , تشارك منظمات الحزب في دراستها وصياغة محتواها لتمثل استراتيجية تنظيمية للحزب في هذا الاتجاة وتتضمن مهام محدده وتوجهات تمثل خارطة طريق لكل منظمات الحزب , أرى ان تكون من ضمن توجهاتها او مهامها هو تبني شعار تحويل الحزب الى حزب جماهيري وبهذا تتضمن خارطة الطريق ملامح التوجهات التالية :
1- مواصلة وجهة العمل بأتجاه تعزيز الديمقراطية الداخلية وإغناء الحياة الحزبية وتنشيط الصراع الفكري الخلاق والالمام بالماركسية والبراعة في ممارستها بأتجاهيين الاتجاه الاول هو انها مرشد في العمل والاتجاه الثاني بالارتكاز اليها في مواصلة دراسة واقع المجتمع العراقي والتطورات التي تطرأ علية ورصد مزاج الجماهير وتصاعدة .
2- أعطاء اهمية في توطيد علاقة الحزب في اوساط الطبقة العاملة والشغيلة والكادحين . ومن ملامح العلاقة الوثيقة على الواقع هو في النفوذ السياسي والاجتماعي والتنظيمي للحزب في هذه الاوساط الجماهيرية . وان هذا النفوذ ينتج عنه تنامي دور الطبقة العاملة والشغيلة في المجتمع وتحررها من الفكر الطائفي .
3- توسيع عضوية الحزب في اوساط المثقفين والفئات الاجتماعية الاخرى من الطلبة والشبيبة والنساء وفقراء الفلاحين والفئات الاخرى والتوجه لأقامة تحالفات قاعدية مناطقية طبقية واجتماعية , كما تبنى اشكال من التحالفات السياسية والتنسيق والعمل المشترك مع القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية .
4- تشخيص اهم الصعوبات والعراقيل والثغرات الذاتية والموضوعية ودراستها على مستوى كل منظمة في الداخل والخارج ووضع آليات عملية للتقليل من أضرارها والتأثير فيها والارتقاء بالعامل الذاتي.
5- في هذا الاتجاه ممكن وضع مجموعة أسئلة لغرض دراستها والوصول الى اجابات واقعية من هذه الاسئلة على سبيل المثال : ما هي اسباب ضعف الانتماء الى الحزب في هذه المنطقة او تلك ؟ هل هو ضعف في النشاط الجماهيري ؟ لا سيما ان الحزب كسب الآلاف من خيرة ابناء الشعب للعمل في صفوفه ؟ أوهل هنالك خلل في الحياة الداخلية ؟ ما هي الاسباب . هل هنالك خلل في المستوى الفكري ؟ هل هنالك ضعف في العلاقة مع الجماهير ؟ ام ضعف في التاكتيك او ضعف في فهم مزاج الجماهير؟ ما هو مستوى المبادرة لدى اعضاء الحزب وكوادرة ؟ هل هنالك ضعف في فهم مشاكل الجماهير والمحتشدات الشعبية ؟ ....... الخ .
6- ارى التركيز على ايلاء أهمية في متابعة الظواهر التالية : العمل الجماعي وتجنب الفردية ونبذ العفوية والانتظار والترقب . متابعة الارتقاء بتطورثقافة تنظيمية تكمن في اهمية انجاز المهام وتنامي النقد والنقد الذاتي وطرح البدائل الواقعية . وان توضح للقواعد تاكتيكات الحزب وتجنبيها من أي غموض او إلتباس , هذه عناصر قوة تساعد على الارتقاء بالوضع التنظيمي والفكري .
7- الحفاظ على علاقة وطيدة مع كل قوميات شعبنا العراقي والانفتاح على احزابها السياسية وتوضيح مواقف الحزب في الدفاع عن الحقوق القومية , مع التمسك بالنقد للممارسات الخاطئة , على ان يتميز الخطاب السياسي للحزب بطابعة الجماهيري وبالصراحة والشفافية والوضوح , وايجاد دراسة جديدة لمعالجة او تجاوز اسباب ضعف الاعلام الجماهيري للحزب , تحفيز المبادرات ذات الطابع الجماهيري ليكون منشور الحزب وصحيفته وخطابة في متناول قطاعات واسعة من جماهير الشعب , هذه الرؤية تنسج علاقة ثقة بين قطاعات واسعة من المجتمع والشيوعيين .
8- ان تطوير خارطة الطريق تظهر قوة الحزب في المجتمع , ليس في تنامي كوادرة الشابة ذات الرؤية الاستراتيجية وليس بعدد أعضائة فقط وانما في عدد أصدقائة ومؤيدية ومناصرية وجماهيره . وهذه القوة يجسدها عدد ناخبية ومؤيدي برنامجه , اضافة الى ان الكفائة في الاداء السياسي من قبل قيادته وكوادره تلعب دوراً كبيراً في توسيع القاعدة الجماهيرية للحزب وهنا تتحقق شعبية الحزب .
9- ان التجربة التاريخية للحركة الشيوعية تؤكد ان الاحزاب الشيوعية التي تمكنت من انجاز مهامها بطرق خلاقة وبنجاح هي تلك الاحزاب التي طورت تنظيماتها واستنهضت قواها الداخلية و التي تعززت فيها الديمقراطية في حياتها الداخلية عبر التطبيق الخلاق لمبدأ المركزية الديمقراطية . لا توجد احزاب شيوعية مغتربة عن مجتمعاتها ولكن توجد احزاب شيوعية غير جماهيرية ولأجل ان يحقق الحزب الشيوعي أهدافة ومهامه لا بد ان يتحول الى حزب جماهيري في المجتمع .
25-4-2016