نصائح لوجه الله!


سلام عبود
2016 / 4 / 24 - 13:09     

حينما تخون الوطن مرّة، فإنك تخونه مرّة واحدة والى الأبد.
الخيانة مثل قيادة السيارة، مهارة ربّما تضعف، وربّما تتوارى خلف اللاوعي، لكنـّها لا تـُّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّّنسى.
بعضهم يضحك حينما يسمع الآخرين يشدّدون على كلمة وطن، ومنهم من يضحك على كلمة إنسان، أو أخلاق، أو حق، أو جمال، أو خير. كل شيء يُحتمل أن يكون مضحكا وتافها ومسليا. لأن الطريقة التي نرى بها العالم هي نفسها الطريقة التي نرى بها ضمائرنا.
يحلو لنا دائما أن نقول بثقة إن الإنسان عدو نفسه، لكنّ الواقع يقول عكس ذلك تماما: إنّ النفس عدوة إنسانها.
حينما نتأمل جوهر الموقف اليمينيّ ونقارنه باليساريّ، نجد انّ الصورة متناقضة منذ البدء. الثاني يُفترض أن يكون مناهضا لما هو موجود وقائم، والأوّل على العكس يبدو متشبثا بما هو كائن. في معركة الأخلاق يبدو اليسار كأنـّه يمارس اللاأخلاق ويفسره أخلاقيّا، بينما يمارس اليمين الأخلاق ويفسرها لا أخلاقيّا.
عبارة "الإنسان أثمن رأسمال" سقطت منها سهوا أربع كلمات، هي "في منظومة الانتاج الاستغلالية". بخلاف ذلك يغدو الإنسان، من حيث الجوهر، وسيلة للتداول والتبادل والتعويم.
المرأة واليتيم والفقير والمستضعف مادة خصبة للاستغلال الجنسيّ والاجتماعيّ والاقتصاديّ في المجتمعات كافة، وتحديدا في المجتمعات التي لا تحكمها قوانين العدالة الاجتماعيّة، كمجتمعاتنا. وحينما يرى الكائن السياسي المضبوع - القادم مع الباطش المحتل، والذي لعب دور الدليل السياحيّ في مأساة شعبه- كيف يدوس هذا الباطش كرامة شعبه من دون خشية أو حرج أو تبرير، تتملكه شهوة الاستضباع العارمة، فينسى ضآلته وصغره وتفاهته، وينظر الى المجتمع بأسره نظرته الوضيعة الى الأرامل واليتامى والفقراء والمستضعفين. تلك هي سنة الحياة والممات في أزمان الورثة المستكلبين.
يقول المثل الشعبي العراقي: "جلاب السوك ما تخوف ذيابة". حيّرني هذا المثل كثيرا. في أي حقل يُدرج: في حقل السياسة، أم علم النفس، أم علم الاجتماع، أم في الحقول كافة؟
يحلو لنا أن نقول إنّ العنف قاطرة التاريخ. لكنـّنا ننسى، أو نخشى أن نضيف صفة "البشعة" الى تاريخ البشر الحافل بالبشاعات.
البعض يعشق الحرّيّة عشقا جنونيّا، الى الحد الذي يكابد ويكافح ويناضل من أجل التحرر من قيودها كافة، بكلّ السبل.
في الشيخوخة، حينما يقترب الإنسان من نهايته، يمارس مع نفسه دور الرّبّ الأعلى المسيّر لقطار الموت والحياة، فينزل نفسه مرّة في محطـّة الجنـّة، وأخرى في محطـّة النار، وهو على يقين تام أنـّه ذاهب في رحلة لا نهاية لها، رحلة بلا محطـّات أو وقفات أو حتـّى قطارات.
إذا أحببت امرأتك بجنون فأنت غبيّ حقيقيّ، إمّا إذا كرهتها بجنون فأنت أكثر غباءً.
بعضهم يقول: حينما يفسد العالم تفسد الضمائر. ومنهم من ينكر ذلك ويقول: حينما تفسد الضمائر يفسد العالم. لكنّ القولين صحيحان. ولا يعني هذا بالضرورة أنـّهما يكمّلان بعضهما، فحيث يوجد عالم فاسد تنشأ نفوس فاسدة، وحيث توجد نفس فاسدة يصبح العالم فاسدا. الفلاسفة المسلمون الأوائل جعلوا الفساد خللا طارئا في نظام العدالة الكونيّة. وهذا غير صحيح على الإطلاق، إذا نظرنا اليه اجتماعيّا، وليس كظاهرة طبيعيّة خالصة. إنّ الأمر على الضدّ من هذا تماما. فحيث توجد نفس يوجد فساد (نقص في البناء، في الحكم، في الشريعة، في الإنسانية)، وحيث يوجد عالم يوجد فساد. الفساد مثل الخير والشر، هو العنصر الأكثر خلودا وثباتا في قانون الوجود الأزليّ، بل هو أساس فكرة الوجود نفسها. فلا وجود بلا فساد، ولا فساد بلا وجود. لكنّ الفساد لا يغدو قانونا أخلاقيّا للوجود إلاّ في ضمائر صغار الموجودات الوضيعة.
نحن دائما نوهم أنفسنا بأنـّنا ناجحون، ناجحون بامتياز حتـّى في ممارسة الفشل الدائم.
من السهل جدّاً أن تكتب فكرة تؤمن أنت وعصبتك بعظمتها وجدواها، ولكن الصعب جدّاً أن تكتب فكرة لم يكتبها أحد قبلك، ولن يكتبها أحد غيرك.ً
في معادلة كن مأكولاً ولا تكن آكلاً، تبدو الهزيمة "أطيب" أخلاقيّا من النصر في نظر المستضعف، وتبدو "أطيب" مذاقاً في نظر المستكلب.
بين أبي موسى الأشعريّ وأبي موسى الصدريّ أربعة عشر قرنا من الخذلان، والتكبيت، والمظلوميات، ومعاقبة الجسد والروح تطبيرا وتكفيرا. وبينهما أيضا أمير للمؤمنين دمعت عيناه من فرط الخيبة، وكتاب مرفوع على أسنـّة الحراب دُنـّست قدسيته، وخاتم السلطة السحريّ وهو يلتمع في النفوس بديلاً من قمر بني هاشم.
لأنّ الأرض كرويّة نستطيع أن نرحل الى الغرب لكي نجد أنفسنا في الشرق، ونرحل الى الشمال لنجد أنفسنا في الجنوب. ماذا لو كانت الأرض منبسطة؟ هل الكون كرويّا أم مسطّحاً، أم كرومسطّحا؟ خدعة العمر الرئيسة- مكيدة كولومبس- تكمن في أننا نعرف جيّداً أنّ الحياة دائرة مقفلة، مثل دور العرض السينمائيّة. لكنـّنا نضلل أنفسنا حينما نصرّعلى تجاهل معرفة متى تقفل أبوابها!
الأبناء يرثون بعض ما فينا. هذا أمر جائز تماماً. لكنـّنا، من دون شكّ، نرث بقاءهم كلـّه.
الرواية هي أن تكتب عن حياة متكاملة من البدء الى المنتهى، والقصّة القصيرة هي أن تتبع حركة موجه على سطح بحيرة، أمّا المسرحيّة الهزليّة فهي أن تلهو بحياتك علنا أمام الناس وتترك لهم حريّة كتابتها لاحقاً.
ليست السعادة حكراً على السعداء. التعاسة أيضا ضرب من ضروب السعادة إذا كنـّا تستمتع بها جيّداً.
نحن نذم وجود الشياطين دائماً. ولكن، بغيابهم قد تختفي الآلهة.
بعض الناس يحترفون تمثيل دور الحمامة، أو الصقر، أو الغراب. لكنـّهم جميعاً، رغم أنوفهم، لا يمكن لهم إلاّ أن يكونوا حمامة أو صقراً أو غراباً.
الجميع مشغولون بأنفسهم. بعضهم يغفو عند بدء العرض، بعضهم "يكرز حبّ البطيخ" طوال العرض ويرميه على ظهور الجالسين أمامه، بعضهم لا يهمه سوى الظلمة التي يسرق بوسطاتها جيبا غافلا، أو لمسة شهوة، أو خدرا لذيذا. بعضهم ينتظر النهاية بفارغ الصبر لكي يهرع الى ما هو أهمّ، بعضهم يظلّ مسمّرا في كرسيّه من فرط الإثارة. لكنّ أضواء دار العرض لا تعنى إلاّ بنفسها.
كلمة "وداعا"، يا صديقي أو عدوي! بالمعنى الوجوديّ الخالص، لا تعني سوى الى لقاء.