التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير سابقة غير معهودة في التاريخ


الحزب الشيوعي المصري
2016 / 4 / 19 - 23:48     

فوجئ الشعب المصري أثناء زيارة ملك السعودية لمصر بإبرام اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين مصر والسعودية ضمن حزمة من الاتفاقيات الاقتصادية بلغت 17 اتفاقية، وذلك دون أي إعلان مسبق، وفي ظل تكتم وسرية وغياب للشفافية، وتعمد إخفاء ذلك عن الرأي العام المصري، وزاد الطين بلة تسرع الحكومة المصرية بإصدار بيان فجرًا تعلن فيه أن جزيرتي تيران وصنافير هما جزيرتان سعوديتان طبقًا لهذه الاتفاقية، مما أدى إلى تصاعد حالة الغضب والسخط لدى المواطنين، الذين تربت أجيال منهم على أن الجزيرتين جزء عزيز من أراضيهم، سالت عليهما دماء الجنود المصريين في حروب عديدة مع العدو الصهيوني، ففوجئوا بين ليلة وضحاها بإعلان الحكومة الصادم لهم، وليعلموا لأول مرة أنهما متنازع عليهما، وأن الحكومة السعودية سبق وأن طالبت بهما. ثم جاءت كلمة مرتجلة للرئيس السيسي وجهها للشعب المصري، في لقائه مع ممثلي بعض النقابات والأحزاب والنواب والشباب، حاول فيها تقديم عدد من المبررات لاحتواء الغضب الشعبي، فإذا بها تزيد هذا الغضب لدى قطاعات واسعة من الشعب فخرج العديد من المظاهرات المعارضة للاتفاقية. هذا ما جاء في بيان للحزب الشيوعي المصري، وصل الاتحاد" أمس الاثنين سخة منه.
ووأضاف البيان ان الحزب الشيوعي المصري يرى أن هذه القضية تمثل منعطفًا مهمًا ينبغي التوقف عنده، وتحليل ظروفه وملابساته، وتحديد المسؤولية عن الأخطاء الكبيرة التي أدت إليه، وتبين الطريق الصحيح للخروج من هذا المأزق، وفي هذا السياق نؤكد على ما يلي:



أولًا: إن ما حدث يؤكد التداعيات الخطيرة لاستمرار نهج النظام الحاكم في الاستخفاف بالرأي العام، والانفراد بالقرارات المصيرية دون أي شفافية أو حوار مجتمعي جاد، وتجاهل للأحزاب والقوى السياسية، خاصة وأن القضية تمس الأرض والسيادة، وبدلًا من أن يعترف الرئيس السيسي بأخطاء إدارته وحكومته في تلك الأزمة، إذا به يقدم تبريرات غير مقنعة لهذه السرية التي أحاطت بعقد الاتفاقية، وتوقيت توقيعها، مما ساهم في زيادة الغضب الجماهيري، ولا شك أن مجمل الأخطاء التي شابت التعامل مع هذه القضية وغيرها قد ساعد على استغلال أعداء الوطن في الخارج والداخل لها ليواصلوا مخططاتهم المشبوهة. ومع إدراكنا لمسؤولية بعض وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي في هذا الأمر، إلا أن المسؤولية الأساسية تقع على السلطة والحكومة بسبب أخطائهما المتكررة المتمثلة في ارتباك القرارات، وغياب الشفافية، وإخفاء الحقائق عن الرأي العام، وانعدام الحصافة السياسية في جميع القضايا التي أثيرت مؤخرًا مثل سد النهضة، ومقتل الباحث الإيطالي ريجيني، ومنظمات المجتمع المدني، وغيرها.



ثانيًا: إن إصرار السعودية وضغطها على السلطة المصرية لكي يتم توقيع هذه الاتفاقية خلال زيارة الملك السعودي لمصر، وما رافقها من توقيع اتفاقيات عديدة لقروض واستثمارات ومساعدات سعودية لمصر، قد أحاط هذه الاتفاقية بالعديد من الشبهات والتساؤلات، وأعطى انطباعًا لدى المصريين بوجود تنازل في قضية الجزيرتين مقابل تلك المساعدات، وساعد على ذلك إسراع الحكومة وتطوعها بإعلان تبعية الجزيرتين للسعودية قبل طرح الاتفاقية على مجلس النواب، بالإضافة إلى تسابق العديد من المسؤولين والإعلاميين وأصحاب المصالح من المصريين في التطوع بتقديم ما يثبت حق السعودية في الجزيرتين أكثر من السعوديين أنفسهم، في سابقة غير معهودة في تاريخ النزاعات على الأراضي وحقوق السيادة بين الدول، ومن اللافت للانتباه أن هذه القضية كشفت عن سطوة وهيمنة السعودية على العديد من وسائل الإعلام والمؤسسات الدينية وبعض الأحزاب بسبب نفوذها الاقتصادي والمالي.



ثالثًا: إن قضية الجزيرتين لا يمكن الاستناد في حسمها فقط على الوسائل القانونية والوثائق والخطابات المتبادلة، بل يجب أن يضاف إليها الحقائق التاريخية واعتبارات الأمن القومي والحقوق الاقتصادية والاعتبارات الواقعية المتمثلة في حقوق السيادة الفعلية، مع العلم بأن المصريين قد سيطروا فعليًا ومارسوا حقوق السيادة على هاتين الجزيرتين لأكثر من 65 عامًا، وخاضوا العديد من الحروب دفاعًا عنهما.



رابعًا: يؤكد حزبنا على ضرورة الالتزام بما جاء في الدستور (المادة 151)، والتي توجب عرض أية اتفاقيات دولية تبرمها السلطة التنفيذية على مجلس النواب، واستفتاء الشعب على أي اتفاقيات تمس حقوق السيادة، وفي هذا السياق فإننا نطالب مجلس النواب بعدم التسرع في اتخاذ قرار بشأن هذه الاتفاقية، والاستعانة بلجنة قومية لبحثها من كافة جوانبها، تضم خبراء القانون الدولي والفنيين والمؤرخين وخبراء الأمن القومي والاقتصاديين، بالإضافة إلى اللجان المعنية في البرلمان، والحرص على الشفافية وإعلان الحقائق للرأي العام، كما يؤكد الحزب رفضه لأي مصادرة لحق الأحزاب والقوى السياسية والمنظمات الشعبية ووسائل الإعلام في مناقشة هذه الاتفاقية.



خامسًا: يرى حزبنا أن المظاهرات التي خرجت بدافع وطني يوم الجمعة الماضي تؤكد العديد من الحقائق والدلالات التي يجب إدراكها والتعامل على أساسها، سواء من السلطة وأجهزة الأمن أو من القوى الداعية لهذه المظاهرات، نوجزها في ما يلي:
- ?ان التظاهر السلمي حق مكفول في الدستور، وإنه لا يمكن كمُّ أفواه المعارضين للاتفاقية من القوى الوطنية تحت أي مبررات، وإنه من الضروري إيقاف الاتهامات سابقة التجهيز ضد المتظاهرين السلميين من قبل أجهزة الأمن وأبواقها الإعلامية.
-?الكف عن استخدام فزاعة الإخوان لقمع أي مظاهرات احتجاجية سلمية، كما أنه آن الأوان لوضع هذه الجماعة الإرهابية في حجمها وعدم المبالغة في قدراتها على تعبئة وحشد الجماهير الشعبية التي لفظتها وأسقطت حكمها، وفي الوقت نفسه نحذر من التهوين في سعيها لاستغلال هذه الظروف للخروج من عزلتها وتحقيق مخططاتها التخريبية والتآمرية، كونها جماعة غير وطنية لا يهمها في الأساس تراب الوطن ولا تعترف به، مؤكدين نجاح الداعين إلى مظاهرات الجمعة الماضية، خاصة في المظاهرة الرئيسية أمام نقابة الصحفيين، في دعوتهم وتنظيمهم للمظاهرات، إلى حد كبير في منع استغلال هذه الجماعة للمظاهرات، والالتزام بالشعارات والأهداف التي من أجلها خرجت المظاهرات، والاستفادة من دروس وأخطاء الماضي التي كانت تصب في صالح الجماعة الإرهابية ويدفع ثمنها الوطنيون، مما يوجب الحرص على تعزيز المكاسب التي تحققت في هذه المظاهرات والسعي إلى احتضان الرأي العام الشعبي لها.

وقد كان لافتًا في تلك المظاهرات تعامل أجهزة الأمن بحكمة معها، طبقًا لدورها الطبيعي المفروض عليها بموجب الدستور والقانون، بالإضافة إلى إفراج النيابة السريع عن غالبية المقبوض عليهم من المتظاهرين السلميين،مع مطالبتنا بالافراج عن باقي المحبوسين .وذلك أدى إلى عدم تصاعد التوتر والصدامات، كما فوت الفرصة على الجماعة الإرهابية في استغلال الحدث لتصعيد الصدام وتحقيق مآربهم.

ويؤكد الحزب الشيوعي المصري على ضرورة أن تغير السلطة منهجها وسياساتها وممارساتها في التعالي على الشعب وأحزابه وقواه السياسية ومنظماته، وإصرارها على طلب الثقة المسبقة من الشعب في ظل عدم شفافيتها ومصارحته بالحقائق واحتكارها للمعلومات وانفرادها بالقرارات، كما يؤكد ضرورة أن يتعامل الجميع (سلطة وأحزابًا وقوى وطنية) مع هذه الاتفاقية واضعين نصب عيونهم أهمية توحد الإرادة الشعبية في مواجهة كافة الأخطار التي تحيق بالبلاد، والحرص على حقوق السيادة والمصالح الوطنية.