تيران وصنافير يكشفان الوطنية الزائفة للنظام - بيان


اليسار الثوري في مصر
2016 / 4 / 13 - 17:25     

لا ينفك النظام العسكري المصري، وزعيمه ووسائل إعلامه عن قرع آذاننا كل يوم بأحاديث الوطنية، وشعارات الاستقلال الوطني التي يدافع عنها، كمعركته الوحيدة والتي اختارها له القدر، وفي نفس الوقت يكيل الاتهامات بالعمالة والخيانة لمعارضيه من كل الصنوف، فالكل يصبح خائن وعميل إذا نطق بكلمه لا تساير أهواء وتوجهات الزعيم، لكن اليومين الماضيين يكشفان بفجاجه عن معنى الوطنية في قاموسه، وعن معدن هؤلاء الوطنيين أصحاب الأصوات المجعجعة التي تصم الآذان.

إن حقيقة الادعاءات الوطنية للنظام والتي لا تحمل في جوهرها من الوطنية أكثر مما تحمله كلمات أغنية “أنا وطني بانشد وبأطنطن“، تتجلى في العديد من الأمثلة، ذلك النظام الذي تخلى سابقاً في السبعينات عن حق السيادة الكاملة على أراضى سيناء، التي عادت بتضحيات هذا الشعب ودماء الآلاف من أبنائه، فيما يسمى اتفاقية كامب ديفيد 1979، والتي اتبعها بمسيرة طويلة من الخيانة لذلك الشعب، والتفريط في مقدراته، حتى أتينا إلى اليوم الذي يبيع ذلك النظام فيه قطع كاملة من الأراضي المصرية، وذلك في سبيل التغطية على فشله في جميع المجالات خارجياً وداخلياً.

لعلنا نرجع بالزمن إلى إحدى المحطات من مسيرة الخيانة للشعب في التسعينات، حيث خصخصة القطاع العام بحجة تسريع عجلة التنمية وسد عجز الموازنة الذي لم يسد قط، وحيث كانت النتيجة هي تدمير القاعدة الصناعية المصرية، وتشريد آلاف العمال والموظفين، لقد باع النظام المصري جزء كبير من تلك الشركات والمصانع والمؤسسات بأسعار زهيدة إلى المستثمرين العرب والأجانب والمصريين، الذين قاموا بتفكيك أغلبها بعد ذلك، وسرحوا عمالها، وباعوها كأراضٍ بأسعار ضخمة، واتبع النظام الخصخصة بسياسات اقتصادية مجحفة ومفقرة في حق الغالبية العظمى من الشعب إرضاءً للمستثمرين وللمؤسسات المالية الدولية، ولصالح الأقلية المرتشية والفاسدة من مسئولي الدولة وأجهزة الحكم؛ كرفع الدعم عن الفقراء وزيادته للمستثمرين، وزيادة الضرائب على الغالبية الفقيرة والإعفاءات الضريبية لرجال الأعمال والمستثمرين، ودعم مصانعهم من دم الفقراء.

يكمل النظام المصري مسيرة الاستغلال والخيانة والعمالة في مطلع الألفية الجديدة، ويستمر في التأكيد على مدى عدائه لذلك الشعب، وعدم اكتراثه بمستقبله، إذ فرط في موارد ومقدرات مصرية جديدة، وهي حقول الغاز الطبيعي المصرية التي تدفقت إلى الكيان الصهيوني بدءً من عام 2005، بأسعار أقل من سعر التكلفة وبمدة عقد خيالية تصل لـ 20 عاماً، لتكون النتيجة استنفاذ تلك الحقول لطاقتها الإنتاجية، بلا عائد على الشعب أو الاقتصاد المصري، فقط حسين سالم ورجال أعمال مبارك هم من حصلوا على الفائدة، ولتضيع حقوق الشعب المصري من جديد، وليعقد ذلك النظام في النهاية صفقة مع الكيان الصهيوني، لاستيراد الغاز الذي باعه له، وبالأسعار العالمية المرتفعة.

وتأتى اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع مملكة آل سعود، والتفريط في جزيرتي صنافير وتيران، بعد سنتين من اتفاقية مماثلة مع اليونان وقبرص، فرط فيها النظام في جزء من المياه الإقليمية المصرية ذات قيمة اقتصادية، وذلك للتغطية على كارثة انتهاك إسرائيل لتلك المياه، واستخراجها الغاز من حقول أمام شواطئ دمياط، والذي يباع إلينا الآن من جديد.

إن القضية ليست مجرد جزيرتين، فالناظر إلى خريطة المنطقة التي تتواجد فيهما الجزيرتين يرى جيداً مدى الأهمية الإستراتيجية لهما، حيث التحكم المطلق في حركة الملاحة في خليج العقبة، والقدرة على التأثير على مصالح إسرائيل في البحر الأحمر وإفريقيا، وبرغم أهمية الجزيرتين، فالقضية الحقيقية هي أن النظام العسكري المصري مستعد للتضحية بأي شيء في مقابل بقائه، مستعدٌ لتدمير الوطن الذي يدعى حمايته، ويسجن ويقتل ويعذب الآلاف من أجله كما يدعى، مستعد لبيع دماء الآلاف من أبناء ذلك الوطن، من أجل سلة الأرز الخليجي أو الأوروبي أو الإسرائيلي أو أياً كانت الجنسية، والذي يصب في النهاية في الكروش السمينة لمسئولي ورجال أعمال ذلك النظام.

وهكذا سيدافع هذا النظام عن الوطن بالقدر الذي يلبى مصالح رجاله الضيقة، وسيبيعه قطعة قطعة إذا لزم الأمر أيضاً، وأما مصالح الغالبية العظمى من الشعب الذي يرزح تحت ذل الفقر والحاجة، فليست في أولويات ذلك النظام هذه هي الوطنية التي يعرفها، حيث الوطن تجارته ليس أكثر.

وإننا ندعو هنا للوقوف ضد هذه الاتفاقية، أو غيرها من الاتفاقيات والقوانين التي تضيع أو تسلب حقوق هذا الشعب بكل السبل، ندعو إلى النضال ضد الذي يبيع الوطن بالقطعة، ويسحق عظام وأمعاء الفقراء والمعارضين، إننا ندعو الجماهير إلى إنقاذ مصر من براثن هذا النظام وضرورة إسقاطه، لوقف نزيف الأرض والاقتصاد وتدهور معيشة عشرات الملايين من الفقراء، بالحشد لوقفات ومظاهرات شعبية غاضبة ومصممة ضد تلك الاتفاقيات المشبوهة، ولنتذكر جميعاً وجوه هؤلاء الذين يفرطون في حقوقنا، الذين يكممون أفواهنا، الذين يقتلون أبنائنا ويسجنون زهرة شبابنا، الذين أجهضوا ثورتنا ودمروا حلمنا، والذين يتاجرون الآن في أرضنا من أجل حفنة دولارات، تذكروهم جيداً وتذكروا أبواقهم وعملائهم، لأن يوماً للحساب يقترب وبسرعة.