دردشة بسيطة عن ماركس والشيوعيّة – منشورات فيسبوكيّة ,, ج 3 .


شامل عبد العزيز
2016 / 4 / 10 - 15:44     

الشيوعيّة مستحيلة لأن كل الناس ولدوا غير متساوين .. الفيلسوف جان بودين .
*
على ضوء كلام بودين أعلاه وردت بعض التعليقات من بعض الأصدقاء .
على ضوء ذلك سأختار :
الصديق العزيز فواز فرحان ..
أدناه تعليقك على منشور – الشيوعيّة مستحيلة - المحصور بين مزدوجين - :
( الشيوعيّة نهايّة التاريخ لا محالة عندما تنتهي البشريّة من الأديان والأيدولوجيات ويصبح شعب كوكب الأرض موحداً حتى لو كان بلغات مختلفة فالشيوعيّة في النهاية ستعني جماعيّة انتاجيّة وتقسيم سليم لنظام الحصص الغذائيّة وتوفير كل شيء للجميع .. ) .. انتهى ..
الرد :
أنا أحترم رأيك ولكنّي أخالفك فيه .. كلمة – لامحالة – تعني الحتميّة التاريخيّة وهي واقعة حسب قولك وهذا جزم ويقين – ولكن هناك من قال بأن الليبراليّة – نهاية التاريخ – بعد إنهيار الاتحاد السوفيتي باعتبار انتصار الليبراليّة ويقولون بانه عاد عن رأيه – فوكوياما - ..
الأسئلة :
ما هو الدليل العلميّ على أنّ الشيوعيّة نهاية التاريخ – دليل علميّ ملموس – مشاهد – محسوس .. كارل بوبر وأنا مع رأيه أنكر وجود التاريخانيّة وكان ليّ في موقع الحوار المتمدّن وأنت سيد العارفين سلسلة مقالات عن التاريخانيّة ..
من يعلم علم اليقين بما سيحدث بعد 1000 عام – 5000 عام – متى سينتهي الكون ؟ متى ستنتهي الحياة ؟ ما هي البوصلة التي يمكن من خلالها تلمس نهاية التاريخ ؟
تقول " عندما تنتهي البشريّة من الأديان والأيدولوجيات " !
كم عمر الأديان إذا ما أخذنا الديانات الإبراهيميّة الثلاث – اليهوديّة – المسيحيّة – الإسلام فنحن نتحدث عن أكثر من 3000 سنة . ناهيك عن الأديان غير الإبراهيميّة .
هل هناك وقت محدد – معين - ؟ كم تحتاج البشريّة حتى تنتهي من الأديان ؟ قرون – مئات القرون - ؟ ثم ما هو الدليل العلميّ على نهاية هذه الأديان ؟ وكيف مع الأيدلوجيا ؟ كم نوع موجود منها ؟ ونفس السؤال " متى – كيف " ..
لا أرّ من وجهة نظر شخصيّة حصول أي شئ مما تقوله من الناحيّة العلميّة بل على العكس استحالة حدوث شئ مما تقول فالمستقبل لا يعلمه أحد مهما كان .
من هنا أستطيع القول بأننا حملّنا ماركس أكثر مما جاء به هو نفسه فهو الأول والأخر وبه تبدأ الحياة وتنتهي به كذلك وهذا ما يخالف العقل والمنطق والحكمة .. ومن هنا أيضاً وعلى ضوء الأسئلة التي قدمناها عبر - نهاية التاريخ - للشيوعيّة أو لليبراليّة هي مجرد خرافة لا دليل علميّ عليها ..
أما الأسطر الأخيرة من تعليقك حول الإنتاجيّة فتنتفي بانتفاء الأصل .
شكراً جزيلاً لك .
بعد ذلك شارك الزميل حميد كشكولي ببعض الآراء حول البرجوازيّة ودورها في أوربا وانعدامها في عالمنا فكان هذا هو الرد :
( دور البرجوازيّة في التقدم ) .
تعقيباً على نقاش الزملاء – حميد كشكولي - " منشور الشيوعيّة " والتعليقات حول البرجوازيّة ,, هذا منشور بعنوان : ( البروتسانتيّة بدلاً من الأرثوذكسيّة ثمّ البرجوازيّة ) كنتُ على وشك نشره وها هي الفرصة أو الصدفة علماً بأن فكرة المنشور من دراسة بعنوان – الدولة الدّينيّة والدولة المدنيّة بقلم محمد حبيدة :
القرن السادس عشر هو القرن الذي يوافق عصر النّهضة في أوربا ولكنّ القرن الذي قبله – الخامس عشر كانت جميع المجتمعات تعيش من الزراعة وتخضع للتعاليم الدّينيّة .. التحولات الجذريّة في كافة الميادين – اقتصاديّة – اجتماعيّة – فكريّة بدأت مع عصر النهضة , بمعنى أخر تحولت المجتمعات من مجتمعات اقطاعيّة في القرن الخامس عشر إلى مجتمعات برجوازيّة , القرن السادس عشر .. هل اقتصر دور البرجوازيّة الأوربيّة على التجارة ؟ الجواب ,, لا .. بكل تأكيد بل أن البرجوازيّة الأوربيّة هي التي حملت مشاعل التنوير – النهضة – إعمال العقل – إصلاح الدين " البروتسانتيّة " وفصل الدين عن الدولة .
وكذلك انجبت الصفوة من المفكرين الذين استطاعوا هدم جميع الأفكار القديمة وبناء دولة مدنيّة أساسها القانون الذي يتساوى فيه الجميع ..
البرجوازيّة هي التي حررت أوربا من الاستبداد .
ثم استمرت المسيرة بفضل البرجوازيّة في بناء الدولة المدنيّة بعد أن تغلب الفيلسوف الانكليزيّ حون لوك بنظريته على نظرية توماس هوبز التي تقول بالحكم المطلق أو الحكم الإلهيّ ..
كتاب جون لوك - الحكم المدنيّ - هو العامل والمحفز للثورة الانكليزيّة 1689 وكذلك لباقِ الثورات التي قامت في القرنين 18 و 19 وبلورة نظرية الليبراليّة ..
*
البرجوازيّة مرّة ثانيّة ..
عطفاً على موضوع البرجوازيّة ,, هذا هو الذي حصل وهذا هو الدور الذي لعبته البرجوازيّة الأوربيّة ...
أو بمعنى أخر :
كانت أوربا تدخل في الحداثة بمفاهيمها الرئيسيّة : إعمال العقل “ النّهضة ، ثم التنوير” ، وإصلاح الدّين “ البروتستانتيّة ”، وفصل الدّين عن الدّولة “ فلسفة سبينوزا ”. هذه المفاهيم حملتها طبقة البورجوازيّة التي لم يقتصر دورها على التجارة ومراكمة الرساميل ، بل ساهمت على نحو قوي في إنجاب نخبة من المفكرين الذين نظَّروا لمفاهيم مركزيّة في الحياة السّياسيّة والفكريّة ، أثرت على الواقع الاجتماعي وغيرته . لقد استطاعت البورجوازيّة ، على مدى التاريخ الحديث ، هدم المؤسسات الدّينيّة والسّياسيّة الموروثة عن الماضيّ ، وبناء دولة مدنيّة تقوم على أساس العقل والحريّة والقانون .
لقد مرّ الأوربيون بمرحلتين كبيرتين في عمليّة البناء الفكري والسّياسي للدّولة.
المرحلة الأولى : مواجهة الكنيسة.
المرحلة الثانيّة : مواجهة السّلطة.
وفي واقع الأمر إنّ إسقاط القداسة عن السّلطة الدّينيّة سهّل عمليّة إسقاط القداسة عن السّلطة السّياسيّة ، إذ بدأت هذه الأخيرة تأخذ طابعا دنيوياً ، مما ساعد على الفصل بين الدّين والدّولة . ثم إن البروتستانتيّة ، وما أفرزته من أفكار مختلفة عما كان سائدا في الأوساط الدّينيّة التقليديّة ، فتحت للناس طريق تعدد الأفكار والآراء.
ولكن السؤال الحتميّ هو " أين البرجوازيّة العربيّة حتى تقود الإصلاح ؟ الجواب غير موجودة بكل تأكيد .. طيب ما هو الحلّ ؟ هل نخلق هذه الطبقة أم نبحث عن من يقوم بدورها ؟ لا هذا ولا ذاك بل الحلّ أن يكون الحكم على غرار – كوريا الجنوبيّة – ماليزيا – تركيا مع بعض التعديلات - إسرائيل " .. بينما للزميل والصديق حميد كشكولي رأي أخر : ( للأسف ليست لدينا برجوازيّة بل مافيات مضرة بالمجتمع لذلك أن تحقيق الأهداف البرجوازيّة تقع على عاتق الشيوعيين ـ الحقيقيين . و الاشتراكيين .. الشيوعي عليه دعم أي تقدم لصالح المجتمع و الإنسان ) ..
" ماركس الصنم " !
بمناسبة تأسيس الحزب الشيوعيّ العراقيّ .
ليس بالضرورة أن نؤمن إيماناً جازماً قاطعاً بأن كل ما قاله كارل ماركس كان صحيحاً وأن نظريته لا شك فيها فلقد حملّناه أكثر مما هو وخصوصاً – العرب - ..
الأحزاب الشيوعيّة العربيّة في حالة وجودها وأنا اتحفظ على كلمة شيوعيّة هي في حقيقتها أحزاب ستالينيّة - هناك فرق كبير بين ماركس وبين ستالين – ماركس مفكر واقتصاديّ وفيلسوف بينما ستالين مجرّد سفاح طاغية ..
نشوء هذه الأحزاب بدا تقريباً مع فترة حكم ستالين – 1924 – مع ملاحظة أنها كانت مأسورة لموسكو في كل شئ ولا تستطيع فعل أي شئ حتى مجرّد تصريح من أحد أعضاء القيادة إلاّ بعد وصول الكراريس والتعليمات من موسكو ..
الغرب الرأسماليّ يقرأ ماركس أفضل بكثير مما يقرأه الشرق .
ماركس صنم للعبادة عند العرب لا يختلف عن أصنامهم الكثيرة - منذ ظهورهم ولحد الان يعشقون العبوديّة حتى لو للأحجار .
الحكام العرب من ناصر إلى الأسد الأبن مروراً بكافة الطغاة تلاميذ في مدرسة ستالين الطاغية وكما هي سيرته في الاتحاد السوفيتي سيرتهم في بلدانهم من قتل وتكميم الأفواه والإقصاء والتهميش والعبوديّة وكل من هو مخالف لهم خائن – إمبرياليّ – صهيونيّ ولاتزال هذه المفردات الفاشلة تتحكم في رقابنا يرددها الحمقى الذين لا يملكون غيرها ..
لا يوجد أفسد من حكامنا – لا يوجد أفسد من أحزابنا – لا يوجد أفسد من نخبنا – لا يوجد أفسد من مثقفينا – لا يوجد أفسد من سياسينا .. لا يوجد أفسد من كتاباتنا .. نحن نحتل المرتبة الأولى في الفساد وفي كل شئ .
تقارير التنميّة البشريّة فضحتنا أكثر مما نحن مفضوحون !!!
يا للعار !!
*
( الغرب الامبرياليّ هو الذي حقق أحلام كارل ماركس ) !
أهم ما قاله كارل ماركس هو قيام – ثورة البروليتاريا - أو لنقل أنّه كان يحلم بذلك أو أنها أمنية – هي ثورة العمال على أصحاب رؤوس الأموال لأن أصحاب رؤوس الأموال يستغلونهم ولا يعطونهم حقوقهم " موضوع اقتصادي بحت ليس محله الآن " ولا يمكن قيام هذه الثورة العماليّة إلاّ في بلد صناعيّ - في تلك الفترة أي قبل أكثر من 150 سنة كان هناك ألمانيا وإنكلترا وهو توقع حصولها في إحداهما .. ولكن السؤال المنطقيّ هو هل حصلت هذه الثورة في ألمانيا أو انكلترا ؟ الجواب - لا - بكل تأكيد – هل العمال وظروفهم وحياتهم في أوربا قبل 150 سنة هي نفسها الان ؟ هل الآلات والمكائن هي نفسها ؟ الجواب – لا – بكل تأكيد .. إذن ما هي حاجة أوربا للثورة .. ليس هذا فحسب – هل حصلت أي ثورة في العالم كما قال ماركس ومنذ وفاته إلى هذا اليوم ؟ أين – في أي بلد صناعي رأسمالي قامت تلك الثورة ؟ الجواب – كلا – بكل تأكيد ..
أميركا اليوم هي أكبر بلد صناعيّ ورأسماليّ في العالم فهل يتوقع أحد منكم قيام هذه الثورة في أميركا .. لقد حققت مسيرة التطور منذ أيام ماركس إلى اليوم للعالم وليس للعمال فقط ما لا يحلم به أي إنسان على وجه الأرض وإذا ما كانت الثورة الصناعيّة قد حققت للبشريّة الكثير فإن الثورة المعلوماتيّة وخلال أقل من 10 سنوات اختزلت مسيرة الحياة بما لا يتصوره أي فيلسوف على وجه الأرض أيضاً ..
كما قال أحد الزملاء – جاسم الزيرجاوي . حميد كشكولي - لو أنّ ماركس حياً لرقص طرباً في شوارع ألمانيا وهو يرّ كل هذه الإنجازات العظيمة – دون ثورته - ..
كارل ماركس – شاعر الديالكتيك – عند الشرقيين هو أحد أنبياء الديانات الإبراهيميّة الثلاثة – موسى عند اليهود – عيسى عند المسيحيين – محمد عند المسلمين ..
الأنبياء الثلاثة وعدوا أتباعهم بالجنة .
المراكسة العرب كذلك وعدوا شعوبهم بالجنة ولكن الفرق هو أن جنة الأنبياء في السماء بينما جنة المراكسة العرب على الأرض والتي هي في حقيقتها جحيم لا يطاق ..
لقد حقق الغرب كل أحلام ماركس بينما حوّل الشرق ماركس إلى صنم يُعبد من دون الله !!!
*
( لو تحققت الشيوعيّة ,, كيف سيكون شكل المجتمع ) ؟ !!
لا أدري حقيقة ما هي الصورة التي ستكون عليها المجتمعات الشيوعيّة – في حالة تحققها – في أيّ بلد من بلدان العالم ولو بعد 100 عام مثلاً .. هل سيكون هناك انتخابات – تداول للسلطة – صحافة حرة – معارضة – نقد – الرأي والرأي الأخر – تظاهرات – احتجاجات وغيرها من المفاهيم ؟ أم انّ الشيوعيّة هي الجنة التي تجري من تحتها أنهار كارل ماركس ؟ وبذلك لا يكون لهذه المفاهيم أيّ قيمة في حال تحقق الشيوعيّة ولكن إذا ما حصل ذلك ووصل بلد ما للشيوعيّة بحيث يكون الناس على أمة واحدة ألاّ تجدون بأن ذلك هو الملل الحقيقيّ والرتابة البالية ؟ سوف لن يكون هناك أيّ قيمة لأيّ شئ بحيث تنعدم المنافسة وتفقد الحياة حلاوتها وشغفها وصخبها وأنا أظن بأن هكذا حياة لا تستحق أن يعيشها الإنسان ..
إنها لا تختلف عن الجنة التي وعدنا بها الأنبياء – مجرّد فكرة متخيلة بالذهن - كل شئ سيكون حاضراً وجاهزاً – كل حسب حاجته – شئ مخالف للطبيعة البشريّة لأن التفاوت بين الناس طبيعة بشريّة وكما قال جون بودين – الناس ولدوا غير متساويين . في الجنة عند المسلمين على سبيل المثال – مجرّد أن يخطر ببالك شئ ما تجده أمامك حتى لو كانت عارضة الأزياء – كيم كارادشيان بمؤخرتها الكبيرة بالنسبة لمعشر الرجال أو جوني ديب – براد بيت بالنسبة لمعشر النساء !!! يا حلاوة يا أولاد !!!