(زغردت المرأةُ : ردَّدت صوتَ الفرح في حلقِها بلسانها)
ما الذي يميز الأم الفلسطينية عن كل أمهات العالم؟ إذا طرحتم هذا السؤال على السيد أيمن عودة، رئيس القائمة العربية المشتركة، فإن جوابه سيكون كما يلي: الأم الفلسطينية، بخلاف كل أمهات العالم (ونحن نضيف: وبخلاف غريزة الأمومة الطبيعية) ترفع صوتها وتزغرد إذا استشهد فلذة كبدها. هذا، على كل حال، هو ما صرح به أيمن عودة (المحسوب على الحزب الشيوعي العربي في إسرائيل) في سباق الخطابات الديماغوجية التي رافقت مهرجان الإحتفالات بذكرى "يوم الأرض الخالد". "إن المرأة الفلسطينية" - قال رئيس القائمة العربية المشتركة وفقاً لما نشره موقع "الجبهة" يوم 31 آذار 2016 - "هي الأم الوحيدة في العالم التي إذا إستشهد فلذة كبدها رفعت صوتها وزغردت لأن فداء الوطن كل شيء يهون، وأن الشهداء هم من أعطوا الصورة الطيبة والناصعة عن الوطنية الصادقة (عن "الملاذ الأخير" سنتحدث فيما بعد - ي.أ.) ، وبفضل تضحياتهم نعيش اليوم ونكرم الشهداء". يجب أن نعيد قراءة هذه الجملة الفضيعة مرةً أخرى لكي نصدق: الأم الفلسطينية ترفع صوتها وتزغرد (فرحاً؟ علام تفرح هذه الأم الثكلى؟) عندما تسمع أن ابنها قد استشهد. والأنكى من ذلك أن ايمن عودة لا يخجل من هذا السلوك بل يفتخر به ويعده إنجازاً عالمياً فريداً من نوعه: الأم الفلسطينية - يزعم أيمن عودة - هي الأمّ الوحيدة في العالم التي تفعل ذلك، هي الأمّ الوحيدة التي تزغرد عندما يسقط ابنها (فلذة كبدها) قتيلاً. ما الذي يدعو إلى الافتخار هنا؟ هل ثقافة تمجيد الموت هذه (إذا صدَقَت) مدعاة للفخر؟ أي نوع أمٍّ هذه التي تفرح (تزغرد) عندما يأتيها خبر موت ابنها؟ هل هي أمٌّ حقيقية أم إنها من اختراع الخيال المريض لأيمن عودة ؟ أمٌّ حقيقية تنتحب عندما يأتيها خبر موت ابنها - أمّا "أمّ أيمن عودة" الوهمية فتزغرد. لمن تزغرد هذه الأم الثكلى؟ كنتُ أريد أن اعتقد أن هذه "الأم" هي من اختراع أيمن عودة، وأن أمّاً كهذه (فلسطينية أم غير فلسطينية) لا وجود لها على الإطلاق على سطح الكرة الأرضية. كنتُ أتمنى ذلك لولا أنني تذكرتُ بمشهدٍ مأساوي مذهل رأيته في حينه على شاشة التلفزيون يوم كان إنتحاريو "الله أكبر" يفجرون أنفسهم في أرجاء إسرائيل. المشهد أظهر أمّاً فلسطينية من غزة، بلغها خبر أن ابنها فجّر نفسه في مقهى في تل أبيب، فأخذت ترقص بصورةٍ هستيرية وهي تردد: اليوم هو يوم عرسٍ لإبني. في حينه عزوتُ ذلك إلى أن هذه الأم المنكوبة قد فقدت رشدها من هول الفاجعة. فقدان ابنها افقدها رشدها. هكذا ظننتُ ولا زلتُ أظن. جاء الآن أيمن عودة ليقول لنا: لا! هذا هو بالضبط ما يميز الأم الفلسطينية: تزغرد عندما يموت ابنها. هل يريد ايمن عودة أن يثقف شعبه بثقافة تمجيد الموت؟ أو خذوا على سبيل المثال "الأمّ الفلسطينية" التي قالت لمراسلة قناة "الجزيرة" أنها مستعدة لتقديم كل أبنائها "فداءً للأقصى". ألا تتفقون معي أن هذه "الأم" يجب إيداعها، بأسرع وقتٍ ممكن، في أقرب مستشفى للأمراض العقلية، لأنها تشكل خطراً على أبنائها؟ في نهاية المطاف يلجأ أيمن عودة إلى "الملاذ الأخير". كلنا نعرف طبعاً ما هو "الملاذ الأخير" (ومن لا يعرف يمكنه أن يسأل الزميل قاسم محاجنة). أيمن عودة يفضل أن يطلق على "الملاذ الأخير" اسم "الوطنية الصادقة". كل شيءٍ يهون فداءً للوطن – يعظ أيمن عودة الأمهات الفلسطينيات. كل شيءٍ يهون فداءً للوطن؟ لا يا سيدي! هذا شعارٌ فاشي يليق بداعية فاشي لا بمثقفٍ يساري. مستقبلٌ أسود ينتظرنا إذا صَدَق أيمن عودة وإذا كانت "الأم الفلسطينية" تزغرد حقاً عندما يسقط ابنها قتيلاً.
تعليقات الموقع (21)
التسلسل: 1
العدد: 670827 - هل وحدها الام الفلسطينية تحب الموت لاولادها؟
الاستاذ العزيز يعقوب ان العراقيين (والعراقيات) ايضا كانوا يقدمون ابناءهم فداء لصدام وللحرب لست متاكدا اليوم كيف هو حال الامهات في العراق إن كنّ لازلن يرغبن في تقديم ابائهن ضحية للحكومة وللحكام او لغيرهم والسوريون كذلك واللبنانيات واللبنانيون من ابناء حزب الله يحتفلون حين يموت اولادهم في سبيل الحزب وليس الامر مقتصرا على الفلسطينيات اعتقد ان السبب يكمن في ثقافة المجتمع الذي يدعو ابناءه الى الموت بدلا من خدمتهم على عكس المجتمعات الاخرى التي يحزن كل الوطن فيها حين يفقد ابنا من ابنائه العرب بحاجة لاوطان ومجتمعات مختلفة تعرف أن تضحي .. بل تموت (ليس جسديا) من أجل ابنائها بحاجة لاوطان ودول مستعدة لخدمة حياة المواطن لا أن تدعوه ليموت في سبيل النظام الحاكم او الحاكم او غيره اعتقد ان المواطن العربي الاسرائيلي لا يحق له ان يحمل هذه الثقافة لانه يعيش في بلد يختلف عن البلدان العربية على الاقل في بلد يحترمه ويحترم حياته وحقوقه على كل حال ان الامر الذي طرقته ليس بالغريب على مجتمعات تقدس الموت لانها لا تحترم حقوق وحياة الاحياء من ابنائها لذلك ليس من بريق أمل لمستقبل مشرق لهكذا أمة تحياتي لك
إرسال شكوى على هذا التعليق
65أعجبنى
لا نريد هذه الزغاريد .. نريد الحياة للشباب الفلسطينيين وان تزعرد امهاتهم يوم عرسهم، وفي المناسبات التي يعم فيها الفرح على الجميع وخاصة في يوم تحرير الشعبان الفلسطيني واليهودي من الاحتلال.
إرسال شكوى على هذا التعليق
58أعجبنى
التسلسل: 3
العدد: 670852 - إلى الزميل يعقوب إبراهيم: نشاز في جوقتهم!
هذه الأم غير موجودة، والأم التي رأيتها ترقص لمصرع ابنها، لغسيل الدماغ الذي كانت ضحيته، إذن هي مُسَيرة لا مُخَيرة، روبو، فلا تحكم على كل الأمهات حكمك عليها، هذه هي مشكلتك في كل ما تكتب،: تعمم ولا تحلل!
إرسال شكوى على هذا التعليق
61أعجبنى
هذه الام الذي تتحدث عنها ولدت في ارض مغتصبة وضياع ولدها هو ضياع ارضها يعني هي ضياع حياتها التي اغتصبت ومن الصعب ان يفهم مغتصب ارض ووطن زغرتة ام مذبوحة
إرسال شكوى على هذا التعليق
55أعجبنى
التسلسل: 6
العدد: 670940 - إلى العزيزين عبد الحسين وفرح سعادة
أنتما هنا تفسران الصورة، لكن يبقى الواقع الذي ذكرته في تعليقي السابق، واقع نزع الأم من انسانيتها، الاحتلال طبعًا هو أول الأسباب، واغترابها... وماذا عن الأب يا إخوان، لماذا لم يذكر أحدكم صهيل الموت الذي يطلقه الأب من حلقه عندما يفقد ولدًا أو بنتًا (البنات الفلسطينيات أيضًا يمتن أستاذ يعقوب لماذا نسيتهن؟) أقول لكم الصدق، أنا لو جُرِحت إصبع واحدة من أصابع بناتي أموت بالفعل، فكيف لو قُتِلت، ألقي بنفسي من آخر طابق من برج إيفل!!!
إرسال شكوى على هذا التعليق
54أعجبنى
بماذا تفكر هذه الام المنكوبة يا ترى وبماذا تشعر عندما يلف الظلام المكان ويصمت الجميع ويهيمن السكون وتخلد الي فراشها و تضع رأسها علي الوسادة هل من حزن اعظم من فقدان الام لابنها..
إرسال شكوى على هذا التعليق
44أعجبنى
رد الكاتب-ة
التسلسل: 8
العدد: 670958 - إلى الزميل نبيــل عــودة (2): حلمان
شكراً لك على التعليق حلمان كان لي في حياتي: حلم الشيوعية وحلم الدولتين كلا الحلمين تحطما (إلى غير رجعة) على أرض الواقع
إرسال شكوى على هذا التعليق
44أعجبنى
رد الكاتب-ة
التسلسل: 9
العدد: 670961 - إلى الزميل أفنان القاسم (3): ثقافة تمجيد الموت
شكراً لك على ملاحظاتك لم أعمم. ذكرتُ أكثر من مرة في المقال إن ألأم التي يصفها أيمن عودة هي ليست أمّاً نموذجية بل هي أمّ وهمية من نتاج خيال أيمن عودة المريض المقال لم يكن موجهاً ضد الأم التي أفقدها موت ابنها رشدها بل ضد أيمن عودة الذي باسم الوطنية الصادقة (هذا هو تعبيره بالضبط) ينشر ثقافة تمجيد الموت
إرسال شكوى على هذا التعليق
46أعجبنى
رد الكاتب-ة
التسلسل: 10
العدد: 670966 - إلى الزميل عبد الحسين سلمان(4): اليأس
تحياتي وشكراً لك على المداخلة إقرأ تعليق السيد فرح سعادة (5) لكي تعرف لماذا وصلتُ إلى قناعة أن حلم الدولتين (وعلما الدولتين يخفقان معاً) قد مات إلى غير رجعة
إرسال شكوى على هذا التعليق
54أعجبنى
. ولهذا كان بول دائماً يعدّ أمه لتلك الساعة التي سيعتقلونه فيها، فكان يرفض حتى أن تعبر أمه عن مشاعرها وخوفها ويعتبر ذلك حجر عثرة في سبيل تحقيق هدفه السامي.. دون أن يفهم أن مشاعر الأم هي أسمى وأهم من أي قضية أخرى:
- عليك ألا تحزني، ولكن يجب أن تفرحي. أي متى يا رب يكون عندنا أمهات يفرحن في حين يرسلن أبناءهن إلى الموت من أجل الإنسانية؟-.
-أبهذه الطريقة؟ انك تكذب علي. وإنما قلته لها بلطف، بحنان. لكن أمام أمك المسكينة تعرض بطولتك--.ثق-- أيها البهيم أن بطولتك هذه لا تساوي فلساً-. ومسحت بيلاجي دموعها وخشيت أن يوجه أندريه اهانة لابنها ففتحت الباب ودخلت..-
إرسال شكوى على هذا التعليق
37أعجبنى
وعندما سجن ابنها تابعت هي مسيرته وأصبحت توزع المناشير مع أصدقائه ... بدأت الرواية والأم خائفة ومتوجسة من أصدقاء ابنها ثم تعاطفت معهم ومع قضيتهم وفي النهاية تبنت هي القضية وأصبحت كغيرها من الرفاق المناضلين من أجل القضية:
- أتعرفون لم صدر الحكم بالنفي على ابني وعلى الآخرين؟ سأخبركم وستصدقون قلب أم مثلي: لقد أصدروا عليهم ذلك الحكم يوم أمس، لأنهم كانوا يحاولون أن يظهروا الحقيقة لكم، لكم جميعاً، معشر العمال. وعرفت أمس فقط أن هذه الحقيقة لا يمكن لأحد أن يخنقها وينكرها.-
إرسال شكوى على هذا التعليق
45أعجبنى
أنت تقول:من الصعب ان يفهم مغتصب ارض ووطن زغردة ام مذبوحة بقدر ما يتعلق الأمر بي فإنني لا أتذكر أنني اغتصبتُ أرضاً من أحد وأنا حقاً لا استطيع أن أفهم كيف يمكن لأم أن تزغرد عندما يسقط ابنها (أو ابنتها) قتيلاً (أو قتيلة). وأنتَ هل يمكنك أن تفهم ذلك؟
إرسال شكوى على هذا التعليق
51أعجبنى
رد الكاتب-ة
التسلسل: 16
العدد: 670976 - إلى شيخ صفوك (7): ليس هناك حزن أعظم
عند جوركي هذا الأم من بنات خياله كالأخرى عند أيمن عودة، أم من مصنع الحزب ولأغراض سياسية وضيعة، نعم حتى أم جوركي، الأم كإنسانة الأم الإنسانة هي الأم عندي، في ثلاثيتي المسرحية ((أم الجميع)) تعمل الأم كل ما بوسعها لتمنع أولادها (وابنتها وبعد ذلك حفيدها) من الذهاب إلى القتال، تريد أن تحميهم، أن يبقوا إلى جانبها، فتتعدد المصائر، لأن هناك من يذهب إلى القتال بالفعل، وهناك من يبقى إلى جانبها تحت شروط هي شروط الحياة نفسها للشعب الفلسطيني...
إرسال شكوى على هذا التعليق
49أعجبنى
أنا شخصياً واثق تماماً من أن الأم العاقلة لا يمكن أن تتسامح أو تفرح أو تزغرد لموت ابنها أو بنتها .. شاهدت أمي عندما استشهد أخي غسان في اشتباك مسلح عام 2003 .. كأنه مات للتو واللحظة .. صباح كل عيد تذهب إلى قبره لتسأله بحسرة وحزن ( لماذا تركتنا ورحلت ) ؟؟؟ عموما محمود درويش نبش هذا الموضوع وقال ( لا تصدق زغاريدهن وتأمل وجه أبي ينظر إلى صورتي باكياً ) .. في استنكار واضح لمظاهر الفرح المفتعل والمضلل. أنا مع قول الزميل يعقوب بأن الأم التي تفرح لمقتل ابنها تحتاج إلى مصحة عقلية.
إرسال شكوى على هذا التعليق
49أعجبنى
هناك حبوب سامة عندما تزرع في الارض لا يعود من الممكن وقف نموها. هناك أوبئة لا يمكن وقف انتشارها. نحن هناك. حين يتحول اعدام فلسطيني مصاب إلى قيمة تنتهي كل القيم الأخرى ومعها ينتهي الأمل. بين اليمين القومي المتطرف والديني وبين الاغلبية الغير مبالية وجد هنا شعب جديد. --شعب إسرائيل حي وهو ايضا سيستمر في ذلك،--- دولته قوية وهي ستبقى كما يبدو إلى الأبد. لكن هذا المكان سيصبح مستحيلا ولا يمكن تحمله من قبل كل من يفكر بشكل مختلف. ولا أحد يمكنه وقف ذلك من أجله.
شكراً على المشاركة لم أكن أعلم عن المأساة التي حلت بعائلتكم. هذا يجعلني أشعر بأسفٍ وخجلٍ على الشجار الذي حصل بيننا في حينه على صفحات الحوار المتمدن تحياتي لك
إرسال شكوى على هذا التعليق
41أعجبنى
الأم شَجاعة وأبناؤها هي واحدة من تسع مسرحيات ألفها بريشت لمقاومة صعود الفاشية و النازية. وقد أتم كتابتها في فترة تتجاوز الشهر بعد إجتياح بولندا من قبل جيش هتلر في العام ١٩٣٩ . -يقال بأن الأم شَجاعة وأبنائها، والتي تعالج موضوع الأثار المدمرة للحرب في أروبا وحماقة كل من يأمل التكسب منها، قد كُتبت في شهر، ويستدل على ذلك بعدم وجود أي مسودات للمسرحية أو --أي دراسات أولية لها. لا بد أنها كانت نتيجة لإلهام استثنائى وينظر لها من قبل الكثيرين على أنها أعظم مسرحية في القرن العشرين. وقد تكون أعظم مسرحية مناهضة للحرب على الإطلاق
إرسال شكوى على هذا التعليق
35أعجبنى
بعد عرض المسرحية في سويسرا عام ١٩٤١ عبر بريشت عن قناعته بأن النقاد أساؤا فهمها. بينما تعاطف عدد منهم مع الأم شجاعة، أراد بريشت أن يظهرها ---كمخطئة --لعدم إدراكها الأوضاع التي كانت وأبناؤها يمرون بها.
إرسال شكوى على هذا التعليق
70أعجبنى