الإستراتيجية الشيوعية في العراق


سامان كريم
2016 / 3 / 20 - 11:42     

الإستراتيجية الشيوعية في العراق
سامان كريم
تقديم
هذا البحث كتب اساسا للاجتماع الموسع 27 للجنة المركزية للحزب الشيوعي العمالي العراقي ونشر في نشرة نحو البلنيوم الداخلية في ثلاثة اعداد متتالية. البحث كتب في شهر اب سنة 2015... حينذاك كان الوضع السياسي في العراق و المنطقة مختلفا نوعا ما عما هو اليوم . الوضع السياسي في العراق تغير طبعا. لكن بصورة عامة.. المحورالاصلي للبحث باق كماهو في مكانه. اما اليوم فقد ارتأيت ان انشره في مقالة بحثية واحدة.
20.3.2016
الإستراتيجية الشيوعية في العراق
المقصود بالاستراتيجية وصول او تحقيق هدف الحركة الشيوعية العمالية. بمعنى كيف يحقق الحزب وبصورة عملية ملموسة الثورة العمالية وبناء الدولة الاشتراكية والغاء الملكية الخاصة. الاستراتيجية هي حركة عملية – سياسية لتحقيق الهدف او الوصول الى الهدف. الهدف واضح ,
ماهي استراتيجيتنا.
الحزب: الحزب الشيوعي العمالي العراقي. بقيادة الحزب للطبقة العاملة والثورة الاجتماعية يحقق الهدف. الحزب وسيلة لتحقيق الهدف.
هذا البحث يتفرع الى الابواب التالية
الف: الوضع السياسي الحالي في العراق والحركات السياسية السائدة - مكانة الحزب...
باء: لوحة عامة عن خصائص و مميزات الحزب قبل الثورة
جيم: الاستراتيجية في المرحلة الراهنة....الجزء الاول والاهم من الاستراتيجية
ربما بحثنا هذه المسائل, او عدد من ابوابها ... القضية ليس تكرار البحث حول هذه المسائل, بل كيفية تحديد وتشخيص المرحلة الراهنة بالنسبة للحركة الشيوعية و حزبنا في العراق. سياسات وتكتيكات الحزب تعتمد اساسا في كل مرحلة من مراحل تطورها وتفاعلها مع الواقع على تشخيص وتحديد الواقع الحالي او المرحلة الحالية, من حيث الوضع السياسي العام, والصراع بين الطبقتين,البروليتاريا والبرجوازية موقع ومكانة التيارات السياسية البرجوازية المختلفة, واخيرا مكانة الحزب في هذه المرحلة...ميادين الصراع الطبقي ومهماتنا بصورة ملخصة.
الف: الوضع السياسي الراهن والحركات السياسية السائدة ومكانة الحزب
الوضع السياسي الراهن في العراق, وضع متشعب ومتشابك من نواحي عدة. التيارات السائدة التي نظمت ذاتها في ائتلافات وتحالفات مختلفة هي تيارات برجوازية يمينية ... الهوية والايديولوجية السائدة هي الاسلام بشقيه السني و الشيعي والقومية بشقيها العربي والكردي.
الاسلام السياسي "الشيعي" الحاكم منظم في " التحالف الوطني "وهو يدعي تمثيل " افراد الطائفة الشيعية" مثلما تدعي القوى القومية الكردية تمثيل " الافراد الناطقين باللغة الكردية".
هناك إئتلاف رسمي وبرلماني مباشر بوجهة الاسلام السياسي الشيعي الحاكم هو "تحالف القوى العراقية " والتحالف هو إطار جامع للقوى السياسية الممثلة للكيانات: متحدون للإصلاح، والعربية، والوفاء للأنبار، وديالى هويتنا، وعدد من النواب المستقلين. انه تحالف طائفي سني مقابل التحالف الوطني الحاكم الطائفي الشيعي. وهذه الكتلة او التحالف اسميه " القومية الطائفية" او الطائفيين الجدد. لان اكثريتم لديهم خلفية قومية عربية, ويدعون الى إعادة العراق الى "حضنه العربي" .
الاسلام السياسي السني بتشعباته المختلفة من الحزب الاسلامي العراقي الى "القاعدة" و"داعش", ايضا تكتل غير معلن رسميا بمعنى كل هذه الحركات والاحزاب الاسلامية والارهابية لديهم البرنامج والعقيدة ذاتها على رغم وجود الحزب الاسلامي في البرلمان .... هذا التحالف غير معلن لكنه يتقاطع وتنسجم ساسياساته الطائفية مع" تحالف القوى العراقية" نرى ذلك بوضوح في الانبار و الفلوجة والموصل.
ائتلاف الوطنية بقيادة علاوي و الحزب الشيوعي العراقي... هما حزبان او تياران برجوازيان يعملان وفق سياسة "وطنية" عابرة للطائفية... ولكن وعلى الرغم من اختلافهما في الاهداف و الأليات و القوى الفعلية على الارض... فليس لهما تاثير يذكر على مسار التغيرات السياسية المصيرية في العراق.
إئتلاف الكتل الكردستانية: ائتلاف مكون من خمسة احزاب كردية قومية واسلامية" الاتحاد الوطني الكردستاني, الحزب الديمقراطي الكردستاني, حركة التغيير, الاتحاد الاسلامي الكردستاني, والجماعة الاسلامية الكردستانية"... هذه القوى غير متجانسة ولها رؤية مختلفة حول المسائل السياسية اليومية و الاستراتيجية .... وهناك تخاصمات جمة بين هذه القوى خصوصا بين القوى القومية فيما بينها او الخلاف بين القوميين والاسلاميين ايضا.
الوضع السياسي في العراق:
في هذه المرحلة وهي مرحلة انتقالية ليس على الصعيد العراقي بل ايضا على الصعيد العالمي ايضا. بهذا المعنى ان قانون حركة هذه المرحلة مختلف كليا ومضمونيا عن المراحل الاعتيادية سواء كان على الصعيد العراقي او العالمي.. بمعنى ان القوانين الدولية السائدة المتمثلة بقرارات الامم المتحدة ومجلس الامن الدولي والمحكمة الجنائية الدولية.... لا تعمل و فق سياقات اعتيادية... هذه المرحلة هي مرحلة انتقالية من عالم ذو قطب امريكي واحد الى عالم متعدد الاقطاب.. هذه العملية والتحولات العميقة في بنية السياسة والاقتصاد العالمي نحن نعيشها في هذه المرحلة... عالم امريكي ايل نحو الانحدار وعالم متعدد الاقطاب تظهر بوادر بناءه على انقاض عالم الهيمنة الامريكي, التي انفردت به امريكا لمدة عقدين بعد سقوط جدار برلين.... عالم جديد يشبه الى حد كبير الفترة او المرحلة الكلاسكية الاولى للرأسمال, من حيث وجود عدد غير قليل من الدول الكبرى عالميا... بريطانيا" الاقوى" وبجانبها فرنسا, والمانيا وامريكا وهولندا وايطاليا ....
الحروب في منطقتنا في اليمن و ليبيا و وسوريا والعراق و العمليات الارهابية في تونس ومصر واوكرانيا والاتفاق النووي الاخير بين ايران والسداسية الدولية, وأعادة العلاقات بين كوبا وامريكا, واستيلاء روسيا على جزيرة القرم, تكتلات دولية تمتد من منظمة شنغهاي الى بريكس.... كلها سياسات و ممارسات مختلفة تؤكد انه عالم ضبابي متذبذب وغير قائم على اعمدة ثابتة وراسخة.... عالم برجوازي متعدد الالوان.... ليس له قيادة او حتى قيادات ثابتة ..ولكنه عالم ومرحلة برجوازية بحتة ... بمعنى ان البرجوازية العالمية بمختلف اقطابها هي التي تحدد مصير العالم او هي التي تحدد النظام العالمي الجديد... الطبقة العاملة حتى الان ليس لها دور يذكر.
الشرخ و الصراع العميق بين برجوازيات الدول الكبرى والمؤثرة عالميا امريكا و روسيا والصين والاتحاد الاوربي" المانيا وفرنسا و بريطانيا" واليابان والهند والبرازيل في امريكا اللاتينية.... له انعكاسات سياسية واقتصادية على اوضاع برجوازيات تلك الدول و سلطتها في كل بلد .
البرجوازية العراقية كطبقة غير قادرة على توحيد صفوفها, لان القوى المكونة للطبقة البرجوازية في العراق, خصوصا القوى السائدة والحاكمة فيها قوى تفكيكية, قوى تقسيمية لا تمثل عملية سياسية فعلية لبناء الدولة في العراق.... قوى قائمة على اساس هويات مختلفة هويات غير مكونة لدولة العراق او ما تسمى "بالوطنية"....قوى هويتها طائفية و قومية وعشائرية. هذه القوى تتصرف وفق مصالحها لذلك انقسمت الى محاور تخضع او تتبع هذه القوى الاقليمية في المنطقة,او تلك... ان حصول قوى البرجوازية في العراق على المعونات العسكرية و الاقتصادية و السياسية والدبلوماسية مرهونة بدعم المحاور الاقليمية لكل تيار من تياراتها....عليه ان الاستقطاب الحالي للقوى البرجوازية العراقية هي كالتالي وهو دائما مرشح للتغير:
سيطرة قوى الاسلام السياسي الشيعي على السلطة مستمرة وستستمر وفق مدى قريب اومتوسط.... بعد محاولة كبيرة لتقزيمها و تحجيمها عبر "داعش" في حزيران سنة 2014 إلا إن الخطوات التي تلتها تمكنت هذه القوى بمساعدة محورها "إيران وسورية وحزب الله في المنطقة" ان تستعيد عافيتها وفي كردستان الاتحاد الوطني الكردستاني, روسيا والصين دوليا" وتمكنت قوى الاسلام السياسي الشيعي ايضا من بناء جيش مواز للجيش الرسمي او الحكومي تحسبا لاي ظروف طارئ اسمته " الحشد الشعبي" هو جيش موازي شبه رسمي تمثله مليشيات متعددة التسميات يربو عددها على ثلاثين قوة مسلحة ابرزها: منظمة بدر ، عصائب اهل الحق ولا حقا سرايا السلام بقيادة مقتدى الصدر.... تقود هذه المليشيات معارك ضارية ضد داعش في مختلف مناطق العراق التي تسيطر عليها داعش في الوقت الحاضر.... ان هذه القوى وخصوصا بعد الاتفاق النووي الايراني تهيأت لها مقومات للاستمرار و تقوية ذاتها في المدى المنظور, خصوصا وهي تحضى بدعم واسناد القوى الحاكمة والمسيطرة على مفاصل الحكم.... القوى العسكرية والمالية و النفط والخارجية... وطبعا رئاسة مجلس الوزراء.
المناخ الفكري والعقائدي والثقافي " وبمعنى ما العادات والتقاليد ايضا" غني جدا ومؤثر على الصعيد الاجتماعي والتربوي والتعليمي. والمناسبات "المقدسة" لديهم بمثابة اعياد انتصار " من عاشوراء الى زيارة الأربعين الى ذكرى وفاة موسى الكاظم وغيرها ....." تؤكد عمق تاثير هذه القوى على الحياة السياسية والاجتماعية في المدن الجنوبية و عدد من المدن في وسط العراق . واعني بهذا القوى :"كل قوى الاسلام السياسي الشيعي تضاف اليها المرجعيات الشيعية و مدارسها الفكرية المختلفة". ان الفكر السائد في مناطق سيطرة هذه القوى ليس فكرا سياسيا فقط بل هو فكر مذهبي عقائدي قديم تاريخيا صار جزء من الموروت الاجتماعي والتقليد السلوكي للناس , وتم اعادة انتاجه وبرمجته وتاهيله خلال العقود الماضية وخصوصا بعد سيطرة الاسلام السياسي الشيعي في ايران على الحكم, وتقويته مرة اخرى بعد الاحتلال الامريكي و مجيء الاسلام السياسي الشيعي في العراق الى سدة الحكم.
تحالف القوى العراقية وهو في حلف غير رسمي مع الاسلام السياسي السني بشقيه البرلماني والارهابي اي داعش و حزب البعث ايضا نظرا للتقاطع السياسي الكبير بينهما عبر عدواتهما المستمرة ضد الاسلام السياسي الطائفي الحاكم في بغداد, و مع ايران. كانت تظاهرات و تجمعات جماهيرية حاشدة في الرمادي استمرت لأكثر من سنة قادتها من الطائفيين الجدد من امثال العيساوي والعلواني ومتحدون و العشائر كانت بمثابة تمهيد وارض خصبة لاعادة زرع الارهاب وتقويته وكانت بمثابة حاضنة لداعش و انصاره... كان هذا مثال على التعاون غير المعلن بينهما...نفوذ هذا التحالف و قوته مرهون بدرجة كبيرة بقوة الارهابيين من جانب وبدعم القوى الاقليمية الداعمة لهم "تركيا والسعودية وقطر في المنطقة والحزب الديمقراطي الكردستاني في كردستان العراق, امريكا و الغرب عالميا...." من جانب اخر.
ان ظاهرة داعش و احتلاله مدينة تلو الاخرى في منتصف 2014... ادت الى خروج المالكي من الحكم بمعنى ادت الى تقوية الجانب السني ... بصورة عامة ...واذا ما تم طرد داعش من العراق ستكون النتيجة عكسية اي ضعف وتحجيم دور الاسلام السياسي السني وارهابييه, ونحن نلمس تاثير الاتفاق النووي الايراني لصالح الاسلام السياسي الشيعي الحاكم...
المناخ الفكري والتقافي الاسلامي السني السائد" وبمعنى ما العادات والتقاليد ايضا" مؤثر جدا ويولد الارهاب..مستلهما عقيدته الايديولوجية من القرآن والغزوات المحمدية ومن الفكر الوهابي للشيخ محمد عبدالوهاب وابن تيمية و حسن البنا و سيد قطب والمودوي.. واخيرا الى جملة كبيرة الدعاة الاسلاميين من امثال العريفي وعائض القرني والمقدسي والبراك ...هؤلاء الشيوخ لهم تاثير كبير على فكر الملايين من الشباب خاصة يدفعونهم نحو الارهاب...يشكل هذا الفكر وهذه العقيدة والثقافة حاضنة لداعش والارهابيين جميعا في العراق والمنطقة...
ان تحالف القوى العراقية يحاول الاستقواء والارتكاز على هذه الظاهرة تارة باسم "الثورة" او " مظلومية السنة " كما جرت في مظاهرات الانبار وتارة اخرى يقف بوجهها كانه "ضد الارهاب".... تحالف القوى العراقية بصورة عامة قوة غير متماسكة عجين لين من القوميين العرب و الاسلام السياسي السني و الطائفية السياسية السنية... وليس له قيادة ومرجعية مؤثرة, وحتى محوره الاقليمي متعدد الاوجه بين البلدان العربية وتركيا... ان هذا التحالف ليس له مقومات البقاء في المدى المتوسط على الاقل ان لم نقل في المدى المنظور , وبقاءه كتحالف في التحليل الاخير مرهون بالدعم الدولي له وبتقلبات سياسات الحكومة او الاسلام السياسي الشيعي الحاكم....
اما الهوية " الوطنية العراقية" فهي اضعف هوية على الاطلاق بين الهويات التي لها حضور... تلك الهوية تمثلها اضعف الكتل اي حزب الوفاق لعلاوي و الحزب الشيوعي العراقي.... هذه الهوية افكارها وعقيدتها هي اساسا قومية عربية وهي العقيدة الام. هذه العقيدة وافكارها لها جذر تاريخي ومكانة مؤثرة في العراق الحديث "قبل الاحتلال"... ولها سند تاريخي... ولكن خلال فترة الاحتلال وحتى الان واجهت كل من الطائفية السنية و الطائفية الشيعية و القومية الكردية وممارسات وسياسات الاحتلال ايضا... ضعفت و تقزمت الى درجة كبيرة. ولم يعد لها دور مؤثر في هذه المرحلة على الاقل وعلى المدى المنظور. ان اعادة دور القوى التي تسمي نفسها"بالوطنية" والقوى القومية العربية ايضا..مرتبط ارتباطأ مباشرا بعوامل عدة منها: حضور دور مصري مؤثر على الصعيد العربي والاقليمي , بقاء النظام السوري بقيادة البعث وهو "ضامن" تقريبا, وحضور مؤثر للطبقة العاملة و حزبها.... وعوامل اخرى اقل اهمية.
الهوية الطبقية... وهي الهوية التي من المقرر ان نمثلها نحن كحزب "الحزب الشيوعي العمالي العراقي"... هذه الهوية اضعف من الضعف من الناحية الفكرية والعقائدية و الثقافية ايضا....نتيجة لضعف الحزب ومكانته, ليس له مرجع ولا مراجع فكرية على صعيد اجتماعي وبالتالي ليس هناك (قادة بارزون ومؤثرون ).( اقصد في العراق الحاضر).
المناخ الفكري والعقائدي في العراق اذا شبهناه بالهواء الموجود في الغلاف الجوي... نرى ان الهواء المكون من الغازات :" النيون، الأرجون، الكريبتون، الهيليوم، الزينون، الأوزون، بخار الماء، ثاني أوكسيد الكربون، الأوكسيجين، النيتروجين" .. سنرى ان الاسلام السياسي الشيعي والسني هما الغازن الاوكسجين و النتروجين وفق النسب الرقمية.... في هذا الفضاء او الغلاف الجوي اضافة الى هذه الغازات هناك فجوات ومطبات وفراغات هوائية مختلفة .... في هذا الهواء الفكر الاسلامي الديني والسياسي هو السائد وبعدها القومية بشقيها العربي والكردي.... اما فكرنا وعقيدتنا فهي غائبة تماما.. بمعنى ليس لنا شيء ملموس على الارض... ليس بامكان الحزب الشيوعي العمالي على الصعيد السياسي ان يتحرك ويتفاعل و ينظم ناهيك عن قيادة الطبقة العاملة.. اذا لم يكن له حضور فكري وايديولوجي وبالتالي سياسي مؤثر ولو في منطقة ما.... حيث القوى في العراق انقسمت وفق المناطق سواء كانت طائفية او عرقية او قومية او حتى عشائرية... الطبقة العاملة بامكانها ان توجد كقوة سياسية وفق منطقة جغرافية سياسية معينة مدينة او ناحية او قضاء, او محلة او مصنع ما... منذ تاريخ نشوء الراسمالية وحتى اليوم لم تكن الشيوعية بهذه الدرجة من الفقر الفكري والضعف على الصعيد الاجتماعي.. اقصد بعد الناس والطبقة العاملة عن ماركس وقيادات الحركة العمالية العالمية ورموزها...
وفق التشبيه اعلاه فان جزيئات الهواء التي نتنفسها تتكون من الهويات الاسلامية والطائفية والدينية و القومية والوطنية بنسب متفاوتة كما اوضحنا اعلاه ..... جزيئات حركتنا وافكارنا و ايدولوجيتنا ناهيك عن سياستنا غائبة في الهواء...وهذا النقص الاجتماعي الكبير يثقل كاهلنا ويعقد مهامنا ووظائفنا بطبيعة الحال.... أكرر بدون وجود فضاء فكري شيوعي ماركسي على الصعيد الاجتماعي عبر الدراسات والكتب والكتيبات و وسائل اعلامية مؤثرة "قنوات فضائية" وتواصلية اخرى ووجود نقد سياسي وفكري ونظري للمرجعيات الفكرية والسياسية البرجوازية .. ليس بامكاننا ان نبنى حزباً ناهيك عن قيادة الثورة العمالية.... الناس يتنفسون ويعيشون بدون جزيئات الشيوعية... هذه هي مشكلتنا...
وتلخيصا للتحليل اعلاه فان الصراع السياسي في العراق سواء على صعيد السلطة السياسية في العراق او على صعيد المحافظات او إقليم كردستان كلها منحصرة في اطار صراع تيارات برجوازية مختلفة كما ذكرنا ., وسيستمر هذا الصراع لمدة زمنية طويلة قادمة, خصوصا بعد ظاهرة داعش , حيث اصبح العراق ميدانا لحسم الخلافات بين القوى الاقليمية خصوصا تركيا وايران والسعودية.
بعد الاتفاق النووي الايراني مع الغرب ... الصراع تحول الى نوع اخر, إبعاد الحرب عن ايران يعني اشعال الحروب بالوكالة بصورة اكثر وحشية, حيث الرد التركي على هذا الاتفاق هو دخوله التحالف الدولي "ضد داعش" ولكن لضرب القوى القومية الكردية, وامريكا تتحدث عن الدور"المؤذي لايران" ... وهذا يعني ان امريكا و حلفائها في المنطقة لن يتركوا النظام الايراني يشرب نخب النصر في الاتفاق النووي, حيث يتراجع الحوثيون ايضا في اليمن .... في هذه المرحلة كل هذه التغيرات والتحولات مؤقتة على الاكثر... الاهم بالنسبة لنا ليس التحليل الاضافي الذي بات واضحا بل قراءة مكانة ودور الطبقة العاملة.
الطبقة العاملة غائبة في الميدان السياسي وليس له دور يذكر على صعيد السياسة وهذا يعني ان الحزب الشيوعي العمالي ليس له دور يذكر على الصعيد السياسي.... الحزب ليس له مكانة ولا موقع اجتماعي ملموس... لانه لا يمثل حركة سياسية ملموسة في المجتمع...الاقرار حول هذه المكانة والموقع داخل قيادة الحزب يشكل بداية مهمة لحلحلة وضع الحزب وقيادته و النهوض به الى الامام.... خلال اثنتين وعشرين سنة الماضية ونحن نتحرك ضمن استراتيجية خاطئة... رغم ان هدفنا واضح وشفاف وصريح"اسقاط الرأسمالية كنظم اجتماعي و كسلطة سياسية" "الغاء العمل الماجور" بناء الاشتراكية... عبر حكومة عمالية.... هذه أساسياتنا واهدافنا بصورة عامة وهي واضحة... اما الاستراتيحية فهي امر يتغير وفق الظروف ولكن استراتيجيتنا منذ البداية كانت خاطئة وهي التي اوصلتنا الى هذا الوضع. اي التراجع والانكماش, واضمحلال او اذابة من الداخل... ننقص بصورة مستمرة دون ان تكون هناك روافد لتغذية النقص وهذا مؤشر قوي للإضمحلال والاذابة... هل لنا ان نقف بوجه هذا التراجع؟ هل لنا ان نقود الحزب ونجعله حزبا للطبقة العاملة؟ هل لنا ان نبدأ بما يتطلب منا الواقع الحالي للطبقة العاملة وقيادتها؟!
ان البلنيوم الحالي هو اجتماع للاجابة على هذا السؤال فبدونه يستمر النزيف الحالي دون معالجة, اجتماع قيادة الحزب, للاجابة على هذه الاسئلة عبر قرارات و مقررات واضحة. حتى اذا لم نصل الى هذه الرؤية , يجب علينا ان نرسم خارطة طريق للوصول الى تحقيق هذه المسائل.
لوحة عامة عن خصائص و مميزات الحزب قبل الثورة
وموقع الحزب
قبل الثورة": الثورة العمالية وليس ثورة عمومية نشارك فيها" قضيتنا وقصدنا هنا الثورة العمالية التي تقودها الطبقة العاملة و قيادتها عبر الحزب و مؤسساته العمالية الطليعية والنضالية الاخرى... هذه الثورة هي ثورة منظمة بالتالي في الوضع السياسي المتأزم قضية الثورة على الصعيد الاجتماعي بالامكان الحديث عن ساعة الصفر لانطلاقة الثورة العمالية.... هذه اللحظات التاريخية المهمة وبعدها عن الثورة "اي تحديد ساعة صفرها" لا يتعدى الاسابيع او ربما أيام. اقصد بمميزات وخصائص الحزب قبل الثورة, تلك الفترة او المدة قبل انطلاقة الثورة. بين ساعة صفر الثورة و التحضيرات الجاريه لها ... اقصد تلك الفترة القصيرة.
وفق التجربة التأريخية : (القصد المرحلة الاولى لبناء الحزب) النضال الطبقي العمالي يتحرك وفق قانون حركته الخاصة به كطبقة في خصم التحولات الاجتماعية في بلد او مجتمع معني. وفق هذا الاساس اي قانون حركة نضال الطبقة العاملة بوجه الراسمال وسلطته الطبقية, ان الحزب العمالي الماركسي لم ولن يستقوي بصورة طبقية متجذرة عبر شبكات اخرى من الحركات الاجتماعية, الشبابية والنسوية و الطلابية والحركات الاحتجاجية الجماهيرية. الحزب العمالي ذو رؤية استراتيجية ماركسية , يستقوي ويتجذر في عمقه الطبقي العمالي والاجتماعي. عبر تنظيم طبقة عاملة بصورة مباشرة, خصوصا في مرحلته الاولى من تطوره ونضاله, المرحلة التي يستوجب عليه اي على الحزب التركيز والتمركز على بناء صرحه الطبقي بصورة ملموسة. هذا لايعني غض النظر عن الحركات الجماهيرية الاخرى, بل رسم سياسة محددة لكيفية تدخله في تلك الحركات مع استمرار التركيز على اولوياته.( وردت هذه الفقرة بناء على تجارب احزابنا الشيوعية العمالية منذ عقدين و نيف)* .النظرية اذا لم تطبق على الواقع تعاني مرض ما!! مطابقة الممارسة العملية مع النظرية هي جزء مكون من نظرية ماركس, ليس في نظرية ماركس العمل والنظر عملية منفصلة او متناقضة او متصارعة , بل هما مكملان لبعضهما البعض.
الاهداف والاسس التنظيمية واسلوب العمل الشيوعي ... كلها متطابقة مع عمل الطبقة العاملة وليس مع سائر الطبقات الاجتماعية. الفئات الاخرى من الطلاب و الشباب والمثقفين بامكانهم ان يشكلوا جزءاً من الحزب والحركة , وهكذا كان التأريخ , ولكن وفقاً لقبولهم بقيادة الطبقة العاملة للثورة وهذه قضية عملية وليس ايدولوجية.
قبل الثورة للحزب ملامح وخصائص عدة, نجمعها في مصطلح او مفهوم" الحزب الاجتماعي" تفاديا لمفهوم الحزب السياسي الذي له المعنى نفسه ولكن نحن في تجربتنا استخدمنا الحزب السياسي بصورة غير دقيقة او حتى غير واضحة في كثير من الاحيان.... هذا الحزب الطبقي الماركسي الثوري في فترة ماقبل الثورة له خصائص عامة يمكن وصفها في لوحة عامة هي كالتالي:
اولا : حزب الطبقة العاملة: وفي هذه الفترة المحددة التي نقصدها-فترة ما قبل الثورة -, يصبح الحزب حزبا طبقيا بإمتياز.بمعنى ان الحزب على الصعيد الاجتماعي صار حزبا معروفا وبارزا ومؤثرا فى التغيرات والتحولات السياسية .يعني ذلك من الناحية الموضوعية وجود مئات من اللجان الشيوعية و الالاف من الشبكات و الحلقات العمالية المختلفة مؤيدة للحزب ولسياساته مع وجود منظمات عمالية جماهيرية كبيرة كالمجالس والنقابات او لجان المعامل .... الخ ... الحزب له نفوذ قوي او مؤثر على هذه المنظمات عبر تكتلاته المختلفة او قادته.... الحزب كحزب الطبقة له دور مؤثر على التغيرات والتحولات السياسية بهذا المعنى الطبقي. ليس بامكان البرجوازية ان لا تحسب حسابها للحزب. حزب طبقي مؤثر ومعروف لدى الطبقة العاملة على الصعيد العالمي,معروف لقياداتها واحزابها و منظماتها المختلفة, له دعم وتضامن طبقي اممي مشهود, ومتعاطف معه من قبل اطياف و فئات وحركات تقدمية وتحررية واسعة على مستوى عالمي....
ثانيا : شخصيات ومرجعيات فكرية ماركسية: حزب له شخصيات فكرية وسياسية معتبرة وكبيرة على الصعيد الاجتماعي ويحسب له الحساب على مستوى الشخصيات السياسية في البلاد او ما يخص القضايا الفكرية والنظرية لحل القضايا الاجتماعية و السياسية والاقتصادية... شخصيات لها سبق وثقل فكري وسياسي على الصعيد الاجتماعي ولها دور مؤثر في قلب موازين الافكار في المجتمع لصالح الشيوعية... شخصيات فكرية تقف بوجه الفكر السائد البرجوازي في المجتمع, و تحول كفة الميزان العقلي او الفكري لصالح الشيوعية و لصالح مكانها واعتبارها كشخصيات قيادية. من الطبيعي ان افكار وتصورات هذه الشخصيات ستعبر حدود البلد, وتتعداه... مثل شخصيات البرجوازية في منطقتنا بل يجب ان نتجاوزها....
ثالثا : حزب معارض ماركسي وممثلا لليسار : على الصعيد الاجتماعي يسجل للحزب مواقفه كحزب معارض قوي وله رؤيته الخاصة به في طرح الحلول للقضايا السياسية والاجتماعية الساخنة والمسائل اليومية الملحة. وله حضور سياسي مؤثر في الحياة السياسية , تؤهله لقيادة الثورة والدولة . حزب معارض مختلف عن المعارضة البرجوازية سواء كانت المعارضة البرلمانية او غيرها. حزب معارض يمثل اليسار و الشيوعية على الصعيد الاجتماعي. معارض مختلف عن البرجوازية بموجب اهدافه وبرنامجه وسننه وتقليده السياسي و النضالي والاجتماعي .. وايمانه العميق بالحقوق العالمية للانسان و بالمساواة التامة بين الرجل والمراة و بحقوق الطفل ورؤيته الانسانيه له وايمانه بالحرية كحركة سياسية اقتصادية. حزب معارض مؤثر و معروف على نطاق اجتماعي انه حزب مختلف وفق برنامجه الماركسي وتقاليده الاجتماعية والنضالية. حزب مؤهل اجتماعيا لقيادة البلاد.
رابعا : القيادة المؤهلة لاستلام السلطة : تعني قيادة الحزب يجب ان تكون قيادة معروفة ومؤثرة على صعيد المجتمع قيادة لها حضور سياسي و اجتماعي وربما برلماني مؤثر.... قيادة مدركة ولديها حلول سياسية مقبولة ومقنعة لدى اكثرية الجماهير. قيادة مقبولة لدى المجتمع و مقتنع بها لقيادة السلطة. بمعنى ان الصراع الفكري والسياسي و قيادة الاعمال اليومية او حتى المعارضة... ليس كافية لتؤهل حزب ما لقيادة الحكم. بل يجب على قيادة الحزب ان تسجل حضورا سياسيا مستمرا وبارزا وتعرض امكانياتها ومؤهلاتها لقيادة المجتمع و السلطة السياسية بصورة افضل من البرجوازية, بمعنى ان تكسب مقبوليتها لقيادة البلد من المجتمع وبالتحديد من الطبقة العاملة . هذه القضية هي الاكثر اهمية وتظهر او تسجل في مجرى التاريخ النضالي للحزب خصوصا في فترة ما بل الثورة .
هذه المحاور الرئيسية والعامة لمميزات وخصائص الحزب قبل الثورة بمدة معينة كما ذكرنا اعلاه. ربما هناك مسائل تفصيلية اخرى, لكن بصورة عامة هي خصائص لحزب بامكانه ان يقود الثورة الاجتماعية, قيادة الثورة العمالية. اعتقد ليس هناك خلاف ما حول هذه النقاط بصورة عمومية.. نسأل هنا ماهو موقع الحزب ازاء هذه الخصائص و المميزات؟! اين هو موضعنا ومكانتنا تجاه هذه الوقائع الموضوعية اي خصائص الحزب قبل الثورة؟! هذا هو السؤال الاهم لقيادتنا وكوادرنا ليتسنى لنا ان نمشي على سكتنا الطبقية , سؤال يتطلب الاجابة الجريئة الشيوعية, النقدية وبطبيعة الحال هذا هو البديل الممكن في هذه المرحلة لنهوض بالحزب و قيادته نحو تطبيق سياساته و تكتيكاته ووظائفه اليومية.
في سياق المحور الاول: نحن نظريا واعلاميا اوحتى حضوريا نقول ونؤكد نحن حزب الطبقة العاملة و لدينا بصورة واقعية اعضاء قياديين وكوادر عديدة في الصف الامامي للنضال العمالي, ولدينا منظمات واتحادات مؤيدة للحزب, بصورة مباشرة او غير مباشرة.... وشاركنا في اكثرية الاحتجاجات العمالية في العراق, بالتحديد شاركنا في البصرة و بغداد بصورة مستمرة... على رغم ذلك نحن ابعد كثيرا عن تحركات العمال في المصانع والمعامل و الشركات, حتى في تلك الشركات والمعامل التي لدينا فيها كوادر الحزب... نحن بعيدون عن حالة تنظيم هذه الاحتجاجات, بعيدون عن التفاف العمال حول شعارات و مطالب الحزب بعيدون عن جعل العمال يقراون جريدة الحزب, وحتى في كثير من الاحيان لاتصلهم الجريدة حتى في تلك الاماكن التي نتواجد فيها كأعضاء وكوادر... كل الحركات الاحتجاجية العمالية... تنهض وتبدا بدون معرفتنا كحزب " ليس كأعضاء و عضو في القيادة" بدون مشاركتنا في التخطيط و وضع برنامجها من ناحية قيادتها وشعاراتها ومطالبها...الخ... في التحليل الاخير نحن بعيدون جدا عن بناء اللجان الشيوعية او اي اشكال اخرى من جسد تنظيمي شيوعي حزبي يتحرك وفق سنن وقرارات الحزب.... ليس لدينا هيئات قيادية عمالية سرية او علنية حزبية أو غير حزبية تعمل وفق توجيهات الحزب في اطار الحركة.... ليس هناك تمدد وعمق تنظيمي جماهيري وفق توجيهات الحزب من قبل الاتحادات و المنظمات الاخرى القريبة من الحزب.... الحزب الشيوعي العراقي حتى الان هو الحزب الشيوعي وهو الحزب الماركسي ومعروف اجتماعيا انه حزب شيوعي.... بمعنى ان الشيوعية في العراق الى الان في جعبة الحزب الشيوعي العراقي وليس في جعبتنا بالتالي اليسار في المجتمع يتبع الحزب الشيوعي وليس حزبنا....
وفي سياق المحور الثاني: في هذا الصدد وعلى الرغم ان الشيوعية والمفكرين الشيوعيين في مراحل مختلفة من التاريخ هم الذين يسيطرون على ساحة الفكر الاجتماعي وهم الذين يسقطون كبار مفكري البرجوازية في عصرهم.... والشيوعية معروفة تاريخيا بالثقافة والاطلاع العميق والواسع... على رغم ذلك اليوم بامكاني ان اقول نحن كحزب وكقيادته"أميين"الى درجة كبيرة.. اميون بمعنى بعيدون عن افكار عصرنا بعيدون عن نقد الافكار البرجوازية السائدة في العراق والمنطقة.... ليس بعيدين فقط بل لم يتسنى لنا ان نبدأ اصلا بالصراع الفكري والنظري الذي يشكل حجز الزاوية لبناء حزب ماركسي ثوري مؤثر... ليس لدينا اطروحة او كتاب واحد حول القومية العربية و نقد اسسها الفكرية والنظرية و تقاليدها النضالية... ليس لدينا كتاب واحد او بحث شامل لنقد اسس وافكار الاسلام السياسي سواء كان مرجعه شيعي او سني.ليس لدينا كتاب مهم لنقد الشيوعية التقليدية والاصلاحية ... حتى الان لم ندخل حلبة الصراع النظري والفكري... بدون هذا الصراع والفوز به اجتماعيا ليس بالامكان بناء الحزب وتنظيماته مطلقاً ....
وفي سياق المحور الثالث: شكلياً نحن اقوى احزاب المعارضة.. وفعلا نحن في المعارضة ولكن معارضتنا اصبحت شكلية لا قيمة اجتماعية لها... بمعنى لا تحرك لا الطبقة العاملة ولا اي فئة من فئات الجماهير حين نعارض سياسة ما او قرار ما و النموذج الاكثر وضوحا هو مقاطعتنا للانتخابات البرلمانية.... لم تتحرك شعيرة ما فما بالك بالشعب !! معارضتنا و راديكاليتنا غير موزونة وغير موضوعية لانها ليست مبنية على اسس راسخة ليست مبنية على اساس ركائز طبقتنا ليست مبنية على اي مستوى تنظيمي عمالي - جماهيري راسخ... بالتالي انها غير موضوعية بل انها هراء تام...ولا تؤثر على اية فئة ما ناهيك عن الطبقة العاملة... وهذا هو واقع حال معارضتنا, وواقع حال عدم تطبيق قراراتنا... الحزب الذي ليس بامكانه ان يطبق قراراته, لا يتوقع منه ان يكون حزبا معارضا بالمعنى الاجتماعي.... نحن بعيدون جدا عن كوننا حزباً ماركسيا معارضا بمعنى اجتماعي, وبعيدون ايضا عن كوننا نمثل الشيوعية حتى الان ...وليس بامكاننا ان نكون حزبا معارضا و ونمثل الشيوعية بدون ان نكون حزبا للطبقة العاملة , بدون ان نتجاوز الفقرة الاولى, او بموازاتها...
وفي سياق المحور الرابع: حين نقول قيادة مقبولة اجتماعيا ومؤهلة لاستلام السلطة, نقول ان القضية قضية سياسية عملية بحتة. قضية عملية تتبع اسلوب عمل شيوعي واسلوب قيادي شيوعي في ذات الوقت . اذا نظرنا الى حالنا في القيادة انها قيادة سيالة وجوالة " قصدي ليس الخارج و الداخل, هذه المبحث ليس قضيتي" سيالة وجوالة بمعنى انها في عمق النضال و في خضم النضال لا ترى في ذاتها الثقة في قيادتها وفي حزبها, لا ترى في ذاتها قيادة حزبية ماركسية وسياسية مؤثرة, قيادة يمكن ان تغير مجرى التاريخ, قيادة يمكن ان تقود الثورة العمالية, قيادة شيوعية جريئة " القصد ليس اعلان قيادتها بهوية الشيوعية في بغداد والبصرة" بل تبرز هذه القيادة في السياسات اليومية و التنظيمية وقيادة الاحتجاجات والخطابات واسلوب العمل و كل حركة يقوم بها قائد حزبي ما...خصوصا نحن نعيش في العراق , العراق الذي يتغيرحاله واوضاعه بسرعة البرق, العراق الذي يقتل ويموت فيه المئات بصورة يومية ان لم نقل الالاف.... العراق الذي كل شئ سائد فيه متخلف ورجعي عدى الشيوعية والتمدن.... قيادتنا ليس غير مؤهلة لاستلام السلطة وغير مقبولة اجتماعيا بل حتى غير مشهورة" الشهرة تسبق قيادة اجتماعية"... وهذا نتيجة طبيعية للمحور الاول من جانب و عدم ادراك الواقع الموضوعي الراهن وتحديد المرحلة الراهنة لمهامات الشيوعية وبالتالي وظائفنا وفق استراتيجية واضحة.....
ربما البعض من الرفاق او عدد منهم لن يتفقوا معي, ربما يقولون ان اوضاعنا ليس سيئة الى هذه الدرجة... القضية ليس تقسيم وتوزيع النقاش حول النسبة, بل المعيار الاجتماعي وحين نقْوم انفسنا بهذا المعيار حينذاك يظهر ماهو موجود اجتماعيا.... انا ليس مع الرفاق الذين يقولون ان حالنا كان افضل قبل خمسة سنوات مثلا او قبل سقوط النظام مثلا في كردستان قبل تموز سنة 2000.... لان هذا التصور اذا كان موجودة حتى الان فان لديه معيار " الحركة كل شئ" ...حتى في هذا الاطار اقول " ان النتيجة اعمالنا غير موجودة"...
اثنان وعشرون سنة من النضال الحزبي والسياسي و الاجتماعي .... لم يتبلورحزبنا حزبا سياسا اجتماعيا صغيرا ولا اقول كبيرا. لم يتبلورالى قيادة سياسية منسجمة " اقصد خمسة أشخاص" وليس كل اللجنة المركزية وهي صعبة جدا ومستحيلة.... منسجمة حول افق سياسي واضح واستراتيجية سياسية واضحة..... اثنان وعشرون سنة ونحن نقزم انفسنا و نحجم انفسنا لا نتمدد بل نتقلص, لا نتوسع بل نضيق ونقل ... اعضاءنا وكوادرنا ليس لديهم بوصلة سياسية ماركسية ثورية واضحة... بل مع كل الاحداث وكل الامواج يذهبون.. راينا ذلك في حركة الانبار و سامراء ومؤتمر حرية العراق و.... هذا وضعنا اذن كيف نبدأ وبماذا نبدأ ؟! قبل الاجابة ماهي استراتيجية هذه المرحلة يجب تحديد اسس الاستراتيجية, نحن أخطأنا في تحديد هذه الاسس... خلال السنوات السابقة , سياستنا خارج سياق الحزب كلها صحيحة و ربما اجزم بموضوعيتها خارج سياق حزبنا وليس في حزبنا.. في حزبنا اصبحت كل هذه السياسات كلام على الورق...

استراتيجية المرحلة الراهنة....الجزء الاول والاهم من الاستراتيجية
للتوضيح اكثر أقسم هذا الجزء الى قسمين : الاول : حول ماهي اخطائنا او الخطأ الرئيس حين نتحدث عن الاستراتيجية, والثاني : ماهو بديلنا, بمعنى ماهي المرحلة الاولى لاستراتيجيتنا؟!
في البداية ماهو القصد من استراتيجية؟
استراتيجية: وفق التعريف البدائي لها, هي خطة عسكرية لتحقيق الهدف والسيطرة على العدو. مع تطور المجتمع و تنوع موارده الانتاجية والتكنولوجية و افكاره وتياراته السياسية والفكرية المختلفة... تطورت استراتيجية من المفهوم العسكري الى مفاهيم سياسية واجتماعية و تقافية وادارية وانتاجية ومعملية...الخ. غالبا ما إستخدمنا الاستراتيجية في حركتنا لوصف او لتعيين الهدف اونساويها بالهدف, بالنسبة لي هنا لا أقصد الهدف وخصوصا في هذا البحث. هدفنا واضح وهو "المجتمع الشيوعي او الحكومة العمالية" أما الاستراتيجية في هذا البحث تعني :( ماهو منطلقنا الموضوعي للعمل السياسي و ماهي خطواتنا لتحقيق اهدافنا). بمعنى الدمج بين قضيتين ربما مختلفتين, لكن هذا ما أريد ان ابحثه في الاستراتيجية.
منذ ان تجسدت الرأسمالية في نظام اجتماعي, سياسي-إقتصادي في اوروبا منذ القرنين الماضين, منذ ذلك الحين الخط العام الثوري هو خط الثورة العمالية , بصورة عامة.... حين وصلت الراسمالية الى مرحلة الامبريالية , تمدد وتوسع الرأسمال على الصعيد العالمي بمعنى عولمة الرأسمال بهذه الدرجة او تلك, نصل هنا الى "ان البرجوازية على طول الخط رجعية", هذا العصر ,هو عصر الثورة البروليتارية. بمعنى ان الثورة هي الثورة العمالية تقوم بها الطبقة العاملة بقيادة حزبها الطبقي ....هذا ما برهن عليه لينين في الثورة الروسية. الثورة اذن وفق هذا المفهوم هي ثورة دائمة لا تفكك او تقسيم للمراحل فيها , بمعنى ان الثورة لا تنقسم الى مراحل مختلفة الديمقراطية والعمالية و....الثورة هي ثورة واحدة بالنسبة لنا كشيوعيين. في العراق أيضا إنه عصر الثورة, الثورة العمالية, هذه الثورة هي ثورتنا بالمعنى الخاص لمفهوم الثورة. ولكن بين الثورة العمالية والواقع الموضوعي و توازن القوى بين مختلف التيارات السياسية ربما تطرح على المجتمع ثورة اخرى قبل الثورة العمالية, الثورة ضد النظام السياسي البرجوازي الرجعي المحصصاتي الفاسدة, في سبيل مشاركة جماهيرية اكثر في ادارة البلد,,, هذه الثورة إذا وقعت هي ايضا ثورتنا بمعنى نشارك فيها و بطبيعة الحال يجب على الحزب ان يقود هذه الثورة ايضا و يحاول من اجل ذلك و دون ان يذوب فيها بل قيادتها الى الثورة العمالية. اعتقد كلنا او اكثريتنا متفقون على هذه الاطروحة العامة.
في اطار هذه الاطروحات المختلفة طرحت " الاشتراكية الان" "الاشتراكية اليوم", هذه المفاهيم هي تجسيدات مجردة لــ" عصر الثورة البروليتارية" من حيث المبدأ العام صحيحة. توضيح عصر الثورات البروليتارية هو باب مناسب لتوضيح البحث. نحن إستلمنا او اكتسبنا هذه الاطروحة بصورة اوتوماتيكية دون تمعن. كأن نحن وبرنامجنا وافكارنا هو الذي يحدد الواقع الموضوعي, القضية بالعكس تماماً. في موضوع التحليل و التجزئة لهذه الاطروحة او هذه الواقعة" عصر الثورات البروليتارية", قبل كل شئ يجب تحديد الواقع المشخص بصورة محددة. عصر الثورات البروليتارية او الاشتراكية الان.. عصريشمل كل البلدان , بمعنى عام صحيح لكل بلدان العالم. ماهي المتغيرات اذن؟ المتغيرات تأتينا في الواقع المشخص في الواقع الذي يعمل ويتفاعل ويناضل فيه الحزب المعني او المنظمة المعنية بهذا الامر. من ناحية واقعية ملموسة يتغير عصر الثورات البروليتارية (من حيث الوقت المطلوب و ساعة صفرها ايضا, ارجع الى الجزء الثاني من البحث) من بلد الى بلد اخر وفق المتغيرات في الظرف السياسي, مستوى تنظيم لطبقة العاملة و قادتها, موازين القوى بين العمال والرأسمال, مستوى التحزب الشيوعي في صفوف الطبقة العاملة والجزء الطليعي منها, درجة التمدن والحريات السياسية و الفردية والمدنية و الاجتماعية, مدى تغلغل الثقافة والفكر الشيوعي والتحرري في الواقع الاجتماعي.... هذه الامور المهمة يجب تحديدها بدقة موضوعية والبناء عليها بناء سياسيا وفكريا و تنظيميا راسخاً.
هنا اتحدث بعد وجود الحزب, اي بعد ان شكلنا الحزب. وتم تشكيله على اساس اعتبار ونفوذ مرجعنا الفكري حينذاك منصور حكمت, عليه لم يكن هناك اسئلة كثيرة حول مسائل عدة. على اية حال شكلنا الحزب رغم وجود نواقص عملية وسياسية كبيرة الى حدما امام هذه العملية, بدفع و تأييد من منصور حكمت ورفاقنا في الحزب الشيوعي العمالي الايراني انذاك. حين شكلنا, استلمنا اطروحة "الاشتراكية الان" كأن معنى الان يعني "الان: اللحظة الراهنة" من وجه النظر الزمنية لكن "الان" يعني هذا العصر وهذا العصر يجب تقييمه وتحديده. اذن ما هو "عصرنا" او "الان".... الاجابة على هذا السؤال مهمة لهذا البحث ونواقصنا ومشاكلنا و عدم ترجمة سياساتنا للعمل و عدم تطورنا, وتخلفنا حتى عن مرحلة تشكيل الحزب بكثير .... في سبيل تحويل "الان" بمعنى العصر الى "الان" بمعنى الوقت الحاضر الايام او الاشهر القادمة (إرجع الى الجزء الثاني للتوضيح اكثر) فاصلة تأريخية ربما كبيرة او صغيرة من حيث المدة, ويختلف من بلد الى بلد اخر.
"الان" ننا تم ترجمتها من قبلنا من قبل الحزب والمكتب السياسي" ليس هناك انتقاد على اي رفيق, وانا واحد منهم" بل الانتقاد على مجمل الحركة و المؤسسات القيادية, مجمل الحركة كحركة شيوعية عمالية في العراق و ايران. تجرمىا " الان" كلحظة مؤاتية للثورة, وهكذا كانت ولاتزال منطلقنا لتحديد المسارات السياسية و الاداء السياسي, انطلقنا وفق احقية افكارنا و فق احقية سياستنا, وليس وفق الواقع الموضوعي و التوازن بين قوى الطبقة العاملة والسلطة الحاكمة... و هذه الانطلاقة التي سميناها "توجهاتنا" تجذرت الى مستويات اخطر في التنظيم و قراءة توازن القوى و تحديد الاطر السياسية في حالة الازمات مثلا. تجذرت بحيث نسينا بالكامل والتمام العمل الشيوعي الاول او روح الشيوعية "العمل الروتيني". العمل الروتيني يعني التحريض الدعاية والتنظيم...نسينا هذه الثلاثية التي تشكل روح الثورة العمالية. بعد تشكيل الحزب كان لدينا عدد لا باس بها من العمال و منظمين في معاملهم ... ولكن لم يبقى احدا منهم. لان اسلوب عملنا لم يتطابق مع اسلوب عمل العمال ناهيك عن اسلوب عمل شيوعي طليعي.... الحزب ابتعد عن العمال وعليه ابتعد عن العمل الروتيني المنظم. بعد تشكيل الحزب توجهت كل أعمالنا في التنظيمات والقيادة الى ابراز الحزب وفق نهج الاعمال البطولية غير التقليدية وغير الاعتيادية وبطبيعة الحال غير الروتينية....هناك امثلة كثيرة, وصلنا الى الحالة التي نعتبر العمل الروتيني اي روح العمل الشيوعي, عملا اعتياديا لا يساوي شيئا وليس مجديا و لا يتم بحثه اصلا وأصبح العمل الروتيني وفق انطلاقة "العمل البطولي" محل نسيان تام وحل محله اعمال اخرى باسم العمل الروتيني مثل منضدة الكتاب ولحد الان مستمرة, ادارة المقرات, رفع اللافتات و بعد ذلك اعمال ادارة الندوات و المناسبات... هذه الاعمال اصبحت عملا روتينيا داخل صفوف الحزب والقيادة وهي ليست روتينية بالمعنى الكلاسيكي .. واصبحت الاعمال روتينية" التي شرحناها" موضعا للنقد المستمر, حيث يتطلب الامر عملا نوعيا مختلفاً خارج سياق توازن القوى والحالة الموضوعية ولدينا ايضا تجارب مختلفة.... وفق هذه التصورات وفي نهاية سنة 1995 تم تشكيل المجالس في احد احياء مدينة السليمانية... ولكن إنهارت بعد ساعات بسبب صولة قوات الامن التابعة للاتحاد الوطني الكردستاني هذا مثال بسيط جدا.... والمثال الابرز هو ضربة الاتحاد الوطني حيث لم يتمكن الحزب من جمع مائة شخص للتظاهرة في تموز 2000...حتى وصل الامر بنا الى اطلاق الخيم في سامراء في حضن القوى الارهابية و الطائفية بحجة وجودنا مع الجماهير.. هذه وجوه اخرى من الاعمال البطولية غير مرتكزة ليس على الواقع الموضوعي فحسب بل على البحث السياسي ايضا.
وفق منطلق أعمال غير روتينية تم صياغة الاستراتيجية. الاستراتيجية ليست مكتوبة ولكن في عقل قيادة الحزب السائد هو هذا المنطلق والتوجهات وإهمال كامل للعمل الروتيني الشيوعي الذي يمثل روح الثورة العمالية.... الاستراتيجية تتغير وفق تغير الاوضاع لكن نحن بعد كل التجارب الكبيرة والمريرة التي وقعت على الحزب لم نتمكن من تغيير هذا النهج .... ولحد الان. براي ان النهج و التفكير السائد والمسيطر لقيادة الحزب ولا تزال هو تفكير غير عمالي وغير ماركسي بل نوع خاص من ماركسية ( لا مجال هنا ان نسميه) هذا النهج بعيد حتى عن ديالكتيك الطبيعة عن ماديتها , ربما يشكل اساسا للمادية الميكانيكية.
كانت سياساتنا المقررة تمثل نهجا صحيحا لحزب سياسي كل سياساتنا تقريبا فهي سياسات بناءة وماركسية دقيقة, مثل سياسة انفصال كردستان سنة 1995, كانت سياسة دقيقة رغم ان الحزب كان ذو جذور اجتماعية محدودة وكان ضعيفا جدا.... ان الحزب وبناء على " نهج العمل البطولي" لم يتشكل الى الان و ان تشكيله وبناؤه وفق المنهج الماركسي و البنية الطبقية ليس مسألة حتمية. كتبت بحثا قبل اربعة سنوات حول تجربتنا" تجربة الحزب الشيوعي العمالي العراقي" فيه توضيحات اكثر حول هذه المسألة.
كيف نحدد منطلقنا ونحدد تشخيصاتنا في هذه المرحلة, قضيتي ليس نقدا بقدرما هي نقد نقدي, بقدر إعطاء بديل اخر للنهوض بالحزب وبالتالي بالطبقة العاملة, حيث اعتقد ان نهوض الطبقة في هذه المرحلة و في العراق مرتبطة ارتباطا وثيقا بنهوض الحزب, هذه مرحلة خاصة ليس لي مجال في هذا البحث لاغور فيها. لكن اعتقد بصورة تامة ان القضيتين الطبقة العاملة والحزب متداخلان بالمعنى الاجتماعي ليس هناك مجال ما للفصل بينهما. على اية حال هذا ليس مجال بحثنا هنا. اذا كيف ننظر الى واقعنا الاجتماعي الموضوعي خارج اطار فكرنا وخارج اطار برنامجنا و مقرراتنا في هذه المرحلة بعد 22 سنة من عمر الحزب و بعد تجارب كافية وشافية؟
الواقع الموضوعي الحالي على الصعيد العالمي واقع عصيب ومر, حيث غياب الطبقة العاملة سياسياً وتراجع كبير للاداء النضالي الجاري او اليومي او الاقتصادي... هذه هي الحالة ببساطة, بهذا المعنى التضامن الطبقي المطلوب ضعيف جدا وفي ادنى حالاته على الرغم وجوده طبعا ولدينا امثلة كثيرة. الواقع العراقي الاصعب, من حيث سيادة الفكر الرجعي و القوى الرجعية سواء كان في سلطة الاسلام السياسي و القوى القومية والطائفية او على صعيد المعارضة الارهابية من داعش الى القاعدة و البعث.... انتشار وشيوع اشد الافكار و التقاليد و التمظهرات الاجتماعية رجعية الى اقصى الحدود.... مثلا المنافسة في المشي على الاقدام من المدن العراقية في الوسط والجنوب الى كربلاء والنجف في عاشوراء كظاهرة اجتماعية كبيرة, تقسيم العراق الى ثلاثة قوائم للاحوال الشخصية وفق طائفة سنية و شيعية و مسيحية....هذه نماذج غير مالوفة في تأريخ العراق الحديث ولكن تم تحويلها الى حالة واقعية في هذه المرحلة, شق وتفكيك المجتمع على اساس الطائفة الدينية و الديانة , هذا ايضا جديد ...البرجوازية بمختلف اطيافها وتياراتها الرجعية هي التي تمسك بزمام الامور بصورة مطلقة.... الصراع على السلطة السياسية بالكامل منحصر بين تيارات البرجوازية, الطبقة العاملة مشتتة في كافة النواحي التنظيمية وغير متحزبة وبعيدة عنا..... قيادتها و طليعتها مريضة بوباء اليسار القومي من ناحية الافق السياسي و اسلوب العمل النضالي و التنظيمي وهذا النوع من القيادة هو السائد لحد الان.... القيادات الشابة ليست لديها تجربة ومتاثرة بالاوضاع طبعا وهذا شئ طبيعي بالتالي مريضة بوباء الطائفية.. الشيوعية والماركسية ليس لها موقع ومكانة تذكر على الساحة الفكرية والصراع النظري والفكري. الاسلام السياسي والفقة الشيعي و السنى و التنظير الاسلامي هو السائد على صعيد العراق ككل .. وبالدرجة الثانية نواجه الفكر الطائفي و القومية العربية والكردية.... والشيوعية غائبة تماما من ساحة الافكار.... الطبقة العاملة رغم انها تقود نضالا يوميا مستمراً ولكن ليس لديها منظمات قوية ومؤثرة سواء كان نقابية او مجالسية او اي أشكال اخرى.. متجزئة بين قطاعاتها... العمال في القطاع النفطي وهو القطاع القائد غير مبالين بقطاعات اخرى ابداً... وغير مبالين باوضاع المجتمع مثلا عدم تدخلهم في المطالبة بالكهرباء..... ليس لدينا مرجع فكري و سياسي على صعيد المجتمع.... الحزب في هذه الحالة , موضوعيا ليس له دور وموقع مؤثر بل ضعيف الى ادنى مستوى الضعف..... اذن كيف يمكن لنا النهوض بالحزب....؟
القسم الثاني: مهماتنا او المرحلة الاولي لاستراتجية الحزب.
مرحلة التاهيل السياسي والفكري وبناء الحزب: هذه المرحلة هي مرحلة بناء الحزب على الصعيد الطبقي. هذه المرحلة لا يمكن فصلها عن المرحلة التي تسبقها وهي مرحلة التهيئة الفكرية والسياسية اللازمة للفكر الشيوعي على المستوى الاجتماعي, وتعني ايضا رفع الاستعداد الفكري والنظري والسياسي والتنظيمي.... لعدد مناسب من القادة العماليين و كوادر الحزب ايضا....بدون امتزاج وتداخل العمليتين في عملية واحدة ليس بامكاننا ان نتحرك لا بل سنتراجع بشكل متواصل حتى نصل الى الانحلال الداخلي للحزب بشكل تام.
عليه ان مهماتنا هي كالتالي:
الاول: تغيير الهيكل القيادي للحزب: الهيكل القيادي يجب ان ينشطر الى شطرين... الشطر التنظيمي والاداري و الشطر الاعلامي. الشطر التنظيمي والاداري يدير التنظيم " بالمعنى الكامل للتنظيم" و الادارة اليومية للحزب واعماله سواء كان في المقرات او في الشارع ....الشطر الاعلامي يدير جرائد الحزب و صفحته او صفحاته او قناته الفضائية, والكتب والمجلات الفكرية والنظرية.....يجب كتابة هيكل قيادي جديد وفق هذا المنظور. الشطرين يتوحدان في هيئة تنفيذية او اي اسم اخر مناسب.
الثاني: النهوض بالصراع الفكري والنظري على الصعيد الاجتماعي. اجابة نقدية ماركسية للمفكرين البرجوازيين المؤثرين على حياة السياسية والاجتماعية في العراق من الفكر الاسلامي بشقيه و الفكر القومي العربي. كجزء في اطار مهمة من مهمات الحزب. إصدار الكتب و الكراسات الصغيرة يدخل ضمن نطاق هذه المهمة. الحزب يخلق اجواء واطار مناسب لتقوية هذا المسار, عبر عقد ندوات فكرية ونظرية حول المسائل المعاصرة في العراق و العالم.
الثالث: تربية عدد لا يقل عن 100 من كوادر الحزب تربية شيوعية كاملة وفق مراحل تطورنا في اطار اوحدود هذه المرحلة. تربيتهم لفهم التاريخ والفلسفة والحركات السياسية و الاستراتيجية الشيوعية و التنظيم الشيوعي, والاختلاف مع الحركات الاخرى, فهم شامل للديمقراطية و القومية والاصلاحية كحركات سياسية واجتماعية, و قضية الحركات السياسية وكيف نحدد التوجه السياسي للحركات السياسية؟! هذه القضية مهمة جدا خصوصا لدينا تجارب الانبار و سامراء والاحتجاجات الحالية !!!. الحزب يجب ان يوفر سبل والية واضحة ودقيقة لهذا الامر ضمن اطار هذه المرحلة بكاملها. نتيجة التربية والتعليم هذا, هي وجود 100 كادر قيادي بامكانه ان يقود الحزب من اللجان الشيوعية الى الهيئة التنفيذية.... وهي قضية ليست تعليمية فحسب بل تمتزج فيها التربية و التعليم بالواقع النضالي.
الرابع: التدخل اليومي التحريضي عبر بيانات سياسية. تعبر عن سياسة الحزب تجاه قضايا يومية: سياسية و ادارية وقانونية و اقتصادية واجتماعية.... تحول كتابتها الى هيئة أو لجنة الاعلام...
الثالث: تنظيم و كتابة سياستنا التنظيمية في هذه المرحلة. تنظيم الحزب في المحلات و المصانع والمؤسسات, وبناء حلقات تقافية ماركسية وتطوير الفكر الماركسي فيها/ تنظيم القادة حزبيا / تنظيم اللجان الشيوعية او بتسمية لجان المحلات و المصانع/. تنظيمات غير حزبية من شبكات و حلقات القادة و العمال / و حلقات او منظمات تعاونية والصناديق المالية/ .. هذه الاشكال البدائية للتنظيم تساعد العمال لفهم اهمية التنظيم. النضال في سبيل إيجاد وتقوية المنظمات الجماهيرية العمالية من النقابات والاتحادات ولجان المصانع والمعامل و المجالس وفق قرار العمال انفسهم اصدار نشرة خاصة حول التنظيم... خاصة بكل تفاصيل التنظيم الحزبي و غير الحزبي, الجماهيري و غير الجماهيري, السري والعلني و شبه العلني, النضالات العمالية المختلفة و الاضراب والتظاهر, الحياة المعملية و والمعيشية للعمال ..... منظمات جماهيرية عمالية مختلفة الاشكال والانواع... باسلوب العمل الشيوعي وغير الشيوعي.... ليس هناك تنظيم خارج السياق سياق الحياة الاجتماعية في المحلات و المعامل والمؤسسات....
الرابع: التدخل المباشر وغير مباشر في نضالات الطبقة العاملة/ اتصالات مباشرة و غير مباشرة مع قادة العمال/ مشاركة فعالة في النضالات الجماهيرية اليومية/ النضال في سبيل قيادة وتوجيه هذه الاحتجاجات.
خامساً: "اخراج الحزب او تسمية اخرى" وفق خطة سياسية وتنظيمية مدروسة, من المقرات و نقل نشاطنا من الشوارع والساحات الى المحلات و المعامل والمؤسسات. التقليل من العمل الاداري في المقرات و الشوارع كاعمال تحريضية .... نقل كل اجزاء الاعمال الروتينية" التحريض والدعاية و التنظيم" الى اماكن العمل والمعيشة, المحلات و المعامل والمؤسسات.... إعادة الخطة بكتابة التقارير و فق صيغة ومحتوى الاعمال الروتينية...وهذا لايعني أن لا نقوم باي اعمال في الشوارع بل يعني التركيز والاولوية على القضية المحورية وهي تنظيم الحزب وفق آلياته وسياقه الطبقي.
سادسا: استباقا لاي خروقات سياسية كبيرة او لتقسيم العراق حتى ولو كان فيدراليا... تقسيم التنظيمات على اساس منظمتين وهما منظمة الوسط و منظمة الجنوب بقيادة هيئة تنظيمية مركزية مختصة وليس كما هي عليه الان.
سابعا : في هذه المرحلة التركيز.على الدعاية الشيوعية في كل المجالات الحياتية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية. الدعاية الشيوعية في هذه المرحلة تشكل اولوية في سلم اولويات العمل الروتيني, سواء كان في المجلة النظرية او الاذاعة او الفضائية ان وجدت.... ماهي الاولوية في هذا الميدان اي في الميدان الدعائي؟! تفاصيلها يمكن استخلاصها من الوظائف.
نهاية هذه المرحلة هي موضوعية وليس اختيارية او انتقائية وفق ما يريده الحزب. بل موضوعية بمعنى وجود تنظيم مؤثر في عدد من المحلات و المصانع بالمعنى الاجتماعي للتنظيم اي بمعنى اللجان الشيوعية بكل تفاصيلها الاجتماعية.. لدينا مئات من الحلقات والشبكات العمالية الحزبية و غير الحزبية .... الفكر الشيوعي مطروح اجتماعيا كاحد الافكار في المجتمع حتى ولو كان ضعيفا.... عبرمراجعه الفكرية.... اصبح الحزب يمثل الشيوعية و اليسار في العراق...لدى الحزب لجان عسكرية خاصة متمرسة لشؤون الحزب , الحماية و المجالات الاخرى الذي يراها الحزب ضروية, بنية مالية راسخة وقابلة للنمو.... تكفي لكل اعمال الحزب ولديه توفير ومشاريعه قابل للنمو.... بمعنى ان الحزب في نهاية هذه المرحلة: على الصعيد الاجتماعي ليس معروفا فحسب بل يصبح حزبا اجتماعيا بعدد من شخصياته ومؤسساته القيادية وكوادره الوسطية, ومؤهلاته القيادية على صعيد العراق و له نفوذ مؤثر في منطقة ما او في محيط جغرافي سياسي معين " مثلا: عدة قطاعات ومؤسسات عمالية, و جامعات او معاهد "...
نهاية البحث باجزائه الثلاثة..18.أب.2015