-الماركسية- متن معجم الماركسية النقدي - من أعمال جورج لابيكا - الملحق الثالث، الرابع والخامس


حسان خالد شاتيلا
2016 / 3 / 15 - 08:22     

من أعمال جورج لابيكا
الملحق الثالث، الرابع والخامس
"الماركسية" متن معجم الماركسية النقدي
مختارات من المعجم


1 - استعملت الألفاظ المشتقة من اسم ماركس، أول الأمر، ، استعمالا جداليا. فقد استعمل لفظ ماركسي في بداية الخمسينات من قبل أنصار ويالينغ في إطار صراعهم ضد أنصار ماركس. وفي ما بعد، استعمل هذا الاسم كمضاد "للاسالية". أما كلمتا "المتمركسون" و"الماركسيون"، فقد أوجدهما خصوم ماركس داخل الأممية الأولى، وبالخصوص "أعداءالسلطوية"، وذلك كردة فعل على ماركس الذي كان نعتهم ب"الباكونيين". وظهرت لفظة "الماركسية" في الثمانينات. فقد حمل كراس كتبه بول بروس سنة 1882 عنوان الماركسية والأممية. وهو كراس موجَّه ضد "الغيديين" الذين وُصفوا، بالمقابل، في روسيا ب"االإمكانتيين". ومع ذلك فإن لفظي "الماركسية" و"الماركسي" جرى استعمالهما بصورة متزامنة استعمالا إيجابيا. إذ تبنى البعض من انصار ماركس هذين الكلمتين لتمييز أنفسهم من بقية الاتجاهات المختلفة في صلب الحركة الاشتراكية، وذلك للصيت الذي اكتسبه ماركس بفضل أعماله، وبفضل تقديمها تقديما منهجيا من قبل إنجلس في كتابه "ضد دوهرينغ". وكان ماركس متحفظا جدا على هذا الاستعمال لاسمه، وذلك لأسباب لا يمكن أن تغيب على أحد: فهذه التسمية المشخَّصة والذاتية لنظريته تتناقض مع إرادته في إعطاء الاشتراكية أساسا علميا. كما ويرجع تحفظه إلى أن "الماركسيين" كانوا، في نظره، يشوِّهون أطروحاته، وينتظمون في طوائف. وقد نقل عنه إنجلس رفضه في العديد من المناسبات أن يكون ماركسيا. وهو في ذلك يوجِّه انتقاداته "لبعض الفرنسيين"، ولشلة من مثقفي الحزب الألماني. وقد توجَّه ماركس ل/لافارغ قائلا: "الشيْ الأكيد هو أنني لست ماركسيا". وقد كان ماركس أنَّب في رسالة إلى إنجلس من باريس، هذين "الرهطين ": "الماركسيين ومناهضة الماركسيين" الذين تصادموا في مؤتمري سانت إتيين وروان. وسيورد لينين في كراسه حول الماركسية ومسألة الدولة مقتطفات من رسالة إنجلس ل/لافارغ بتاريخ 17/8/1890: " ضد هؤلاء "الشبان" الذين هم بلا استثناء ليسوا سوى وصوليين ومدَّعي ماركسية" (قال ماركس عباراته :أنا لست ماركسيا" مستحضرا في ذهنه ذلك الرهط من الأشخاص). وكان بإمكان ماركس أن يضيف على غرار هين Heine "لقد زرعت تنينا ولكنني لم أحصد سوى براغيث". وقد كان إنجلس مدركا تمام الإدراك دقة المسألة. فقد لاحظ في رسالة ل/لافارغ بتاريخ 11/5/1889 :"لم نسمكم بغير "الملقبين بالماركسيين". ولا أرى كيف يمكنني الإشارة إليكم بغير هذا الاسم. وإن كان لكم اسم آخر يمثِّل هذا الاختصار فاذكروه لنا ونحن نطلقه عليكم بكل سرور وحسب الأصول. إلا لأنه لا يمكننا استعمال كلمة تَجَمًّع ("التجمع الباريسي" فهو الاسم الذي كان يحمله تنظيم باريس التابع للحزب العمالي الفرنسي) الذي لا أحد يفهمه. كما لا يمكننا استعمال عبارة مناهضي الإمكانية، وهو ما يمكن أن يصدكم أيضا وبنفس الدرجة، فهي عبارة غير دقيقة وغير ملائمة إذ لها معنى واسع جدا". غير أن مصطلحي "الماركسي" و "الماركسية بالمعنى الإيجابي الحالي"، قد تم تكريسهما بعد ذلك التاريخ، رسميا بتأسيس جريدة Die Neue Zeit لكاوتسكي سنة 1883. وقد أَخذت في الصدور بانتظام منذ تلك السنة. وقدعلل كاوتسكي مبادرته هذه على النحو التالي: (عندما أصدرت هذه الجريدة) كنت قد تخلَّصت لتوي من الاشتراكية الانتقائية الرائجة آنذاك، والتي كانت مزيجا من أفكار لاسال ورود برتوس ولانج ودوهرينغ، مع أفكار ماركس، لأصبح ماركسيا منطقيا مع نفسه". كما كتب عن جريدته قائلا بأنها كانت "حقا الصحيفة الاشتراكية الوحيدة في ألمانيا التي تستند إلى أرضية ماركسية", وهكذا لم يبق لإنجلس إلا أن يزكي، بما له من وزن، تعبير الماركسية للدلالة على النص النظري الذي وضعه مع ماركس، ومصطلح "الماركسيين" لتسمية المنتسبين إليه. ولم تكن المسألة من جانبه مجرد تحدِّ: "الآن وقد انتصرنا، فإننا قد بيَّنا للعالم أن جُلَّ الاشتراكيين في أوروبا هم "ماركسيون" (وسيندمون على تسميتهم لها بهذا الاسم). وسيتركهم التاريخ جانيا بصحبة هايندمان ليواسيهم". وسيقدِّم إنجلس لهذا الاستعمال لمصطلح "الماركسية" الذي سيتم تبنيه، من هنا فصاعدا، تبريرا مبدئيا. فهو في كتابه لودفيغ فورباخ ونهاية الفلسفة الكلاسيكية الألمانية المنشور في Neue Zeit، وبعد أن أكد "أن اتجاها آخر قد بًّرر أيضا للوجود من انسلال المدرسة الهيغيلية ، الاتجاه الوحيد الذي أثمر حقا، ذلك الاتجاه الذي ارتبط أساس باسم ماركس". لاحظ في الهامش ما يلي: "ليُسمحَ لي هنا بأن أقدِّم تفسيرا شخصيا. لقد تمت الإِدارة مؤخرا وفي العديد من المناسبات إلى مساهمتي في صياغة هذه النظرية وإعدادها،و لذلك يصعب على هنا ألا أتحدث قليلا حول هذه المسألة لتسويتها نهائيا. لا يمكنني أن أنكر بأنني، خلال تعاوني مع ماركس طيلة أربعين سنة وقبل ذلك أيضا، ساهمت شخصيا في إعداد هذه النظرية، كما ساهمت، وبالخصوص، في التوسع فيها. إلا أن الجزء الأكبر من الأفكار الأساسية الجوهرية، وأساسا منها المتعلق بالميدانين الاقتصادي والتاريخي، وعلى وجه الخصوص، صياغتها النهائية والدقيقة، ترجع لماركس. وما ساهمت به، باستثناء ما يتعلق ببعض الميادين الخاصة، كان بإمكان ماركس اليوم القيام به بوحده. إلا أن ما قام به ما كان بإمكاني إنجازه. كان ماركس يفوقنا جميعا. فلقد كان يمتاز علينا بعمق نظرته وبعدها وبسرعة الإدراك. لقد كان ماركس عبقريا. أما نحن فلا نعدم أن نكون في أحسن الحالات، أصحاب مواهب. فلولاه لكانت النظرية دون ما هي عليه اليوم بكثير. فهي إذاً عندما تحمل اسمه، فإن ذلك هو عين الصواب.
وكان لهذه الكلمة (الماركسية) ذلك الرواج الذي نعرفه، بما في ذلك الغموض الذي لازمها على الدوام. بل يمكننا أن نعتبر أن إنجلس كان على صواب، إذ لم ينجح إلى حد الآن، أي مرادف، تم اقتراحه لتعويض كلمة "الماركسية" في فرض نفسه، فلا "المادية الجدلية" أو"فلسفة البراكسيس" أو "المادية التاريخية" أو "الماركسية اللينينية" استطاعت أن تحل محلها. فلا شك أن أي عبارة من هذه العبارات لم تكن محايدة، ولا خصبة بما فيه الكفاية حتى تحدث ثورة تتجاوز المقولات المتوفرة لدينا.
2/ – ومن اسم ماركس اشتقت أيضا الكلمات التالية: "الماركسي"، وهي كلمة ارتبط مصيرها بلفظة "الماركسية" (انظر أعلاه). إلا ان مجال استعمالها قد توسع كبيرا منذ الفترة الأخيرة من حياة إنجلس. فهذه الكلمة أصبحت تطلق على كل الدين يستندون – بهذه الصفة أو تلك – ليس فقط إلى أطروحات مؤسسي الماركسية ومفاهيمها، بل وأيضا إلى مجموع التراث الماركسي ( وهو تراث لم يحدَّد بعد بصورة دقيقة). ولذلك لا مجال للاستغراب كثيرا من أن تبدو "طائفتا" الماركسيين وأعداء الماركسيين، في بعض الأحيان، بمثابة فرعين من فروع نفس التصور ... أما كلمتا "الماركسيي"و"الماركسولوجي" فهما حديثي العهد. فالكلمة الأولى تعني حاليا في الماركسية، مساهمة ماركس علي وجه الخصوص وذلك تمييزا لها من مساهمة إنجلس وما هو لينين أو لينيني، وما هو ستالين أو ستاليني، إلخ... أما الكلمة الثانية فهي تطلق على البحاثة والعلماء الذي كرسوا جهدهم لدراسة ماركس، وماركس فقط. وليست دراسة إنجلس ولا الماركسية، إن لم يكن ذلك بهدف تمييزهما. وبصورة عامة، فإن الماركسيولوحي ليس بالضرورة ماركسيا، والعكس صحيح.
3 /– أما بخصوص محتوى الماركسية ، وبخصوص تعريفها أو تعريفاتها، فإننا نود لخلقها عند الاقتضاء، إحالتكم إلى المعجم النقدي للمارسكية وهو محتوى هذا الحاوي وحاوي هذه المحتوى – الترجمة من الفرنسية إلى العربية للأستاذ محد إدريس - .

من أعمال جورج لابيكا
الملحق الرابع
"فكر الحزب" متن معجم الماركسية النقدي
مختارات من المعجم
حسان خالد شاتيلا

تمكن الإحاطة بهذا المفهوم وفقا لثلاث دلالات:
1/- له أولا دلالة واسعة جدا. وتتمثل في إقرار بواقع أن كل مجموعة اجتماعية، وكل طبقة، وكل فرد، هم بالضرورة، وعن أو بدون علمهم، حملة وأنصار مواقف أو أراء، أو جهات نظر محدَّدة وحسب "الميل المسبق" الديكارتي أو "الأفكار المتلقات"، فإن التحيُّز بوجه عام مسلم به دائما، قبل أن يؤخذ كما هو، أو يطرح للنقاش، أو يعدّل. ويأخذ أنطونيوغرامشي مكانه داخل منظور من هذا الطراز عندما يقول "إن كل الناس فلاسفة". وإن كل شخص يملك قبل كل نقد (تصوره هو للعالم).

2/- وبمدلولها النوعي، الماركسي على وجه التحديد، تعني فكر الحزب التبني الواعي لوجهة نظر طبقة، وبالأخص وجهة نظر الطبقة العاملة. وقد أعطى لينين لهذا المفهوم منزلته الرفيعة. غير أنه يأتي مباشرة من ماركس وإنجلس عندما سجلا منذ "البيان الشيوعي"، أن على البروليتاريين أن ينظَّموا نفسهم في طبقة، "وبالتالي، في حزب سياسي" في سبيل مواجهة الطبقات الأخرى. وهما يؤكدان، في ما يتعلق "بالإيديولوجيين البورجوازيين" وكذلك بالطبقات المتوسطة" أن لا شيء يمنعهم من "الارتفاع إلى إدراك مجمل تطور الحركة التاريخية إدراكا نظريا"، وبعبارة أخرى من التخلي عن وجهة نظرهم الخاصة بهم "ليتخذوا وجهة نظر البروليتاريا". ذلك أن أصالة هذه المفهوم تكمن في تأكيده على التطابق الكامل بين الموقف الطبقي والنهج العلمي. ويشهد على ذلك، قبل كل شيء، رأس المال، هذا الصاروخ الموجَّه إالى رأس البورجوازية، حسب كلمات ماركس نفسه. وهذا ما يعنيه جوزيف ديتسجن Joseph Dietzgen عندما يوجِّه إلى ماركس هذا الثناء الغريب حقا: "لقد عُرفت بخدمة العلم وعلى وجه الخصوص بخدمة الطبقة العاملة". أو لم يَكتب ماركس ذاته، قبل ذلك بأشهر إلى ل. بوشنر L. Bûchner
قائلا: "إن الثقة التي أضعها فيك، كرجل علم وصاحب موقف". ويرجع لينين صدى ذلك بدقة: "كان ماركس وإنجلس في الفلسفة، من البداية إلى النهاية أصحاب مواقف". ويُضفي لينين منذ أعماله الأولى على الفكر الحزبي قيمة الأداة الوظيفية على المستوى النظري السياسي: تفترض المادية تقريبا االفكرالحزبي، فهي تلزمنا في كل تقييم لحدث من الأحداث بأن نتناوله بصراحة ودون مراوغة من وجهة نظر مجموعة اجتماعية محدَّدة". ولفكر الحزب، في رأي لينين، دور مزدوج. فهو، من جهة، يسمح بتحليل وضع تاريخي محدَّد". وهو، من جهة أخرى، وبالمقابل، يفرض تطوير الوعي السياسي في صفوف الجماهير. غير أن ذلك يفترض وجود حزب ومناضلين مدربين على أداء مثل هذه المهمة. وهكذا تتطلب معادلة العلم/المادية/الثورة/البروليتارية/ حدا خامسا يضفي عليه طابع المؤسسة ألا وهو الحزب. غير أن فكر الحزب عند ذلك، يكتنفه الغموض باعتبار أنه يصبح لا يحيلنا إلى الطبقة إلا بوساطة من يمثلها وينوب عنها داحل منظمة. ويصبح التدخل إذاً في المجال السياسي أو الاقتصادي أو الفلسفي، أو الفني، أو الأدبيـ كما نرى بوضوح عند لينين، مهمة الحزب الذي يفترض أنه يقوم بعمله باسم الطبقة وخدمة لمصالحها (العلم، الثورة)، بوصفه الطليعة التي تقود الجماهير. وفي ما عدا حالة التسليم بأنه معصوم من الخطأ، يصبح من الضروري حقا الإقرار فعليا هذه المرة بأنه يمكن للحزب في الواقع أن يخطئ ، أو حتى أن يخلط بين مصالحه هو ومصالح الطبقة، عندما يتحول إلى فاعل قائم بذاته.

3/- إذاً هناك استخدام مرضي للمفهوم. فطوال الفترة الستالينية، وبخاصة مع قيام جدانوف بإعداد نظرية "حزبية الفلسفة" جرى تبسيط هذا المفهوم تبسيطا كبيرا. فتعارض المثالية/ المادية، يتجمَّد في المواجهة اللاتاريخية والمانوية بين إيديولوجية رجعية في جوهرها وإيديولوجية تقدمية في جوهرها. صحيح أن بعض أطروحات لينين كانت قد هيأت لهذا الانزلاق، على سبيل المثال، عندما كتب في المادية ومذهب النقد التجريبي: "إن الحياد لا يشكل في الفلسفة سوى عبودية مموهة بصورة يرثى لها إزاء المثالية والإيمانية". وعلى هذا الطريق سيمضون إلى أبعد من ذلك، حتى المصادرة الكاملة للطبقة (للعلم، للثورة) من جانب الحزب، حتى مطابقة هذا الأخير مع جهازه وقيادته، وأخير مع شخص الأمين العام. فالحزب يملك الحقيقة في جميع المجالات ويعلنها وينشرها. إنه القانون الذي يستنبطه المناضل، حتى في تصرفاته الشخصية. وسوف ينتهي النظام، كما نعلم إلى أوج النفاق مع محاكمات موسكو وبراغ، حيث نرى المتهمين ينسبون إلى أنفسهم جرائم وهمية تماما، باسم فكر الحزب، والانضباط/ والإخلاص للحزب. وقد تمثل الرد على هذا الجنون، ولاسيما في الاتحاد السوفياتي ، بعد المؤتمر العشرين للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفياتي، في مقابل "عبادة الشخصية" بفكر الحزب بالتحديد. لكن على أساس العودة إلى ممارسات القيادة الجماعية بدلا من أن تكون بالمعنى المذكور أعلاه من وجهة نظر البروليتارية. كما أن الشيوعيين، في كل مكان، سيعتادون الدعوة إلى فكر الحزب لمواجهة ما يطلقون عليه تهكما ("روح الشلة" أو "الدكان"). والواقع أن هذا العلاج للمسألة الذي اتضح في أكثر الأحوال أنه غير فعال، إن لم يكن تافها يدل، في كل الأحوال، على الرهانات الكبرى، النظرية والسياسية، التي ينطوي عليها مفهوم فكر الحزب. و يدهشنا أن يرى في ذلك مراقب يقظ مثل رودولف بارو Rudolf Bahro تناقضا لا يحل بين الرسالة الاجتماعية للحزب، وشكل وجوده السياسي – التنظيمي"، وأن يعتقد أن "الجهاز الراهن للحزب هو حفار قبر فكرة الحزب وفكرة الفكر الحزبي لدى كل فرد". – الترجمة من الفرنسية إلى العربية من عمل عبد الله بوسطلة.

• استبدل كاتب هذه الأسطر "الروح الحزبية" حسب ما جاءت في "معجم الماركسية النقدي" بتعبير "فكر الحزب".


من أعمال جورج لابيكا
الملحق الخامس
"الماركسية اللينينية" متن معجم الماركسية النقدي
مختارات من المعجم
حسان خالد شاتيلا

"الماركسية اللينينة" هذا الثنائي اللفظي الذي كان يعني تفنيد كل حل يتصل بالاستمرارية بين جهود ماركس ومجهود لينين، مع التأكيد على الإضافة الخلاقة التي قام بها لينين تجاه الماركسية، قد عرف ثراءً دلاليا مختلقا ومتناقضا في آن.
1/- وقد ظهر اللفظ في أواخر العشرينات، وقدم أدوراتسكي في 1934 في "الجدلية المادية" على أنها الركيزة النظرية للماركسية اللينينية". وعام 1931 تحدث الفصل الشهير "المادية الجدلية والمادية التاريخية" لتاريخ الحزب الشيوعي البلشفي في الاتحاد السوفياتي الذي يتبع عرض كتاب "المادية والذهب التجريبي النقدي" (الفصل 17، مرحلة 1908-1912) عن "حزب ماركسي لينيني". وتندرج مقدمة الكتاب في إطار الاستلهام من "النظرية الثورية الماركسية اللينينية". ولم يسر تاريخ الحزب الشيوعي للاتحاد السوفيالتي المابعد السيتاليني على نهج مغاير. وتجدر الملاحظة أن العبارة استعملت في الفصل الخامس عشر بينما في الفترة التي أصبحت فيها الحاجة ماسة لجعل فكر لينين ينخرط انخراطا عضويا في صلب الماركسية، صارت اللينينية مرادفة للستالينية وستارا لها, ومُنع نشر أعمال عن لينين منعا احتماليا بعد سنة 1938، كما يشهد على ذلك قرار اللجنة المركزية الذي أصبح علنيا بعد عشرين سنة. وكُرِّس الانحراف، حتى لا نقول كُرِّست الخدعة في الخمسينات بصفة رسمية، بل أًغلقت. وتؤكد مادة الماركسية اللينينية في المعج الفلسفي الصغير الذي وضعه روزنتال وأيودين (موسكو 1955) "أن نظرية ماركس وإنجلس ولينين تم تطويرها في أعمال ستالين". وراجت الكتب التي تعالج أسس الماركسية اللينينية، وهي مجرد استعادة لكراس 1937. وقد عرضت الحركة الشيوعية العالمية الظاهرة، وانعكست عليها هذه الحركة التي ستنتسب من هناك فصاعدا "الماركسية اللينينية الستالينية".

2/- قرَّر مؤتمر الحزب الشيوعي السوفياتي في بداية شنة 1956 التخلي عن اللفظ لثالث في التسمية، وأكد المؤتمر على لسان خطبائه البارزين "أن إعادة الاعتبار لمبادئ الماركسية اللينينية" يضع حدا ل"عبادة الشخصية". لكن يجب أن ننتظر المؤتمر الثاني والعشرين لكي يتم التوضيح النهائي، وحتى يتم تنظيم "إزالة الستالينية". واجتهد الفلاسفة السوفياتيون باتفاق عجيب من مارك ميتين الذي ربط المؤتمر الثاني والعشرين بمهام الفلسفة الماركسية اللينينية إلى بيوتر فيدوسيييف الذي قابل بحزم مقابلة تامة بين الماركسية اللينينية وستالين ومتاهاته العقائدية. وسرعان ما تبعهم في توجههم هذا منظرو الأحزاب الشيوعية في العالم أجمع.

-/ ملاحظة: وهكذا بإغلاق القوس هل يمكن للعودة إلى اللينينية أن تكون عودة إلى الماركسية ذاتها، وبالتالي إلى الماركسية اللينينية الحقيقية؟ لم تمح مع ذلك كل مظاهر الغموض طالما أن تعبير الماركسية اللينينية يمكن أن يتضمن دلالات مختلفة مثلما هو الشأن بالنسبة للحفاظ على الرجوع إلى النزعة الستالينية أو دلالة الديامات ( المادية التاريخية، المادية الجدلية) التي سواء أعلنت أم لا، وسواء قبلت أم لا، فإنها تحيل حتما إلى دوغمائية كراس عام 1937، وتتمنع إذاً فعليا عن كل مقاومة نظرية للنزعة الستالينينة. و تمتنع أيضا عن قبول متطلبات إعادة الممارسات اللينينية من جديد. ولنرجع إلى الجدل الهام الذي أثير بعدة عام 1957 بسبب الخلاف الصيني السوفياتي، هذا الجدل الذي شارك فيه بالخصوص الحزب الشيوعي الألباني والأميركي والفرنسي والهندي والإيطالي واليوغسلافي. وكانت الماركسية اللينينية في هذا الجدل المحك والعقبة (حجر العثرة). وقد أعطى رفض بعض الأحزاب الشيوعية في المدة الأخيرة ( من بينها الحزبان الفرنسي والإسباني) لإدراج المرجعية الماركسية اللينينية في أنظمتها دليلا جديدا على ذلك. فهل هذا رفض للستالينية أم مجرد انتهازية؟