سيبقى صراعنا الرئيسي مع العدو الصهيوني


فهمي الكتوت
2016 / 3 / 13 - 23:12     

كشفَ زعماء الكيان الصهيوني المستور، بتصريحات غير مسبوقة؛ إذ أعلن بنيامين نتنياهو، "تغيير دراماتيكي في العلاقات الخارجية مع العرب" وهم كثر وفق تعبيره.. الذين يرون في "إسرائيل" حليفاً وليس تهديداً في العالم العربي. كما أعلن كبار المسؤولين في الكيان الصهيوني عن انتقال التنسيق والتعاون المشترك بين بعض الأقطار العربية والعدو الصهيوني، إلى العلن.. بعد عقود من العمل السري. تبع هذه الخطوات الدراماتيكية قرار مجلس الجامعة العربية اعتبار "المقاومة اللبنانية حركة إرهابية".
وقد جاء القرار خدمة للسياسات الاستعمارية والصهيونية في المنطقة، واستحقاقا سياسيا للمتغيرات التي جرت على الأرض خلال السنوات الأخيرة، وتمهيدا لوصم المقاومة الفلسطينية بنفس التهمة، وقد بدأت الخطوة الأولى بهذا الاتجاه؛ بوقف إدارة القمر الفرنسي الرئيسي "يوتل سات" بث قناة الأقصى الفضائية بتهمة التحريض على قتل اليهود. وإغلاق جيش الاحتلال الصهيوني فضائية فلسطين اليوم واعتقال رئيس تحريرها وعدد من كادرها، وهو الاجراء الذي سبق واتخذ ضد فضائية للمقاومة اللبنانية، وأخرى داعمة لها.
كان واضحا أن الهدف الرئيسي للاحتلال الأميركي للعراق وتدمير سوريا بعد اخراج مصر من الصراع العربي الإسرائيلي التفرد بالمقاومة الفلسطينية واللبنانية بهدف تركيع الشعب الفلسطيني وابتلاع الأراضي الفلسطينية، وفرض شروط الاستسلام على الشعب الفلسطيني.
أدرك الشعب الفلسطيني بحسه الوطني ما يجري من صفقات تستهدف جر الوطن العربي من الصراع الرئيسي مع العدو الصهيوني الى صراع عربي-عربي، لإحداث خلل خطير في موازين القوى بين حركة التحرر العربي والعدو الصهيوني. فقد تصدى بنفسه للآثار المدمرة للمشهد العربي من خلال انتفاضته الباسلة ورفضه المطلق لتداعيات الانهيار المريع الذي وصل اليه النظام العربي. فمواكب الشهداء التي يقدمها الشعب الفلسطيني يوميا جاءت لتتصدى للمشاريع التصفوية، ونقل الشعب الفلسطيني من حالة الإحباط التي يعيشها الوطن العربي، الى حالة الكفاح والتضحيات وشحذ الهمم في مواجهة الاحتلال الصهيوني.
لا شك أنَّ الصراع العربي-الصهيوني دخل مرحلة جديدة وخطيرة من خلال التنسيق والتعاون المعلن مع العدو مستخدمين الورقة الطائفية والمذهبية، عبر الدور الإعلامي الخطير والمنظم لإمبراطوريات إعلامية ممولة من أموال النفط العربي، لممارسة سياسة التضليل وتزييف الحقائق، بهدف تجاوز الصراع الرئيسي مع العدو الصهيوني، والادعاء ان الصراع أصبح مع إيران. وتفتيت النسيج الاجتماعي، وتدمير المنظومة الفكرية والثقافية العربية الحضارية، واحلال مكانها ثقافة استعمارية طائفية ومذهبية.
شكلت هذه السياسية آنفة الذكر مناخا سياسيا مناسبا لتشديد الهجمة الصهيونية على الشعب الفلسطيني، في القيام بالإعدامات الميدانية للفلسطينيين واحتجاز الجثامين وحرمان اسرهم من دفن شهدائها، وهدم البيوت، والاستيلاء على الأراضي العربية، وتوسيع الاستيطان، وارتكاب الجرائم اليومية، بالاعتقال والتنكيل الذي لا يستثنى منها الأطفال والنساء والكهول، والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية. واستهداف وسائل الاعلام والصحفيين لإبعادهم عن الميدان ومنع تغطية اخبار الانتفاضة الشعبية، ومحاولة اسكات صوت المقاومة.
إننا مطالبون في الوطن العربي؛ بالتصدي للهجمة الشرسة على القضية الفلسطينية، ووقف هرولة النظام العربي نحو الاستسلام، وتخليه عن الحقوق الوطنية التاريخية للشعب العربي الفلسطيني. والمبادرة بتشكيل كتلة تاريخية في الوطن العربي، لتعمل على النهوض الوطني التحرري من خلال معركة فكرية ثقافية سياسية نضالية، لإعادة تجسيد ثقافة المقاومة في مختلف مناحي الحياة ومقاومة اشكال التطبيع الرسمية وغير الرسمية.
وفي هذا الإطار، شهد الأردن في الآونة الأخيرة نشاطات وفعاليات في هذا الاتجاه، فقد عقدت سلسلة من اللقاءات بين الشخصيات الوطنية والنقابية والمهنية للقيام بمبادرة لتشكيل "إطار شعبي أردني لدعم نضال الشعب الفلسطيني". لتعبئة الطاقات الشعبية ضد العدو الصهيوني باعتباره الخطر الحقيقي على الامة العربية، مع التأكيد على ان الأردن ضمن استهدافاته، فان معركة الشعب الفلسطيني هي معركة وطنية وقومية، وان العدو الصهيوني لا يخف اطماعه في الأردن، وتوجيه البوصلة نحو الصراع الرئيسي في المنطقة ضد العدو الصهيوني. والتصدي لسياسات التطبيع ومقاطعة المنتجات الصهيونية، ومقاطعة المؤسسات التي تتعامل مع العدو الصهيوني سياسيا وثقافيا واقتصاديا.
والتعاون مع المؤسسات الشعبية العربية والدولية لدعم نضال الشعب الفلسطيني من اجل تحقيق اهدافه في استعادة حقوقه وفي مقدمتها كنس الاحتلال الصهيوني من الأراضي المحتلة، وعودة اللاجئين لوطنهم فلسطين وإقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس.
كما أكد الملتقى الوطني لمقاومة التطبيع الذي عقد الأسبوع الماضي في مجمع النقابات المهنية في عمان رفضه المطلق لسياسات التطبيع الذي اعتبر صفقة الغاز مع الكيان الصهيوني صفقة سياسية بامتياز، وهي غير مبررة اقتصاديا، فالأردن لديه كل السبل والوسائل للحصول على الغاز من مصادر متعددة بعد انشاء رصيف العقبة لاستقبال الغاز المسال في البواخر. وثمن عاليا دور الفعاليات الوطنية والنقابية والشعبية في الكرك باعتبار محافظة الكرك خالية من المنتجات الصهيونية. داعيا لتعميم هذه التجربة في مختلف المحافظات.