د. ضياء خضير - ثنائيات مقارنة - وسنوات الغربة


داود سلمان الشويلي
2016 / 3 / 10 - 22:29     

مساء يوم الخميس 10 / 3 / 2016 اقام الاتحاد العام للادباء والكتاب فرع ذي قار امسية ثقافية للناقد العراقي الكبير د. ضياء خضير غب عودته الى مدينته الناصرية ، بعد اغتراب دام اكثر من عشرين عاما استاذا في جامعات الاردن وعُمان ، وقد قرأت هذه الورقة :
د. ضياء خضير " ثنائيات مقارنة " وسنوات الغربة
داود سلمان الشويلي
للنقد الادبي الابداعي اذا صحت التسمية في العراق تاريخ يربو على خمسين عاما ، اذ بدأ هذا اللون الادبي في ستينيات القرن المادي وبدأ يتلمس مناحي النص المنقود بحذر وحياء وكانت ادواته بسيطة بعد ان خرجت من مفهوم النقد كتقييم وتقويم ، ودخلت في مفهوم ان النص عالم يمكن تلمس دواخله بعيدا عن كاتبه ، ومن ضمن مناهج النقد المستخدمة هي النقد المقارن الذي يضع نصا عربيا وعراقيا مقابل نص اخر اجنبي ، ليجلو نقاط التناص والتأثير والتأثر فيه ، اي من الاجنبي الى العربي وبالعكس ، وظهرت دراسات لا بأس بعددها تنهج هذا النهج ، وهو منهج النقد المقارن .
اذكر انني كتبت مقالة قدمت فيها كتاب الدكتور ضياء خضير النقدي ( ثنائيات مقارنة – ابحاث ودراسات في الادب المقارن ) وقت صدوره ، نشرت في جريدة العراق في 6 ايلول 1994 ، والكتاب يعد لبنة في بناء الادب المقارن في العراق.
في هذا الكتاب يخرج المؤلف من معطف المدرسة الفرنسية للدراسات المقارنة ،ويدخل تحت معطف المدرسة الامريكية لها ، هذه المدرسة التي ركزت على النص الابداعي ذاته من خلال دراسة العلاقات الداخلية للنصوص المدروسة ، وتاتي تسميته لما تضمنه الكتاب من دراسات بـ ( الثنائيات ) لتؤكد على الفضاء الحيوي الذي يضم كل حقلين من حقول الثقافة والادب والفنون سوية ، إذ جمعت تلك الدراسات بين فن وفن ، وادب وادب ، وفن وادب ، اي انها تضع فضاء ابداعي مع فضاء ابداعي اخر ، ولا ينسى الناقد الحقل التطبيقي لكل دراسات الكتاب ، فهو مثلا عندما يدرس مسالة الترجمة من والى الفرنسية يجعل ميدان التطبيق لهذه الدراسة اعمال نجيب محفوظ المترجمة الى الفرنسية ، وعندما يدرس العلاقة بين الادب و المسرح ، باخذ من مسرحية ( العيطة ) الجزائرية ميدانا تطبيقيا للدراسة ، وفيلم ( مدام بوفاري ) للمخرج الالماني ( جون سكوت ) ميدانا لدراسة العلاقة بين الادب والسينما .
ومن خلال منحوتات الفنان علاء بشير وقصائد الشاعر يوسف الصائغ وفلم ( حلم انسان عراقي ) يدرس الثنائية المركبة بين النحت والشعر والسينما .
ويدرس كذلك علاقة التاريخ بالرواية في دراسته عن الرواية التاريخية .
و علاقة الادب و التكنلوجية ـ والمثقف والسلطة .
ان كتاب ( ثنائيات مقارنة ) كان الحجارة التي رميت في المياه الاسنة فحركتها .
ومن كتبه التي تناولت فنون الادب في بلدان مهجره منذ النصف الاول من تسعينات القرن الماضي ، كالاردن و عُمان صدرت له الكتب التالية :
- شعر الواقع وشعر الكلمات دراسات في الشعر العراقي الحديث من "منشورات اتحاد الكتّاب العرب دمشق – " 2000
- الشعر الأردني الحديث
- حكاية الصبي والصندوق – الجنس عند غالب هلسة
- الابيض والاسود – في السرد العماني ونقده
- وردة الشعر وخنجر الاجداد – دراسة في الشعر العماني الحديث
- القلعة الثانية – دراسة نقدية في القصة القصيرة العمانية .
ومن ذكرياتي الجميلة والحميمة ، هي اني تعرفت على الاكاديمي والقاص و الناقد العراقي الكبير د. ضياء خضير في الناصرية عندما زارنا هو و المرحوم الشاعر عبد الامير معله رئيس الاتحاد العام للادباء والكتاب في العراق نهاية عام 1991 ، اوبداية عام 1992 ،للعمل على افتتاح فرع للاتحاد في الناصرية ، وقد استضفتهم في بيتي على العشاء برفقة بعض ادباء الناصرية ، وتوطدت العلاقة بيننا كثيرا .
د. ضياء خضير ناقد متمكن من ادواته النقدية ، كما انه قاص متمكن من ادواته القصصية ، وقد فازت احدى قصصة ، وكانت بعنوان (نسر بين جبال الثلج) ، في الجائزة الاولى في الثمانينات.
تحية لصديقي واخي الدكتور ضياء خضير ، واهلا وسهلا به في مدينته ، مدينة الادب والفن والثقافة ، مدينة الغبار والفقر ، المدينة التي يجري في منتصفها نهر الفرات وتشرب من نهر اخر ، نهر دجلة وهذه مفارقة كبيرة لم تحظ بها مدينة في العالم ، لهذا نجد كتابها ومثقفيها وادباءها وفنانيها يهاجرون منها الى بغداد او الى بلدان العالم .