ملاحظات حول كتاب الصراع الطبقي في المغرب


أحمد أحمد حرب
2016 / 3 / 10 - 16:55     

ملاحظات حول كتاب الصراع الطبقي في المغرب

أضع بين أيدي القارئ المغربي و " العربي " على وجه العموم، كتابا قيما تحت عنوان " الصراع الطبقي في المغرب "، وقد صدر في يناير 1973 عن دار ابن خلدون للطباعة والنشر في لبنان من توقيع "مجموعة من التقدميين المغاربة "، وهو مجموعة من الدراسات المختلفة نشرت في مجلة " أنفاس " التي كانت تصدرها المنظمات الماركسية اللينينية المغربية بشكل مشترك أي منظمة " أ " ( إلى الأمام فيما بعد) ومنظمة " ب " (23 مارس فيما بعد)، وأود تقديم بعض الملاحظات الموجزة والتطرق لبعض نقاط المقدمة الأصلية للكتاب الذي سيجده القارئ على موقعي الفرعي بالحوار المتمدن:

أظن أن كتاب "الصراع الطبقي في المغرب " ينشر لأول مرة على شبكة الأنترنت، ولعل القارئ العزيز يتساءل عن سبب تأخر نشر هذا الكتاب علما أنه مرت على إصداره أزيد من 43 سنة وهو كغيره من وثائق اليسار الجديد التي لم يفرج عنها إلا في السنوات الأخيرة مع العلم أن جزءا كبيرا منها إن لم نقل كلها في يد أجهزة المخابرات المغربية وبعض قدماء الحركة الماركسية اللينينية المغربية فضلا عن أن بعض الوثائق قد فقدت كل معناها اليوم في ظل تطورات الصراع الطبقي على المستوى المحلي والعالمي، الحقيقة أنني رأيت عنوان الكتاب في الموقع الالكتروني الخاص بأحد مناضلي منظمة إلى الأمام سابقا وهو فؤاد الهيلالي ولكنني حصلت عليه للتو من صديق وبعد قراءته رأيت أن عملية نشره ستكون مفيدة للأجيال الجديدة من الثوريين المغاربة ، فمن لم يعرف ماضيه لا يمكن أن يعرف حاضره ولا مستقبله، لكن تكوين هذه المعرفة عن الماضي تفترض مسبقا توفر المادة الرئيسية أي الوثائق التاريخية وهي المعضلة التي يعاني منها جل المناضلين الجدد وحتى بعض القدامى نتيجة لعدة أسباب علمية وأخرى غير علمية، فالسبب العلمي الوحيد الذي يمكن أن يدفع المناضلين لتغييب جزء من الوثائق وإعطائها لبعض الرفاق الموثوق فيهم فقط وبصفة تنظيمية ربما هو عندما تكون لهذه الوثيقة أو تلك راهنية في الوقت الحالي وتقدم إجابات نظرية وعملية لا يجب أن يطلع عليها جهاز البوليس خصوصا أثناء حملات القمع أو مخبريه الذين يسعون لاختراق التنظيمات الثورية، أما الأسباب الغير علمية فهي متعددة لكنها تنقسم في المغرب لمستويين شاسعين، المستوى الأول هو الخيانة التي تعرض لها الخط الثوري للحملم ومنظمة إلى الأمام على وجه الخصوص في نهاية السبعينات من طرف الاتجاه اليميني بقيادة أبراهام السرفاتي وطغمة الخونة الذين أسس بعضهم " حزب النهج الديمقراطي " فهذا الحزب قد اضطلع بدور أساسي في خيانة النظرية الماركسية اللينينية كما خانها من قبله الحزب الشيوعي المغربي سابقا وخيانة مبادئ ومرتكزات المنظمات الماركسية اللينينية المغربية ، فهذا الحزب قد عمل جاهدا لإخفاء الحقيقة الثورية على المناضلين بإخفائه وثائق الحملم حتى عن قواعده وأطلق قنابل دخانية كثيفة تحيل بينهم وبين رؤية الفرق الجذري بين حزبهم و منظمة " إلى الأمام " لكي لا تسقط خرافة "الاستمرارية الفكرية والتنظيمية" ويحولوا بنادقهم النظرية والتنظيمية لصدره، وخوفا من الذين تشبثوا بخط الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية المبني على الكفاح المسلح ( العامل الحاسم في انفصال الثوريين عن أحزابهم الاصلاحية) وتثبيت الفكر الليبرالي الانهزامي والتوفيقي كبديل مزيف. أما المستوى الثاني فيمكن اجماله في سيادة الفكر البرجوازي الليبرالي داخل بعض المجموعات والتيارات الثورية، هذا الفكر يدفعها الى الايمان حتى النهاية بالقيادة الفردية والتملك الفردي للمعرفة الثورية عبر منع المعرفة عن مناضليها وممارسة الوصاية على مراكمتهم النظرية في ضرب سافر لكل ما راكمته الـ ح.م.ل.م من خبرة على مستوى الديمقراطية الداخلية وسيادة الحذر الزائد عن حده لظروف سياسوية ضيقة، وعموما فالمقال لا يتسع لنقاش هذين المستويين ربما في مقال آخر.

و حسب ما جاء في مقدمة الناشر كتبت هذه الدراسات في سنوات 70-71-72 أي مع الاعلان عن ولادة المنظمتين " أ " و " ب " أو ما قبل الاعلان بقليل لأن الناشر لا يذكر الشهر بالضبط وأتمنى من القارئ الذي عايش التجربة ذكر التاريخ بالضبط، لكن ما أود أن أشير له هنا هو أن هذه الدراسات في مجموعها ستكون بمثابة اجتهادات فكرية وسياسية ساهمت في تطوير تصور الـ ح.م.ل.م لمشروعها الثوري، هذا المشروع الذي عرف قفزات هائلة في كل مرحلة تاريخية محددة وأذكر هنا مثلا وثيقة "عشرة أشهر من كفاح التنظيم، نقد ونقد ذاتي" الصادرة عن إلى الأمام في نوفمبر 1972 حيث كانت الوثيقة بمثابة محطة فاصلة بين مرحلتين تاريخيتين في نضال المنظمة، وهذا ما جاء في مقدمة الكتاب بالعبارة التالية "... نظرا لأنها كتبت على مراحل زمنية متباعدة تعكس مرحلة النضوج النظري والسياسي في حينها. "

إن الدراسات المدرجة في الكتاب لا تشكل وجهة نظر واحدة مكملة لبعضها البعض وإن كانت وجهة نظر "أنفاس" هي السائدة فيها، أي أن هذه الدراسات ليست كلا منسجما من الناحية الفكرية والسياسية التي تحكم أصحابها، وهو شيء طبيعي لأن الاتجاه العام الذي تحكم في مجلة أنفاس نفسها يمكن أن نجمله من خلال العبارات الواردة في مقدمة العدد الأول للمجلة بالعربية الصادر في مايو 1971 " ان المجلة لن تحقق الغرض من وجودها الا بمشاركة أوسع قاعدة من المثقفين المغاربة في هذا الحوار. ان الطابع الاساسي الذي نريده للمجلة هو الحوار والحوار الدائم، من اجل تعميق قضايانا النظرية. ونحن لسنا بحاجة لتوضيح أن المجلة غير ملزمة بكل محتويات تفاصيل المواضيع التي تنشرها فللكاتب مطلق الحرية في التعبير عن آرائه شريطة أن يتفق والمبادئ التقدمية العامة لاختيارات المجلة ".

أشير أخيرا أن الكتاب لا علاقة له بكتاب آخر كان قد ألفه أبراهام السرفاتي باللغة الفرنسية وترجم للغة العربية بعنوان الصراعات الطبقية في المغرب منذ الاستقلال.

وعموما فلا شك أن هذا الكتاب سيغني الرصيد المعرفي حول بعض الجوانب التاريخية للصراع الطبقي بالمغرب داخل مجمل القطاعات (الحركة العمالية، الحركة الطلابية، الأحزاب الاصلاحية... إلخ)، وبالتالي يمكن للمناضلين استخلاص هذه الصيرورة التاريخية واستيعاب ما أمكن من إشكالاتها الراهنة.

أحمد أحمد حرب
10-03-2016