رسائل مارس : الحب والوفاء التضحية البندقية .


رفيق عبد الكريم الخطابي
2016 / 3 / 10 - 08:21     


هو مارس ، الشهر / الزمن ، هو إلاه الحرب هو المدافع عن المحاصيل وقطع الماشية ، بلغة اليوم يمكن أن نرى فيه رمزا لتحالف البروليتاريا الثورية مع صغار الفلاحين . مارس لم يكن لقيطا إن لمولده عنوان : اتحاد بين جوبيتر كبير الآلهة وإلاه السماء والبرق ضامن العدالة والنظام الاجتماعي ومسن القوانين، وجينون /جونو أخته وزوجته (أي جوبيتر) إلاهة النور و الزواج/ الخصب وهي رمز للشباب والحيوية. هذا الشهر كان له مغزى ودلالة مميزة عند الرومان، فقد كان أول شهور السنة تكريما له ، كما كان الشهر الذي يتزامن مع عودة موسم الحرب مع انتهاء فصل الشتاء.
مارس اليوم مثلما بالأمس له عنوان محدد : الانتفاضة
في القلب من مارس، ثمة الثامن منه. عنوان انتفاضة النصف المكمل للجسد البروليتاري واقتحامه لساحة النضال والفعل من أجل غد لا استغلال ولا ميز فيه.
في الثامن من مارس 1857 أنير الوجه الآخر من القمر الذي أرادته البرجوازية أن يظل محتجبا ومظلما على عادة كل الطبقات السائدة في المجتمعات الطبقية القائمة على الاستغلال والنهب.
في ذلك اليوم خرجت الآلاف من عاملات النسيج في مسيرة شعبية ضدا على بشاعة الاستغلال، مدشنة عصر انتقال نصف قوى الثورة، من إعادة إنتاج نفس قيم الاستسلام المتوارثة منذ قرون من العبودية والتخلف الفكري والسخرة والعمل المنزلي الرتيب والمذل، إلى فضاء التحرر والمجابهة وتوحيد قوى البروليتاريا ذكورها مع إناثها .. استشهاد 250 متظاهرة، كن يحملن الخبز = المحاصيل، والورد = الحب ، كان إيذانا بتكامل ووحدة وجهي القمر ووصول نور الحرية لهما معا، وكان إيذانا بعودة التاريخ إلى مجراه ، وببداية موسم الحرب.
الحرب الطبقية المستعرة التي تشنها مختلف البرجوازيات والجرائم الوحشية التي ترتكبها في كل أصقاع الأرض عبر دولها الإمبريالية والكولونيالية ضد جماهير شعوبنا وضد الطبقة العاملة، يجعل من كل أيامنا يوما للثامن من مارس أو من فاتح ماي الأمر سيان. إن المعركة يزداد أوارها والجرائم توثق باللحظات وليس بالسنوات.


إنهم يحاولون سرقة أعيادنا ، إنهم يحاولون إفراغ وإخصاء ذاكرتنا.

إن رسالة مارس ، هي رسالة للتشديد على الطابع الطبقي للثامن منه وليس الجنسي منه فقط ، كما تفعل معظم الحركات النسوية البرجوازية .
بالنسبة للبرجوازيات (أي إناث البرجوازية) الصبغة الحقوقية لمطالبهن من قبيل الحقوق السياسية هي منتهى مطامحهم كي تعبد الطريق أمامهن لمواصلة النهب وسرقة فائض القيمة من نساء ورجال البروليتاريا . أما مصالح ومطامح البروليتاريات ومعهن كل البروليتاريين فتكمن في مواجهة السيدة المالكة كما السيد المالك لوسائل الإنتاج لأن المصالح متناقضة ، وما نضالهم على واجهة تحقيق بعض المطالب والإصلاحات من قبيل الحقوق السياسية او حقوق الأمهات أو منع استغلال الأطفال او ضد البغاء وغيرها من مطالب وشعارات فهو لا يعدو سوى نضال من اجل تحسين شروط ممارسة النضال ذاته في أفق بناء المجتمع الخالي من كل استغلال أو اضطهاد أو تمييز . إن الحركات النسوانية البرجوازية وهي تحتفل بهذا اليوم ، فهي ككل الحركات الظلامية ، لا تفعل سوى تقسيم الجسد البروليتاري على أسس جنسية وتحويل التناقض من تناقض طبقي بين أسياد العصر وعبيدهم المأجورين ، إلى تناقض بين المرأة كامرأة في مواجهة الرجل كرجل ، وكأن المرأة المالكة للمصانع والمستغلة لآلاف العمال أو الطفيلية التي تعيش في القصور وتقتات على ما ينهب من العمال تتساوى مع المرأة الفلاحة أو العاملة التي تعمل لأكثر من 12 ساعة يضاف إليها عمل المنزل الغير مدفوع الأجر والغير معترف به اصلا كعمل منتج ، المرأة البرجوازية التي تقطن القصور تتساوى وفق هذا التصور مع المرأة الصومالية أو الأفغانية أو الموريطانية او السودانية التي أهلكتها الحروب وسنوات الاستعباد المباشر. الحركة النسوانية Féministes البرجوازية كما الحركات الشوفينية المتأمزغة أو الظلامية المتأسلمة أو المتصهينة وإن أكثرت من الضجيج والصراخ في الثامن من مارس فإن ذلك لايعدو أن يكون محاولة يائسة لسرقة أعيادنا وتفكيك صفوفنا وقواعدنا البروليتارية.
وما سطر وما يسطر اليوم من ملاحم وبطولات في أزقة وشوارع كوباني من طرف المناضلات والمناضلين الشيوعيين سوى دليل آخر على ما نقول، وهو ما يعدو أن يكون صورة أخرى من صور البطولة التي أبانت عنها شعوبنا ومناضلونا طيلة تاريخ المواجهة للتالوت الإمبريالي الصهيوني الرجعي .


إنهم يحاولون سرقة أعيادنا ، إنهم يحاولون إفراغ وإخصاء ذاكرتنا.

إن الثامن من مارس هو عرس بروليتاري مئة بالمئة ، إن الثامن من مارس هو تتويج لنضالات الحركة الشيوعية الأممية ومعها كل التقدميين في العالم، إنه أحد أعراس الحرية التي تنبئ عما سننعم به جميعا وعلى قدم المساواة كمنتجين وعمال ذكورا وإناثا في ظل الإشتراكية والنظام الشيوعي بعد القضاء على كل الطفيليين والطفليات الذين واللاتي يقتاتون ويقتتن على دمائنا وعرق جباهنا .
بالأمس تفتقت عبقرية أحد كبار البرجوازيين بالمغرب، أو لربما أحد خدمه، عن فكرة جهنمية ، والتي ستبعث الكثير من الفرح في صفوف "مناضلات/خادمات" البرجوازية ، حيث بعث بعدد من موظفاته إلى معامله المتناثرة يحملن هدايا عبارة عن قلادات رخيصة ، وبطائق بريدية مكتوب عليها الجملة التالية :" إلى كل النساء المشتغلات في مجموعة فلان هولدينغ : نتمنى لكم أطيب المتمنيات بمناسبة اليوم العالمي للمرأة ـ إمضاء فلان المدير العام ".
عاملات تلك المجموعة يشتغلن 12 ساعة يوميا محرومات كما رفاقهم العمال من أغلب حقوقهم حتى تلك التي يكفلها لهم القانون البرجوازي.


إنهم يحاولون سرقة أعيادنا ، إنهم يحاولون إخصاء ذاكرتنا:


لقد كانت المناضلة الشيوعية كلارازيتكين أول من دعت إلى تخليد هذا اليوم كيوم عالمي للمرأة ونجحت في إقناع القادة البلاشفة بجعله يوم عطلة في الاتحاد السوفييتي.. نقرأ في ملصق سوفييتي يعود إلى سنة 1932 موجود في موقع ويكيبيديا ما يلي : "
الثامن من مارس هو ثورة النساء العاملات ضد عبودية المطبخ" و"يسقط الاضطهاد وضيق الأفق في العمل المنزلي!".
في ذات الوقت نرى جمعيات تابعة للكل البرجوازي متأسلمين ومتأمزغين وإصلاحيين يخلدون هذا اليوم ، بشكل كرنفالي . إن الثامن من مارس أصبح ذاته محل لصراع طبقي ، كل توجه يحاول تجيير هذه المناسبة لمصلحة رؤيته ولا يضيرهم في ذلك لوي عنق الحقيقة والتاريخ والمنطق ، بل ضدا على إرادة الإلاه ذاته مارس العظيم.


إنهم يحاولون أن يسرقوا أعيادنا.


كتب المفكر الفرنسي شارل فورييه، أحد الأقطاب الإشتراكية ما قبل الماركسية هذه الكلمات التي لا تنسى :" في أي مجتمع، درجة تحرر المرأة هي مقياس لتحرر المجتمع ".
في هذا المقال سننشر رسائل للوفاء وللتضحية لرمز الحب و التضحية للشهيدة سعيدة المنبهي من السجن ، كما سننشر تحت نفس العنوان رسالتين لمناضلتين من الحزب الشيوعي الإسباني ـ المعاد تأسيسه ضمن الحلقة الثانية منه ، فيما سننشر في الجزء الآخر رسالة أو مقتطفات منها، من أحد الشيوعيين الإسبان من ذات الحزب من سجنه إلى وزير الداخلية الإسباني ، وستكون درسا لنا جميعا في طرق الصمود والثبات وماهية الشيوعيين ومن أي معدن صهروا، وكذلك ستكون درسا و إدانة لكل التحريفيين الانتهازيين ومنهم انتهازيو حزب النهج وغيره من أهل الردة الذي زحفوا على بطونهم لتقبيل الأيادي الملطخة بدماء شهدائنا والزحف على البطون لمقايضة المبادئ بأوراق النقد وتراخيص المشروعية وسعوا لطي الصفحات بل إغلاق الدفاتر وصاروا مخبرين للبوليس في نهاية الأمر وحلفاء ومدافعين عن الظلاميين المجرمين ، رسالة المناضل الشيوعي هي درس وهي رسالة في التضحية . على أن نختم مقالنا برسالة أو مقتطفات منها لأحد أبطال حركة 3 مارس وأحد قيادييها المبدئيين ولو من باب الإختلاف فإننا دائما وأبدا نقف بإجلال لكل الشهداء والمضحين ولحاملي بنادق الحرية والتحرر ، رسالة البندقية ستكون للشهيد محمد بنونة ـ محمود ـ من أذغال وقمم الأطلس مكتوبة برصاص بندقيته ودمه الطاهرين.


يتبع.....

رفيق عبد الكريم الخطابي
البيضاء 8 مارس 2016