حكام السعودية الى أين؟


نعيم الأشهب
2016 / 3 / 7 - 23:59     

قرار مجلس الجامعة العربية ، الذي اعتبر حزب الله اللبناني منظمة إرهابية ، أكد من جديد تهافت النظام العربي منذ راحت السعودية تقوده. وغني عن القول أن القرار لن ينال قيد أنملة من مصداقية حزب الله ، كقوة فاعلة في التصدي لمشاريع اﻹ-;---;--مبريالية والصهيونية في المنطقة ؛ هذه المصداقية التي عبّر عنها التضامن الشعبي العربي الواسع مع حزب الله واستنكارا لهذا القرار المشبوه. وإذا كان القرار خطوة نوعية نحو تعزيز التحالف السعودي - اﻻ-;---;--سرائيلي والخروج به، أخيرا ، الى العلن ، فإن توقيته ليس صدفة، بل إنه يبدو كنوع من التجاوب السريع مع ما كان أعلنه رئيس اﻷ-;---;--ركان اﻹ-;---;--سرائيلي ، غادي آيزنكوف ، قبل ذلك بأيام فقط من اعتباره حزب الله العدو الرئيسي ﻹ-;---;--سرائيل في المنطقة؛ كما يمكن اعتبار هذا القرار ثمرة للزيارات الكثيفة المتبادلة مؤخرا ، لمسؤولين من الطرفين ، كانت القناة اﻹ-;---;--سرائيلية العاشرة قد كشفت ، يوم ٢-;---;--٠-;---;--١-;---;--٦-;---;--/٢-;---;--/٢-;---;--٧-;---;-- عن إحداها وهي زيارة للرياض، قبل ذلك بأسابيع ، قام بها وفد رسمي إسرائيلي "برئاسة شخصية رفيعة"، ضمن سلسلة زيارات مماثلة للمملكة وللخليج في الفترة اﻷ-;---;--خيرة، "لبحث التطورات اﻹ-;---;--قليمية والتنسيق لمواجهة اﻷ-;---;--خطار المشتركة"، كما جاء في نشرة تلك القناة اﻹ-;---;--سرائيلية؛

في الوقت ذاته ، جاء هذا القرار ليؤكد إصرار حكام السعودية ، ليس فقط على مواصلة النشاط التخريبي ، على نطاق الساحة العربية ،الذي كرّسوا له كل طاقاتهم وقدراتهم ، خلال السنوات الخمس اﻷ-;---;--خيرة على وجه الخصوص ، بل والتصميم على تصعيده بالتعاون والتنسيق المكشوف،هذه المرة، مع اﻻ-;---;--سرائيليين. بمعنى آخر: فهزائمهم المتلاحقة على الساحات السورية والعراقية واليمنية واللبنانية بدل أن تردعهم وتدفعهم لمراجعة سياساتهم المدمرة والفاشلة ، زادتهم عنتا وعنادا في اﻻ-;---;--ندفاع على نفس الطريق الفاشل.

أما الترجمة العملية لكل هذه النشاطات في مجال تعزيز التحالف اﻻ-;---;--سرائيلي - السعودي المتسارعة هذه اﻷ-;---;--يام ، فلا تستثني إمكانية القيام بعدوان مشترك قد يبدأ بلبنان. وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة معاريف اﻹ-;---;--سرائيلية، بتاريخ 5/3/2016 مقاﻻ-;---;-- بقلم "ألون بن دافيد" تحت المانشيت التالي:"الجيش اﻹ-;---;--سرائيلي يعدّ لحرب عنيدة وأليمة ضد حزب الله". فهل سيكون الدور السعودي في هذا العدوان ، إن وقع، خلق المناخ الذي يجنب هذا العدوان نفس مصير العدوان اﻹ-;---;--سرائيلي ٢-;---;--٠-;---;--٠-;---;--٦-;---;--، وذلك بخلق حالة من الفوضى واﻹ-;---;--ضطراب ، في الداخل اللبناني ، تفتعلها العناصر الموالية والمأجورة للسعودية هناك؟.

ويشق التحالف اﻹ-;---;--سرائيلي -السعودي طريقه الى العلن كتتويج لدعوات لصالح هذا التحالف توالت من الطرفين في السنوات اﻷ-;---;--خيرة على وجه الخصوص . في هذا الصدد يقول البروفسور أفرايم عينبار ، مدير معهد بيغن - السادات للدراسات اﻻ-;---;--ستراتيجية ، في ورقة له بعنوان"فوضى الشرق اﻷ-;---;--وسط وأمن إسرائيل"، المنشورة في 13/4/2015" إن الدول السنية الموالية للغرب مثل مصر واﻷ-;---;--ردن والعربية السعودية ترى في إسرائيل حليفا مركزيا ضد إيران الصاعدة واﻹ-;---;--سلام المتطرف .. في وقت تتراجع فيه نظرتها الى الوﻻ-;---;--يات المتحدة كحليف يمكن اﻻ-;---;--عتماد عليه تماما"؛ بينما يقول شبيتاي شافيت الرئيس السابق لجهاز اﻹ-;---;--ستخبارات اﻹ-;---;--سرائيلية (الموساد) في مقابلة مع "يو إس راديو" (نقلته صحيفة الجروسلم بوست اﻻ-;---;--سرائيلية بتاريخ 19/7/2015 : ان اسرائيل باتت أكثر تحمسا تجاه تبني قضية مشتركة مع الدول العربية السنية في منطقة الشرق اﻷ-;---;--وسط التي أصابها التوتر والقلق إثر انفتاح الغرب على خصمها المشترك إيران ، وتوصل الدول الست الكبرى الى إتفاق نووي مع إيران ، وأضاف :" لدينا فرصة فريدة لبذل الجهود ومحاولة تشكيل تحالف يضم الدول العربية المعتدلة تتزعمه السعودية وإسرائيل ، بغرض مواجهة القدرات النووية المحتملة ﻹ-;---;--يران في المستقبل ، ولوضع نظام جديد في الشرق اﻷ-;---;--وسط". أما مؤتمرهرتسيليا ، الذي تعتبر مؤتمراته السنوية أكثر المؤسسات اﻹ-;---;--سرائيلية تأثيرا في صناعة سياسة الدولة ، فقد جاء في أحد توصيات مؤتمره الثالث عشر ، الذي انعقد في 11/3/2013 ما يلي:"ضرورة تكريس الصراع السني - الشيعي من خلال السعي الى تشكيل محور سني من دول المنطقة أساسه دول الخليج ومصر وتركيا واﻷ-;---;--ردن حليفا ﻹ-;---;--سرائيل والوﻻ-;---;--يات المتحدة ضد محور الشر الذي تقوده ايران ويضم سورية وحزب الله".

والمفارقة أن تتزامن هذه الخطوات من التقارب والتحالف بين السعودية وإسرائيل ، في وقت تصعّد فيه اﻷ-;---;--خيرة جرائمها ضد الشعب الفلسطيني من إعدامات لشبابه وشاباته وحتى أطفاله، يوميا، وفي الشارع العام، جنبا الى جنب مع التصعيد في مصادرة اﻷ-;---;--رض وبناء المزيد من المستوطنات الصهيونية فوقها، وتفاقم اﻹ-;---;--عتداءات على اﻷ-;---;--ماكن المقدسة، بما في ذلك التهديد الفعلي لوجود المسجد اﻷ-;---;--قصى .

لكن تاريخ حكام السعودية العام يبرهن عداءهم المتجذر لحركة التحرر العربية واستعدادهم للتفريط بفلسطين ومقدساتها منذ وثيقة عبد العزيز آل سعود في الثلاثينات من القرن الماضي ، والتي يعلن فيها :"أقر وأعترف ألف مرة للسيد برسي كوكس ، مندوب بريطانيا العظمى،ﻻ-;---;-- مانع عندي من إعطاء فلسطين للمساكين اليهود.." ، الى احتفال آل سعود بهزيمة مصر عبد الناصر في حرب حزيران ١-;---;--٩-;---;--٦-;---;--٧-;---;--، على يد الجيش اﻹ-;---;--سرائيلي ، الى تحميلهم علنا حزب الله مسؤولية العدوان اﻻ-;---;--سرائيلي على لبنان ، عام ٢-;---;--٠-;---;--٠-;---;--٦-;---;--، الى إنغماسهم ، اليوم، بكل ما فيهم من قوة في عملية تدمير البلدان العربية وتشتيت شعوبها ، بالتعاون مع اﻹ-;---;--مبرياليين وحكام اسرائيل وعصابات اﻹ-;---;--رهاب.

وعلى اي حال،إذا ما غامر التحالف اﻹ-;---;--سرائيلي - السعودي بشن عدوان على لبنان أو غيره، فمن المتوقع أن ﻻ-;---;-- تقتصر النتيجة على مجرد الفشل، كما كان الحال عام ٢-;---;--٠-;---;--٠-;---;--٦-;---;--، وإنما الفشل المصحوب بهزيمة، سيكون ثمنها باهظا على المعتدين. مأخوذ في الحسبان ليس فقط التطور النوعي في قدرات المقاومة اللبنانية وحلفائها، وتحسن ميزان القوى في الداخل اللبناني لصالحها ؛ وإنما المتغيرات العاصفة في المنطقة في اﻵ-;---;--ونة اﻷ-;---;--خيرة وتداعياتها على الساحة الدولية. فالوﻻ-;---;--يات المتحدة ، اليوم،غير مؤهلة لدعم مثل هذا العدوان كما فعلت عام ٢-;---;--٠-;---;--٠-;---;--٦-;---;--. وهذا هو مصدر انتقادات الاسرائليين والسعوديين وخيبات أملهم من واشنطن.أما الزيارة المفاجئة لرئيس وزراء تركيا ، أوغلو، لطهران هذه اﻷ-;---;--يام فهي توحي بأن نظام أردوغان أصبح غير قادر على مواجهة اﻷ-;---;--زمات ، الداخلية والخارجية ، السياسية واﻻ-;---;--قتصاداية ، التي جرّها على بلده باﻹ-;---;--نغماس في المؤامرات على شعوب المنطقة، واحتمال تحوّله نحو إحداث تغييرعلى مساره الحالي نحو غيره ، يخرجه من هذا المأزق.
أما فيما يتعلق بساحتنا الفلسطينية، في ضوء هذا التطور النوعي في العلاقات اﻹ-;---;--سرائيلية - السعودية، في وقت يصعد فيه المحتلون اﻻ-;---;--سرائليون جرائمهم ضد شعبنا الفلسطيني ، فهل يجوز بقاء الشعار الذي رفعته وترفعه القيادة الفلسطينية ، بمناسبة ودون مناسبة "نحن مع السعودية!" على قاعدة"أنصر أخاك ظالما أو مظلوما" أم ينبغي تنكيسه؟، وإذا كانت السعودية تتزعم ، اليوم، عملية تقسيم العالم العربي الى محاور متصارعة ، لصالح أعداء الشعوب العربية ، وتتزعم المحور الذي يندفع للتحالف مع إسرائيل والوﻻ-;---;--يات المتحدة ضد شعوب المنطقة ، فأين المكان الطبيعي والمنطقي للشعب الفلسطيني الرازح تحت اﻻ-;---;--حتلال اﻻ-;---;--سرائيلي ؟! وإذا كانت القيادة الفلسطينية ﻻ-;---;--عتبارات خاصة بها وليس بالقضية الوطنية الفلسطينية ، تحجم عن اﻹ-;---;--نتظام في المكان الطبيعي لشعبنا الرازح تحت اﻻ-;---;--حتلال اﻹ-;---;--سرائيلي، فلا أقل من العودة الى المبدأ الذي أرسته، منذ البدء، منظمة التحرير باﻹ-;---;--بتعاد عن المحاور حفاظا على استقلالية الحركة الوطنية الفلسطينية، وهذا أضعف اﻹ-;---;--يمان ، كما يقال.