29 عاماً على اغتيال المفكر الشيوعي حسين مروة

كاترين ضاهر
2016 / 2 / 28 - 21:54     


في 17 شباط من كل عام، كنا نحن شباب قطاع الشباب والطلاب في الحزب الشيوعي اللبناني، أو اتحاد الشباب الديمقراطي اللبناني، ننهمك في التحضيرات، لتقديم تحية رمزية للشهيد المفكر الشيوعي حسين مروة، في ذكرى اغتياله، لتكون تلك التحية رسالة إلى الأيادي الآثمة الجاهلة التي اغتالت مروة يوم 17 شباط 1987 انها عجزت عن محو آثاره الفكرية والصحفية والسياسية، وسيبقى فكره مستمراً.
وفي وسط التحضيرات، كنا دائماً نلجأ إلى الرفيق المؤرخ محمد دكروب، رفيق درب مروة في النضال، ولاسيما الفكري منه. وكان دكروب يوبخنا بمحبة، ويعاتبنا، رافضاً ان يمتثل لهذه المهمة، أي اجراء حوار وندوة معه، ويحاول التملص من اللقاء ليحثنا على أخذ دورنا، ومتابعة مسيرتهما، “انتو اللي لازم تحكوا عن مروة، هلق صار وقتكم أنتو الشباب، لازم تعتمدوا على حالكم، اطلعوا من الاعتماد على شخص، انتو عندكم القدرات لازم تظهروها… ما تخافوا. ومش ديما حيكون عندكم دكروب أو فلان ليحكي عن مروة وغيره..”. كنا نعي كلام دكروب وتشجيعه لنا، ولكننا كنا لا نملك الشجاعة ان نأخذ زمام المبادرة ونتكلم عن مروة وفكره، كي لا نقصر في عرض معلومة من جهة، ومن جهة أخرى، والأهم كان لنا قناعة، وليس تعوداً، انه لا يوجد أحداً كالرفيق دكروب يمكن أن يوفي لنضال وفكر حسين مروة حقهما، ناهيك عن أسلوبه المبسط والشيق وامتلاكه موسوعة عن أحداث عايشاها معاً.
وآخر لقاء تكلم خلاله الرفيق الراحل محمد دكروب في ذكرى اغتيال رفيقه حسين مروة، كان في لقاء أقامته منظمة بيروت في الحزب الشيوعي اللبناني في العام 2012 في الذكرى الـ 25 لاغتياله، وردد يومها ما كان يوصينا به مراراً كلام مروة وقال: “زيدوا ثقافتكم يا رفاقي.. نظّموا، أكثر، عملية التثقيف، حتى تتزايد شعلة الضياء تأججاً وسط الظلام الذي يريد أن يطغى.”، وتابع وكأنه يوصينا بدوره أيضاً “كانت هذ وصية الشهيد حسين مروة (أبو نزار) لرفاقه في المؤتمر الوطني الخامس للحزب الشيوعي اللبناني”.
وقالت يومها حفيدة مروة، رانية مروة عن مرارة خبر اغتيال جدها “ظنوا ان بقتله يمسحون المعرفة، يخفون زيفهم، يكسرون المرآة التي تظهر عريهم، يرتاحون من خطر سحب الستار عن كواليسهم ويتخلصون من خطر كشف لعبتهم القاضية بغسل أدمغة الناس.أن يعرف الناس فهذا أمر مقلق. وأن يكون الناس مثقفين فهو أمر خطير. أما ان يكون الناس أحراراً، فهذا يستدعي.. اغتيالاً”.
1
النجف وتعلم الماركسية في حياة مروة
حسين مروة هو مفكر وقيادي بارز في الحزب الشيوعي اللبناني، ولد عام ١٩١٠ في قرية حداثة في جنوب لبنان. اغتيل في منزله يوم 17 شباط (فبراير) 1987 برصاصات غادرة لم تقدّر شيخوخته ولا مرضه، وخالت انها بقتل الجسد تستطيع قتل الفكر.
أرسله والده إلى العراق عام 1924 لدراسة العلوم الإسلامية في جامعة النجف، وأنهى دراسته فيها عام 1938. بدأ اهتماماته بالكتابة الأدبيّة منذ سنوات دراسته الأولى في العشرينيات، فكتب المقالة والقصة والنقد والبحث، كما كتب بعض الشعر، وأثرى المكتبة الفكرية العربية بعشرات الكتب كان أشهرها وأكثرها إثارة للجدل كتاب “النزعات المادّية في الفلسفة العربية الإسلامية”.
بداية اطلاعه على الفكر الماركسي كانت عام 1948 عبر قراءة “البيان الشيوعي” الذي اعاره ايّاه الشهيد حسين محمد الشبيبي (أحد مؤسسي الحزب الشيوعي العراقي). شارك أدبياً واعلامياً وعملياً في احداث النهضة الوطنية العراقية عام 1948، التي اسقطت معاهدة بورستموث البريطانية مع حكومة العهد الملكي. وإثر عودة نوري السعيد إلى الحكم في العراق عام ١٩٤٩، اتخذ القرار بإبعاده من العراق فوراً مع عائلته ونزع الجنسية العراقية التي كان قد اكتسبها أثناء مكوثه أكثر من عشرين عاماً في العراق.
عاد مروة عام ١٩٤٩ إلى بيروت حيث واصل الكتابة الأدبية في زاويته اليومية “مع القافلة” في جريدة الحياة لمدة سبع سنوات.
تعرّف عام 1950 إلى فرج الله الحلو وانطون تابت ثم إلى محمد دكروب، ونتج من هذا التعارف تأسيس مجلّة الثقافة الوطنية التي أصبح الشيخ حسين مديراً لتحريرها إلى جانب دكروب.
انتظم رسمياً في الحزب الشيوعي اللبناني عام1951. وانضم إلى قوات انصار السلم (تجمعّ الأحزاب الشيوعية العربية لتحرير فلسطين) عام 1952.
انتخب عام 1965 عضواً في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي اللبناني وبعدها عضواً في المكتب السياسي.
ترأس تحرير مجلّة الطريق الثقافيّة من العام 1966 حتى شباط 1987 تاريخ استشهاده. وكان عضواً في مجلس تحرير مجلّة النهج الصادرة عن مركز الأبحاث والدراسات الاشتراكية في العالم العربي. وساهم بمقالات عديدة في صحف كالحياة والأخبار والنداء حيث كان له مشاركة يومية بعامود خاص في هذه الجريدة أثناء الغزو الاسرائيلي للبنان عام 1982 بعنوان “الوطن المقاتل”.
درّس مادة فلسفة الفكر العربي في الجامعة اللبنانية في بيروت.
كان حسين مروّة يمثل نموذجا فريداً في الفكر التنويري العربي ونجح في تحقيق مزيج معقد بين المنهل العربي الإسلامي والمشرب الفكري الاشتراكي، وهو ما أتاح له إنجاز قراءة علمية جدلية للتراث العربي الإسلامي وهو ما أنتج مجموعة قيمة من الكتب مثل “دراسات في الإسلام” الذي ألفه بالاشتراك مع عديد الكتّاب من امثال محمود سعيد العالم وسمير سعد وغيرهما، كما أصدر كتاب “التراث والشريعة” عام 1984 وكتاب “من النجف دخل حياتي ماركس”، و”ولدت شيخاً وأموت طفلاً”(سيرة ذاتية)، والكتاب الأبرز من ثلاثة أجزاء “النزعات المادية في الفلسفة العربية الإسلامية”.