تذييل الطبعه الالمانيه الثانيه (مقطتف)


عبد المطلب العلمي
2016 / 2 / 21 - 02:25     

تذييل الطبعه الالمانيه الثانيه (مقطتف)

كارل ماركس

ان طريقتي الدياليكتيكيه من حيث اساسها لا تختلف عن طريقه هيجل و حسب ، بل و تناقضها بصوره مباشره. و بالنسبه الى هيجل فان عمليه التفكيير، التي يحولها حتى تحت اسم الفكره الى ذات مستقله ، هي ديميورغ* الواقع الذي لا يشكل سوى مجرد مظهر لتجليها الخارجي . اما عندي فعلى العكس ، فالمثالي ما هو الا مادي منقول الى راس الانسان و محول فيه.
و لقد انتقدت الجانب الصوفي من دياليكتيك هيغل قبل حوالي 30 عاما حينما كان هذا الدياليكتيك لا يزال على الموضه . بيد انه عندما كنت منهمكا في كتابه المجلد الاول من "راس المال" شرع المقلدون(14) الصاخبون ، المتصنعون ، و التافهون للغايه ،الذين يلعبون الدور الاول في المانيا المعاصره المثقفه ، يستهينون بهيغل ، مثلما كان المقدام موزيس مندلسون في عهد ليسنغ يستهين بسبينوزا ك "كلب ميت" . و لذلك اعلنت عن نفسي بصراحه انني تلميذ لهذا المفكر العظيم ، و حتى اني عمدت في بعض مواقع الفصل المتعلق بنظريه القيمه الى محاكاه طريقه هيغل في التعبير . و ان الطابع الصوفي الذي ارتداه الديالكتيك على يدي هيغل لم يحل اطلاقا دون ان يكون هيغل بالذات اول من قدم تصويرا شاملا و واعيا للاشكال العامه لحركته . فالدياليكتيك يقف على راسه عند هيغل . بينما ينبغي ايقافه على قدميه بغيه الكشف عن اللب العقلاني تحت القشره الصوفيه .
لقد اصبح الديالكتيك بشكله الصوفي موضه المانيه ، لانه بدا و كانه يمجد الاوضاع القائمه . و ان الديالكتيك بشكله العقلاني لا يثير لدى البرجوازيه و ايدلوجييها المتحذلقين الجامدين سوى الحقد و الذعر ، اذ انه يتضمن الى جانب الفهم الايجابي لما هو موجود فهم نفيه ايضا و هلاكه المحتوم ، و ينظر الى كل شكل مجسد من خلال الحركه ، و بالتالي من خلال جانبه العابر ايضا ، و الدياليكتيك لا يعبد اي شئ و هو انتقادي و ثوري من حيث جوهره ذاته .
ان حركه المجتمع الراسمالي الحافله بالتناقضات تتجلى للبرجوازي العملي بصوره ملموسه للغايه في تقلبات الدوره المتكرره الملازمه للصناعه المعاصره ، و التي تشكل الازمه العامه نقطه الاوج فيها . و ها هي ذي الازمه تزحف من جديد على الرغم من انها لا تزال في مرحلتها الاوليه بعد ، و هي ، بفضل تنوع و شده مفعولها ستُقحم الدياليكتيك حتى في رؤوس الادعياء المغرورين في الامبراطوريه البروسيه الالمانيه المقدسه .

كارل ماركس
لندن،24 كانون الثاني ( يناير )1873

*خالق ، مبدع. الناشر
(14) المقصود هنا الفلاسفه البرجوازيون الالمان بوخنر ، لانغه ، دوهيرنغ ، فيخنر و غيرهم .

رأس المال ، نقد الاقتصاد السياسي ، المجلد الأول
دار التقدم موسكو 1985

النسخ الاليكتروني : عبد المطلب العلمي